قبل فتح باب حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. الأوراق المطلوبة والشروط    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    عاجل - غلق قناة الجزيرة برام الله بعد اقتحام مكتبها    «الصحة»: متحور كورونا الجديد غير منتشر والفيروسات تظهر بكثرة في الخريف    عاجل- تصعيد صاروخي غير مسبوق من حزب الله.. والملاجئ تمتلئ ب 300 ألف إسرائيلي    زلزال بقوة 6 درجات يضرب الأرجنتين    أسامة عرابي: لاعبو الأهلي يعرفون كيف يحصدون كأس السوبر أمام الزمالك    حبس تشكيل عصابي تخصص في تصنيع المواد المخدرة    حبس مهندس بالتعدي على سيدة بالسب وإحداث تلفيات بسيارتها بمدينة نصر    ليبيا.. رجل يسرق 350 ألف دينار من منزل حماته لأداء مناسك العمرة    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    ثقف نفسك | 10 معلومات عن النزلة المعوية وأسبابها    خالد جلال: قمة الأهلي والزمالك لا تخضع لأي لحسابات    يوسف أيمن: جماهير الأهلي الداعم الأكبر لنا.. وأفتقد محمد عبد المنعم    أحمد فتحي يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير الأهلي بعد اعتزاله.. ماذا قال؟    بلان يوضح سر خسارة الاتحاد أمام الهلال في الدوري السعودي    الآن.. رابط نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها رسميًا (استعلم مجانًا)    بعد ارتفاعها 400 جنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (بداية التعاملات)    حزب الله يعلن استهداف قاعدة ومطار «رامات دافيد» بعشرات الصواريخ    عاجل- أمطار ورياح.. تحديثات حالة طقس اليوم الأحد    نقل آثار الحكيم إلى المستشفى إثر أزمة صحية مفاجئة    أول ظهور للنجم أحمد سعد وعلياء بسيونى بعد عودتهما.. فيديو وصور    إسماعيل الليثى يتلقى عزاء نجله بإمبابة اليوم بعد دفن جثمانه ليلا بمقابر العائلة    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    خبير: استخدام السيارات الكهربائية في عمليات تفجير عن بُعد أمر وارد    احتفالية كبرى بمرور 100سنة على تأسيس مدرسة (سنودس) النيل بأسيوط    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    مواجهة محتملة بين الأهلي وبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال إفريقيا    خالد جاد الله: وسام أبو علي يتفوق على مايلي ومهاجم الأهلي الأفضل    الموزب 22 جنيهًا.. سعر الفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    نشأت الديهي: الاقتصاد المصري في المرتبة ال7 عالميًا في 2075    مختارات من أشهر المؤلفات الموسيقى العالمية في حفل لتنمية المواهب بالمسرح الصغير بالأوبرا    محمد حماقي يتألق في حفل بالعبور ويقدم «ليلي طال» بمشاركة عزيز الشافعي    صيادلة المنوفية تُكرم أبنائها من حفظة القرآن الكريم    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    «موجود في كل بيت».. علاج سحري لعلاج الإمساك في دقائق    الصين وتركيا تبحثان سبل تعزيز العلاقات    مولودية الجزائر يفوز 2-0 على الاتحاد المنستيري ويقصيه خارج دوري أبطال أفريقيا    محافظ الإسماعيلية يناقش تطوير الطرق بالقنطرة غرب وفايد    شاهد عيان يكشف تفاصيل صادمة عن سقوط ابن المطرب إسماعيل الليثي من الطابق العاشر    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    خبير يكشف عن فكرة عمل توربينات سد النهضة وتأثير توقفها على المياه القادمة لمصر    تراجع سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    نشرة التوك شو| انفراجة في أزمة نقص الأدوية.. وحقيقة تأجيل الدراسة بأسوان    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    د.حماد عبدالله يكتب: "مال اليتامى" فى مصر !!    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    المحطات النووية تدعو أوائل كليات الهندسة لندوة تعريفية عن مشروع الضبعة النووي    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وائل غنيم: قرارات الرئيس ترسخ للدولة المدنية.. والشعب لن يقبل انفراد فصيل بالحكم (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 08 - 2012

لم تكن السياسة على قائمة أولوياته، كان منصرفاً بالكامل إلى عمله كمدير إقليمى لشركة جوجل فى منطقة الشرق الأوسط، لكن ما جرى للشهيد خالد سعيد على يد النظام هز مشاعره، فأنشأ صفحة «كلنا خالد سعيد» التى كانت واحدة من المسامير الأخيرة فى نعش نظام «مبارك».
