أكد المستشار محمد حامد الجمل رئيس -مجلس الدولة الأسبق- أنه مما لا شك فيه أن الانتدابات تؤثر على القاضى، ومن يقل غير ذلك فكلامه غير منطقى، لأن الوزير يكون على علاقة مباشرة بالقاضى، مضيفًا نكون غير مطمئنين إلى قضائهم -حتى لو افتراضنا أن القضاء ملائكة ولن يتأثروا- فإن عملية الندب فى حد ذاتها تؤدى إلى الحرج بين الوزير والقاضى المنتدب لديه، لأنه يراقب قراره أمام المحكمة. غير أن هذه المرة ليست انتدابات فقط، لكنها تجاوزت ذلك إلى حد المساس بالنزاهة حين يكون هناك مخالفة للقانون فى مقابل الحصول على المال. تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات يفضح جرائم اعتداء وانتهاكات لحرمة المال العام شارك فيها مستشارون منوط بهم صيانة المال العام فى صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاعين العام والخاص. التقرير الصادر عن الإدارة المركزية الثانية لمراقبة الحسابات يشير إلى مشاركة المستشارين أحمد يوسف شلبى نائب رئيس مجلس الدولة والمستشار أحمد أمين حسان فى لجان اللائحة المالية والاستثمارات والشئون القانونية، وهى اللجان التى رصد فيها تقرير المحاسبات العديد من المخالفات من بينها صرف حوافز وبدلات دون سند قانونى ودون وجود أعمال تستحق هذه الحوافز والأكثر من ذلك عدم إخطار المستشارين مجلس الدولة بما يحصلون عليه من بدلات وحوافز ومكافآت للخصم الضريبى. أشار التقرير فى أولى المخالفات إلى أن اللجان المشاركين فى عضويتها كانت تقترح لنفسها صرف حوافز بالصافى خالص من الضرائب بالمخالفة لأحكام القانون 91 لسنة 2005، بالإضافة إلى تكرار اشتراكهم فى هذه اللجان وحصولهم على الحوافز من صندوق قطاع الأعمال والصندوق الحكومى وليس من صندوق واحد فقط. وأشار التقرير إلى أن المستشار أسامة يوسف يحصل على 48500 ألف جنيه ويحصل المستشار أحمد أمين حسان على 15500 ألف جنيه، بالإضافة إلى أن الأخير ذكرت العديد من التقارير الصادرة عن الجهاز من قبل أنه منتدب فى أكثر من خمس جهات من بينها وزارة الإسكان والمرافق. كما أنه تم صرف حوافز ومبالغ عن لجان لم يحضروها ومنها لجان الدعاوى الدستورية والتى يشكلها الوزير بغرض الدعاوى الدستورية المرفوعة ضد الصندوق، حيث ذكر التقرير أن المستشار أسامة يوسف شلبى الذى يعمل فى وظيفة مستشار الوزير حصل على 5000 ألف جنيه كبدل حضور اللجنة، رغما عن أنه ليس عضوا حتى لا يوجد أي سند قانونى فى تحديد قيمة الحافز الذى تقرر صرفه له ولباقى أعضاء اللجنة. المثير أن قد تقرر صرف مبالغ بالآلاف رغم أن الأحكام صدرت فى سنوات سابقة وحتى دعوى أخيرة فإن الحكم الصادر فيها صدر أول السنة المالية، مما يؤكد تداولها خلال العام السابق، كما لاحظ الجهاز صرف بدل الحضور لجميع أعضاء اللجنة عن عدد الجلسات التى تعقد شهريا بالمخالفة للوائح. وكشف التقرير، أن كشوف الصرف تضمن أسماء المستشارين دون أن يكونوا قد شاركوا فى هذه اللجان ومنها مكافأة 1000 جنيه للمستشار أحمد أمين حسان عن لجنة الاستثمار، وذلك عن شهرى يوليو وأغسطس للعام 2010 علما بأن المذكور تم إضافته للجنة بقرار الوزير فى شهر أكتوبر. ولاحظ التقرير أيضا أنه يتم صرف مبالغ لممثلى مجلس الدولة بوزارة المالية دون وجود أية سند قانونى منها مبالغ تقدر ب2500 جنيه و1350 جنيها و8600 جنيه دون سند قانونى كل ذلك رغما عن صرف بدل حضور جلسات لم يستدل له على سند قانونى يؤيد الصرف بجانب صرف مبالغ عن حضور جلسات لجان تطوير المعاشات التى تضم في عضويتها المستشار احمد أمين حسان 2000 جنيه لكل عضو وعددهم 11 عضوا ومع ذلك فإن إذن الصرف بلغ 24000 جنيه مما يعنى أن هناك مبلغ 2000 جنيه تم صرفه بدون موجب قانونى. وذكر التقرير أن اللجان التى يشارك فيها هذان المستشاران وهي لجنتا الشئون القانونية والاستثمارات مازالت تجتمع أسبوعيا وقد تضمن القرار اختصاصات اللجنة ومنها متابعة الدعاوى الدستورية الخاصة بقوانين التأمين الاجتماعى وإعداد مذكرات الدفاع ومتابعة أعضاء الإدارات القانونية لدى مباشرتهم لهذه الدعاوى. ويلاحظ للتقرير أنه يتم صرف حوافز لبعض أعضاء اللجان دون بيان الأعمال التى تمت واستحقت الحافز ومن بينها 57960 عن شهرى سبتمبر وأكتوبر 2010 ومبالغ 43120 عن شهرى نوفمبر وديسمبر 2011 للشئون القانونية وبالنسبة لمتابعة الاستثمار فإنه تم صرف 43680 جنيها وهما أعضاء فى هاتين اللجنتين. والأغرب من كل ذلك أن المستشارين لا يبلغون مجلس الدولة بما يتم صرفه من بدلات وحوافز حتى يتمكن هؤلاء الممثلون ضريبيا على أساس سليم وهو ما يعنى وجود تهرب ضريبى.