فى أحد البرامج التليفزيونية التى ناقشت الحلول للمشكلة الطائفية فى مصر وتعرضت لما سمى بأقباط المهجر تم طرح اقتراح بعقد مؤتمر لمناقشة القضية فى الداخل، عوضاً عن المؤتمرات التى تناقشها فى الخارج.. وهو اقتراح جيد بكل المقاييس لكن لفت نظرى أن المحامى «مختار نوح» أصر على أن تمثل الكنيسة القبطية المصرية فى هذا المؤتمر وهو ما أثار جدلاً فى المناقشة بينما رأى هو أهمية ذلك.. والواقع أن الأساس فى مثل ذلك المؤتمر أن تتم مناقشة القضية على خلفية مدنية وليس على خلفية دينية، لذا فالصحيح أن يشارك فى هذا المؤتمر المصريون المهمومون بهذه القضية من المسلمين والمسيحيين على حد سواء فهناك من المسلمين مَنْ هو معنِىّ بهذه القضية تماماً كالأقباط ولا يجب إغفال أفكارهم ومقترحاتهم.. والأهم هنا ألا يتحول المؤتمر نفسه إلى جيتو للأقباط كما أن تمثيل الكنيسة فى المؤتمر يحوله إلى مؤتمر دينى مما يكرس الفكرة التى سادت منذ قيام الثورة وهى أن الأقباط مسؤولية الكنيسة فى حين أن الأقباط مسؤولية الدولة ويجب ألا تتولى الكنيسة أمورهم المدنية فهذا هو دور الدولة وتبقى تبعيتهم للكنيسة فيما يخص العقيدة فقط. لا أحد يسعى لإقصاء الكنيسة لكن مؤسسة الأزهر لا تمثل فى المؤتمرات التى تناقش قضايا المصريين من المسلمين لأن هذه القضايا تناقش على خلفية مدنية وليس خلفية دينية.. إن المناقشة على أساس المدنية وليس الدينية هى فى الواقع إعادة للأمور إلى نصابها الصحيح وما يجب أن تكون عليه وليس الوضع الذى ساد منذ قيام الثورة وتفاقم بعد ذلك، والذى جعل من الأقباط مسؤولية الكنيسة وهو ما تم استثماره سياسياً بعد ذلك وإلى الآن، ففى عهد عبدالناصر توثقت الصلة بينه وبين البابا كيرلس ثم جاء الرئيس السادات وشهدت العلاقة بينهما حالات شد وجذب من موقف البابا من ذهاب الأقباط إلى القدس للحج إلى أحداث سبتمبر وهو ما تضمن فى المنتصف التعامل مع كل ما يخص الأقباط من خلال الكنيسة واستثمار ذلك سياسياً سواء بتدخل الكنيسة فى الدعوة لانتخاب مرشح، أو كما تطور الأمر فى عهد مبارك أن يخرج علينا قداسة البابا شنودة ليعلن تأييده لمبارك فى الانتخابات الرئاسية.. إذا ما كنا نسعى لتعديل الأوضاع وحل المشكلات فعلينا أن نفعل ذلك على أرضية صحيحة وليس على أرضية خاطئة.. أن نتعامل مع قضايا الأقباط كمصريين وليس كمسيحيين.. ما هو مدنى خاص بالدولة وما هو دينى خاص بالكنيسة. [email protected]