ذكرت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها بوقف تنفيذ "اختبار كشف العذرية على من يتم اعتقالهن في أحداث المظاهرات والاعتصام"، وذلك في الدعوى التي أقامتها "سميرة إبراهيم"، والمعروفة بواقعة "كشف العذرية"؛ أن الجهة الإدارية تقدمت بدفعين، تمثل الأول في انتفاء القرار الإداري بحجة عدم صدور قرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بفحص كشف العذرية للإناث المحتجزات والمعتقلات بمعرفة القوات المسلحة. وقالت المحكمة إن الثابت من تقرير منظمة العفو الدولية بتاريخ 27\6\2011؛ أن اللواء عبد الفتاح السيسي - عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة - ناقش مع أمين عام المنظمة مسألة كشف العذرية، وذكر أن تلك الفحوص أجريت للمعتقلات في مارس الماضي؛ من أجل حماية أفراد الجيش من مزاعم اغتصاب محتملة، كما تضمن التقرير المشار إليه أن رئيس المخابرات العسكرية وعد منظمة العفو الدولية بأن الجيش سيتوقف عن إجراء تلك الفحوصات. وأشارت المحكمة إلى أن جهة الإدارة لم تجحد ما جاء بالتقرير المشار إليه، ومن ثم فإن القوات المسلحة أقرت الفحص المشار إليه على بعض الإناث، وأن إجراء ذلك الفحص هو تنفيذ لقرار إداري بإخضاع المحتجزات للفحص المشار إليه، ولم تقدم جهة الإدارة ما يثبت إلغاء أو سحب القرار، الأمر الذي يتعين معه رفض هذا الدفع. وتمثل الدفع الثاني المقدم من جهة الإدارة، أنها دفعت بانتفاء الصفة وشرط المصلحة، ورأت المحكمة في ذلك أن أي شخص من حقه مقاومة انتهاك الحقوق والحريات الشخصية. وأشارت المحكمة في حيثياتها إلى أن قرار إجراء فحوصات كشف العذرية على المحتجزات عارٍٍ تمامًا من القانون، لافتةً إلى أن قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 66 أوجب تنفيذ عقوبات المدنيين في السجون المدنية، وأن المشرع حدد في القانون رقم 365 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون معاملة المحبوسين احتياطيًا والمسجونين؛ ولم تتضمن أحكام القانون أو اللائحة أي مواد تقر بتفتيش النساء أو الكشف عليهم طبيًا، وإجراء ما يسمى بكشف العذرية. وذكرت المحكمة أن الدستور المصري يقر بحق الإنسان وكرامته، وأكدت على أن الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان -والتي انضمت إليها مصر ووقعت عليها وأصبحت أحكامها نافذة في مصر- تؤكد على ضرورة احترام الإنسان والحفاظ على حريته. وأشارت المحكمة إلى أن المادتين 7 و10 من اتفاقية الأممالمتحدة للحقوق المدنية والسياسية أقرت بعدم جواز إخضاع أي فرد للتعذيب. وقالت المحكمة في حكمها؛ إن المادة 53 من الإعلان الدستوري قد وضحت وظيفة القوات المسلحة، ونصت على أنها تتمثل في حماية البلاد وحماية أراضيها، وهي وظيفة تختلف عن تلك المسندة إلى هيئة الشرطة لهيئة مدنية، تقوم على تنفيذ القوانين وحفظ الأمن الداخلي. وأضافت المحكمة أنه إذا كانت الظروف بعد ثورة الشعب في 25 يناير وتقاعس الشرطة وعجزها قد اضطرت القوات المسلحة إلى التدخل؛ للقيام ببعض أعمال الشرطة المتمثلة في حفظ النظام والأمن الداخلي، ومنها أعمال تندرج ضمن مفهوم الضبط الإداري؛ فإن الواجب على القوات المسلحة عند مباشرة تلك الأعمال أن تلتزم أحكام القانون ولا تتجاوز حدوده في التعامل مع المواطنين، وإلا شاب قراراتها البطلان. واستعرض الحكم تقريرًا عن أحداث فض القوات المسلحة لاعتصام المتظاهرين في ميدان التحرير في مارس الماضي، وما حدث من إخضاع القوات المسلحة لبعض المتظاهرات للكشف بحجة حماية أفراد القوات المسلحة من مزاعم اغتصاب محتملة، ولما كان هذا السلوك لا سند له، ويخالف مواد الدستور، ويمثل انتهاكًا لجسد الإناث، واعتداء على كرامتهم؛ فلا يجوز للقوات المسلحة في سبيل حماية أفرادها من إدعاء أن تلجأ إلى أعمال مخالفة للدستور والقانون، وتفضح بها الأعراض الواجب سترها، كما أنه ينطوي على إذلال متعمد؛ تنتهك به الحرمات، وإهانة مقصودة للمشاركات في المظاهرات ، ورأت أن الدعوة المقامة مكتملة الأركان، ومن ثَمَّ صدر حكمها بقبولها شكلًا، وفي الموضوع بوقف تنفيذ القرار الصادر من القوات المسلحة، والذي يقضي بتوقيع ما يسمى بفحوصات كشف العذرية على المحتجزات. #