امام عدم جدية اسرائيل في انجاح اية مفاوضات مع الطرف الفلسطيني، و امام مواصلة هدر الدم الفلسطيني، و هتك العرض، و اغتصاب الأرض، و لما لم تفلح المعاهدات الدولية الاخيرة التي امضاها ابو زمان في احراج اسرائيل امام الرأي العام العالمي، و من ثمة تصنيفها كبلد محتل و الزامها بوجوب احترامها للأعراف و المواثيق الدولية، و بالمقابل اعتبار الشعب الفلسطيني شعبا يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي ، و عليه فان له حقوق لا يجب على الحكومة الاسرائيلية تخطيها كالإبادة الجماعية و الاستيطان و القتل و اختطاف الفلسطينيين و الزج بهم في السجون. ان خير رد على ما ذكر سلفا هو الابادة الجماعية و الجرائم العنصرية التي تقوم بها اسرائيل في قطاع غزة تحت ذرائع رخيصة و حجج واهية و هي "الدفاع عن النفس" و بتسويق امريكي لها، بل بدعم و اسناد علني من قبل حليفها الاستراتيجي و ذلك بإرسال الة القتل لها لتزهق بها ارواح الاطفال الابرياء و الشيوخ و النساء... لاشك ان الرد الاسرائيلي على المجازر التي ارتكبتها في حق الفلسطينيين في غزة هي قيد الدرس لتجد في كل مرة كعادتها مخرجا قانونيا للإفلات من دائرة المحاسبة و الجزاء. فبالإضافة الى اعتبار تدمير غزة هو من باب الدفاع عن النفس، فهي ستعتبر ان الارض الفلسطينية هي ليست ارض محتلة بل هي ارض متنازع عليها، و لم يقع رسم حدود الدولتين بعد و تتنصل بذلك من مصطلح "الاحتلال" لتجيز لنفسها و تبيح لها كل اشكال اغتصاب ارض فلسطين و التنكيل بشعبها. و امام هذا الوضع، ماذا بقي لفلسطين؟ هل تلعب ورقتها الاخيرة و تنضم الى "معاهدة روما"، هذه المعاهدة التي يمكن ان تضيق الخناق على الكيان الاسرائيلي و تحد من حركة سياسييه و قادته العسكريين وذلك بوضعهم تحت طائلة الاستهداف من قبل المحاكم الدولية ذات الصلة. ان اتخاذ قرار ملزم في هذا الشأن يبقى رهين ضغط الشارع الفلسطيني و المقاومة من جهة و قرار سياسي شجاع من قبل السلطة الفلسطينية مع تجاهل الضغوط التي ستسلط عليها من قبل الغرب عموما و من قبل الادارة الامريكية خصوصا من جهة اخرى. ان على السلطة الفلسطينية استغلال حالة الارباك الاسرائيلي و تعالي و تعاظم اصوات احرار العالم في كل البلدان و تنامي عدد الامريكيين المحتجين و الغاضبين على السياسة الاسرائيلية الوحشية في غزة، و الرافضين للسياسات الامريكية الداعمة لإسرائيل. انها اشارة واضحة من قبل هؤلاء على انه ليس من المقبول ان تتحمل امريكا اخطاء اسرائيل اكثر، و ليس من العدل ان تتمادى في الانحياز الى الطرف الاسرائيلي و الوقوف الى صفه دون وجه حق، وإضفاء نوع من الشرعية على سياساته المغلوطة و اعتداءاته المتكررة على الشعب و الارض الفلسطينيين.