تقدم لنا نتائج أعمال الشركات المدرجة في المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بعض الملامح عن أحوال الاقتصاد المصري في 2015. فبينما كان الانخفاض هو الغالب على أداء مؤشر البورصة خلال التسعة أشهر الأولى من العام، فإن نتائج أعمال الشركات المدرجة فيه تنوعت بين الارتفاع والانخفاض في الأرباح بنسب كبيرة، لتعكس أوضاعا اقتصادية مختلفة.
ونعرض أبرز الرابحين والخاسرين من تلك الشركات، وأهم التفسيرات التي قدمتها لأدائها المالي في 2015.
تحسن الاقتصاد وبيع الأراضي
تخبرنا المؤشرات الاقتصادية الصادرة عن وزارة التخطيط، أن قطاع السياحة استطاع أن ينمو بنسبة 34.6%، في التسعة أشهر الأولى من 2015، مقارنة بانكماش 49.7% في العام الماضي، وهو ما انعكس على نتائج أعمال شركات عاملة في هذا القطاع مثل المصرية للمنتجعات السياحية.
فقد تحولت الشركة من تحقيق خسائر بنحو 45 مليون جنيه في أول تسعة أشهر من 2014، إلى جني أرباح بقيمة 173 مليون جنيه في الفترة المقابلة من العام الجاري.
وقالت الشركة في بيانها عن نتائج أعمالها إن تعافي القطاع السياحي والاقتصاد بشكل عام ساهم في زيادة تحصيل الشركة لمستحقاتها من المطورين الذين تتعامل معهم من الباطن، وكذلك من بائعي التجزئة الذين تعتمد عليهم في بعض مبيعاتها. وتضاعف المتحصل عليه من تلك المستحقات أربعة أضعاف ليصل الى 154.2 مليون جنيه في التسعة أشهر الأولى من العام، مقارنة ب39.8 مليون في العام الماضي.
وأضافت الشركة في بيانها أن "التحسن الجوهري جاء بشكل رئيسي على خلفية التحسن الاستثنائي في مبيعات قطع الأراضي".
وكذلك كان تحسن مبيعات الأراضي أحد الأسباب الرئيسية في نمو أرباح شركة بالم هيلز العقارية خلال نفس الفترة بنسبة 213%، والتي حققت أعلى نموا بين شركات المؤشر الرئيسي.
وعند تقييم أصوات مصرية لترتيب الشركات الأكثر نموا في الأرباح من بين شركات المؤشر الرئيسي للبورصة، تم استبعاد الشركات التي ينتهي عامها المالي في يونيو، وكذلك التي تحولت من الخسارة للربح، والتي لم يكن لنتائجها هذا العام فترات مقارنة.
وعلق بنك الاستثمار بلتون في تقرير له على إيرادات بالم هيلز خلال تسعة أشهر، والتي فاقت توقعاته ب1.8 مليار جنيه، بأن "الارتفاع السنوي بالإيرادات يأتي في الأساس بدعم من زيادة مبيعات الأراضي الخاصة بالوحدات المستقلة بغرب القاهرة والساحل الشمالي".
وتقول القوائم المالية لبالم هيلز إن إيرادات تطوير الأراضي مثلت نحو 67% من مجمل إيرادات الشركة خلال تسعة أشهر من 2015، وإنها نمت بنحو 82% عن العام السابق.
وقد استطاع قطاع التشييد والبناء في مصر أن يضاعف من معدلات نموه خلال تسعة أشهر من 2015 إلى 10.1% مقارنة ب5.1% في 2014، وفقا لبيانات وزارة التخطيط.
ويقول محمود إبراهيم، محلل قطاع العقارات في شركة مباشر لتداول الأوراق المالية، إن "عودة الدولة لطرح الأراضي بقوة للشركات ساهمت في تنشيط القطاع العقاري".
وأضاف أن "2014 كانت بداية عودة نشاط القطاع وارتفاع أسعار الوحدات والأراضي، وقد حافظ القطاع على نشاطه نسبيا في 2015".
أما السويدي إليكتريك، التي جاءت كثاني أكبر الرابحين، فقد استفادت بشكل كبير من مشروعات البنية الأساسية للدولة، بنسبة نمو للأرباح بلغت 200% في تسعة أشهر.
وكانت شركتا السويدي وسيمنس الألمانية أعلنتا، في يوليو الماضي، عن الانتهاء من الأعمال الإنشائية لمحطة عتاقة لتوليد الكهرباء، قبل الجدول الزمني المحدد للمشروع. وتعد المحطة من أبرز مشروعات السويدي، وتدخل ضمن الخطة الإسعافية للكهرباء في 2015 لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في مصر.
تحديات العملة تعطل الأرباح
أما في القطاع المالي فلم تستطع المجموعة المالية هيرميس أن تنمي أرباحها الصافية بشكل كبير خلال التسعة أشهر الأولى من العام، حيث لم يزد نموها على 2%.
وتراجعت إيرادات هيرميس من نشاط سمسرة الأوراق المالية في مصر بنسبة 20% خلال التسعة أشهر، وكذلك تراجعت إيرادات نشاط إدارة الأصول خلال نفس الفترة بنسبة 46%، بينما استطاعت الشركة أن تنمي إيراداتها من خدمات بنك الاستثمار بنسبة 242%.
