الخائفون من "الدولة الدينية" يرسمون سيناريو المدنية مدنية أم دينية؟ سؤال عالق بذهن الجميع منذ الإعلان عن خوض الفريق أحمد شفيق ومرشح جماعة "الإخوان المسلمين" الدكتور محمد مرسي لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، وذلك بافتراض أن كليهما يمثل توجهًا مناقضًا للآخر في مسألة علاقة الدين بالسياسة، فهل كان السؤال صحيحًا؟ ثم هل يمكن لمصر - الدولة ذات التاريخ القديم - أن تغير شكلها بمجرد تولي شخص ما رئاستها؟ "المشهد" طرحت القضية على الناشط والمفكر القبطي المعروف جمال أسعد عبدالملاك، فقال: "إن شكل الدولة لن يتحدد بتولي مرسي أو شفيق رئاسة الجمهورية ولكن بالتأكيد إذا تولي مرسي رئاسة الجمهورية سيكون هناك استقطاب نحو الدولة الدينية سواء كانت دينية بحتة أو مدنية بمرجعية إسلامية". وأضاف: "هذا الاستقطاب الديني سيكون بالمزايدة على الدين وتطبيق الشريعة وتأجيج العاطفة الدينية عند المسلمين فالإخوان والسلفيون يبذلون المزيد من الجهد، ويقومون بنوع من المزايدة على التيار المدني أنه لا يريد تطبيق الشريعة"، مشيرًا إلى أن الدستور هو الذي سيحدد خارطة الطريق ولكن ما يعنينا كيف سيكون شكل الدستور وسط الأغلبية الإخوانية؟" وقال عبدالملاك: "إذا تولى شفيق رئاسة الجمهورية سنكون أمام بناء الدولة المدنية التي ستكون حلقة الفصل في الصراع المحتدم حالياً بين جميع فئات الشعب"، مؤكدًا أن الأقباط لديهم تخوف شديد من الدولة الدينية التي ستكبل الحريات؛ لأن هناك جزءاً من المسلمين ممثلين في الإخوان والسلفيين يتوهمون أنهم المدافعون عن الإسلام". وتابع: "رغم الاتفاق على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، لكنهم يتاجرون بالدين لأغراض ومصالح بعيدة كل البعد من الإسلام"، مشيرًا إلى أن الأقباط سيدعمون شفيق في مواجهة التيار الديني، فهم يريدون الدولة المدنية التي تكفل لهم حقوقهم. من جهته، قال القس الدكتور إكرام لمعي إنه في حالة فوز شفيق في الانتخابات ستشكل الدولة العسكرية. أما إذا فاز مرسي فستشكل الدولة الدينية، ولكن سيكون هناك توافق بين الدولة العسكرية والدينية كما حدث بعد الثورة من اتفاقات بين الإخوان والمجلس العسكري. وشدد لمعي على أن شفيق هو وجه العملة الثاني لمرسي ومرسي وجه العملة الثاني لشفيق، فكلاهما لديه علاقات مع أمريكا وإسرائيل، وهما ملتزمان بمعاهدة كامب ديفيد. وأوضح لمعي أن الأقباط والليبراليين لديهم تخوف شديد من الدولة الدينية بسبب الديكتاتورية الدينية التي سينتهجها الإخوان. وقال: "من سيعارض الإخوان إذا تولوا الرئاسة سيكون كافرًا وضد الإسلام وتطبيق الشريعة بخلاف المعارض في الدولة المدنية فهو معارض لفكر وليس معارض للدين ولا يتهم بالكفر"، مضيفًا أن الإخوان والسلفيين يستخدموا كارت الإرهاب الديني في قرى ومراكز الريف والصعيد على العكس في العاصمة فلن يستطيعوا استخدام هذا الكارت. وعن خوف الإسلاميين من الدولة المدنية، قال لمعي إن الإسلاميين خائفون من الدولة العسكرية الديكتاتورية والتي ستقودهم إلى السجون من دون محاكمات ولكن لا يحق لهم أن يخافوا؛ لأنه من المستحيل بعد ثورة يناير أن يقاد أحد إلى السجون من دون وجه حق. من جانبه، قال الدكتور فتحي الغريب، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر: "إن هناك تخوفًا حقيقيًّا إذا ما تمكن "الإخوان المسلمين" من حكم البلاد"، موضحًا أن دعم مرسي من قبل مجلس شورى العلماء المسلمين، ما هو إلا تبادل مصالح، فمجلس شورى العلماء قد اتهم الإخوان بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية الصحيحة، والآن يروا في مرسي أميرًا للمؤمنين. وأضاف: "في تصوري أن رجلاً ظالماً قوياً خير للبلاد من صالح ضعيف؛ لأن الظالم القوي ظلمه على نفسه وقوته لشعبه، أما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه وضعفه عل شعبه". وقال الغريب: "هل يعقل أن تطالب صحيفة الجارديان البريطانية الإخوان بتطبيق الشريعة الإسلامية؛ وهل هل يهم بريطانيا تطبيق الشريعة؟"، مضيفًا: "في تقديري هذه ذريعة للتقسيم والتدخل الخارجي وتأجيج الفتنة الطائفية". وفال الغريب: "أتحدى أن يتم تطبيق الشريعة الإسلامية. وما يقوله الإخوان سراب". وقال سعيد حسن "مرشد سياحي" إنه لم ينتخب محمد مرسي؛ لأنه إذا تولي الإخوان الحكم سيكون هناك تضييق شديد ليس في المجال السياحي فقط، ولكن في الحياة العامة. وقال: "أنا لا أرضى أن يحكمني شخص باسم الدين، ويكون مراقبًا لأفعالي، وهذا حلال وهذا حرام؛ لأن الله سبحانه وتعالى موجود وهو الذي سيحاسبنا، وهناك جنة ونار". وأضاف: "إذا حكم الإخوان فمن المؤكد أن السائحين لن يأتوا إلى مصر؛ لأنه ستكون هناك ضوابط شديدة عليهم مما سينفرهم من المجيء لمصر، وسيترتب على ذلك انضمامي لطابور البطالة". وتابع سعيد: "على الرغم من أن الإخوان قد صرَّحوا بوعود كثيرة عن الحريات والمجال السياحي إلا أني لا أصدقهم ولا أثق في نياتهم؛ لأنهم كثيرا ما صرَّحوا ووعدوا ولم ينفذوا، ويكفي من ضمن ما وعدوا به أنهم لن يترشحوا للرئاسة وهم الآن يقاتلون من أجل الوصول للسلطة".