تقدم حزب النور ذو التوجه السلفي، في الانتخابات البرلمانية وحصوله على المركز الثاني، لا يبدو كافيا للحزب كي يصل للحكومة خاصة أن مواقفهفي قضايا شائكة مثل الدولة المدنية تسبب له عزلة سياسية، في رأي الخبراء. وقال التليفزيون الألماني "دويتش فيله:أن مركز حزب النور المتقدم انتخابيا لا يبدو أنه سيمنحه فرصة الوصول إلى الحكومة، بل "يرجح أن يكون معزولا سياسيا" كما يقول الخبير المصري، الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية في حوار لموقع دويتشه فيله. وأوضح اللباد أن مواقف حزب النور من مسألة الدولة المدنية، تثير"حفيظة مختلف التيارات السياسية المصرية، بما حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين" مرجحا أن يتشكل تحالف بين حزبي "الحرية والعدالة" و"الوفد" الليبرالي يستبعد حزب النور الذي يتجه للعب دور "المزايدة السياسية" على حزب الحرية والعدالة بهدف إحراجه أمام قواعده الانتخابية. ومن جهته أكد محمد نور المتحدث باسم حزب النور السلفي :أن حزبه "يشترط أن يكون رئيس الدولة مسلما وأن يكون ذكرا"، أما بشان ملف العلاقات بين مصر وإسرائيل، فإن نور لم يبد اعتراضا مبدئيا على معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل، لكنه أكد رفض حزبه الاعتراف بدولة إسرائيل. موقف حزب النور ذو التوجه السلفي من ديانة رئيس الجمهورية بأن يكون مسلما واشتراطه أن يكون ذكرا، يطرح برأي المحللين إشكالية حول فكرة الحزب عن الدولة المدنية نفسها. ففي مسألة شروط الرئاسة يقول محمد نور المتحدث باسم حزب النور "منصب الرئيس يعادل الولاية العظمى، ونرى أن الولاية العظمى لا تجوز لغير المسلم". وقال نور: "من الأفضل وضع مادة في الدستور تنص على أن يكون الرئيس مسلم" وقلل نورمن مخاوف الأقليات وخصوصا الأقباط مؤكدا أنهم مرحبون بهذا لأنهم عانوا في السنوات السابقة من أن ما يكتب غير ما ينفذ على الأرض، وبالتالي فالأفضل أن تكون حقوقهم واضحة ومحددة". واستنادا لمرجعيته السلفية، يذهب حزب النور إلى استبعاد حق المرأة في تولي رئاسة الجمهورية. وردا على سؤال حول ما إذا كان الحزب سيقترح إضافة شرط الذكورة للرئاسة، يقول المتحدث باسم الحزب: "القانون الحالي يفتح باب الترشح لأي شخص، لكن هذا القانون لا يتناسب مع مرجعيتنا الفكرية التي نحاول من خلال العمل والممارسة السياسية إقناع الآخرين به، وهو أن الولاية العظمى لا تجوز لامرأة أو غير المسلم". وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت مواقف حزب النور السلفي بشأن اشتراطه للديانة الإسلامية والذكورة للمرشح لرئاسة الجمهورية، يبرهن على معارضته لفكرة الدولة المدنية وسعيه لإقامة دولة دينية في مصر، يرى المحلل السياسي الدكتور مصطفى اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية في القاهرة، أن "مفاهيم الحداثة والدولة المدنية غائبة عن اطروحات حزب النور النظرية ومن مواقف قياداته". موضحا أن تصريحات الحزب بشأن مسألتي الديانة الإسلامية والذكورة كشرط لتولي رئاسة الجمهورية " تثير تحفظ مختلف التيارات السياسية في مصر، دون استثناء، بما فيها حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين". لكن الخبير المصري يرى أن حصول حزب النور على حوالي 20 % من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي تعلن نتائجها بعد أسبوع، "لا تؤهله لفرض اطروحاته على الآخرين". ورغم احتلاله للمركز الثاني في الانتخابات فإن المرجح أن يكون"معزولا" في البرلمان بسبب مواقفه من الدولة المدنية والقضايا الإقليمية، التي تؤشر إلى "افتقاد الحزب إلى الخبرة والحنكة السياسية"، كما يقول اللباد. وفى رده على سؤال حول موقف حزب النور من معاهدة السلام الموقعة بين البلدين، قال محمد نور"هناك اتفاقية سلام بيننا وبين هذا الكيان. هذه الاتفاقية لها العديد من الأبعاد. فأولاً هناك الكثير من البنود الغامضة التي لم يطلع عليها الشعب المصري. ثانياً الاتفاقية ليست اتفاقية سلام فقط بل لها شق اقتصادي وهو أمر ليس مفهوم بالنسبة لنا" وأضاف أن ما يطالب به حزبه "هو الإفصاح عن كل بنود الاتفاقية وعرضها على الشعب المصري لنكشف هل هي اتفاقية عادلة بالنسبة لنا في مصر أم لا. لأنه من الظلم الشديد أن تقول لا أن جزء من الاتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة. وتربط مثل هذا الشأن الاقتصادي بمسألة كالسلام أو الحرب". بيد أن موقف الحزب غير الرافض مبدئيا لمعاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، يقابله موقف رافض للاعتراف بإسرائيل كدولة، حيث قال محمد نورإذا كانت الدولة المصرية معترفة بإسرائيل"فأنا كحزب ليس مطلوب منى الاعتراف بها". وفي تحليله لموقف حزب النور الذي لا يرفض مبدئيا معاهدة السلام بينما يرفض الاعتراف بإسرائيل، والحال أن المعاهدة تتضمن في بنودها اعترافا بالدولة الإسرائيلية وبحدودها مع مصر، يرى الخبير المصري الدكتور مصطفى اللباد أن موقف الحزب السلفي ينطوي على "تناقض واضح". وقال اللباد أن هنالك "خطوط حمر إقليمية" تراعيها كل الأحزاب المصرية، ويعلمها حزب النور أيضا، لكنه (الحزب) يقع في تناقض يظهر"افتقاد حزب النور لرؤية لسياسة مصر الإقليمية والخارجية في المرحلة المقبلة". ويفسر اللباد التضارب في موقف الحزب بمحاولته"طمأنة الغرب من ناحية. ومن ناحية ثانية، الحرص على عدم خسارته قادته الانتخابية". وبأنه يفتقد"للخبرة والخلفية السياسية لإدارة قضايا هامة وحساسة لأمن مصر القومي مثل العلاقة مع إسرائيل ودول المنطقة وإدارة السياسة الخارجية لمصر".