عندما طلبت منه إجراء حوار صحفى معه سألنى «ح تدفعى كام» وساومنى كابن سوق محترف «بيشتغل بدراعه» على حد تعبيره، بدأ كلامه بقوله إنه ولد قبل مائتى عام وأكثر هى عمر العملة التى يتاجر بها، ويفتخر بأن لديه عملة تعود لعهد السلطان التركى عبدالحميد، ويأخذه الحنين لأيام زمان فيزفر صدره بتنهيدة حارة ويساءل: «فين الملوك يا باشا.. فين زمنهم راحوا وراحت أيامهم الحلوة». وحين طرحت عليه الكثير من الأسئلة بدأ يتخابث ويقول لى: «ارحمينى» لأفهم الرسالة التى يقصدها بأن أسأل أقل وأصور أقل، وأطمئنه بخصوص ما اتفقنا عليه من مقابل نظير الحوار وظل يغنى بصوته الجهور وأسنانه «المطرمة» حتى هالنى الضجيج الذى تسبب فيه لمن حولنا فاستجديته أن يتوقف عن الغناء وأظهرت له جزءاً من المبلغ فالتقط الجنيهات منى ودسها فى جيب جلبابه فى لمح البصر وكم بدا الأمر لى أكثر من مجرد صدفة، فهو يفترش الرصيف المجاور للغرفة التجارية بباب اللوق، ويالها من علاقة بين طبيعة عمله والتجارة. إنه محمد سيد فتحى تاجر العملات النادرة الذى يفترش الرصيف. سألته عن مهنته كتاجر حر للعملات النادرة وهل هى مجدية وكيف بدأت معه فأجاب بفخر: لى أكثر من 40 عاماً مع العملات، بدأت غية على حد تعبيره ثم احترفها وأضاف: الحمد لله جايبة همها إذ إن كل جنيه له ثمنه وكلما كان قديماً ارتفع سعره ولدى من العملة الواحدة أكثر من إصدار ولدى ورقة بمائة جنيه وأخرى بعشرين وعشرة وخمسة وربع جنيه. وأغلى جنيه بحسب عم محمد هو «الجنيه أبوجملين» وهو نادر جداً ولدى جنيهات مرسوم عليها الملك فؤاد والملك فاروق وكل عملة حسب حالتها فالعملة ذات الحالة الجيدة سعرها أعلى فضلاً عن الفئات المعدنية للعملة من مليم لجنيه معدنى وعليه صور فاروق وفؤاد واللى كان معاه جنيه زمان كان باشا وأنا أفترش هذه المنطقة منذ أكثر من 30 سنة والمحال تبيع بسعر أغلى علشان الكهرباء والديكور والضرائب وأنا أشترى وأبيع، وتعرف مكانى أسر عريقة لديها أوراق تذكارية وعملات قديمة تأتى إلى هنا لتبيعها لى. وعندما أفصحت له عن رغبتى فى تصوير القصاصات الورقية، التى ترجع لعهد فاروق وفؤاد قال لى بلهجة من يريد استغلال اللحظة حتى الرمق الأخير: على البنديرة وادفع أكثر تصور أكثر، وأخرج من حقيبته مجموعة أجندات حفظ فى كل أجندة أوراقاً مالية تنتمى لفترة زمينة محددة وبدأ طبعاً بالأحدث حتى لا يحرق سلعته النادرة ثم أخرج عملة فئة عشرة جنيهات تعود لعام 1900م وصورة لبقرة تدور بساقية.. سألته عن سعرها فقال 500 جنيه. وسألته لماذا تقوم بملء الولاعات إلى جوار بيع العملة هل لأن بيع العملة القديمة لا يفى بالحاجة فقال: «الإيد البطالة نجسة». عم محمد متزوج ولديه 6 أبناء، زوج منهم 3 ولديه أحفاد، الأغلى بينهم، بحسب كلامه، «سيد» الذى يقول عنه «سيد غالى عندى قوى.. دا على اسم أبويا».