البنك المركزي الصيني يخفض الفائدة على عمليات إعادة الشراء العكسية 20 نقطة أساس    الوضع كارثى، تصريح خطير لوزير الصحة اللبنانى    أمريكا: لا ندعم التصعيد بين إسرائيل وحزب الله ولدينا أفكار لمنع اندلاع حرب أوسع    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 24-9- 2024 والقنوات الناقلة لها    وكيل ميكالي: الأرقام المنتشرة عن رواتب جهازه الفني غير صحيحة    التحقيقات: لا شبهة جنائية في حريق شركة بمصر الجديدة    توقعات طقس اليوم.. حار رطب مع شبورة صباحية ورياح معتدلة على مناطق متفرقة    إجراء عاجل من مستشفيات لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي    آخر تحديث ل سعر سبيكة الذهب ال10 جرامات في مصر    مصر للطيران تعلق رحلاتها إلى لبنان: تفاصيل وتداعيات الأحداث الجارية    نجيب ساويرس: ترامب وكامالا هاريس ليسا الأفضل للمنطقة العربية    اليوم.. الجنايات تستكمل محاكمة متهمي داعش كرداسة الثانية    مصرع شخص في حريق منزله بمنطقة الموسكي    30 قيراط ألماظ.. أحمد سعد يكشف قيمة مسروقات «فرح ابن بسمة وهبة» (فيديو)    مدين ل عمرو مصطفى: «مكالمتك ليا تثبت إنك كبير»    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    «الباجوري» بعد تصوير «البحث عن علا 2» في فرنسا: لم أخشَ المقارنة مع «Emily in Paris»    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    جامعة العريش تُعلن عن وظائف جديدة.. تعرف عليها    الرئيس الإيراني يكشف أسباب تأخر الرد الفوري على اغتيال هنية    برج الجدي.. حظك اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024: تلتقي بشخص مثير للاهتمام    مؤسسة محمد حسنين هيكل تحتفل بميلاد «الأستاذ».. وتكرّم 18 صحفيا    قنصل السعودية بالإسكندرية: تعاون وثيق مع مصر في 3 مجالات- صور    شركة مياه الشرب بقنا ترد على الشائعات: «جميع العينات سليمة»    موعد صرف الدعم السكني لشهر سبتمبر    الجزائر تدعو إلى إطلاق مسار جدي لإعادة التوازن المفقود في منظومة العلاقات الدولية    جيش الاحتلال الإسرائيلي: صفارات الإنذار تدوى جنوب وشرق حيفا    السيطرة على حريق باستراحة تمريض بسوهاج دون إصابات    بلاغ جديد ضد كروان مشاكل لقيامه ببث الرعب في نفوس المواطنين    جسر جوي وبري لنقل المساعدات والوقود من العراق إلى لبنان    الأمين العام الجديد لمجمع البحوث الإسلامية يوجه رسالة للإمام الطيب    «سجل الآن» فتح باب التقديم على وظائف بنك مصر 2024 (تفاصيل)    أسامة عرابي: مباريات القمة مليئة بالضغوط ونسبة فوز الأهلي 70%    مروان حمدي يكشف كيف ساعده الراحل إيهاب جلال في دراسته    موتسيبي: زيادة مكافآت الأندية من المسابقات الإفريقية تغلق باب الفساد    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    "لم أقلل منه".. أحمد بلال يوضح حقيقة الإساءة للزمالك قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    الصحة اللبنانية: ارتفاع شهداء الغارات الإسرائيلية إلى 492 والمصابين إلى 1645    أحمد سعد: اتسرق مني 30 قيراط ألماظ في إيطاليا (فيديو)    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بطريق أبو غالب في الجيزة    هل منع فتوح من السفر مع الزمالك إلى السعودية؟ (الأولمبية تجيب)    فرنسا تدعو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي حول لبنان    وزير الأوقاف يستقبل شيخ الطريقة الرضوانية بحضور مصطفى بكري (تفاصيل)    تأثير القراءة على تنمية الفرد والمجتمع    الفوائد الصحية لممارسة الرياضة بانتظام    الآن رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والشهادات الفنية (استعلم مجانا)    حتحوت يكشف رسائل محمود الخطيب للاعبي الأهلي قبل السوبر الإفريقي    محارب الصهاينة والإنجليز .. شيخ المجاهدين محمد مهدي عاكف في ذكرى رحيله    ارتفاع حصيلة مصابي حادث أسانسير فيصل ل5 سودانيين    أحمد موسى يناشد النائب العام بالتحقيق مع مروجي شائعات مياه أسوان    طريقة عمل الأرز باللبن، لتحلية مسائية غير مكلفة    جامعة عين شمس تستهل العام الدراسي الجديد بمهرجان لاستقبال الطلاب الجدد والقدامى    في إطار مبادرة (خُلُقٌ عَظِيمٌ).. إقبال كثيف على واعظات الأوقاف بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغضب من الرأسمالية
نشر في المشهد يوم 23 - 10 - 2011

انطلقت في الفترة الأخيرة العديد من التظاهرات حول العالم لتندد بجشع الشركات الكبرى شملت الكثير من المدن حول العالم من شرقه إلى غربه. كان الدافع وراءها سوء الأوضاع الاقتصادية العالمية وتدهور المستوى الاقتصادي للكثير من العمال، الذين عانوا من فقدان وظائفهم أو تقليل رواتبهم أو خسارة أموالهم أثناء الأزمة المالية التي عصفت باقتصادات العديد من الدول الرأسمالية.