وائل غنيم واحد من قادة ثورة 25 يناير الشباب، توجهنا إليه لنعرف رأيه فيما تشهده مصر الآن من تغييرات سياسية عميقة، فى ظل أول رئيس منتخب وبعد انتهاء الدور السياسى للمؤسسة العسكرية.
يؤكد المهندس الشاب الذى تعرض للاختطاف على يد جهاز أمن الدولة المنحل خلال الثورة أن الثورة مازالت مستمرة مادام المواطن المصرى لا يزال يطالب بحقوقه، ورغم رفضه دعوات «الثورة على الإخوان» يوم 24 أغسطس، فإنه طالب الرئيس والأجهزة الأمنية بحماية المتظاهرين واحترام حقهم فى التعبير.. وإلى نص الحوار:
■ كيف تقرأ قرارات الرئيس الأخيرة وإحالة كل من المشير طنطاوى والفريق عنان إلى التقاعد وتكريمهما وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل؟
- حركة الإقالات والتعيينات التى قام بها الرئيس لقيادات القوات المسلحة هى أولا ترسخ لمبدأ الدولة المدنية التى يحكم فيها من ينتخبهم الشعب، ومنهم رئيس الجمهورية الذى يتحمل جميع المسؤوليات التنفيذية بما فيها قيادة القوات المسلحة، كما تكتب سطرًا جديدًا من سطور الثورة المصرية التى قامت حتى تعود السيادة مرة أخرى للشعب المصرى عبر من يختاره بصناديق الانتخابات.
كما أن إلغاء الإعلان الدستورى المكمل كان خطوة أخرى على الطريق الصحيح، ووضع نهاية لتدخل المؤسسة العسكرية فى الحياة السياسية بعد أكثر من عام ونصف العام من الفترة الانتقالية، وأتمنى أن تؤثر تلك القرارات بشكل إيجابى على المؤسسة العسكرية التى نحرص جميعا على أن تكون قوية وفعالة لأداء مهمتها الرئيسية فى حماية حدود الوطن وسلامة أراضيه.
■ ما قراءتك لما حدث فى سيناء، وطريقة تعامل مؤسستى الرئاسة والجيش مع الحدث؟
- ما حدث فى سيناء جريمة لا يمكن أن تمر ببساطة، وبغض النظر عن التفسيرات المختلفة والقراءات المتنوعة للأحداث فهناك تقصير واضح حدث فى تأمين الحدود المصرية، وهناك طرف استغل هذا القصور وبادر بعمله الإجرامى. أعتقد أن قرارات الإقالة والإحالة إلى المعاش لعدد من القيادات الأمنية هى خطوة مهمة، ولكن المهم هو مد الجنود والضباط الموجودين على الحدود بالأسلحة والمعدات المناسبة لإنجاز مهمتهم فى تأمين حدود الوطن، وإصلاح الخلل الاستخباراتى الذى بدا واضحا للجميع، خاصة أن إسرائيل حذرت من وقوع الحادث قبله بأيام قليلة، وكذلك تفعيل دور الأزهر الشريف فى نشر الإسلام وثقافة الاعتدال فى سيناء.
والأهم من هذا كله هو نظرة طويلة الأجل تضع سيناء على قمة أولويات خارطة التنمية المصرية، فإعمار المناطق الحدودية من الوسائل الفعالة لتأمينها، وقد سمعنا عن عدة خطط وأفكار لتعمير سيناء فى السابق، وآن الأوان لأخذها على محمل الجد حتى لا تتكرر مثل هذه المآسى مرة أخرى.
