أكدت مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية في مقال لها أن معمر القذافي الذي لقي مصرعه منذ أيام تنبأ في القمة العربية عام 2008 بأن ينتهي إلى ما وصل إليه على وقع ما جرى في المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة. وأشارت المجلة في مقال لمحمد بازي الباحث والمحلل البارز في الدراسات الشرق أوسطية بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إلى ما وصفه بنبوءة القذافي والتي تعرض لها في خطابه في القمة العربية في مارس عام 2008، حيث استنكر خلال اجتماع الزعماء العرب عدم اتخاذ أي موقف من إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وفي كلمته قال القذافي؛ "بلاد عربية بالكامل تقتل وتشنق بالمشانق ونحن نتفرج". وأكمل القذافي بصوته الهادر؛ "بكرة الدور جاي عليكم كلكم". وضحك من بالقاعة، ومنهم الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان يضحك بشدة. وتابع القذافي؛ "أنتم أصدقاء أمريكا، لا.. بل نحن أصدقاء أمريكا.. قد توافق امريكا علي شنقنا في يوم ما ". وهنا ضجت القاعة بمزيد من الضحك على كلام القذافي وقتها لكن الآن هم لا يضحكون، بحسب قول بازي، بل يعيشون في حالة من الرعب. أضاف الكاتب: وموت القذافي يعني نهاية حقبة زعماء القومية العربية الأقوياء الذين كانوا في بداية الأمر رجالاً عسكريين من أسر فقيرة ركبوا موجة المشاعر الثورية التي اجتاحت الشرق الأوسط في الستينيات والسبعينيات وكان ملهمهم في ذلك الضابط المصري ذا الكاريزما - وقتها - جمال عبد الناصر الذي أطاح بالملك فاروق المدعوم من بريطانيا. فبعد عبد الناصر جسد صدام وحافظ الأسد والقذافي الحقبة الجديدة من الإصلاحات الشعبية. وسرد بازي تاريخ القذافي منذ طفولته حيث نشأ في صحراء سرت وقضى سنوات المراهقة الأولى يستمع إلى إذاعة "صوت العرب" ويحفظ خطب عبد الناصر حتى ألهمته الخطب للقيام بانقلاب ضد الملك إدريس وهو لا يزال نقيبًا في الأكاديمية العسكرية الليبية لا يتعدى عمره 27 عاما. وفي البداية جلب الانقلاب الازدهار إلى الليبيين، فقد أجبر شركات النفط الأجنبية على التخلي عن أغلبية حصصها في حقول النفط وتسليم حصص أكبر من الأرباح، واتبع زعماء آخرون في المنطقةمنهج القذافي نفسه، إذ استطاع صدام حسين استعادة أصول النفط العراقي، ومع ارتفاع أسعار النفط بدأ استغلال الأموال لتطوير العراق وتوزيع الأراضي على المزارعين وميكنة الإنتاج الزراعي حتى أصبح العراق واحدا من أغنى الدول العربية. وبالطريقة نفسها بنى القذافي المدارس والمساكن والمستشفيات والطرق، وقاد حملة لتوسيع التعليم المجاني والرعاية الصحية وغيرها من الإصلاحات الخاصة بالصناعات الجديدة. وللأسف نسى القذافي الديمقراطية وصور نفسه على أنه الفيلسوف نصير الشعب واستبدل الحكومة المركزية باللجان الشعبية، وظل يلعب على مصطلح "الجماهيرية". ولسوء حظه وسوء حظ ليبيا خان القذافي الثوري ثورة بلده، تماما كأبناء جيله، وبوفاته ينتقل عبء التطلعات العربية ليصبح على كاهل الثوار. كلمة القذافي امام القمة العربية في دمشق عام 2008 كلمة القذافي امام القمة العربية