* ملفات وتحقيقات إسلام يقيم في بولاق ويعمل فى محال تجارية وورش وينام بالشارع.. وأصيب برصاصة فى ماسبيرو محمد: بائع مناديل شارك في الثورة من يومها الأول.. وشهد أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء محمود: نزلت من سيناء للقاهرة عشان مايبقاش في سرقة ولا نهب ولا ذل.. والجيش حبسني 3 أشهر في اعتصام مارس 2011 أحمد يبيع المناديل مع شقيقه بالميدان لتسديد ديون أسرتهما.. ويحلم أن تحقق الثورة أهدافها وأن يكمل تعليمه مصطفى: أتمنى بلدنا مايكونش فيه والناس تعيش عيشة حلوة.. وأن يمسك البلد رئيس زى حمدين أو البرادعي * البداية تحقيق- هدير المهدوي: بورتريه : أمل سمير «عمر صلاح», الطفل الشهيد بائع البطاطا, لم يكن «طفل التحرير» الوحيد, ففي الميدان العشرات مثله, بعضهم باعة جائلين يعانون الأمرين لمساعدة أسرهم, وبعضهم أطفال شوارع طردوا من منازلهم أو تركوها, ولم يجدوا أحن من الميدان عليهم فصار منزلهم. البداية رصدت حكايات «أطفال التحرير»، حيث تحدثوا عن أحلامهم وذكرياتهم داخل الميدان واعتقال بعضهم بسجون العسكر والداخلية . في الذكرى الأولى لمذبحة ماسبيرو احتشد الثوار وأهالي الشهداء لإحياء الذكرى، وبين الحشود ظهر إسلام ليجلس بجواري على الرصيف متعبا، وقال بعين دامعة " منهم لله اللي موتوا الناس" فسألته من هؤلاء؟ أجابني" شايفة العساكر اللي واقفة دي" مشيرا إلى الجنود الواقفين لحراسة مبنى ماسبيرو، "هم دول اللي موتوا الناس، أنا كنت موجود يومها وأخذت رصاصة في رجلي" ، إسلام هو طفل عمره 12 عاما، أخبرني أنه يقيم في بولاق أبو العلا متنقلا بين أعمال مختلفة أغلبها في محال تجارية وورش، وبالليل ينام بالشارع ، ليس لديه منزل يذهب إليه. سألته إن كان لديه أهل، فأجاب أن والده ووالدته توفيا وأن لديه أقرباء ، ولكنه لن يذهب ليعيش معهم حتى يحقق حلمه، فسألته ما هو حلمه فقال " إن الثورة تنجح"... لم تكن مجزرة ماسبيرو الوحيدة التي شارك بها إسلام ، بل حكى عن أحداث كثيرة للثورة شارك بها ، بل لم يكن إسلام وحده فغيره الكثيرين من الأطفال شاركوا في الثورة لأسباب تختلف نسبيا من طفل لآخر، ولكنهم يتفقون في كراهيتهم ل"الداخلية، هؤلاء الأطفال منهم من أصيب ومنهم من استشهد ومنهم الكثيرون ممن اعتقلوا.. ووصموا ووصمت الثورة بأنها ثورة أطفال الشارع ولكنهم مثل باقي الثوار لديهم أحلام بسيطة تتحقق مع الثورة. محمد عمره 13 سنة كان يعمل في منطقة وسط البلد بائعا للمناديل لسنوات ، قال "نزلت يوم 25 يناير ووصلت الميدان ولقيت قنابل غاز كتير بتتحدف، خفت في الأول وبعدين لقيت ناس كتير بتقع فكنت بشيلها مع الناس لحد الدكتور، وكانوا بيحطولنا بصل وخل"، وعلى الرغم من خوفه في بداية الأمر إلا أن محمد شارك فيما بعد في عدة إعتصامات مثل محمد محمود ومجلس الوزراء مع الأتراس، واكتسب العديد من الأصدقاء من الثوار، و قال عن سبب استكماله المشاركة بالثورة أنه من المفروض ألا يضطر أحد للتسول أو بيع المناديل، حكي محمد عن "الحكومة" التي كانت تطاردهم في الشوارع فتضيع منه المناديل والمال الذي