وتُظهر تعليقات الشركة على نتائج أعمالها خلال التسعة أشهر أن اضطرابات العملة المحلية كانت تقيد قدرتها على الاستثمار في مجال إدارة الأصول، حيث تقول أن 56% من أصولها بالعملة المحلية، لذلك فإن سياسة تخفيض سعر الجنيه تفرض ضغوطا على حجم الأصول التي تديرها المجموعة، نظرا لأنها تقدم لعملائها تقاريرا عن أصولها مقومة بالدولار، وهو ما يجعل قيمة الأصول تتراجع كلما انخفض الجنيه أمام الدولار.
وخارج القطاع المالي، كانت النساجون الشرقيون تواجه أيضا تحديات تتعلق بسوق العملات، إذ قالت في تعليقها على نتائج أعمال الربع الثالث من 2015 إن "الصادرات في أسواق الأوروبية واجهت بعض التحديات بشكل أساسي على خلفية تخفيض اليورو مقابل الدولار"، في إشارة إلى قوة الجنيه في مواجهة العملة الأوروبية خلال فترة نتائج أعمال الشركة.
وهذا يقلل من قدرتها على المنافسة بأسعار منخفضة في السوق الأوروبية.
وبحسب بيانات النساجون فقد انخفضت إيراداتها من السوق الأوروبية خلال الربع الثالث بنسبة 21%، وتراجع إجمالي صادراتها خلال التسعة أشهر الأولى من العام إلى 2.4 مليار جنيه، مقابل 2.6 مليار في نفس الفترة من العام الماضي، وهبطت أرباحها الصافية خلال نفس الفترة بنسبة 15.2%.
وساهم نقص العملة الأمريكية في السوق المصري في تقييد قدرة غبور أوتو على استيراد سيارات الركوب، كما قال بنك الاستثمار بلتون في تقريره عن نتائج أعمال الشركة التي سجلت نموا طفيفا في أرباحها السنوية خلال التسعة أشهر الأولى من 2015، بنسبة 1.2%.
الإنترنت يقود الاتصالات للربح
بينما كانت المصرية للاتصالات بين الستة الأوائل الأكثر نموا في الأرباح الصافية خلال التسعة أشهر الأولى من العام، وبلغت نسبة نموها 110%، فإن أوراسكوم للاتصالات والإعلام سجلت أكبر خسائر معلنة بين شركات EGX30.
وجاءت أرباح وخسائر كل من الشركتين مدعومة بعوامل استثنائية لا ترتبط بأداء قطاع الاتصالات.
ويقول بلتون إن المصرية للاتصالات قد استفادت في الربع الثالث من العام الجاري من رد مخصصات ضريبية مؤجلة بقيمة 613 مليون جنيه، مرتبطة بتعديلات ضريبة توزيع الأرباح، وبخفض الحد الأقصى لضريبة الدخل على الشركات إلى 22.5%، نزولا من 30.0% بأثر رجعي بدءًا من الأول من يناير 2015.
فيما أظهرت نتائج أعمال أوراسكوم تأثرها بظروف استثنائية تعرض لها نشاطها في كوريا الشمالية، حيث تقول الشركة إنها طبقت معالجة محاسبية جديدة لحساب نشاطها في شركة الاتصالات كوريولينك بعد أن واجهت عقبات في تحويل الأرباح من العملة الكورية إلى عملة متداولة عالميا.
وبحسب أوراسكوم فإن المعالجة المحاسبية الجديدة لكوريولينك كبدت الشركة خسائرا بقيمة 3.1 مليار جنيه، أدرجت ضمن خسائر العمليات غير المستمرة.
ولا تعكس نتائج أوراسكوم بقوة أداء قطاع الاتصالات في مصر نظرا لمحدودية نشاط الشركة في السوق المحلية، والتي تستهدف التوسع في أسواق ناشئة مثل لبنان وباكستان تتيح لها الاستثمار في مجالات عالية الربحية.
بينما يقول بلتون، في سياق تقريره عن المصرية للاتصالات، إن قطاع الانترنت الثابت لا يزال "يمتلك فرصا واعدة للنمو، مما يعوض الانخفاض بقطاع الخدمات الصوتية"، حيث سجلت إيرادات خدمات الانترنت المنزلي في الربع الثالث نموا بنسبة 39.8% مقارنة ب2014.
كما تعكس نتائج المصرية للاتصالات رؤية إيجابية لقطاع المحمول، فيشير بلتون إلى أن "نتائج الأعمال القوية لشركة فودافون مصر تدعم صافي أرباح المصرية للاتصالات. حيث بلغت حصة الشركة في أرباح فودافون مصر 306 مليون جنيه للربع الثالث لعام 2015 متفوقة على توقعاتنا بنسبة 20.9%".
وتملك المصرية للاتصالات 40% من أسهم فودافون مصر.
تشبع في بعض أسواق الغذاء
تظهر نتائج أعمال الشركات المدرجة في مؤشر البورصة أن شركة جهينة كانت أكثر شركات المؤشر الغذائية تنمية لأرباحها خلال التسعة اشهر الأولى من العام، بمعدل زيادة بلغ 60%.
وكانت منتجات العصائر والألبان الحصان الرابح بين حزمة منتجات الشركة خلال تلك الفترة، إذ سجلت أعلى نموا للإيرادات بين منتجاتها، بنسبة 15%، مقابل 8% للزبادي.
أما إيديتا التي تنتج الكرواسون والكيك ونمت أرباحها بنسبة 30%، فأشارت في تعليقاتها على نتائج 2015 للمنافسة المحتدمة التي تواجهها في هذه الفترة.
وقالت إن أسواق الكيك "أوشكت على بلوغ مرحلة التشبع بتشكيلة المنتجات وفئاتها السعرية الحالية"، لذا تسعى إيديتا لمواجهة ذلك عبر طرح منتجات جديدة أكثر ابتكارية.