■ كنت ضمن من دعموا الدكتور مرسى فى انتخابات الإعادة فى مواجهة الفريق شفيق.. لماذا بدأت الآن فى انتقاده؟
- لست من المؤمنين بفكرة الدعم المطلق أو المعارضة المطلقة. البعض يرى أن المعارضة يجب أن تنشغل بعرض الأخطاء والسلبيات وتركز عليها وتترك الإيجابيات والخطوات الصحيحة دون تعليق، وهذا فى رأيى أمر غير صحيح. أنا فى حقيقة الأمر لم أدعم «مرسى» أثناء الانتخابات، ولكننى انتخبته، لأننى كغيرى من ملايين المصريين الذين انتخبوه لم نكن لنرضى بأن نختار من انحاز لأعداء الثورة وتحالف معهم واستخدم خطابا معاديا لها كواحدة من طرق كسبه أصوات الجماهير.
واليوم وبعد الانتخابات، د. محمد مرسى هو رئيس مصر المنتخب، الذى أتت به صناديق الانتخابات، التى يجب أن نحترمها، فنعمل معه ونساعده فى كل ما يحقق أهداف الثورة، وننتقده ونحاسبه فى كل ما يخالف ذلك.
■ ما السلبيات والإيجابيات التى بدأ بها الدكتور مرسى عهده.. وكيف يمكن تصحيح الأخطاء؟
- أعتقد أن الفترة القصيرة التى تولى فيها د. مرسى رئاسة الجمهورية غير كافية للحكم بشكل موضوعى على السلبيات أو حتى الحديث عن الإيجابيات، ولكن المهم أن يسعى الرئيس فى الفترة القادمة لتوحيد الصف ولم الشمل المصرى، فحالة الاستقطاب الموجودة فى مصر الآن لن تستقيم معها دعوات النهوض بالبلد.
كما أن النقطة الأخرى المهمة هى الشفافية ومصارحة الشعب بالحقيقة، فالنظام السابق لم يكن يحتاج إلى بيان الحقيقة للجماهير التى كانت تخشى القمع الأمنى، أما الآن، فأصبح من غير العملى «وغير المقبول» أن تستمر هذه السياسة. وكذلك يجب على قيادة البلد اتخاذ خطوات تغيير حقيقية، فقد جربنا لسنوات طويلة استخدام الإجراءات الإصلاحية الشكلية أو البسيطة، وهى بمثابة مسكنات الألم لمريض بالسرطان. التغيير يحتاج لقرارات جريئة وبعضها قد لا يتقبله الرأى العام فى البداية، ولكن مع الوقت تظهر ثمار تلك القرارات.
وأخيرا، يجب الاهتمام بالشباب اهتماما حقيقيا وتصعيد القيادات الشابة فى مؤسسات الدولة لتتولى عبء المسؤولية.
■ ولماذا فى تقديرك اختفى شباب الثورة من المشهد السياسى.. وما الأخطاء التى وقعوا فيها؟
- المعارضة فى مصر قبل الثورة كانت تتم بشكل عام عبر الإعلام والمشاركة فى المظاهرات، ولم يكن هناك حضور قوى للشباب فى العمل على الأرض بشكل تنظيمى، بما يتيح لهم دخول الانتخابات والفوز بها. وفى الحقيقة واحد من الأخطاء الاستراتيجية التى وقعنا فيها هو عدم سعينا لتنظيم أنفسنا على الأرض واستخدام الثقة التى أولاها الملايين من الشعب المصرى للشباب الذى أشعل الثورة فى تكوين تنظيمات سياسية تنتقل من مجرد المعارضة العلنية إلى محاولة السعى للمشاركة فى السلطة.
والخطأ الثانى كان ابتعاد الكثير من الشباب، خاصة النشطاء عن القضايا التى تمس رجل الشارع والتركيز على القضايا ذات الطبيعة السياسية. وأخيرا نقص الخبرة أدى فى كثير من الأحيان إلى تكوين ردود أفعال عكسية من الشارع نتيجة التصرفات السلبية من بعض الشباب المحسوبين على الثورة.
