فاجأ الدكتور على لطفى - رئيس الوزراء الأسبق -"المشهد" بقوله إن "الخصخصة مصطلح سئ السمعة"، رغم أنه كان من أوائل الداعين لها، وأبرز المدافعين عنها نظريًا وعمليًا. وقال لطفى خلال حواره معنا إن النظام السابق استخدم الخصخصة كهدف وليس وسيلة، مشيرًا إلى أن الشركات بيعت بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، لكنه شدّد على أن عودة الأمن إلى الشارع وتحقيق الاستقرار السياسى من أهم الشروط لتجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة.. وفيما يلى نص الحوار: ما تقييمك للوضع الاقتصادى الحالى؟ الوضع الاقتصادى خطير وهناك أزمات عديدة منها: عجز ميزان المدفوعات، وزيادة عجز الموازنة العامة للدولة، فضلاً عن ارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة وتآكل احتياطى النقد الأجنبى فى ظل خفض التصنيف الائتمانى لمصر من قِبَل المؤسسات الدولية وانخفاض معدل النمو إلى 1.5%. هناك من يعتقد أن الثورة مسؤولة عن الانهيار الاقتصادى؟ الثورة ليست مسؤولة عن الأزمات التى حلت بالاقتصاد المصرى، ولكن تداعيتها كالانفلات الأمنى والمطالب الفئوية أدت إلى هروب السياح والاستثمار الأجنبى وعوقت عجلة الإنتاج. و ما الحل للخروج من هذه الأزمات؟ يجب توافر عناصر إنقاذ ضرورية أبرزها عودة الأمن للشارع مرة أخرى وسرعة تحقيق الاستقرار السياسى والانتهاء من إعداد الدستور وانتخاب رئيس جمهورية، فضلاً عن اتباع بعض السياسات الاقتصادية دون المساس بمحدودى الدخل، ومن ذلك اتباع نظام الضريبة التصاعدية بخضوع شرائح معينة للضريبة بحيث لا تزيد عن 30%، حتى لا تكون طاردة للاستثمار مع زيادة الحد الأدنى للأجور المعفية من ضريبة كسب العمل، ووضع حد أقصى وعادل للأجور بالإضافة إلى منح حوافز للممولين لتحصيل المتأخرات الضريبية وتعديل قانون الضريبة العقارية بحيث يطبق خلال العام الجارى وليس عام 2013 كما هو مقرر. فى نظرك ما هى أفضل الطرق لتحقيق العدالة الاجتماعية؟ تحويل بعض الاعتمادات إلى أوجه إنفاق أخرى بما يحقق العدالة الاجتماعية فمثلاً؛ الحكومة خصصت 4 مليارات جنيه لتطوير طريق "مصر الإسكندرية الصحراوى" ليصبح طريقًا حرًا على الرغم من أنه يمكن توجيه هذا المبلغ للقضاء على مشكلة العشوائيات ووقف التعديات على الأراضى الزراعية. و كيف يمكن تغطية عجز الموازنة العامة للدولة؟ من خلال إلغاء دعم الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة، مثل الحديد والصلب والسيراميك والأسمنت وهو القرار الذى أؤيد الجنزورى على اتخاذه، هذا بجانب رفع أسعار بنزين 95 و 92 مع الإبقاء على أسعار بنزين 90 و 80 حتى لاترتفع أسعار الخضر والفاكهة، وفرض رسوم جمركية عالية على السلع الكمالية المستوردة ولو لفترة محدودة تتراوح بين عام أو اثنين واتباع السياسات التقشفية فى قطاع الأعمال العام. ما تقييمك لأداء الدكتور كمال الجنزورى ؟ الدكتور الجنزورى بدأ بالفعل فى تنفيذ بعض سياسات الإصلاح الاقتصادى ومازالت لديه الفرصة لتطبيق باقى الإصلاحات. الخصخصة كانت من أسباب الإطاحة بنظام الحكم، فهل مازلت ترى فيها حلاً للوضع فى مصر ؟ الخصخصة أصبحت تعبيرًا سئ السمعة، لاقترانه ببيع شركات قطاع الأعمال العام بأقل من أسعارها وهذا غير مقبول، والواجب كان أن نستخدمها كوسيلة لرفع كفاءة الاقتصاد القومى وليس كهدف فى ذاته، فهناك الكثير من المشروعات القومية التى تحقق خسائر وبالتالى إلحاق الضرر بالميزانية العامة للدولة علاوة على أن شركات قطاع الأعمال العام تتميز بأنها ملكية شائعة، لا أحد يعرف مالكًا محددًا لها وهو ما أدى إلى التبذير فى الإنفاق والعمالة الزائدة. إذن؛ ما أسباب طعن الحكومة على أحكام القضاء الإدارى الخاصة ببطلان بيع عدد من الشركات؟ لأن الحكومة ستلتزم، فى حالة عودة هذه الشركات إليها، برد المبالغ التى دفعها المستثمرون وهو أمر صعب فى ظل الأزمة الاقتصادية، كما أن بطلان تعاقدات مصر مع المستثمرين الأجانب فى إطار هذا التوجه سيؤثر بصورة سلبية للغاية على مستقبل الاقتصاد المصرى خصوصًا بعد بطلان عقود شركات بيعت منذ حوالى 20 عامًا مثل المراجل البخارية، كما أنه من الممكن أن يلجأ بعض المستثمرين إلى التحكيم الدولى مما يكلف الموازنة العامة مبالغ هائلة كغرامات قد تفرضها المحكمة الدولية. سياسيًا؛ ما توقعاتك لتحالفات مجلس الشعب بعد سيطرة التيارات الإسلامية على معظم مقاعده؟ سيكون هناك ثلاث كتل هى "الأخوان المسلمون" يليها السلفيون، ثم تحالف باقى الأحزاب حتى يشكلوا قوة أمام التيار الإسلامى، وأَستبعد وقوع تصادم بين الكتل الثلاث، لأن الجماعات الإسلامية كانت محظورة وهدفها هو الوصول للسلطة، وهو ما تحقق ولن يضيعوا هذه الفرصة بتشددهم الدينى أو السياسي، ومن الناحية الاقتصادية لن يغير الإسلاميون شيئًا، وتصريحات بعضهم عن إلغاء السياحة مثلا ما هى إلا شذوذاً عن القاعدة العامة التى تتبعها التيارات الإسلامية. (العدد الأول 22 يناير 2012)