حذر الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف نظيره السوري بشار الأسد من " مصير محزن " إذا لم يبدأ حوارا مع المعارضة ويباشر بالإصلاحات في سورية . وقال ميدفيديف في مقابلة تلقزيونية الخميس: "وفقا للاتصالات الخاصة والرسائل التي بعثت بها الى الرئيس السوري، فإنني أرى ضرورة البدء فورا بتنفيذ الإصلاحات والتصالح مع المعارضة واستئناف السلام المدني وإنشاء دولة عصرية".وأضاف: "إذا لم يستطع الأسد فعل ذلك ، فسوف ينتظره مصير محزن وسنضطر في النهاية إلى اتخاذ إجراءات معينة". ولم يقارن الرئيس الروسي بشكل مباشر بين الأوضاع في سورية وليبيا، ولكنه قال: "إن الوضع في سورية صعب وسقوط أعداد كبيرة من القتلى يثير قلقا بالغا في روسيا " . ويعد هذا التصريح الأقوى من نوعه الذي يصدر عن الكرملين في حق الرئيس السوري ونظامه والذي ُتخير فيه موسكو الأسد بين الحوار مع المعارضة ومباشرة الإصلاحات وبين مواجهة مصير محزن ربما مثلما حدث مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك , والرئيس التونسي زين العابدين علي , واللافت في هذا التصريح أن ميدفيديف أشار إلى أن " بلاده ستضطر في نهاية المطاف إلى اتخاذ إجراءات معينة "، وهذا ربما يعد حسب مراقبين بداية تحول في الموقف الروسي الداعم للأسد ونظامه . وُيذكر أن روسيا وافقت الأربعاء على بيان رئاسي لمجلس الأمن الدولي يدين العنف في سورية على استحياء بعد مفاوضات مطولة في الأممالمتحدة رفضت خلالها موسكو استصدار قرار إدانة للأسد وممارسات أجهزته الأمنية في حق الشعب السوري . وكان سيرجي فرشينين مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الروسية اعتبر قبل يومين أن مرحلة جديدة بدأت في منطقة الشرق الأوسط، تتسم بحدوث تغيرات جذرية وعميقة في المنظومة السياسية والاجتماعية السائدة، مؤكدا أن عمليات التغيير التي بدأت لم تنته بعد . وشدد على قلق بلاده من استمرار العنف في سورية وطالب النظام السوري بسرعة بدء الإصلاحات والحوار مع المعارضة . ونفى فرشينين أن تمثل قاعدة طرطوس التي تستخدم كمحطة لتموين الأسطول العسكري البحري الروسي أي تأثير على تحديد سياسات روسيا تجاه الوضع في سورية , ولكن الدبلوماسي الروسي أكد أن بلاده تعترض على فرض عقوبات على سورية لأنها من وجهة نظره ستؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية في سورية , كما أنه كرر رفض موسكو للتدخل الخارجي وتكرار السيناريو الليبي في سورية . غير أن ميخائيل مارجيلوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشئون الإفريقية انتقد بشدة النظام السوري على التنكيل الدموي بالمتظاهرين ، معربا عن قناعته بأن القيادة السورية فضلت شن حرب ضد المدنيين بدلا من إجراء الإصلاحات . وكان رئيس الوزراء الروسي ، الرجل القوي في روسيا ، فلاديمير بوتين قد نفى في باريس الشهر الماضي وجود علاقات روسية خاصة مع سورية ، غير مستبعد مناقشة الأزمة السورية في الأممالمتحدة . ويرى مراقبون أن الموقف الجديد للرئيس الروسي دميتري ميدفيديف تجاه نظيره السوري بشار الأسد يمثل عامل ضغط كبير على النظام السوري الذي يعتمد بشكل واضح على دعم دول مثل روسيا والصين والهند في منع اتخاذ قرار قوي من مجلس الأمن الدولي ضد العنف المستخدم في حق المتظاهرين , ويبدو أن موسكو ، بتحذير ميدفيديف لبشار ، تحاول التعلم من أخطاء مواقفها السابقة أثناء الثورة المصرية والثورة الليبية . كما يبدو أن موسكو تتحرك ببطء لتصحيح مواقفها من الثورات العربية بعد حرق العلم الروسي في بعض المدن السورية . غير أن سيرجي فرشينين مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الروسية ينفى وجود مزاج شعبي عربي غاضب من روسيا ومواقفها المساندة للقذافي وبشار الأسد ، مشيرا إلى لقاءات أجراها ممثلو الخارجية الروسية مع ممثلي ائتلافات شباب ثورة 25 يناير وحزب العدالة والحرية ( المنبثق عن الإخوان المسلمين ) في القاهرة، وحوارات بين السفارة الروسية في دمشق وممثلي المعارضة السورية في الداخل , ومع ذلك لا يجب استبعاد استمرار التردد الروسي في اتخاذ موقف حاسم من بشار الأسد ونظامه نتيجة لحسابات داخلية روسية تتعلق بقرب الانتخابات الرئاسية ( مارس 2012 ) ، ونتيجة لحسابات دولية تتعلق بمصالح روسيا مع بعض الأنظمة العربية .