بداية أعتذر للقراء الأعزاء عن عنوان مقالي والذي أخجل منه ، لكن حقيقة ستشاركونني الخجل حين تعرفون قصته وتجدونه هو أنسب العناوين .. فكما جمعتنا الغربة والشوق والحنين الموجع للوطن ، جمعتنا الصدفة حتى أصبحنا إحدى عشرة سيدة ، فكان منا الطبيبة والمهندسة والإعلامية والمعلمة والسياسية والمحاسبة والعضوة بالمنظمات الدولية والحاصلة على الدراسات العليا من أرقى جامعات العالم ، بسرعة تعارفنا كعادة المصريين الجميلة ، وبدون أن نشعر وجدنا أنفسنا نتحدث عن المرأة المصرية التي لا نعرفها ، نعم تلك التي يقدمها إعلامنا للداخل والخارج بإصرارعجيب يصيبنا بالذهول لدرجة تدعونا كي نتبرأ منها . المصرية تجدها على شاشاتنا في البرامج والأفلام راقصة ماجنة جاهلة صوتها عال مفترية شرشوحة ( أعتذر عن اللفظ ثانية ) غير مهندمة فاقدة للحياء وغيرها من صفات تشعرنا بالخزي أمام أنفسنا ، فما بالنا أمام الأخرين والأخريات من الجنسيات العربية والأجنبية ، لدرجة أن إحدى النكات الشهيرة تصف جميع نساء العرب بالجمال والخفة والدلع وعند المصرية يصفونها ( بالمفترية مايقدر عليها إلا ربنا ) !! والعجب أن هُيء لبعض الجنسيات الأخرى أن الشرشحة ( مزيد من الاعتذار ) جزء أصيل من الثقافة المصرية !! ولاتنسى صديقتي المهندسة كيف أن إحدى صديقاتها العربيات طلبت منها أن تشرشح لها ( أواصل الاعتذار )على الطريقة المصرية كنوع من الترفيه في الجلسة وتعجبت حين استنكرت صديقتي الطلب . والحقيقة لم أصب أنا بالاندهاش كباقي السيدات وأنا أستحضر في ذهني صور العديد من الإعلاميات على فضائياتنا وهن يمارسن قبحا لفظيا مصحوبا بلغة جسد تثير الغثيان وصوت عال منفر تجعل المشاهد يفر باحثا عن شاشة أكثر هدوءا واحتراما وأناقة في اللفظ والتناول ، وأتساءل لماذا هذا التشويه المتعمد تارة وغير المتعمد تارة أخرى ؟ لماذا تقدم صاحبة العبارة الشهيرة ( شت أب يور ماوس أوباما ) على أنها النموذج المطور للمرآة المصرية ، فتحتفي بها كافة البرامج لدرجة ان تحل ضيفة على العديد من المنتديات الإعلامية والثقافية الدولية خارج مصر !! وهي تتباهى بكل فخر أنها حاصلة على دبلوم " بنين " !! والحقيقة أنا أثق في ذكاء القارئ الذي يدرك أني لا أقلل من شأن تلك السيدة التي عبرت عن مشاعرها بصورة تلقائية تجاه الرئيس الأمريكي ، لكني أرفض أن تكون تلك هي الصورة المثلى التي يجب أن تصدر للعالم . هل مطلوب منا الآن تذكير أنفسنا بمقولة الإمام الشافعي حين قال " من أراد أن يتزوج كل النساء فليتزوج مصرية " ؟ أم نكرر ما حفظناه عن ظهر قلب عن تاريخنا النسائي ؟! إذن إليكم هذا الدرس في مادة التاريخ والذي يبدأ من نفرتيتي وحتشبسوت وشجرة الدر وفاطمة إسماعيل وسميرة موسى وعائشة عبد الرحمن وملك حفني ناصف وصفية زغلول وهدى شعراوي ونبوية موسى ولطيفة الزيات وسهير القلماوي وفايدة كامل ورتيبة الحفني وسلوى حجازي وأم كلثوم وألفت السباعي وسكينة فؤاد وروز اليوسف وعائشة التيمورية وعلية الجعار وزهيرة عابدين وهبة قطب .. وغيرهن ممن يفخر بهن الوطن . وهنا أتذكر الفنان السوري دريد لحام حين زار القاهرة لأول مرة تعجب من قسوتنا وتشويهنا لأنفسنا حين قال " بسبب إعلامكم وأفلامكم توقعت أن مصر كلها ملاه ليلية وخمارات وبين كل خمارة وأخرى توجد خمارة ، وأن نساءكم عاريات في الشوارع وإذ بي أفاجأ بكم المحجبات " !! كما لن أنسى يوما عاد ابني فيه من المدرسة باكيا لأن أحد زملائه سبه قائلا " يا ابن المصرية " ولما سألنا علمنا أن هذه السبة تعني " يا ابن الرقاصة " . إذن أيها السادة ليهنأ أعداؤنا فنحن أشد قسوة على أنفسنا ، وقادرون على تشويه صورتنا بعبقرية مدهشة غير مسبوقة ، أما والمرأة المصرية التي رغم فواجع الأيام مازالت تزرع وتحصد وتنجب وتربي وتعلم وتعمل ، وهي الخطوة الأولى نحو المعرفة وضحكة الحياة المخبأة ، وهي البرد والسلام والدفء والحنان ، والمتعبة الصامتة في آن واحد ، على جبينها نضع تاج الاحترام .. أيتها الغالية الغائبة في فضائياتنا ، الحاضرة في قلب الوطن وفجر الحياة ، نفخر بك ولا نفخر بإعلام عليه أن يصمت طويلا .