انعكس الصراع ما بين جماعة الإخوان ورموز النظام السابق على الرئاسة في مصر سلبًا على أداء البورصة المصرية وكبدها خسائر تجاوزت عشرات المليارات خاصة فى الفترات التى تبلور فيه هذا الصراع بشكل ظاهر أولها عندما تقدم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للاخوان بأوراق ترشحه أعقبها ترشح اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وجاءت المرحلة الثانية من الصراع بعدما جاءت نتيجة الانتخابات بمرشح إخواني فى مواجهة آخر رئيس وزراء فى عهد الرئيس السابق. وأظهرت إحصاءات البورصة المصرية التي حصلت عليها وكالة أنباء الشرق الاوسط أن رأسمالها السوقي خسر ما يقرب من 40 مليار جنيه في أوقات المواجهة المباشرة بين الجانبين، والتى تمثلت فى وقت التقدم بأوراق الترشح للرئاسة في إبريل الماضي وبعد نتيجة الانتخابات الرئاسية في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري. وخسرت البورصة المصرية العام الماضي (2011) ما يقرب من 200 مليار جنيه على خلفية التداعيات الأمنية والاقتصادية التى تلت ثورة 25 يناير، لكنها نجحت في شهري يناير وفبراير من العام الحالي 2012 في تعويض نحو 100 مليار جنيه من تلك الخسائر على خلفية نجاح انتخابات البرلمان ومؤشرات الإستقرار التى أعطاها البرلمان للأوضاع الاقتصادية والسياسية فى البلاد قبل أن تعود الأحداث السياسية من جديد للتأثير السلبي على البورصة. وقالت مصادر بالبورصة إن البورصة خسرت في الفترة من أول إبريل وحتى العاشر من إبريل الماضي نحو 22 مليار جنيه وهى الفترة التى شهدت تقديم المهندس "خيرت الشاطر" واللواء "عمر سليمان" لأوراق ترشحهما لانتخابات الرئاسة. وأوضحت أيضا أن البورصة خسرت ما يزيد على 17 مليار جنيه في الجلسات الثلاثة التى تلت إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية والتى وضعت الدكتور محمد مرسي رئيس حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة الإخوان فى جولة الإعادة مع الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء فى عهد مبارك. وقال محللون بالبورصة المصرية إن المخاوف تزداد لدى المستثمرين حال المواجهة بين الطرفين، ما يدفعهم للقيام بعمليات بيع واسعة والتخارج من الأسهم التى يمتلكونها، وذلك لأن التاريخ يظهر أن الخلاف والنوايا بين الطرفين تنذر بأن الصراع بينهما قد يكون له تداعيات سلبية على السياسة والاقتصاد فى مصر. وقالت مروة حامد محللة أسواق المال إن البورصة سجلت ثاني أكبر خسارة يومية خلال العام الحالي 2012، والتى قدرت بنحو 9.3 مليار جنيه في أول جلسة بعد إعلان نتيجة الانتخابات متأثرة بالمخاوف التى سادت بين أوساط المستثمرين خاصة المؤسسات والصناديق الاستثمارية المصرية والأجنبية، على خلفية الإحباط الذي انتاب شرائح عديدة من المصريين تجاه المؤشرات الأولية لنتيجة الانتخابات الرئاسية والتى تشير إلى خوض مرشحين لا يحظيان بقبول غالبية الشعب أحدهما ينتمي للتيار الإسلامي والآخر للنظام السابق لجولة الإعادة المقرر لها منتصف الشهر القادم. وأضافت أن هبوط البورصة الحاد فى تلك الفترة يرجع إلى أن غالبية الشعب يرفض مرشحي الاخوان والنظام السابق، ويوحي بفشل الثورة ما قد يزيد من الاحتقان والمخاوف بشأن استقرار البلاد وهو ما يمثل أكبر هاجس يؤرق المستثمرين خاصة الأجانب. وأشارت إلى أن الثورة لم تقم من أجل القدوم برئيس إسلامي أو رئيس ينتمي لنفس النظام الذي قامت ضده الثورة، ما يعني أن أي من المرشحين قد يؤدى إلى عودة الارتباك إلى الشارع المصري وهو ما سيكون له عواقبه على الاقتصاد. وأوضحت إن الأسهم المصرية شهدت خلال فترتي احتدام الصراع ما بين الإسلاميين ورموز النظام السابق عمليات بيع محمومة من قبل المستثمرين سواء في فترة الترشح للإنتخابات أو بعد نتيجة الانتخابات، ما أدى إلى هبوط حاد لأسهم الشركات الكبرى والقيادية ووصلت بأسعارها إلى مستويات لم تسجلها منذ نحو العام. ورأت أن نحو 75% من الشعب يرفض كلا المرشحين، خاصة القوى الثورية ما يعني تزايد المخاوف من الصدام سواء بين قوى الاسلاميين والنظام السابق، أو حتى القوى الثورية. وقال محمد عبد القوي خبير أسواق المال: لا أحد ينكر أن الاقتصاد المصري لا يزال يسيطر عليه رموز النظام السابق، ما يعني أن مثل هؤلاء لن يتركوا الفرصة للاخوان فى حال فوزهم بالرئاسة سحب المميزات التى كانوا يتمتعوا بها طوال العقود الماضية، ما يضع الجبهتين فى مواجهة حتمية. وأضاف أن نفس الحال ينطبق على جماعة الإخوان التى لن ترضى بعد الثورة بالعودة للعمل السري والإختفاء من الساحة والذي عانت منه لعشرات السنوات، معربًا عن أمله فى التوافق بين الجانبين لمصلحة مصر. وقال محمود البنا محلل أسواق المال إن رد الفعل السلبي على أداء البورصة نتيجة الصراع المباشر بين جبهتي الاخوان وفلول النظام السابق، لا يأتي فقط بسبب المخاوف من تداعيات الصراع بينهما فقط، وإنما تمتد لما هو أكبر وهو المخاوف من ردة فعل الجانب الثوري في الشارع. وأضاف أن المتابع للأحداث بعد الثورة في 25 يناير من العام الماضي يجد أن الاضطراب يزداد فى الشارع المصري بسبب القوى الثورية والليبرالية التى لا تجد وسيلة للتعبير عن غضبتها وإحتجاجها سوى التظاهر وما كان يتخلل تلك التظاهرات من أعمال عنف لا يعرف أطرافها حتى الان. وأوضح البنا أن مثل تلك اللأحداث تؤثر سلبًا على إتجاهات المستثمرين الأجانب ورؤيتهم للأوضاع فى مصر، مشيرًا إلى أن المستثمر لا يأتي إلى سوق يخشى فيه على أمنه وأمواله ما يجعله يفضل خيار الخروج حتى تهدأ الاوضاع بعدها يعيد حساباته.