في مقال منشور منذ أيام قليلة في المجلة الأميركية الشهيرة "فورين بوليسي"، للكاتب والمحلل السياسي الأميركي المعروف "جيمس تروب" تحت عنوان ((مرسي "يلتسين" مصر))، يشبه الكاتب الرئيس المصري محمد مرسي والظروف التي تولى فيها الحكم، بالرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين الذي حكم روسيا عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحتى عام 2000، وهي الفترة التي شهدت فيها روسيا أسوأ سنوات تاريخها، حيث فقدت مكانتها على الساحتين الدولية والإقليمية، وانهار اقتصادها تماماً، وبيعت مصانع الدولة السوفييتية العظمى بأقل من عُشر سعرها، لطغمة من الفاسدين ومن زعماء عصابات المافيا. ويقول الكاتب في مقاله إن واشنطن أخطأت خطأً كبيراً عندما وضعت رهانها على يلتسين لإضعاف روسيا وإخضاعها لنفوذها وهيمنتها، كما هي الآن تضع رهانها في مصر على الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. ويضيف: "إنه ينبغي أن نتذكر أن يلتسين كان يُنظر إليه في البداية على أنه الرجل القوي، ثم بعد ذلك بدا كطرطور. وبالنسبة لمصر فإن مرسى موقفه بالكاد آمن، لذا فإنه ربما يرد على تراجع شعبيته من خلال التحول إلى مزيد من الاستبداد، والذي بدوره سيثير مزيداً من الاحتجاجات التي تهدد بقاءه". المقارنة بين مرسي ويلتسين، إلى حد كبير، في محلها، فالاثنان غير مؤهلين للحكم في بلاد كبيرة مثل روسيا ومصر، سواء من حيث انعدام الخبرة، أو من حيث المواصفات الشخصية والخلفية الثقافية والفكرية لكل منهما، والاثنان جاءا للسلطة من موقع المعارضة المستأنسة التي لم تتوحش إلا عندما رأت النظام الحاكم يتهاوى ويسقط، والاثنان وصلا للحكم بدعم وتأييد كامل من واشنطن. وإذا كانت جماعة الإخوان المسلمين هي التي تدير الأمور في مصر وهي التي توجه الرئيس مرسي في كل خطواته، فإن يلتسين في روسيا كان محاطاً بمنظومة لا تختلف كثيراً عن جماعة الإخوان في مصر، منظومة من مجموعة من المتطفلين على السياسة ومن النخبة الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "الديمقراطيون الروس الجدد"، وكان ولاؤهم وانتماؤهم الكامل لواشنطن، وهذه المجموعة كانت تضم في صفوفها أشهر زعماء المافيا الروسية، واستطاعوا أن يضعوا يدهم على الاقتصاد الروسي وعلى مركز صناعة القرار السياسي داخل الكريملين. نظام الرئيس يلتسين لقي في البداية قبولاً لدى الشعب الروسي الذي كان يحلم بالحرية، لكن بمرور السنوات شعر الروس أن بلادهم تضيع منهم. وكذلك نظام حكم الإخوان في مصر لقي شعبية وقبولاً لدى قطاع كبير من الشعب المصري المتدين بطبيعته، والذي يعاني من البطالة والجوع والفقر والمرض، وظن أن الإخوان المسلمين سيعينهم الله على حل مشكلاته، لكنه بعد أقل من عام واحد استشعر الخطر على وطنه وحياته. ا لكاتب الأميركي اختتم مقاله بانتقاد لسياسة الرئيس أوباما على رهانها الخاطئ على الإخوان المسلمين في مصر، وتنبأ بأن حكم الإخوان سيفشل وستظهر في مصر قيادة قوية مثل بوتين في روسيا، ولن تستطيع واشنطن إخضاعها لهيمنتها. رغم التشاؤم الذي يسود الساحة المصرية، إلا أننا نتمنى أن تصدق نبوءة الكاتب الأميركي في مصر.. (عن البيان - الامارات)