كشفت معلومات حصلت عليها "المشهد" تورط رجل الأعمال وأمين تنظيم الحزب الوطني المنحل، والمحبوس حاليا "أحمد عز" في إستيراد نفايات كيماوية ونووية لصالح شركة حديد عز، على أساس أنها حديد خردة، ودخلت البلاد دون علم جهات الرقابة والأمان النووى.. وأفادت معلومات عن قيام شركة مجموعة "جي آي سي" "شركة وكالة الخليج المحدودة" للشحن البحري وتموين السفن والخدمات اللوجيستية التابعة لها بعملية مناولة لشحنة ضخمة من باخرة قادمة من سنغافورة الى باخرة شحن أخرى في طريقها الى ميناء العين السخنة، عبر ميناء جبل على.. وحسب معلومات شركة "جي آي سي" فإن الشحنة عبارة عن وحدة نووية وملحقاتها، تم مناولتها لصالح شركة حديد عز على أساس أنها حديد خردة لاعادة صهرها في أفران الشركة، وتم اعادة شحن الشحنة من باخرة الى أخرى في ميناء جبل على الذي تديره شركة موانئ دبي العالمية، على أن يعاد الشحن الى ميناء العين السخنة الذي تديره "موانئ دبي العالمية". وتشير تفسيرات الخبراء الى أن صور الشحنة توضح بأنه عبارة من الوارد أن يكون وعاء ضغط لمفاعل ماء مضغوط ، أو ربما يكون لمفاعل كيماوي، بينما تشير معلومات الشركة الرسمية على موقعها الالكتروني أنه قامت بتحميل جزء من مفاعل نووي، ويحذر الخبراء من خطورة الأمر، وضرورة فتح تحقيق حول الملف لمعرفة الحقيقة. وقد جرت عملية المناولة في ميناء جبل على في شهر سبتمبر من عام 2010، واعتبرت شركة "جي آي سي" عملية المناولة إنجازًا لضخامة الشحنة التي تصل الى ألف طن، عبارة عن وحدة نووية يصل وزنها إلى 745 طنًا متريًا، إضافة إلى ملحقات المحطة بوزن 245 طنًا متريًا من مكونات مختلفة. وشملت الشحنة رافعتين من طراز "رابر تايرد جانتي" تم شحنها على السفينة نفسها، لتواصل طريقهما إلى محطة "دي بي ترمينال" في مدينة تاراجون الإسبانية، بعد عملية إنزال المفاعل وملحقاتها في ميناء العين السخنة، وبينت شركة "جي آي سي"بأنه تحميل كل شىء بسهولة ويسر وكفاءة عالية للغاية.. وقالت الشركة إنه قد نجح فريق العمل في مجموعة "جي آي سي" للشحن البحري وتموين السفن والخدمات اللوجيستية التابعة لها والتي تتخذ من دبي مقراً لها، في رفع وتحميل إحدى وحدات مفاعل نووى يصل وزنها إلى 745 طنًا متريًا على سفينة شحن في ميناء جبل علي في دبي. وأضافت الشركة أن هذه العملية الصعبة استغرقت قرابة الساعتين في عملية المناولة، ولكنها كانت جزءاً من التحديات التي نجح فريق عمل "جي آي سي" في التغلب عليها خلال عمليته الناجحة لتحميل أكثر من ألف طن متري على هذه السفينة. ولفتت الى أنه وبالتعاون الوثيق بين فريق المجموعة وسلطات الميناء في جبل علي والوكيل البحري للسفينة، تمكنت "جي آي سي" من تحميل المفاعل فضلاً عن 245 طن متري من مكوناته في طريقه إلى ميناء العين السخنة في مصر، إلى جانب رافعتين من طراز "رابر تايرد جانتي" في طريقهما إلى "دي بي ترمينال" في مدينة تاراجون الإسبانية. وحول ملابسات الشحنة بينت شركة "جي آي سي" بأن مهتمها تنحصر في عملية توفير الخدمات البحرية، وتقديم الأعمال اللوجستية للوكيل البحري والسفينة، وتنحصر المسئولية في عملية المناولة، دون أي مسئولية، عن محتويات