مثلما تغنى شعراء الجاهلية بالمرأة «العيطل» أى الممتلئة والمكتنزة قبل عدة قرون، مازال شعراء موريتانيا اليوم يتغنون بالمرأة الممتلئة، فكلما امتلأ جسدها زادت محبتهم وتقديرهم لها، وكلما كانت رشيقة أعرض عنها الرجل الموريتانى. من هنا أخذت ظاهرة التسمين القسرى للفتيات فى موريتانيا، التى تعرف محليا باسم «التبلاح»، مشروعيتها وغدت واجبا اجتماعيا على كل أم أن تسعى إليه لتكون ابنتها «مأكمة يضيق الباب عنها». ورغم شيوع الظاهرة بين المجتمع يعكف برلمانيون موريتانيون حاليا على دراسة مشروع قانون يقضى بتجريم التسمين القسرى للفتيات، لتقديمه للدورة البرلمانية المقررة فى نوفمبر المقبل. ويتم «التبلاح» عبر إخضاع الفتيات لحصص من التسمين القسرى لفترة معسكرات طويلة وإرغامهن على تناول كميات هائلة من الشراب والطعام. وعنه تقول كحوانة بنت محمد: «نحافة الفتاة عار وفضيحة لأهلها خاصة والدها.. لا أتصور امرأة جميلة ونحيفة». فى المقابل، تمثل «سلمبوها بنت سيداتى» أقلية بين فتيات موريتانيا، فهى رشيقة ونحيفة بمفهوم المجتمع، وتقول بألم: «المشكلة أن الأمر خطير جدا على الصحة.. أنا أراها مرضا لا دواء له». وبطبيعة الحال لا تنال «سلمبوها» رضا الغالبية العظمى من الرجال، فيقول محمد ولد اصنيبة: «السمنة هى الفرق بين المرأة والرجل.. صراحة أفضل السمينة على النحيفة». ويتابع: «عندما يريد أى رجل موريتانى الزواج من فتاة، يسأل أولا عما إذا كانت سمينة أم رقيقة.. جمال المرأة فى انتشار التشققات الناتجة من فرط السمنة، التى تسمى (تبطاط)». ويعتمد التسمين على نظام غذائى قاس تجبر بموجبه الفتاة على شرب كميات كبيرة من اللبن وأكل كميات مماثلة من الطعام. تقول «كحوانة»: «كانت جدتى توقظنى عند الفجر لأشرب 2 لتر لبن وقبل طلوع الشمس آكل 2 كيلو ثريد.. وكل ساعتين أشرب لترين من خليط الماء واللبن، ثم أتناول لحما، وهكذا..». وتوضح كحوانة أنه لإجبارها على ذلك كان أهلها يستخدمون جميع الأساليب ومن بينها الضرب، وأحيانا تستخدم آلة «المعضاض» المعروفة محليا باسم «أزيار»، وهى قطعتان من الخشب يتم ربط طرفيهما بحبل. وتمضى كحوانة قائلة: «توضع مقدمة رجل الفتاة بينهما، ثم تقوم المسمنة بوضع رجلها على الطرفين الآخرين، وكلما توقفت عن الأكل أو الشرب ضغطت المسمنة على طرفى القطعتين الخشبيتين بشكل يكون مؤلما جدا فيلوى إصبعى إلى الخلف وأبقى لبعض الوقت فى هذه الوضعية الشديدة التى يفقد صاحبها وعيه من شدة الألم الأمر الذى يدفعنى فى هذا الوضع إلى أن أسارع إلى ابتلاع كل ما أعطيت حتى يخفف عنى الألم.