■ هل أنت مع أن ينص فى الدستور الجديد على إعادة الانتخابات الرئاسية فور إقراره أم أن يستكمل الرئيس مدته؟
- قبل أن أبدى رأيى يجب أن نعرف أولا هل ستتغير المهام الرئيسية لرئيس الجمهورية عن المهام التى يتولاها حاليا، وما قدر هذا التغيير فى المهام؟! ولذلك أفضل الإجابة عن هذا السؤال بعد معرفة المواد التى ستكون فى باب نظام الحكم فى الدستور.
■ ما رأيك فى الجمعية التأسيسية للدستور وما يدور حولها من جدل.. وما تعليقك على ما نشر خلال الفترة الماضية بشأن بعض البنود؟
- تحفظت على آلية تشكيل الجمعية التأسيسية فى المرة الثانية واعتذرت عن عدم المشاركة فيها، كما تحفظت على تشكيلها فى المرة الأولى، فمعايير الاختيار لا تليق بدستور دولة كمصر وفيها الكثير من القامات الوطنية. ولكننى ما زلت متابعا لأعمال الجمعية باهتمام، لأن الدستور هو الأساس الذى سنبنى عليه مستقبل الوطن. أتابع الجمعية عن قرب، والحقيقة أرى أن الإعلام كثيرا ما ينشر الحوارات الأولية أو الاقتراحات التى يطرحها الأعضاء قبل مناقشتها فى الجمعية، ولذا علينا الانتظار حتى نرى النصوص شبه النهائية قبل التصويت عليها داخل الجمعية. وإذا كان لى اقتراح للجمعية، فهو أن يكون التصويت على مواد الدستور داخل الجمعية بالأغلبية المطلقة «67٪» وليس كما هو الحال الآن «57%»، وقد قرأت الكثير عن الدساتير التى تُكتب فى دول تمر بمرحلة التحول الديمقراطى وأغلب هذه الدول التزم بالأغلبية المطلقة. فليس من المنطقى أن نعرض مادة على الشعب لم يقبلها 43% من أعضاء الجمعية التأسيسية.
■ هل ترى أن حزب الدستور الذى أعلن عنه الدكتور محمد البرادعى قادر على خلق توازن سياسى فى مواجهة أحزاب الإسلام السياسى.. وهل من الممكن أن يتحول حزب الحرية والعدالة إلى حزب وطنى جديد؟
- أتابع بشكل مستمر نشاط حزب الدستور، عبر بعض الأصدقاء من مؤسسى الحزب وعبر صفحتهم على الإنترنت، وأعجبنى كثيرا التفاعل الذى أراه مع الحزب وحماس الشباب ودورهم فيه وأتمنى لهم كل التوفيق. التوازن السياسى فى مصر ضرورة، لأن ذلك يخلق نوعا من المنافسة الحميدة على خدمة المواطنين بعكس الاحتكار الذى يضر حتى بالحزب الذى ينفرد بالسلطة. المهم أن تكون هذه المنافسة حميدة، منافسة برامج وآليات وأفكار لخدمة المجتمع. وأعتقد أن الشعب المصرى الذى رأى أضرار انفراد فصيل بحكم الوطن طوال السنوات الماضية لن يقبل أن يتكرر الخطأ نفسه مرة أخرى.
■ لننتقل إلى هموم الناس.. كيف تفسر أزمات انقطاع الكهرباء والمياه وتصريحات الرئيس ورئيس الوزراء بشأنها وما أثارته من غضب؟
- أزمة الكهرباء هى نتاج تقصير منذ سنوات فى تجهيز البنية التحتية للوطن، بما يتناسب والحاجة الاستهلاكية للمجتمع، وكذلك الإهمال الشديد الذى ينتج عنه سوء استخدام الطاقة أو إهدارها، خاصة فى المؤسسات الحكومية، وأخيرا غياب الوعى عند الكثير من المواطنين فى أهمية ترشيد استخدام الطاقة، وهى سياسة متبعة فى أغلب دول العالم بالمناسبة وليست مقصورة على مصر فقط.
