عبرت ليبيا أمس بسلام أزمة المظاهرات التي انطلقت عقب صلاة الجمعة فى كافة أنحاء المدن من ألاف المواطنين مطالبين بعدم التمديد للمؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان)، والذي كان من المفترض أن تنتهي مدته أمس الجمعة، وخشى الجميع أن تعيد التظاهرات الفوضى والإنفلات الأمني مرة أخرى إلي البلاد، ولكن مرت بسلام لم يتوقعه إلا القليل. وكان المؤتمر الوطني العام الليبي قد انتخب عام 2012، وكان من المفترض أن تنتهي ولايته في السابع من فبراير. وقد خرجت مظاهرات في معظم المدن الليبي، لاسيما بنغازي وطرابلس تحت شعار "لا للتمديد" بسبب عدم تحقيق المؤتمر مطالب الليبيين خلال فترة ولايته، إضافة إلى عدم تمكنه من صياغة دستور تمهيدا لانتخابات برلمانية ورئاسية، وتعثر حل المشاكل الأمنية والسياسية في البلاد. واتفق بعض السياسيين والمراقبين على أن المؤتمر اتخذ قراره بالتمديد لنفسه حتى نهاية هذا العام، تفاديا لأي فراغ سياسي متوقع، لكن يؤخذ على هذا القرار أنه لا يستند إلى نص دستوري صريح لأن المادة (30) من الإعلان الدستوري لا تنص صراحة بأحقية التمديد، مشيرين إلى أن هناك مأخذا آخر يتعلق بعدم استناد قرار التمديد للمؤتمر الوطني إلى قاعدة شعبية، مما يعني من وجهة نظر المعارضين للتمديد أنه يفتقد إلى المشروعية التي تبرره متجاوزا السلطات الممنوحة له من الشعب. وأوضحوا أن مخاوف بعض القوى السياسية من احتكار المؤتمر الوطني للسلطة، وهو ما تعتبره شبيها بسياسة التوريث، لاسيما وأن الأحزاب والتيارات الإسلامية هي التي تسيطر على المؤتمر، ويقال إنها الداعم الأكبر لقرار التمديد باعتبار أن المؤتمر هو الجسم السياسي الوحيد المنتخب في ليبيا الجديدة. وفي السياق ذاته، أعلن 12 عضوا من المؤتمر الوطني الليبي استقالتهم بعد التظاهرات الكبيرة التي عمت معظم المدن في ليبيا رفضا لتمديد ولاية المؤتمر، حيث ملأ المحتجون، الذين كانوا يلوحون بأعلام ليبيا ويرددون هتافات تعارض تمديد ولاية البرلمان، ساحة الشهداء في العاصمة طرابلس والساحة الرئيسية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا. ويشعر كثير من الليبيين بأن المؤتمر الوطني العام لم يحرز تقدما في ظل حالة الاستقطاب بين تحالف القوى الوطنية القومي، وحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة "الإخوان" التي تؤثر على إنجاز أي شيء بالبلاد. وفي السياق ذاته، قال زيدان، في مؤتمر صحفي، "إن الحكومة تحت أمرة وإرادة الشعب.. وما يطلبه سنقوم به أي كان هذا الطلب، موضحا أن مهمة الحكومة الآن حفظ الأمن وتوفير الخدمات وضمان مسار الدولة على المستوى الداخلي والخارجي بكيفية غير مرتبكة وبكيفية تحقق ما تصبو إليه، داعيا الموطنين إلى التعاون مع أجهزة الدولة من الجيش والشرطة وكافة المتطوعين لتنظيم الأمور بسلاسة". وأضاف "أن كل ما وجد في الدولة بإرادة الشعب، وكل ما ينبغي أن يستمر سيستمر بإرادة الشعب، ولكن ينبغي بالإقناع والحوار وروح التسامح والسلم لأن العنف لن يأتي بخير، مطالبا الجميع بالتحلي بروح المسؤولية، وأن يكونوا على مستوى ما أنجزته ثورة 17 فبراير من إنجازات عظيمة". ومن جانبها، أكدت جماعة أنصار الشريعة ببنغازي، في بيان لها، أنها لم تشارك في تظاهرة أمس وتقف موقف الحياد من الحراك الذي تشهده عدة مدن ليبية، ولا تدعم المؤتمر ولا تقف ضده، مشيرة في نفس الوقت إلى أن هناك مجموعة من عملاء جهات خارجية تسعى لتعميم الفوضى في البلاد، لافتة إلى أن ما يشهده الشارع الليبي هو صراع على السلطة، وأن عدم دخولها في معترك الصراع السياسي لا يعني تخليها عن مسئوليتها في الحفاظ على أموال المسلمين وممتلكاتهم وأعراضهم. وبدوره، دعا الدكتور عوض الصادق عضو المؤتمر الوطني العام عن منطقة "الواحات"، الشعب الليبي إلى عدم الرضوخ لأي دعوات أو تهديدات قد ترسم ملامح دكتاتورية جديدة، لافتا إلى أن المؤتمر الوطني العام منوط به مهام، وليس محددا بتاريخ معين، مضيفا أن حراك المطالبة بإسقاط المؤتمر يقابله في الاتجاه الأخر تأييد واسع لعمل مؤسسات الدولة الشرعية، وأن خطوات المؤتمر دستورية وليست شكلية. وأوضح أن المؤتمر يعمل لاعتماد خطتين (أ) و(ب)، الأولى تنهي عمل المؤتمر شهر أكتوبر القادم بعد تشكيل الجسم الدستوري، والثانية وهي في أسوأ الحالات أن تنتهي أعماله فى شهر ديسمبر ليستلم مؤتمر جديد المرحلة، داعيا الشعب الليبي إلى عدم الرضوخ لأية دعوات أو تهديدات أو ضغوطات مزيفة، قد ترسم ملامح دكتاتورية جديدة يتم فرضها بالقوة على حد قوله. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن على الساحة الداخلية الليبية هو هل يستطيع المؤتمر الوطني العام الليبي أن ينجز استحقاقات انتخابات لجنة "الستين" لكتابة الدستور والاستفتاء عليه الفترة المقبلة، أم يفشل مرة أخرى في خارطة الطريق الذي وافق عليها ورفضها ألاف المتظاهرين من المواطنين الليبيين أمس.