لقد صب ملايين المتظاهرين جل غضبهم على مخرجات النظام الرأسمالي المتمثلة في بروز طبقة السوبر أغنياء والشركات الكبرى التي استطاعت تحقيق أرباح كبيرة من دون أن يصل جزء من تلك الأرباح إلى العاملين فيها، بل تقاسمها كبار الرؤساء والمديرين التنفيذيين لتك الشركات، بينما يتأثر العامل العادي بسياسات تدعي مثل تلك الشركات بضرورة التقشف فيها. أولئك الغاضبون على الرأسمالية هم ذاتهم أيضاً الغاضبون على العولمة بجانبها الاقتصادي، الذين دائماً ما نراهم يتظاهرون أمام القمم الدولية التي تنعقد للدول الاقتصادية الكبرى في العالم.
والحقيقة هنا أن من يتظاهرون ضد الرأسمالية يعيشون في دول تقوم على أسس الليبرالية في الأساس ومعظمهم من الدول الغربية. فالتظاهر ضد الرأسمالية لا يعني أنه غضب على الرأسمالية في حد ذاتها وإنما هو غضب على الليبرالية لأن الرأسمالية هى أحد منتجات الليبرالية. فإذا كان المواطن الغربي قد سلم في حقه في العيش بطريقة حرة سياسياً واجتماعياً فكيف لا يمكن له أن يقبل بالعيش في الحرية الاقتصادية أيضاً. ما يحدث في العالم الغربي من غضب ضد الشركات الكبرى موجه - سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد - إلى النظام الليبرالي المعمول به هناك، لأن الرأسمالية ما كانت لتبرز لولا الليبرالية، وما يمكن أن تنتعش إلا في نظام ليبرالي.
بمعنى أن المتظاهرين غاضبون من النظام الليبرالي الذي أنتج لهم نظاماً رأسمالياً تتمكن فيه الشركات من بسط جشعها على العاملين. وبالتالي فإن تغير الرأسمالية بهذا الشكل يتطلب إدخال عناصر جديدة على الليبرالية تكون من خلالها أكثر رحمة بالإنسان، وهو ما يعبر عنه أصحاب فلسفة الليبرالية الحديثة الذين ينادون بتدخل الدولة في بعض الحالات كي لا يسمح للشركات بالجشع الأمر الذي يتنافى مع ما تدعو له الليبرالية التقليدية التي تعتمد على ضرورة عدم تدخل الدولة في مثل تلك الأمور، كي لا تضع قيوداً على حرية الإنسان ومنه حقه في الاستثمار لأمواله بالطريقة التي يراها.
إن المواطن الرأسمالي قد فاض به الكيل من جراء سيطرة الشركات الكبرى على مصائر الناس، إلا أنه ليس مع فكرة الابتعاد عن الليبرالية نحو المحافظة التي قد تأتي بأفكار التشدد والتدخل الصارم للدولة في كل كبيرة وصغيرة كما هو الأمر مع الشيوعية ومنتجها الاقتصادي المعروف بالاشتراكية.
إن المواطن الرأسمالي يريد عقداً جديداً لنظامه قوامه المحافظة على الحقوق السياسية والمدنية وتحقيق العدالة الاجتماعية؛ وهو النظام الوسط بين الأيديولوجية الليبرالية والأيديولوجية المحافظة، بحيث يأخذ من كل طرف محاسنه ويبتعد عن المساوئ، ولعل الحقوق السياسية والمدنية هى من إيجابيات الليبرالية، التي سمحت لمثل هؤلاء الأشخاص أن يعبروا عن أرائهم بحرية تامة، إلا أن حرية الاقتصاد خلقت فوارق كبيرة بين من يملك ومن لا يملك أدت إلى بروز مشاكل في المجتمعات، لذلك فالدعوة هى نحو تجاوز ذلك من خلال تبني مفهوم تدخل الدولة لحماية المجتمع من التضرر جراء جشع الشركات.
هذا الوضع ليس مؤطراً بعد على المستوى العالمي رغم أننا نجد أن هناك بعض الممارسات القريبة من ذلك مثل ممارسة دول الرفاه في أوروبا الاسكندينافية ودول الخليج العربي وإلى حد ما التجربة الاقتصادية الصينية. فهذه التجارب وإن كانت تختلف فيما بينها في حجم الاعتماد من أيديولوجية إلى أخرى إلا أنها جميعاً تأخذ بعضاً من أسس كل أيديولوجية وتحاول تطبيقها على الوضع القائم في مجتمعاتهم.
لذلك لم نجد شعوب تلك الدول تظهر في تظاهرات منددة بالأوضاع الرأسمالية في بلادها، وإن كانت تظهر في بعض تلك الدول لاسيما الأوروبية منها منددة بتأثيرات العولمة الاقتصادية على شعوب دول العالم الأخرى. النموذج المطلوب عالمياً هو نموذج الليبرالية السياسية والمدنية مضاف إليه المحافظة الاقتصادية من خلال ليس تهميش رأس المال والاستثمار وإنما تنظيمه بطريقة تحقق العدالة الاجتماعية.
فلو فرضت جميع الدول قيوداً وشروطاً على الشركات الكبرى من أجل التعبير عن مسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع الذي تستثمر فيه لما كان هناك غضب عارم على مثل تلك الشركات. ولكن ترك تلك الشركات تستفيد من مزايا بلد معين ومن ثم لا تقدم تلك الشركات لذلك المجتمع خدمات تساعده على الاستقرار من خلال دعم العاملين بها من أبناء ذلك البلد هى وصفة جاهزة للتذمر ورفض شعبي لذلك الأمر الجاري. فالرأسمالية قد تكون خطرة على الشعوب إذا لم يتم ضبطها.
----------
عن صحيفة "الاتحاد " الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.