كما أن التعامل مع الأزمة من بدايتها لم يكن موفقًا حيث استمر تجاهل الأزمة حتى تفاقمت فى الأيام الأخيرة وتعطلت شبكة المترو والبورصة وبعض المستشفيات، خاصة- بحسب وزارة الصحة- فإن30% من المستشفيات ليس بها مولدات. المؤتمر الصحفى الذى عقده رئيس الوزراء كان بداية جيدة، وإن اعترض البعض على تصريحاته الخاصة بارتداء الملابس القطنية والجلوس فى غرفة واحدة، والتى جانبه فيها الصواب، حسبما أرى، مما تسبب فى تلك الحملة الغاضبة فى الشارع المصرى. ولكننا ولأول مرة نشهد مؤتمرا صحفيا طويلا يتحدث فيه المسؤول بشفافية وصراحة عن حجم الأزمة واستراتيجية الحكومة لحلها.
■ هل تؤمن بوجود «الطرف الثالث» و«الدولة العميقة» ومساهمتهما فى تفاقم وافتعال هذه الأزمات، أم أن هناك تراخيا من قبل الرئيس والحكومة عن إيجاد بدائل وحلول غير تقليدية؟
- هناك من يحاول تصوير الثورة المضادة كقوة متحدة مترابطة المصالح وموحدة الأهداف تتحرك فى الخفاء، وأعتقد أن هذا أقرب لنظرية المؤامرة من أن يكون ذلك يعبر عن الحقيقة. وللأسف، حالة عدم الثقة الموجودة فى المجتمع تتيح للبعض تفسير الكثير من الأحداث على أنها مؤامرات تم التخطيط لها ونفذها «الطرف الثالث» ببراعة شديدة. فى رأيى، الطرف الثالث فى كثير من الأحيان هو شمّاعة يتم استخدامها لتبرير الإهمال وغياب الوعى والمسؤولية الوطنية.
■ منع مقالات عدد من الكتاب فى الصحف القومية وتغيير رؤساء التحرير وتولى صحفى من تيار الحزب الحاكم منصب وزارة الإعلام، وما حدث فى مدينة الإنتاج الإعلامى.. هل هى محاولات للسيطرة على الإعلام من قبل الحزب الحاكم أم أنها عملية انتقامية أم تصحيح للأوضاع؟
- نحن فى القرن الحادى والعشرين، وهو عصر الإنترنت وحرية تداول المعلومات، وإذا قامت الدولة بمنع معلومة من الانتشار فلن يؤدى ذلك إلا إلى توسيع نطاق انتشارها. وانطلاقا من هذا فأنا شخصيا ضد إغلاق وسائل الإعلام ومصادرة الآراء، سواء اتفقت أو اختلفت معها. ولكن فى الوقت نفسه يجب أن تعمل السلطة التشريعية على سن قوانين جديدة بدلا من تلك التى عفى عليها الزمن ونتعامل بها منذ عشرات السنين لحماية حرية تداول المعلومات وفى الوقت نفسه تقف بحزم أمام الظواهر السلبية للإعلام كنشر الشائعات والأكاذيب التى تستهدف تشويه الأشخاص والكيانات دون وجه حق.
أما بخصوص توفيق عكاشة، فبالرغم من أننى تعرضت للكثير من الشائعات المغرضة والأذى من قناة الفراعين فإننى أرى أن محاكمته بتهم مثل «قلب نظام الحكم» أو «إهانة الرئيس» يفتح باباً لمصادرة حرية الرأى، وإن طبقت اليوم على «عكاشة» فمن الممكن أن تطبق غداً على غيره ممن هم أكثر مهنية واتزانا.
فى الدول الديمقراطية المتقدمة قوانين النشر تعاقب وسائل الإعلام بالغرامات المالية الكبيرة، التى تزيد بشكل تصاعدى مع تكرار الأخطاء، كما تجبرهم على نشر تكذيب لكل شائعة تخرج من وسيلتهم الإعلامية. إذا وضعنا منظومة من القوانين السليمة، فإن ذلك كفيل بمحاربة انتشار الشائعات والأكاذيب عبر وسائل الإعلام، لأن المسؤول وقتها سيستشعر الخطر بسبب العقوبات المالية وكذلك خسارة وسيلة الإعلام لمصداقيتها بنشرها لتكذيب مستمر عن الشائعات التى تنشرها.