الشحنة، في الوقت الذي تتخذ في الشركة كل إجراءات السلامة وتوفير كل عناصر الأمن لحماية العاملين من أى مخاطر.. وأشارت إلى أن الشحن مغلف وتم اتخاذ كل احتياطات السلامة خلال عمليات المناولة، وهناك جهات رسمية أخرى، تندرج تحت سلطاتها المهام الأخرى، بما في ذلك التفتيش، والرقابة. وبيّن متحدث رسمي باسم موانئ دبي العالمية ل "المشهد" أن مهام موانئ دبي في جبل علي والعين السخنة، تنحصر في كونها مشغلًا للمحطات البحرية، بينما تقع المسئولية في الأمور الأخرى، على السلطات الأمنية والجمركية، بما في ذلك مهام اتخاذ معايير السلامة، التي تحكم عبور سلع ومواد خطيرة على دول أخرى. وأكد المتحدث نفسه أن الرقابة على المواد النووية، أو الملوثة نوويا ليس من مهام المشغل للميناء في جبل على أو في العين السخنة لا علاقة لموانئ دبي العالمية، أي مسئولية، ومثل هذه الأسئلة توجهها الى جهات الأمن والجمارك، وهي الجهات التي تتعاون معنا كمشغلين.. وتفيد المعلومات حول صفقة الاستيراد بن الصفقة جاءت في أعقاب زيادة نفوذ "أحمد عز"، حيث تمت الصفقة في سرية عالية، ودخول "ألف طن" مما اعتبره الخبراء نفايات نووية، قد تكون من من مفاعل أسترالي "مكهن" قبل تاريخ دخول الى مصر بشهور، وتم اختيار توقيت دخول الصفقة عقب نتائج انتخابات مجلس الشعب في نهاية العام 2010، والتي سيطر فيها الحزب الوطني المنحل على مجلس الشعب في أكبر عملية تزوير شهدتها البلاد، وكان بطلها أحمد عز.. وفسر خبراء بأن عملية الاستيراد تمت وفق مخطط دقيق من جانب مرتكبي تفاصيل الصفقة، واذا ما ثبتت وجود مخاطر حولها ستدخل في نطاق الجرائم الدولية، ووفق تخطيط محكم، باتخاذ كل الاحتياطات اللازمة، لمواجهة أي محاولات لفضح الجريمة، من خلال السيطرة على مجلس الشعب، ومواجهة أي تساؤلات في الجهات البرلمانية. وأكد مصدر مسئول في الرقابة النووية عدم علمه بالصفقة، لافتا إلى أن عملية الاستيراد ستفتح تحقيقا دوليا، ستكون الهيئة الدولية للطاقة النووية طرفا فيه، في ضوء الكشف عن نوعية المفاعل، خاصة أن استيراد مفاعل نووي وملحقاته لأي غرض يتطلب إجراءات أمنية دولية، عالية الدقة. وأشار الى أن استيراد "تهريب" شحن بهذا الحجم "ألف طن" حتما أنها تمت بطرق ملتوية، وبعيدة عن الرقابة النووية، والتي لو كان لديها علم كان سيكون لها موقف رافض، وبالتالي فإن الصفقة تمت تحت شكل من أشكال الفساد والرشوة.
مخاوف مشروعة إلى ذلك قال الدكتور سامر مخيمر، الرئيس السابق لمفاعل أنشاص"إن ثبوت عملية استيراد الوحدة النووية وملحقاتها، ستكون بمثابة أكبر عملية دفن لنفايات نووية، ولكن هذه المرة تمت في منازل المصريين، وتوزع هذا الحجم من الحديد المشبوه والملوث فى مئات المنازل والمشروعات.. ودعا إلى ضرورة فتح هذه الملف وبصورة سريعة لمعرفة مسار الشحنة، وأين ذهبت هذه الكمية من حديد المفاعل المشبوه، لافتا إلى أن في حالة ثبوت عملية إدخال وحدة نووية على أنها حديد خردة ستمثل جريمة، وبتواطؤ من جهات ووزارات مسئولة في هذا التوقيت، مشيرا الى أن الإشعاع يمتد لعشرات بل مئات السنين. وقال دكتور سامر: "صحيح توجد أجهزة كشف إشعاعي في الموانئ والمطارات البحرية