بدا القلق على أفراد الشرطة العسكرية منذ الصباح الباكر، فراحت سيارات الأمن الحربي والإنشاءات الهندسية بالقوات المسلحة تنقل الحواجز الحديدية ولفائف الأسلاك الشائكة تمهيدًا لإقامة حواجز تحول بين الثوار والوصول لمقر وزارة الدفاع بكوبرى القبة، واستطاعت بالفعل إقامة أولها بمدخل شارع الخليفة المأمون من جهة ميدان العباسية وذلك فى الحادية عشرة والربع فى غضون خمسة عشرة دقيقة فقط. جمعة الرئيس أولا بشارع الخليفة المأمون لم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الأخبار التي أتت بقدوم مسيرة من ثوار التحرير للعباسية جعلت أفراد الشرطة العسكرية الذين أدوا الصلاة بمسجد الوزارة يخرجون مهرولين للحاق بزملائهم داخل المدرعات لاتخاذ مواقعهم خلف الحواجز السلكية الشائكة بالأرجاء كافة . بعد صلاة الجمعة بخمس دقائق أغلقت الشرطة العسكرية شتى الطرق من وإلى الوزارة ونشرت رجالها فى مختلف الأرجاء وأغلقت شارع جسر السويس من الجانبين والطريق المؤدى لصلاح سالم، واكتفت فقط بتكليف أوتوبيسات الجيش بنقل المواطنين من كوبرى القبة إلى مدخل بوابة مستشفى عين شمس التخصصي والعكس. الثوار يفترشون الشارع على مقربة من قوات الشرطة العسكرية دب القلق فى نفوس أفراد الجيش بعد رؤية المئات من طلبة الجامعة الذين تجمعوا فى بداية شارع الخليفة المأمون من ناحية ميدان العباسية، ينددون بالمجلس العسكري، ويطالبون بإعدام المشير طنطاوي والفريق سامى عنان رئيس الأركان واللواء حمدي بدين قائد قوات الشرطة العسكرية، الذى جاء ليتابع سير المظاهرات من فوق كوبرى المشاة المواجه لبوابة جامعة عين شمس الرئيسية، وجاءت الهتافات "ياطنطاوى قالك ايه.. قبل ما يمشى سعادة البيه"، "سامع أم شهيد بتنادى.. مين هيجيبلى حق ولادى"، "حمدى بدين ياحمدى بدين.. ليلتك سودا وزى الطين". كما انتشر مصوروا الأحداث التابعين للجيش والتليفزيون المصري وعدد من الجرائد فوق كوبرى المشاة لتسجيل الأحداث لحظة بلحظة ومتابعة سير التظاهرات. الثوار يطالبون بإسقاط المجلس العسكري وفى هذه الأثناء التحمت بثوار الخليفة المأمون عدة مسيرات، أولها من حدائق القبة وميدان التحرير ومصر الجديدة، مما زاد من عدد الثوار وألهب حماسهم فى الهتاف والإصرار على البقاء والاستمرار فى التنديد بحكم المجلس العسكري. الثوار ينظمون الصفوف أمام قوات الشرطة العسكرية أما أهالى العباسية فقد ظهروا منذ بداية المظاهرات معلنين تأييدهم المطلق لمطالب الثوار، ومؤكدين أنهم لم ولن يقفوا بأي حال من الأحوال فى وجه أمهات الشهداء والمصابين وأصحاب الحقوق، واستقبلوا الجميع ب "أهلا آهلا بالثوار"، "عباسية.. ثورية". ولم يتفق المتظاهرون حتى الآن حول الاعتصام أو العودة لميدان التحرير والتجمع بداخله إلا أن مطالبهم تمثلت فى الإقالة الفورية للنائب العام الذى وصفوه ب "المتواطئ"، ورفض مهلة الأسبوع التى طلبها عدد من أعضاء مجلس الشعب لتحقيق مطالبهم، والتشديد على سحب الثقة من البرلمان الذى وصفوه بالسلطة الشرعية الوحيدة إذا لم يحقق رغبات الشارع.