وأخيرا، أؤكد أن فكرة إعلام الدولة هى فكرة عفى عليها الزمن ولا توجد إلا فى الدول الديكتاتورية، وهناك حاجة ضرورية فى مصر للعمل على فصل منظومة الإعلام القومى ممثلًا فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون والصحف القومية عن السلطة التنفيذية.
■ هل تؤمن بما يسمى محاولات أخونة الدولة.. وما رؤيتك للدولة المدنية وكيف يمكن حمايتها؟
- مصر دولة بها ثمانون مليون مواطن، وهى دولة راسخة تاريخيا وأكبر من أى حزب أو جماعة أو تيار يحاول السيطرة عليها. وقد رأينا جميعا كيف أن النظام القديم الذى حكم مصر بالقمع الأمنى والتضليل الإعلامى والتزوير لإرادة الشعب تفكك فى أيام معدودة حينما نزل المصريون إلى الميادين. وبالتالى فالدرس الذى يجب أن تتعلمه مختلف الفصائل والتيارات الفكرية هو أن التوافق يجب أن يكون استراتيجية طويلة المدى وليس تكتيكا. ويجب أن يؤسس دستور الوطن وقوانينه على مبدأ المواطنة والمساواة بين أفراده وكل من سيسعى لمخالفة ذلك قد يكسب على المدى القصير، ولكنه، بلا شك، سيخسر على المدى الطويل.
و في رأيى يجب على الإخوان المسلمين كجماعة وبأسرع وقت تقنين أوضاعهم بشكل سليم، وأن تخضع الجماعه للقوانين المصرية المنظمة لعمل المؤسسات الأهلية، وذلك حتى تكون مصادر تمويل الجماعة ومنافذ صرفها خاضعة للأجهزة الرقابية كما هو الحال فى سائر دول العالم. كما أنه أصبح من الضرورى فصل العمل الدعوى عن السياسى داخل الجماعة، وهذا هو ما وعدت به الجماعة بعد الثورة ،ولكن حتى اليوم نجد أغلب قرارات الحزب تأتى من مكتب الإرشاد والذى - حسب القانون المصرى- لا شأن له أو صفة للتدخل فى عمل حزب الحرية والعدالة.
■ ما رؤيتك للدعوة لمليونية إسقاط الإخوان 24 أغسطس؟
- لست مع دعوات النزول يوم 24 أغسطس، وإن كنت أؤمن بحرية أى مصرى فى التعبير عن رأيه ما لم يتجاوز هذا إلى التخريب أو الاعتداء على الأرواح والمصالح العامة والخاصة. وسبب اعتراضى على المظاهرات لأنها موجهة إلى شخص د. محمد مرسى بهدف إسقاطه.
فى رأيى: من أتى بانتخابات لا يسقط بمظاهرات. فهناك فارق بين إسقاط حسنى مبارك الذى نعرف جميعا أنه حكم مصر لثلاثين عاما عبر انتخابات هزلية لم يشارك فيها أغلب المصريين، وبين إسقاط رئيس منتخب جاء عبر انتخابات شارك فيها أكثر من 25 مليون مواطن مصرى. ولكن المطلوب من أجهزة الدولة، خاصة مؤسسة الرئاسة العمل على عدم تجاهل هذه الدعوات والسعى إلى إيجاد تطمينات لمخاوف المشاركين فيها، مع تأمينهم وحمايتهم وحماية حقهم فى التعبير عن آرائهم لكونهم مواطنين مصريين.
