لا تزال ردود الأفعال النيابية الكويتية إزاء قضية "الحسابات المليونية" للنواب تتواصل، بينما تباينت المواقف من الدعوة إلى عقد دور انعقاد طارئ لمجلس الأمة لمناقشة هذه القضية، إلى تقديم استقالة جماعية لحل مجلس الأمة. وقد تراجع نواب في كتلتي التنمية والإصلاح والعمل الشعبي وآخرون عن خيار الاستقالة الجماعية الذي اتفقوا عليه بعد أن وصلوا لقناعة بعدم توافر العدد اللازم للمقتنعين بالاستقالة والذي يؤدي إلى حل مجلس الأمة وإعادة الانتخابات من خلال استقالة 33 عضوًا، وأن استقالة أي عدد أقل من هذا الرقم يعني الاكتفاء بإجراء انتخابات تكميلية لشغل المقاعد الشاغرة، وهو إجراء لايحقق المطلوب بحل المجلس وإعادة انتخاب كامل أعضائه. وذكرت مصادر نيابية أن اجتماعًا عقد بين بعض النواب وبحث كل الخيارات المتاحة لمعالجة "فضيحة أرصدة النواب"، التي مست سمعة مؤسسة مجلس الأمة ووضعت جميع النواب في دائرة الاتهام، خاصة أن الحصول على الأغلبية اللازمة لعقد الدورة الطارئة أصبح صعب المنال. وأفادت مصادر كويتية بأن المجتمعين اعتبروا أن هذا التوقيت هو المناسب للجوء إلى الشارع والإطاحة بالنواب الموالين للحكومة والذين سبق أن صوتوا لصالح رئيس مجلس الوزراء عدة مرات، وأنه لا حل لإجراء انتخابات وفضح "نواب الأرصدة" إلا بحل المجلس وتقديم استقالة جماعية تفقد المجلس شرعيته الدستورية. وأضافت المصادر أن النواب المجتمعين تباحثوا في الأمر وفق العدد المطلوب ولم يجدوا توافره، وأن أقصى رقم يمكن تحقيقه لن يتجاوز 22 عضوًا، خاصة أن بعض النواب اشترطوا أن يصبح الرقم 33 عضوًا كي يوقعوا على الاستقالة الجماعية لأنه لا جدوى من استقالة البعض وعودتهم مجددًا أو غيرهم من خلال انتخابات تكميلية. وكشفت المصادر أن نوابًا يبذلون قصارى مساعيهم لمنع عقد الجلسة الطارئة حتى لا تنكشف الأقنعة, وأن هؤلاء النواب يجرون اتصالات بزملاء لهم وحثهم على عدم التوقيع على طلب الجلسة الطارئة. وقال النائب ناجي العبد الهادي إن قرار الاستقالة من عضوية مجلس الأمة يجب أن يؤخد به بعد الرجوع إلى القواعد الشعبية والناخبين، معتبرًا أنه لا جدوى من قرار الاستقالة إذا لم يكن مؤثرًا، واصفًا التعاون مع هذه الحكومة بأنه أصبح شبه مستحيل في ظل هذ التجاوزات التي تعاني منها جميع أجهزة الدولة. وفى إطار التنسيق المستمر بين الكتل البرلمانية للدعوة إلى دور انعقاد طارئ، قال النائب فيصل المسلم -الناطق الرسمي باسم كتلة التنمية والإصلاح البرلمانية- إن الكتلة تؤكد دعمها لمطالب حملتها (الحراك الجماهيري لمواجهة الفساد) بعقد جلسة طارئة وإقرار القوانين الخاصة بمكافحة الفساد. وأكد النائب جمعان الحربش -عضو الكتلة- أن الهدف من عقد دور الانعقاد الطارئ كشف الحقائق المتعلقة بالحسابات المليونية، ومحاسبة الأطراف المتورطة سياسيًا وجنائيًا ، وأعرب النائب علي الدقباسي عن تأييده عقد جلسة طارئة لمناقشة قضايا الفساد، مشددًا على أهمية أن تكون الجلسة الطارئة علنية, فمن حق الكويتيين الاطمئنان والرقابة على من يمثلهم. من ناحية أخرى, ذكرت مصادر مطلعة أن من بين الخيارات التي تدرس لمنع الحكومة من تحقيق الأغلبية والاستعانة بالنواب في تصويتها تحت قبة البرلمان، إجراء تعديل على الدستور لوقف حق الوزراء في التصويت وقصره فقط على النواب المنتخبين، إضافة إلى وجوب أن يحصل رئيس الوزراء على ثقة البرلمان كشرط لشغله المنصب مع حق المراجع في ترشيح شخصية أخرى إذا لم تحظ بثقة المجلس. وأفادت المصادر بأنه بالإمكان تحقيق الأغلبية اللازمة للتصويت ضد الحكومة بين النواب لو كان حق التصويت مقتصرًا على النواب فقط, لأن حشد 25 أو 26 نائبًا أمر سهل، مؤكدة أن الهدف إيجاد حل لقطع المصلحة بين الحكومة والنواب الموالين لها وبالتالي لا تصبح هناك قيمة لها ليقبضوا مقابلها سواء أكان مناقصات أم أموالاً أو معاملات أو مصالح. وأكدت المصادر أنه إضافة إلى هذه الحلول فإن المطلوب إجراء عملية إصلاح دستورية وقانونية بإنجاز قوانين مكافحة الفساد وكشف الذمة المالية، وتضارب المصالح وحق الاطلاع والإفصاح ولجنة القيم البرلمانية.