كسبه محمد لديه أسرة يقيم معها وأربعة أخوة صغار، جميعهم يعملون لمساعدة والدتهم في تدبر المعيشة، ويقول محمد أنه أيضا مسجل بالدراسة في الصف الأول الإعدادي ، لكنه يبات في الشارع أحيانا ويتهرب من المدرسة أحيانا أيضا، أشار محمد " أنا كان نفسي حمدين هو اللي يكسب عشان لما مرسي كسب البلد باظت تاني عشان الإخوان بيموتوا الناس وأنا مش عايز الناس تموت تاني ونفسي البلد تمشي وتبقى كويسة " ، حلم محمد في الحياة الآن أن يتمكن من لعب كرة القدم في مركز الشباب الموجود في منطقته، وهو يدخر المال منذ بداية الثورة حتى يتمكن من الاشتراك به ، بعد أن طردوه سابقا من المركز لعدم دفعه للاشتراك. فبين ما ضاع من مال في مطاردات الداخلية وما يذهب للبيت لم يستطع محمد قبل ذلك تدبر المبلغ. قال محمود (14 سنة) ،صديق محمد، أنه ترك سيناء وحضر إلى القاهرة للمشاركة بالثورة ، يقول محمود "نزلت عشان مايبقاش في سرقة ولا نهب ولا ذل" محمود ترك الدراسة في الصف الأول الابتدائي وكان يبيع حقائب وتذكارات سياحية في سيناء ، والقي القبض عليه مرة واحتجز عدة أيام، بينما ألقي القبض عليه مرة ثانية أثناء الثورة في فض اعتصام 9 مارس 2011 وقضى ثلاثة أشهر في السجن الحربي يقول محمود " أنا منزلتش عشاني لوحدي أنا نزلت عشان الناس كلها، وحضرت كل حاجة في الثورة، بس أصعب حاجة كانت ماسبيرو عشان كنت مستخبي في العمارة اللي كانوا بيحطوا فيها الميتين ، الشعب ده مايستاهلش حد يموت" ، تعرض محمود لإصابة بطلق ناري في أحداث مجلس الوزراء وظل يوما كاملا ينزف في مستشفى القصر العيني حتى قاموا بمعالجته، وتعرض للضرب والاحتجاز لساعات في أحداث العباسية الأولى، يرى محمود أن الثورة لم تنجح بعد لأن أشخاص مثل البرادعي وأبو الفتوح لا يحكمون، ويرى أن في عهد الرئيس مرسي سيموت عدد أكبر ممن ماتوا قبل ذلك في الثورة. يعمل محمود الآن في أعمال غير منتظمة، ويقول أنه مقيم مع قريبة له بالقاهرة، كتب إسلام محمد (30 سنة) ،مدون وناشط، على مدونته (مبتدأ) تحت عنوان (أمراء الطرق) ،وهو نفس عنوان مجموعة قصصية يكتبها إسلام عن الأطفال المقيمين بالشارع ، كتب يحكي عن اثنين من أبطال مجموعته ، الأول ياسر وهو طفل كان يشارك أخيه في نقل المصابين في أحداث محمد محمود على الموتوسيكل ، وفي إحدى نوبات النقل قال له أخوه أن يظل بعيدا ودخل هو إلى الصفوف الأمامية لنقل المصابين، لكنه تأخر ثم عاد مصابا، بدا ياسر مقهورا على أخيه المصاب وأخذ يردد أن أخيه قد القي القبض عليه قبل ذلك وتعرض للتعذيب على يد الداخلية، وأنه حذره من الدخول وحده، وحين استقر أخيه بالمستشفى الميداني وشعر أن هناك المزيد من المصابين تولى ياسر دور أخيه "صلاح" ودخل بالموتوسيكل في قلب المعركة لنقل المصابين ، ياسر كان عمره 15 عاما بينما صلاح لم يتجاوز ال 18. القصة الأخرى عن أحمد الطفل المبتسم دائما المرحب بكل الضيوف في الميدان المبادر بالإجابة على أي سؤال وأي طلب والذي قال لإسلام يوم التنحي بحزن "طول الأيام اللي فاتت كنت فرحان انكوا موجودين معايا، دلوقتي بعد ما مبارك مشي