واجه البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي شبح الانهيار بسبب خبر كاذب نشرته صحيفة حكومية أمس الأول. الخبر نشرته الصحيفة على صفحتها الأولى، يزعم أن البنك لجأ إلى السحب على المكشوف من ودائع مودعيه من صغار المزارعين؛ لمواجهة الموقف الخطير الذي يهدده، وسداد التزاماته ومصروفاته التي تصل إلى نحو1,837 مليار جنيه سنويا، حسب نص الخبر. وأضاف المحرر أن "مذكرة للجمعية العمومية غير العادية للبنك تم توجيهها للرئيس عدلي منصور، عن أن ما يتعرض له البنك حاليا يمثل كارثة حقيقية قد تنتهي بسحب المزارعين وعملاء البنك ودائعهم، وأن الجمعية العمومية للبنك تنظر حاليا في إيقاف نشاطه". وهو ما يعد معلومات خاطئة تماما وكان من الممكن أن تؤدي انهيار البنك وإفلاسه. وواصل المحرر – في الصحيفة الحكومية – معلوماته المغلوطة: "ذكرت مصادر ل ...... أن مجلس إدارة البنك سوف يعقد اجتماعا طارئا خلال ساعات، لبحث تداعيات تعثر البنك، بعد أن تجاوزت خسائره 3,5 مليار جنيه".. الأمر الذي لم يحدث على الإطلاق. أثار الخبر الكاذب الذي نشرته الصحيفة "الثلاثاء" 23 أكتوبر الحالي مخاوف العملاء؛ فتجمع عشرات الآلاف أمام المقر الرئيسي للبنك، والفروع المنتشرة بكافة المحافظات والأقاليم مطالبين باسترداد أموالهم وودائعهم؛ مما هدد بانهيار البنك خلال ساعات. سارع بنك التنمية، فورا، لنفي خبر لجوئه إلى السحب على المكشوف من ودائع العملاء لسداد التزاماته ومصروفاته، واصفا الخبر نفسه بأنه عار تماماً عن الصحة، وأنه يسيء إلى المؤسسته التي تعمل على خدمة الفلاح المصري في كافة ربوع مصر ما يضر بسمعته والقطاع المصرفي به. وقال رئيس مجلس إدارة البنك، إن البنك وحده هو الجهة المنوط بها إصدار مثل تلك التصريحات فيما يخص موقفه المالي أو تعاملاته مع عملائه، مشيرًا الى أن البنك يقدم خدماته للمزارعين في الريف والحضر من خلال 1210 فروع منتشرة في كافة محافظات مصر، مشيرًا إلى أن ذلك دوره الرئيسي لخدمة سياسات وتوجيهات الدولة في توفير منتجات زراعية منخفضة التكلفة. وأكد اهتمام البنك بالإسهام في سد الفجوة الغذائية الموجودة حاليًا، بتوفير تمويل للقروض الزراعية للمزارعين بفائدة 5,5%، مشيرًا ألى أن البنك لم ولن يلجأ إلى ودائع العملاء لتدبير التزاماته، وأن البنك يمتلك شبكة من الأصول العقارية والأراضي والمخازن قيمتها السوقية تزيد عن 17,5 مليار جنيه، وهي تعد ضمانة كافية تعطي الثقة لكافة العملاء. كما أوضح رئيس مجلس الإدارة أن الأصل في حماية أموال المودعين وتغطيتها يكفله البنك المركزي المصري، على مستوى كافة البنوك العاملة بالقطاع المصرفي بمصر، من خلال فرض نسبة الاحتياطى الإلزامي على البنوك. وأشار إلى أن البنك لديه فائض سيولة يتم استثمارها في أذون الخزانة وسندات الحكومة تقدر بأكثر من 4 مليار جنيه، بالإضافة إلى استثمارات في شركات تقدر بأكثر من 2 مليار جنيه، فضلاً عن مستحقات البنك لدى وزارة المالية والتي تقدر بحوالي 2 مليار جنيه. كما صرح أيضاً بأن البنك يقوم حالياً بإقراض بعض البنوك وهو الأمر الذى يؤكد على توافر السيولة لديه ليتم استثمارها فى البنوك الأخرى وليس العكس، وأن عائد محفظة القروض وحده يقدر بأكثر من 2 مليار جنيه، مما يغطى الالتزامات والمصروفات الخاصة بمرتبات العاملين بالبنك والتي تقدر بحوالي 1,837 مليار جنيه. ونفى رئيس مجلس الإدارة، أن يكون البنك دعا لعقد اجتماع للجمعية العمومية أو قدم أي مذكرة للمستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية في هذا الشأن، مطالباً كافة وسائل الإعلام بتحري الدقة في النشر. وإزاء غضب مجلس الإدارة والموظفين ونجاحهم في تهدئة مخاوف العملاء، واحتجاجهم الشديد؛ لجأت الصحيفة إلى نشر خبر لعلاج الموقف. ونص الخبر على أنه "في استنفار حكومي لمساندة بنك التنمية والائتمان الزراعي، واسترداد مستحقاته، تم الاتفاق بين وزارتي الزراعة والمالية علي جدولة ديون الحكومة للبنك، والثابتة بموجب شهادات من البنك المركزي بقيمة 1,75 مليار جنيه.. وتشمل الدفعة الأولى وفقا لقرار المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء مبلغ 120 مليون جنيه للبنك الزراعي، لضمان استمراره في العمل، بصفته البنك الخدمي الأول للمزارعين.. وأعلن الدكتور أيمن أبوحديد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي في تصريحات ل "......." تراجع خسائر البنك الزراعي في السنة المالية الحالية لتصل إلى 29 مليون جنيه فقط، مقارنة ب 350 مليون جنيه في السنة المالية الماضية، بنسبة تراجع 92% على الأقل، مشيرا إلى أن البنك في طريقه إلى تحقيق الربح في السنة المالية الجديدة، خاصة مع بدء استرداد مستحقاته لدى وزارة المالية. وقال الوزير: إن موقف البنك الزراعي قوي وآمن, حيث يمتلك أصولا تبلغ 4 ملايين متر مربع من أراضي البناء تتجاوز قيمتها 17,5 مليار جنيه، كما تبلغ أصول شركة البنك الزراعي للتنمية نحو5 مليارات جنيه قيمة الأراضي والمشروعات الزراعية التابعة للبنك الزراعي بعد تعثر أصحابها في سداد المستحقات. وأوضح أن البنك الزراعي ليس مدينا لأي بنك في مصر. وأوضح أبوحديد أن البنك تقدم باستراتيجية للحكومة تنفذ على مدى 3 سنوات لمعالجة تعثر البنك نهائيا وتحويله إلى المسار الصحيح، وصولا في النهاية إلى تحقيق أرباح تبلغ 650 مليون جنيه في عام 2016، وذلك من خلال تهيئة بيئة العمل بتعيين كفاءات مصرفية وزيادة الإيرادات وتخفيض المصروفات". وهذه الصياغة تعتبر تصويبا للخبر الأول لكنها لا تكفي لعلاج الخطأ من جذوره؛ حيث إن أي معلومة مغلوطة أو حتى غير دقيقة تؤدي إلى خسارة فادحة للاقتصاد بأكمله.