والجوية والبرية، ولكنها موجودة نظريا، لأن هناك فسادًا ورشاوى، لتمرير الشحنات، بغض النظر عن خطورتها، ولا يمكن أن نقول إنها انتهت بعد ثورة 25 يناير، إلا بعد أن نتعرف على أركان عملية تهريب هذا المفاعل، وملحقاتها والذي يزن حوالي ألف طن، ثم يعاد صهره وتصنيعه كحديد تسليح، ليتم دفنه في منازلنا. وأشار إلى أن هناك العديد من الحوادث التي جرت في السنوات الماضية، والتي تؤكد حدوث أركان مثل هذه الجريمة، لافتا الى أن هناك أربع حوادث نووية في مصر من الدرجة الثالثة، مبينًا أن استيراد هذه النوعية من النفايات النووية تتم عبر صفقات بملايين الدولارات. وقال: "إن استيراد هذا الحجم الذي يصل الى ألف طن من لمفاعل تتم من خلال وسطاء، وغالبا ما تقوم الدولة التي تتخلص من هذه النفايات بدفع مبالغ طائلة للتخلص من تلك النفايات ودفنها خارج أرضيها، وهو ما يرجح أن تكون العملية برمتها واحدة من اكبر عمليات الفساد التي جرت في العهد السابق. من جانبه يرى الدكتور محمد النشائى، أستاذ علوم الفيزياء، أن الحديث حول صفقة من هذا النوع ليس بالأمر السهل، ويجب التدقيق في كل المعلومات، لافتا الى ان مصر في هذا المرحلة مستهدفة، وهناك من يريد أن يخرّب البلاد، نظرا لكون مصر أكبر دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي. وقال: "يجب التأكد من كل المعلومات، فربما يكون الاستيراد قد تم لصالح البلد، وبعلم من أجهزة استخباراتية، ولأغراض قد تكون مهمة للدولة. وذكر مسئول في هيئة الامان النووي أنه في الأشهر الأخيرة وتحديدا الربع الأخير من عام 2010 لم يدخل مصر بشكل رسمي وحدات نووية كخردة، ولكن هذا لاينفي إمكانية دخول الوحدة النووية الى البلاد، خاصة أن أحمد عز في هذا التوقيت كان له نفوذ غير عادي في مصر، ومن المجموعة الصغيرة جدا التي كانت تحكم وتسيّر أمور البلاد. وتوقع المسئول، الذي رفض طلب عدم ذكر اسمه، ربما تكون الوحدة المستوردة وملحقاتها جزءًا من مفاعل أسترالي تم تكهينه قبل تاريخ عملية الاستيراد، وهو معروف بمفاعل "هابي تري" وتم تكهينه قبل ثلاث سنوات، والبدء في إجراءات تفكيكه، لافتا الى أن هناك دولًا أخرى مثل كوريا وأندونسيا، واليابان، تخلصت من نفايات نووية، ولكن ليس بهذا الحجم. ورجّح أن تكون الشحنة وعاء ضغط لمفاعل ماء مضغوط، مبينا أن هذا التوقع تفسير واقعي بنسبة كبيرة لصور الشحنة، والأسطوانه الرئيسية التي غالبا يصل قطرها الى 10 أمتار، وبسماكة 20 سنتيمترًا من الحديد، لافتا الى أن وزن الغطار لا يقل عن 370 طنا، تضاف إليه أوزان أخرى، بخلاف المواسير والمحلقات الأخرى. وبيّن أن هناك تشابهًا كبيرًا بين المفاعلات النووية والكيماوية، ولكن في كل الأحوال، يصبح الحسم في الأمر دخول أطراف رسمية لتحقق في كشف ملابسات هذا المفاعل ومن أي نوع، وبيان مدى خطورته. ولفت الى أن عملية نقل مفاعل بهذا الحجم تتطلب إجراءات وطرق خاصة، متسائلا عن الكيفية التي تم بها نقل المفاعل الى موقع التقطيع والصهر، مؤكدا أن هذه التساؤلات محورية في التحقيق حول مسار المفاعل، حتى نطمئن الناس والعاملين في المصانع والمناطق والمواقع التي مر عليها المفاعل. (العدد الأول 22 يناير 2012)