كان اللقاء مع محمود الزهار، القيادى البارز فى حركة حماس، الأسهل فى غزة التى يحمل بعض قادتها غضباً تجاه القاهرة، بدا «أبو خالد» متفهماً ومستعداً للحوار مع «المصرى اليوم»، فبعد أقل من دقيقة على بدء محادثة هاتفية معه، دعانا لبيته حيث كنا هناك بعد ساعة. وبينما كان إسماعيل هنية، رئيس الوزراء فى حكومة حماس المقالة، يلعب الكرة مع وفد تضامنى بحرينى، كنا نجلس مع محمود الزهار، الذى يعتبره البعض الرجل الأعلى تنظيمياً داخل حماس، والأهم فى غزة. فضل الزهار أن يجرى الحوار فى حديقة منزله البسيطة حيث كانت الكهرباء مقطوعة كما هى العادة فى قطاع غزة، الذى يعانى بشدة من نقص الطاقة الكهربائية، مما اضطر أهله إلى توزيع الكهرباء على أحياء غزة بالتتابع بحيث ينقطع التيار عن كل حى نحو 8 ساعات يومياً. لفت نظرنا أن منزل القيادى فى حركة حماس يعيش فى الظلام دون مولد كهربائى وغزة كلها تعيش على أزيز مولدات الكهرباء التى تعمل طوال الوقت، لكنه أوضح لنا: «لا أشغله فى النهار توفيراً للسولار، فالمولد عندى ضخم ويضىء أجزاء كبيرة من الحى، لذا أفضل أن أوفره لليل فقط». بدأ الزهار حواره معنا شاكياً من الأمن المصرى الذى منع، على حد قوله، طبع كتاب له بالقاهرة فاضطر لطبعه بالجزائر، ثم انطلق فى الحديث معنا سارداً أدق التفاصيل، وعندما حاولنا التركيز على نقاط بعينها كان رده: «أنا سأقول وأنتم اكتبوا ما تريدون، اختصروا ما تشاؤون من كلامى»، لكن الطبيب الهادئ المبتسم انفعل بشدة أثناء الحوار عندما سألناه عن أسباب الانقسام ومسؤولية حركة حماس عن أنهار الدم التى سالت، فقال بانفعال شديد: «والله لو غسلنا أدمغتكم فلن تفهموا تودون اتهامنا وخلاص»، ثم قام من مكانه وأخذنا إلى حيث حفرت طلقات الرصاص أماكن لها على حوائط منزله، وقال: «انظروا هذه ليست من الاحتلال لكنها من بنادق فتح، هم من بدأ.. حاولوا قتلى وضربوا منزلى». عاد صاحب «القفشات» اللاذعة لهدوئه، فقال رداً على سؤال حول عدم تعامل الدول العربية مع حماس: «يا سيدى نحن سلطة (عرة) لكنها منتخبة.. عاملونا على أننا سلطة منتخبة». كان الرجل الذى واجهناه بأنه من «صقور» حماس، مصراً على أنه من «الحمائم»، ورفض بشدة أن يتهم مصر بأى شىء، وتمسك بأنه لا خلاف مع مصر، حتى واجهناه بحالة «التحفز» الرهيبة فى الشارع الغزاوى ضدنا كمصريين، وما تكتبه مجلة «المرابطون» وهى مجلة حائط تعلق وتوزع فى كل مساجد حركة حماس فى قطاع غزة، وحملت أعدادها الأخيرة هجوماً لاذعاً على أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، ونقداً واضحاً لتصريحات حسام زكى، المتحدث باسم الخارجية المصرية، فبادر بالإجابة سريعاً -كأنه كان ينتظر السؤال: «المشكلة أن وزير الخارجية المصرى يصدر تصريحات تستفز الناس بشدة، وملف القضية الفلسطينية لم يعد فى يده بل فى يد المخابرات المصرية»، وتساءل: «هل وجدت أحداً يهاجم أو ينتقد المخابرات؟» قبل أن يجيب: «هذا لا يحدث أبداً لأنهم يفهمون الملف». كان من المفترض أن نأخذ من وقت وزير الخارجية فى حكومة حماس نصف ساعة لكن الجلسة استمرت معه أكثر من ساعة ونصف لم يقطعها غير صوت طلقات نارية كثيفة بالقرب من بيته، اتضح أنها انطلقت فى مقر قريب للشرطة أثناء احتفال بتخريج دفعة جديدة من الضباط. طلب الزهار فى نهاية حوارنا معه أن نخبره بموعد نشر الحوار فى «المصرى اليوم»، وعندما سألناه: «أليس عندكم فى الحركة جهاز يجمع كل ما ينشر عنكم»، ضحك وقال: «وماله.. بلغونى برضه». تابع فيديو «المصرى» يحاور «الزهار» على الرابط التالى: wwwalmasryalyoum.com/node/51592