مشهد تعلق نجار حلوان من رقبته داخل حجرة نومه فى المشنقة التى صنعها لنفسه للتخلص من حياته بسبب الفقر لن ينساه أولاده الأربعة وجيرانه.. طفله الأصغر محمد «5سنوات» يستيقظ يوميا مفزوعا وصورة أبيه لا تفارقه.. ابنه الأكبر يتحدث لإخوته قائلاً: «كنت على استعداد أن نموت من الجوع ولا أرى والدى فى هذا المنظر».. بعد الانتحار سيتولى الابن الأكبر مسيرة والده التى فشل فيها وانتهت بالانتحار.. يبحث عن فرصة عمل ربما تغنيه عما فعله والده. «المصرى اليوم» رصدت تفاصيل المأساة من داخل المنزل الذى شهد الجريمة فى مساكن الزلازل بحلوان. فى الطابق الرابع فى البلوك رقم 10 بمساكن الزلازل تعيش أسرة النجار المنتحر فى شقة مكونة من حجرتين وصالة ودورة مياه.. تجلس الزوجة الأرملة فى حزن وحسرة شديدين، يزداد الألم والحزن باقتراب أول الشهر لعدم امتلاكها قيمة إيجار الشقة التى تعيش بها هى وأولادها، جلست تبكى وسط أقاربها تتذكر مواقف زوجها ومساعدته للأشخاص المحتاجين رغم احتياجه. مشهد جثته وهى تتدلى من السقف يشغل بالها.. لم تكن تتخيل يوما أن يكون الفقر سبباً فى موته بهذه الطريقة. التقت «المصرى اليوم» الأسرة، وقال ابنه عبدالرحمن «14 سنة» إنه كان يتمنى أن يعيش والده معه وكان على استعداد لمساعدته فى عمله ومشاركته فى الإنفاق على باقى أشقائه، كان يعتبر والده فى مكانة شقيقة الأكبر.. يروى له كل مشاكله. أضاف أن والده قبل وفاته بيوم عاد من الورشة التى يعمل بها وعيناه ممتلئتان بالدموع وأغلق عليه حجرة نومه، وعندما دخل الابن لمعرفة سبب حزنه وجده منهمراً فى البكاء ويحدث نفسه مردداً، «أنا جايلك يا أمى إنتى وأبى.. لأجلس إلى جواركما»... وأكمل الابن: «احتضنته وحاولت معرفة سبب الحالة التى تسيطر عليه.. فعرفت أنه حزين بسبب عدم امتلاكه تكلفة خطبة شقيقتى هدير التى كانت من المفترض بعد أيام». حاول الابن التخفيف عنه لكن دون جدوى، صمت الابن لحظات وحاول أن يمسك دموعه ولكنه فشل. عيناه امتلأتا بالدموع واستطرد كلامه قائلا: والدى كان كريماً ومحبوباً من كل الناس وكنت أعتبره مثلى الأعلى ومازال مثلى الأعلى. كل ما أتمناه أن يرحمه الله ويخفف عنه العذاب. وأشار الابن إلى أنه ترك دراسته منذ 4 سنوات بسبب الظروف المادية السيئة وكان يساعد والده فى أعمال الورشة دون ندم. بعد حادث الانتحار لم يفكر الابن الأكبر سوى فى البحث عن عمل ليتمكن من إتمام زواج شقيقته هدير حتى يرتاح والده فى قبره. ويكمل الابن الأكبر: يوم الحادث وجدت شقيقى «محمد» يحاول إيقاظى من النوم ويبلغنى أن والدى معلق فى السقف. اعتقدت أنها وصلة مزاح لمحاولة إيقاظى فقط، ثوان معدودة وفوجئت بصراخ شقيقتى هدير تستغيث بالجيران فنهضت بسرعة من النوم ووجدت والدى معلقاً من رقبته فى مروحة السقف لم أعرف وقتها ماذا أفعل سوى قيامى برفع ساقيه المتدليتين حتى لا يموت رغم أنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة، وكان الأمل يراودنى أنه لايزال حيا. حاول الجيران فك الإيشارب المعلق به دون جدوى، فأحضرت سكيناً وقطعت الإيشارب. وحضرت النجدة والإسعاف ونقلوا والدى إلى المشرحة. شقيقى كان يمتاز بعزة النفس - بتلك الجملة بدأ شقيق الضحية كلامه - أسراره ومشاكله لا تخرج من بين جدران منزله، أزماته المالية لا أعرفها إلا بالصدفة.. وأوضح الأخ: يوم الخميس الماضى كانت قراءة فاتحة ابنة أخى «هدير»، وكان والدها الضحية يحاول إظهار سعادته أمام زوجته وأولاده لكن الحزن يسيطر على ملامحه، حاولت أن أعرف منه السبب فتهرب منى بقوله إنه فى غاية السعادة لخطوبة ابنته، شعرت أنه يحتاج إلى الأموال. عرضت عليه المساعدة ولكنه رفض. وأنهى شقيقه كلامه بجملة واحدة يتمناها وهى «أتمنى أن تسمعنى الوزيرة مشيرة خطاب لمساعدة 4 أطفال بلا مأوى يعيشون فى شقة إيجارها 350 جنيهاً فى الشهر، وزوجة لا تمتلك جنيهاً واحداً».