بزغت شمس اليوم بميدان التحرير لتغلفه بالهدوء، الذى افتقده الميدان منذ يومين بعد ليلة غدت كسابقتها من حيث المواجهات وعمليات الكر والفر بين المعتصمين وقوات الأمن، التي خلفت عددا من الضحايا، فضلا عن الإصابات المتزايدة. واستمرت المواجهات قائمة حتى الثالثة فجر اليوم، حيث ألقى الشيخ مظهر شاهين -خطيب الثورة- بيانا من المسجد أكد فيه أنه تم الاتفاق من خلال اجتماع عدد من قيادات الجيش والداخلية مع مجموعة من شباب المعتصمين على ثلاث بنود تمثلت في التأكيد على حق الشباب في الاعتصام السلمي بميدان التحرير وعليهم الالتزام بالسلمية، وصدور أوامر لقوات الأمن بوقف إطلاق قنابل الغاز والطلقات المطاطية والخرطوش على المتظاهرين وخروجهم خارج حيز ميدان التحرير، كما تضمن الاتفاق دعوة الشباب إلى عمل لجان شعبية على مداخل ومخارج الميدان تمنع دخول البلطجية إلى الميدان. وقام شاهين ومجموعة من المعتصمين بعمل منطقة فاصلة بين قوات الأمن والمعتصمين في شارع محمد محمود لمنع الاشتباك بينهم. ورغم توقف قوات الأمن عن إطلاق قنابل الغاز والطلقات المطاطية والخرطوش، إلا أن مجموعة من الشباب ظلوا يهاجمونها بالحجارة، وسرعان ما تدخلت لجنة شعبية لتدراك الموقف واقنعت الشباب بالعودة إلى الميدان. وشهدت الساعات الماضية إحباط المعتصمين بالميدان محاولة سرقة مقتنيات الجامعة الأمريكية من قبل مجموعة من البلطجية، الذين تسللوا إلى ميدان التحرير، وألقت اللجان الشعبية القبض عليهم وتم تجريدهم من كل المسروقات، التي شملت جهاز كمبيوتر "لاب توب" ومجموعة من الملابس وعددا من الأجهزة الإلكترونية، وسرعان ما تم إعادتها إلى أفراد الأمن المكلفين بحراسة الجامعة، وأطلق المعتصمون سراح اللصوص بعدما أشبعوهم ضربا دون تسليمهم إلى الشرطة نظرا لتأزم الأوضاع معهم. وكان تحرك قوات الأمن المركزي والشرطة العسكرية في الخامسة مساء أمس في محاولة ثانية لإخلاء الميدان بالقوة أثار غضب المتظاهرين وأعاد المواجهات مجدداً، ليدخلوا في مواجهات أعنف حتى منصف الليل سقط خلالها عدد من المتظاهرين وتسببت في إصابة أعداد كبيرة. وساهم كذلك في توافد المئات للانضمام إلى المتظاهرين بميدان التحرير، مرددين هتافات تطالب بتسليم السلطة وتندد بموقف الجيش والداخلية من المعتصمين بالميدان. وحضر الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل -المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية- في الحادية عشر مساء، واسقبله الشباب المعتصمون بهتافات منددة بموقفه من الاعتصام بالميدان في جمعة "المطلب الوحيد"، وطالب بعضهم برحيله من الميدان، إلا أن مناصريه التفوا حوله وتداركو الموقف، وألقى أبو إسماعيل كلمة اعتذر لهم فيها عن موقفه السابق من الاعتصام وأخبرهم بأنه أخطأ التقدير في ذلك، وناشدهم بأن يحشدوا أقرباءهم وأصدقاءهم وذويهم إلى الاعتصام بالميدان، قائلا: إن المجلس العسكري أساء التصرف خلال هذه الفترة واستغلها أسوأ استغلال. وفي الثانية عشر من منتصف الليل اشتدت المواجهات بين قوات الأمن والمعتصمين بشكل مبالغ فيه، وشهدت الشوارع المحيطة بالميدان وعلى رأسها شارع محمد محمود -أحد الطرق المؤدية إلى وزارة الداخلية- هجوما عنيفا من قِبل قوات الأمن على المتظاهرين، استخدمت فيه أعدادا كبيرة من القنابل المسيلة للدموع والطلقات المطاطية والخرطوش، الأمر الذي أسفر عن وقوع عدد من القتلى والجرحى، وأدى أيضا إلى نقل مقر المستشفى الميداني الذي أعده مجموعة من الشباب والأطباء على مقربة من شارع محمد محمود إلى مسجد عمر مكرم بعد استهدافه من قبل قوات الأمن بالقنابل المسيلة للدموع واختناق عدد كبير من الأطباء والمرضى، وتزايدت بعدها الإصابات بشكل لافت.