جاء لقاء الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالزعيم الروحى للتبت الدلاى لاما لتضيف أبعادا جديدة لعملية المد والجزر فى العلاقات الأمريكية الصينية على مدى العقود لتنضم إلى العلاقات العسكرية وما شهدته من أزمات متتالية وقضية بيع الأسلحة الأمريكية لتايوان وهى قضايا قديمة تلتها خلافات حديثة متعلقة بالعلاقات التجارية وأزمة محرك البحث جوجل والديمقراطية وحقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن أوباما أكد بعد وصوله للسلطة أن العلاقات مع بكين «ستطبع القرن الحادى والعشرين»، فإن لقاءه الدلاى لاما يضيف أزمة جديدة لتلك العلاقات، ويرى خبراء أن آثارها لن تزول سريعا بعد المطالب الصينية المتكررة لواشنطن بعدم استقبال الدلاى لاما، وتحذيرها من أن اللقاء سيقوض بشكل جدى الدعائم السياسية للعلاقات الصينية - الأمريكية، وجاء الرفض الأمريكى لتلك المطالب ليزيد من سخونة العلاقات الملتهبة وإذا كان بعض الخبراء يؤكدون أن الأمر لا يعدو كونه «تصعيدا تحت السيطرة»، فإن العلاقات بين الجانبين تمر حاليا، بعد زيارة أوباما الأولى إلى الصين العام الماضى، بأسوأ الأزمات. ورغم تأكيد الإدارة الأمريكية أن أوباما التقى الدلاى لاما بصفته حائزا على جائزة نوبل للسلام وزعيما روحيا للتبت وتأكيده أهمية مواصلة الحوار بين بكين والدلاى لاما حول التبت ، إلا أن رد بكين جاء شديدا وحازما على اللقاء الذى هاجمته بعنف وقالت إنه يلحق ضررا بالغا بالعلاقات مع واشنطن وقالت إن اللقاء ينتهك ب«وقاحة» المعايير الدولية، كما استدعت السفير الأمريكى لديها وسلمته مذكرة احتجاج قوية على الاجتماع. ورأت صحيفة «واشنطن بوست» أن أوباما بلقائه الدلاى لاما يعقد العلاقات مع الصين وأن أوباما حاول تفادى حدة رد الفعل الصينى بجعل اللقاء بعيداً عن الصحفيين والمصورين، وتأتى تايوان فى مقدمة القضايا الخلافية، فبكين تعتبر تايوان جزءا من أراضيها رغم استقلالها وتسعى بكل المحاولات لعزلها عن العالم والشهر الماضى ردت الصين بقوة على صفقة أسلحة أمريكية بقيمة 6.4 مليارات دولار لتايوان، وقالت إن الولاياتالمتحدة تتحمل تبعاتها فى الملفات الدولية الكبرى فى إشارة مبطنة إلى البرنامج النووى الإيرانى والكورى الشمالى. ولم يتوقف الأمر عند هذا التهديد بل تعداه إلى مطالبة واشنطن بتعليق الصفقة التى اعتبرتها تدخلا مباشرا فى شؤونها الداخلية وتهديدا لأمنها القومى، وعلقت بكين المبادلات العسكرية مع الولاياتالمتحدة، وجمدت المحادثات الأمنية الرفيعة بين البلدين. وجاءت قضية جوجل لتزيد الأمور تعقيدا حيث باتت قضية سياسية إذ طالبت واشنطنبكين بتقديم توضيحات بشأن الهجمات الإلكترونية التى تعرض لها عملاق الإنترنت الأمريكى «جوجل» انطلاقا من الصين، وتهديده بوقف أعماله فيها، وردت بكين مستنكرة ما اعتبرته انتهاكا لسيادتها. وتحول النزاع حول جوجل إلى توتر دبلوماسى فى مرحلة بدأت تشهد فيها العلاقات الصينية الأمريكية مزيدا من الخلافات. وفى مناخ ملىء بالتوترات بين البلدين سواء بسبب قضية تايوان وانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، رفعت الولاياتالمتحدة فى 2007 شكويين ضد الصين إلى منظمة التجارة العالمية بتهمة انتهاك الملكية الفكرية وإعاقة توزيع الموسيقى والأفلام والكتب الأجنبية وهو ما نفته الصين، كما حذر المسؤولون الأمريكيون من تفاقم العجز التجارى بين الجانبين لصالح الصين بنحو 2270 مليار دولار فى إطار المطالب الصينية والروسية عن بديل للدولار كعملة عالمية.