هاترجعوا بيتكوا تاني، وهارجع أنام في الشارع لوحدي". يقول إسلام أن أحمد الذي قابله في موقعة الجمل أخبره أنه كان يستمع للناس على المقهى يتحدثون قبل الثورة عن مبارك والداخلية وهو يبيعهم المناديل. يشير إسلام إلى أن أغلب الأطفال الذين قابلهم بميدان التحرير كانوا مهتمين بالمساعدة في توزيع الطعام وفي المستشفى الميداني وفي الحصول على المعلومات الأمنية عن ما قد يهدد الاعتصام من بلطجية ، ويرى إسلام أن سبب تواجد هؤلاء الأطفال في الثورة " أنهم لقوا ناس شكلها كويس وبتلبس كويس وبتعامل الأطفال دول كويس فحسوا بالأمان وفضلوا في الميدان، وساعة المواجهات كانوا بيقفوا مع الثوار عشان شايفين أنهم معملوش حاجة وحشة ومايستاهلوش الضرب" يوضح إسلام أن أطفال الشارع أو أمراء الطرق – كما يسميهم - لم يشتركوا بالثورة لقضية معينة أو ضد شئ معين ، هم وثقوا بالثوار وشعروا أن الأمر أكبر منهم فانساقوا وراء الثورة، وزاد تواجدهم أكثر منذ أحداث محمد محمود الأولى وإلى الآن. يصف إسلام الثورة بالقطار، وفي كل محطة ينضم ركاب يشعرون أن معركتهم هنا، من هؤلاء أطفال الشوارع الذين رغبوا في الشعور بالانتصار ورغبوا أن يكونوا مثل هؤلاء الشباب الذين يرتدون ملابس جيدة ويتكلمون جيدا، ويرى أن هذا الجيل من أطفال الشارع الذين شاركوا بالثورة لم يحقق سوى مكاسب معنوية ولكنه سيصبح جيلا سويا على المستوى النفسي أكثر من غيره. أحمد صديق إسلام لا يتجاوز عمره 12 عاما ، وهو لم يشارك وحده بالثورة، بل شارك معه أخوه الذي يكبره بثلاث سنوات مصطفى، يشيران أنهما يقيمان مع والديهما في القلعة وغالبا ما يبيتان في المنزل ، لكن في أيام الاعتصام يبيتان في خيم أصدقائهما من الثوار والألتراس، أحمد ومصطفى يساعدان أسرتيهما ببيع المناديل واللبان منذ سنوات ويقولان أنهم سيتوقفان عن العمل فور تسديد ديون الأسرة ، أحمد في الصف الخامس الابتدائي ومصطفى في الصف الثاني الإعدادي، في أوقات الاعتصام بميدان التحرير كانا يبيعان المناديل داخل الميدان، ألقى القبض على أحمد مرتين قبل الثورة وهو يبيع المناديل، ويشير أحمد أن " الثورة أخدان حق، وهتنجح لما مايبقاش في حد بياكل من الزبالة"وانه يتمنى أن يصبح طبيبا عن جلوسه كثيرا بجوار المستشفى الميداني ليرى كيف يعمل الأطباء. أما مصطفى فيتمنى أن "بلدنا مايكونش فيه زيها، وتبقى بلد نضيفة ، والناس تعيش عيشة حلوة ، مبارك كان المفروض يدي للناس حقوقها، بس البلد لازم يبقى فيها قانون عشان الناس خلاص اتعودت على الوساخة"، مصطفى أيضا القي القبض عليه مرة قبل الثورة ويقول " هم مش من حقهم يمسكوني" ، ويضيف مصطفى أن الناس بعد الثورة لم تعد تخاف وستأخذ حقوقها ، والثورة ستنجح حين نسترد حق الشهداء وحين " يمسك البلد رئيس عدل زي حمدين أو البرادعي" فالآن لدى مصطفى أمل في أن تتحسن أوضاع البلد. جدير بالذكر أنه في اعتصام يوليو 2011 أقيمت مبادرة لتعليم أطفال الشارع المعتصمين بالميدان تحت عنوان " مدرسة التحرير" واحدة من المؤسسين للمدرسة هي نازلي حسين (29 سنة) والتي كانت تعمل قبل الثورة مباشرة مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتركت عملها مع بداية الثورة.