شاهدت يوم الأربعاء الماضى حواراً بين الشاعر سيد حجاب والمذيعة منى الشاذلى فى برنامج «العاشرة مساء» على قناة دريم الثانية. لفت نظرى قول الشاعر إنه لا يحب كلمة «العامية» أو تعبير شعر العامية وإن الأصح أن تسمى اللهجة العامية المصرية «اللغة العربية الحديثة»، بل قال إن هذه العربية الحديثة هى مثل الإيطالية التى كتب بها الشاعر دانتى وأصلها من اللغة اللاتينية، أى أنه يرى أن اللغة العربية قد انقرضت مثل اللاتينية، وعلينا أن نكتب ونقرأ بالعامية أو «اللغة العربية الحديثة» كما يطلق عليها سيد حجاب، والتى يكتب بها وغيره من شعراء العامية أشعارهم. وتأتى هذه المقولة فى سياق صدر فيه أول قاموس عربى مصرى أى للعامية المصرية والعربية، وينشر فيه شاعر العامية جمال بخيت باباً فى مجلة «صباح الخير» الأسبوعية عن شعراء العامية بعنوان «شعراء الوطن»، وكأن من يكتبون شعرهم بالعربية ينتمون إلى وطن آخر! وبقدر ما أتفق مع سيد حجاب فى رفض تعبير «شعر العامية» لأن معنى كلمة عامية لا يتناسب مع معنى كلمة شعر، بقدر ما أختلف معه اختلافاً تاماً فى أن يسمى العامية المصرية «اللغة العربية الحديثة» أو يعتبرها اللغة المصرية بدلاً من اللغة العربية. لا يعرف الشعر من ينفى الشعرية عن شعراء العامية، ولكن هذا الشعر مثل الشعر النبطى فى الخليج، ومثل الشعر العامى فى كل اللغات، مستمد من لهجات الحوار اليومى بين الناس، أى من اللهجة الشفاهية المنطوقة، وهذه اللهجة تصلح للأغانى لأنها تسمع، وكذلك للحوار فى أفلام ومسرحيات وتمثيليات للراديو والتليفزيون لأنها تسمع، ولكنها لا تصلح للشعر الذى يقرأ، أو الحوار الذى يقرأ، ومن ناحية أخرى فاللهجات تتغير من مكان إلى آخر فى نفس البلد حيث تختلف لهجة الصعيد مثلاً عن لهجة بورسعيد، كما تختلف من زمن إلى آخر حسب مدى انتشار التعليم، وإذا قرأت مسرحية بالعامية من مائة سنة لن تفهم منها إلا القليل، أما إذا قرأت قصيدة نبطية وأنت من غير سكان الخليج فلن تفهم شيئاً! إنهم «شعراء الأغانى» حيث يتجلى إبداعهم ملحناً، وليسوا «شعراء العامية» أو «شعراء الوطن»، وسوف يظل الغرض من الذهاب إلى معاهد التعليم من المدارس إلى الجامعات تعلم اللغة العربية وليس العامية التى يعرفها كل إنسان لمجرد أنه ينطق. [email protected]