■ كيف تقييم الثورة الآن بعد عام ونصف العام.. وهل مازالت الثورة مستمرة؟
- الثورة ليست ميدانا ولا مظاهرة ولا اعتصاما، ومن يختزل الثورة فى هذه الفعاليات يفتقد لمعناها الحقيقى. الثورة ليست حدثا، ولكنها عملية تغيير تحتاج لسنوات طويلة حتى يمكنها من تحقيق أهدافها. ولذلك فأنا أرى أن الثورة ما زالت مستمرة مادام المواطن المصرى لا يزال يطالب بحقوقه من عدالة اجتماعية وحرية وكرامة إنسانية. الطريق لا يزال طويلا أمامنا وهو ملىء بالصعوبات ونحتاج للقدرة على المواصلة ورباطة الجأش وطول النفس والتفاؤل والعمل المستمر.
■ فى تقديرك.. ماذا تحقق من أهداف الثورة؟
- أهم ما تحقق فى الثورة هو: أولا كسر حاجز الخوف عند المصريين، فالدكتاتورية والفساد لا تظهر إلا فى المجتمعات التى لا يحاسب الشعب فيها حكامه. وثانيا مشاركة الشعب فى اختيار من يحكمه فالكثير من أبناء جيلى وحتى جيل آبائنا لم يشاركوا فى أى انتخابات طوال حياتهم، وبعد الثورة أصبح الشعب حريصا على إبداء رأيه والاهتمام بالسياسة، لا يجب الاستهانة بحجم هذا التغيير وإن بدا للكثيرين عدم تأثيره بالشكل الكافى على السياسة فى مصر. وفى اعتقادى أن الحكم على الثورة ونتائجها لن يستقيم قبل سنوات من الآن.
■ إلى أين وصلت جهودك فى المؤسسة التى أعلنت عنها؟
- أطلقنا المشروع الأول للمؤسسة وهو «أكاديمية التحرير»، وهو مشروع تعليمى يهدف إلى توفير مواد تعليمية مفيدة للطلاب والطالبات تعمل على تنمية مهارات التفكير والفهم لديهم. وجعلنا الهدف الأسمى لنا منذ اللحظة الأولى هو توفير المادة العلمية التى تجعل الطالب «فاهم مش حافظ».
الأكاديمية بدأت بالفعل منذ عدة شهور بتكوين فريق عمل محترف ومهنى وأصدرت أكثر من 30 فيديو تعليمياً موجودة بموقع الأكاديمية على الإنترنت، واستفاد من هذه الفيديوهات أكثر من نصف مليون مشاهد فى خلال تلك الفترة القصيرة.
■ ما توقعاتك للمستقبل؟
- مصر ستتغير للأفضل، والزمن لن يعود للوراء حتى إن قابلنا تحديات أو واجهنا صراعات تهدف لعودة فرض الرأى وكبت الحريات والديكتاتورية أو الاستبداد باسم الدين أو السلاح. العالم الآن يتغير والتقنية الحديثة أتاحت لملايين البشر القدرة على النشر والتأثير والتفاعل بعكس الماضى، والعقلية الديناصورية الديكتاتورية فى طريقها إلى الانقراض. وسبب من أسباب تفاؤلى هو الشباب المصرى، فى 2010 وقبل الثورة بأشهر عديدة، أشرفت على مشروع بحكم عملى فىGoogle لتطوير المحتوى العربى فى موقع ويكيبيديا، وويكيبيديا موقع من أشهر 10 مواقع على الإنترنت يعمل على توفير معلومات لزواره عبر المتطوعين. وجدت وقتها أن الكثير من متطوعى ويكيبيديا العربية من المصريين، وأحدهم شاب صغير فى السنة الثانية بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية ويتولى منصبا «طوعيا» كبيرا ليس فى ويكيبيديا العربية فحسب بل فى ويكيبيديا العالمية أيضا، هذا الشاب حينما طلبت منه الحضور لاجتماع فى القاهرة اعتذر لأن مصاريفه فى ذلك الشهر كانت مرتفعة، ولا يستطيع تحمل تكلفة القطار من الإسكندرية للقاهرة.
مصر مليئة بالشباب الحالم العبقرى الذى علّم نفسه بنفسه ونهل من الثقافة وهذا الشباب قادر على تغيير كل ما حوله وتحدى كل الصعوبات التى تواجهه، وبسبب هؤلاء وبفضلهم قامت الثورة. وإن شاء الله بجدهم ستتغير مصر إلى الأفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.