بدأ المجلس الدولى لحقوق الإنسان بجنيف، أمس، جلسة الاستعراض الدورى الشامل لحالة حقوق الإنسان الخاصة بمصر، فى إطار جلسة المجلس السابعة التى تضم 48 دولة، من بينها دولتان عربيتان، وهما مصر والعراق، فضلا عن إيران، وأكد الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، أمام المجلس، أن مصر ملتزمة بتنفيذ التزاماتها الدولية فى مجال حقوق الإنسان، رابطاً إلغاء قانون الطوارئ بجهود الدولة فى مكافحة خطر الإرهاب. وسعى عدد من ممثلى الحكومات الصديقة للحكومة، إلى احتلال المواقع الأولى فى قائمة المتحدثين خلال الجلسة، وهو ما كشفت عنه «المصرى اليوم»، أمس، وتحدث وفقاً للقائمة ممثلو دول السعودية ولبنان وقطر والجزائر وفلسطين والبحرين والمغرب وعمان والإمارات وسوريا والهند وكوبا وإندونيسيا والأردن وفرنسا وبيلاروسيا وماليزيا والكويت وكازاخستان وجمهورية لاو. وحملت قائمة المتحدثين، التى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منها قبل الإعلان عنها، 95 دولة، وكان على الوفد المصرى أن يرد عليها خلال 3 ساعات وفقاً لآلية المجلس، وجاءت توصيات وملاحظات الدول العشرين الأولى فى مجملها شاكرة جهود مصر فى تعزيز وضعية حقوق الإنسان، وكان الاستثناء الوحيد لفرنسا التى انتقد مندوبها استمرار حالة الطوارئ فى مصر منذ عام 1981، وطالب بوضع حد له فى أقصر وقت، على ألا يشكل قانون مكافحة الإرهاب الجديد أى قيود على الحريات، وأشار إلى ضرورة عدم وضع تمييز ضد المرأة، فضلاً عن مكافحة الختان والعنف الجنسى واتخاذ تدابير لمكافحة التعذيب، وإلغاء عقوبة الإعدام. وتخلت ممثلة أستراليا، التى جاء ترتيبها فى المرتبة 42، عن كلمتها لممثل إسرائيل، وهو ما أثار استياء المجموعة العربية والإسلامية وعدد من الدول الغربية بالمجلس، لأن إسرائيل لم تكن ضمن القائمة وطالب ممثل إسرائيل بضرورة كفالة حماية المرأة ضد أشكال التمييز والحد من جرائم التعذيب فى مراكز الاعتقال. وطالب ممثل الولاياتالمتحدةالأمريكية برفع حالة الطوارئ، واتخاذ إجراءات فى مجال حرية الرأى والتعبير، وإلغاء عقوبة الحبس ورفع القيود على منظمات المجتمع المدنى، والسماح لها بالحصول على التبرعات، ومناقشة القوانين المميزة ضد الأقليات، ووضع قوانين للمساواة، ومنها إصدار قانون العبادة. وطالب بمحاكمة «المشبوهين» فى اعتداءات نجع حمادى ضد الأقباط، موصياً بأن يكون لكل فرد الحق فى اختيار دينه. فى المقابل، أكد الدكتور مفيد شهاب، فى بداية كلمته أمام المجلس، أن مصر ملتزمة بتنفيذ التزاماتها الدولية. مشيراً إلى أنه من أبرز الحقوق الأساسية منع التمييز، وقال: «تأكيداً لهذا المبدأ الدستورى، شملت التعديلات التى أدخلت على الدستور فى مارس 2007 نص المادة (1) منه للتأكيد على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة، بمعنى أن مواطنة الفرد هى المصدر الأوحد لتمتعه بالحقوق وتحمله الالتزامات دون أثر لنوعه أو عرقه أو ديانته أو غير ذلك». وأضاف: «فى مجال التعذيب، وتأكيداً لمبدأ المساءلة، أحالت النيابة العامة، فى عام 2008، 38 قضية استعمال قسوة وتعذيب للمحاكمة الجنائية، وقضية واحدة للمحاكمة التأديبية، وطلبت من الجهات الإدارية توقيع الجزاء الإدارى على المتهمين فى 27 قضية، بالإضافة إلى أعداد أخرى تمت إحالتهما للمحاكمة خلال عام 2009». وفيما يخص حالة الطوارئ، قال شهاب: «حالة الطوارئ معلنة منذ عام 1981 إثر حادث اغتيال الرئيس السادات، الذى أعقبه اغتيالات طالت شخصيات سياسية، وعمليات إرهابية استهدفت السياح الأجانب وأخرى هدفت لإثارة فتنة طائفية فى البلاد، فحالة الطوارئ تتصل بجهود الدولة فى مكافحة الإرهاب، وهو الخطر الذى لم ينته» مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية تعهد بإنهاء حالة الطوارئ فور تبنى القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، وهو القانون الذى قطعت اللجنة المكلفة بإعداده شوطاً طويلاً فيه. وشدد شهاب على أن هناك حرصاً على إصدار قانون مكافحة الإرهاب الجديد فى صورة تحقق التوازن بين ضرورات الأمن من جانب وضمانات حقوق الإنسان والحريات الأساسية من جانب آخر، وأن الحكومة التزمت بإجراء حوار مجتمعى بشأن مشروع القانون يضم مؤسسات المجتمع المدنى لضمان صدوره فى إطار من التوافق. وفيما يتعلق بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى ومحاكم الطوارئ، قال: «هناك بعض الحقائق قد تكون غائبة فى هذا الإطار، ومنها أن عدد القضايا التى تم بموجبها إحالة مدنيين إلى القضاء العسكرى فى السنوات الأخيرة قليل للغاية، وأن القضاء العسكرى ومحاكم الطوارئ يطبقان القانون الجنائى العادى. وحول مواجهة حالة التوتر الطائفى فى بعض مناطق الصعيد، قال شهاب: «العلاقات بين المسلمين والأقباط فى مصر صحية وإيجابية، وتستند إلى رباط المواطنة واللغة المشتركة ووحدة العادات والتقاليد، إلا أن مظاهر التوتر ترتبط بعدد من العوامل، يأتى على رأسها شيوع ظواهر التطرف والمغالاة التى لا تقتصر على الموضوعات ذات الطبيعة الدينية، وإنما تمتد لغيرها من علاقات داخل المجتمع». وعن المدونات والمدونين قال الوزير: «يكفى القول بأن عدد المدونات فى مصر تجاوز ال160 ألفاً منها 20٪ تصنف على أنها سياسية، ولا توجد رقابة مسبقة عليها، ولكن رقابة لاحقة فقط، والدليل على ذلك أن المدون الوحيد المحبوس حالياً، نشر ما أراده على مدونته ولم يتم منعه، وإنما تم تطبيق القانون ومحاكمته بمقتضاه عندما تبين أن ما نشره يعد تحريضاً دينياً». وحول مراقبة الانتخابات التشريعية والرئاسية، أوضح شهاب أن مصر تبنت نظاماً يقوم على الجمع بين رقابة القضاء ومنظمات المجتمع المدنى على الانتخابات، بما يوفر الرقابة الفعالة على إجراءاتها.