، تقول نازلي أن في الاعتصام تواجد أطفال كثر ونشأت حياة يومية، بدأ الأمر باللعب وحكي القصص وحين وجدوا بالأطفال طاقة كبيرة وحماس جعلوهم يشتركون في أعمال الميدان مثل توزيع "فلايرز" أو التوعية، وشعر الأطفال أن الميدان بمثابة مجتمعهم الصغير وعليهم مسئوليات تجاهه، تشير نازلي أنهم قرروا بعد ذلك إقامة مدرسة التحرير فتبرع الجميع بالورق والكتب والألوان، وبالفعل بدأت نازلي في تعليم الأطفال الرسم والحساب وتعليمهم النظام مستمدة ذلك من النظام بالميدان وكان من المقرر تعليمهم القراءة والكتابة ولكن تم فض الميدان في أول رمضان. تقول نازلي أن سن الأطفال بدأ من ست سنوات وحتى خمسة عشر سنة وأنهم كانوا ما بين أطفال شارع معتصمين بالميدان، أو مقيمين المنطقة ، أو أبناء للمعتصمين أو البائعين او أهالي المنطقة، تحكي نازلي عن هؤلاء الأطفال قائلة " في البداية كنت بتعامل معاهم زى الأطفال اللي أتعاملت معاهم قبل كده وإنهم معندهمش وعي زيهم ، بس أطفال الشارع كبروا في الشارع وواجهوا كل مخاطر الشارع مش في بيئة محمية زي باقي الأطفال من الأهل والمدرسة، عشان كده هم مش أطفال تقليديين وبقى عندهم وعي وقضية، غير أنهم ماعندهمش حاجة يخافوا عليها، بالعكس شايف إن دي فرصته إنه يعيش كويس وبكرة يبقى أحسن بالنسبة لهم". ترى نازلي أن أطفال الشارع الثوار لا يعون جيدا شعارات مثل الثورة أو العدالة الاجتماعية ولكنهم يعلمون أنهم يريدونها، بالإضافة إلى كراهيتهم للداخلية، كما أنهم للأسف لا يعطون حياتهم قيمة، وترى أن ذلك يظهر بقوة في المعارك . واحد من أصدقاء نازلي هو بدر (13 سنة )، وهو واحد من الوجوه المألوفة جدا بالثورة بابتسامته الدائمة وهو صديق الجميع، يحكي بدر عن أصدقائه سلمى سعيد ولبنى درويش ونازلي حسين وغيرهم باعتبارهم مكسبه الوحيد من الثورة، يقول بدر " في 24 يناير شفت ناس متجمعة في مظاهرة صغيرة في الجيزة بتهتف فرحت معاهم، وتاني يوم شفت في التليفزيون الناس في الميدان بتضرب فنزلت على طول ومن ساعتها وأنا في الثورة مروحتش بيتنا" ، يحكي بدر كيف كان خائفا في بداية الثورة ولكنه حين رأى الثوار يموتون "استرجل" وتوقف عن الخوف ، يقول "أنا عايز ابقى شهيد زيهم" ، بدر لا يحب الاشتباكات ولا يريد أن يموت أحد ولكن حين يموت شخص فإن الشعب ينزل الميادين – على حد قوله – ويتحقق مطلبه مثلما سقط مبارك، لكن حين يكون العدد قليل فمن السهل ضربه وقتله، تنقل بدر بين العمل في مقهى ومدبح قبل الثورة ، ولكنه منذ بداية الثورة وهو موجود بالميدان ، يقول أنه شارك في أحداث عدة منها محمد محمود ومنصور والاتحادية ، لكنه يقول " إحنا مش عايزين نروح نتضرب إحنا عايزين نفضل في الميدان عشان إحنا شلنا دكتاتور جالنا دكتاتور تاني" مضيفا أنه سيطمئن إن أصبح حمدين صباحي أو البرادعي رئيسا لمصر ، مع أنه لا ينفي النزول ضد أيا منهما إن لم يحقق مطالب الثورة. Tags: * البداية * الثوار * سجون العسكر * الداخلية مصدر الخبر : البداية