إنها روح الخوف، فالمشكلة ليست فى اقتحام الأمن للجامعات، لكن الخوف الحقيقى هو تجسس زميلك عليك، إنها بيئة الخوف الناجمة عن اعتقاد كل شخص أنه قيد المراقبة. الباحث الأكاديمى والكاتب د. أحمد عبد ربه. --- تحت عنوان "جامعات مصر المحاصرة" نشرت مجلة "فورين بوليسى" تقريرا قالت فيه إن العام الجامعى الماضى كان الأسوأ فى تاريخ الحريات الأكاديمية فى مصر، بإلقاء القبض على 761 طالبا وفصل 281 للمشاركة فى أنشطة سياسية جامعية، والحكم على أستاذ جامعى بالإعدام لكتابته مقالات منتقدة للنظام. وأشارت لحملة قمع خفى لفرض سيطرة السيسى على الخطاب العام وفرض مواقفه السياسية، بإسكات الأكاديميين وغرس روح الخوف وتضييق نطاق البحث العلمى، وقمع الاحتجاحات والمعارضة فى الشوارع والإعلام والجامعات، وهو ما اعتبره د. أحمد عبد ربه تغليفا للانتهاك بطابع مؤسسى ضد الأكاديميين أكثر مما كان وقت مبارك. -- وقد بدأت حملة القمع بإصدار السيسى قانونا يمنحه تعيين رؤساء وعمداء الجامعات ما دمر مكاسب ثورة يناير التى كانت قد جعلته بالانتخاب، ثم أصدرت الحكومة قانونا بفصل الأساتذة دون مجلس تأديبى، وأصبح التعيين يقاس بمدى الموالاة للنظام وتلبية مطالبه السياسية لا الكفاءة، بل وصل الأمر لإصدار السيسى مرسوما يحظر على الأكاديميين السفر خارج مصر بدون تصريح من الأمن الوطنى. -- هذا إلى جانب زيادة الرقابة الذاتية التى ستتسبب بانهيار المستوى الأكاديمى ككل كما يقول "محمد عبد السلام" محامى مؤسسة "حرية الفكر والتعبير"، لدرجة إعلان جامعة دمنهور عدم التعاون مجددا مع الجامعات الأجنبية، وإلغاء جامعة "عين شمس" برنامج الدراسة الخارجية فى تركيا، واتهام الأستاذ الجامعى "عادل بدر" بالخيانة والفساد فى أخبار العاشرة، فقط لأنه رفض أثناء نقاش رسالة ماجستير الحديث عن "عظمة السيسى"، واعتقال طالب هندسة بتهمة محاولة صنع قنبلة لامتلاكه مكونات إلكترونية وأسلاك نحاس، رغم أنها ضمن مشروع تخرجه فى الكلية. – أيضا أصدر السيسى قانونا يعتبر الجامعات وكل المرافق العامة مناطق تحت السلطة العسكرية، وأى جريمة تحدث فيها تحال للمحاكم العسكرية، حتى بلغ عدد الطلاب المحاكمين عسكريا فى العام الأخير 89 طالبا. وأشارت لوجود مخاوف بأن القادم أسوأ من ذلك بعد إقرار قانون الإرهاب، خاصة أن الأمن الوطنى وليست المحكمة هو من يقرر تبرئة أو حبس الطلاب (1850 طالبا معتقلا) لأطول فترة ممكنة، والذين يحاكمون بتهمة قانون التظاهر الذى يطبق على أى إنسان فى الشارع. “كلير روبنسون” مديرة شبكة خدمات حماية الأكاديميين أبدت القلق من الاعتقالات المعيبة الكثيرة، والشعور بالخوف من تقلص المساحة الجامعية فى مصر، وتحولها إلى مكان "للرقابة الذاتية". – وختمت "فورين بوليسى" بتأكيد "عبد ربه" أن "مستقبل الحرية الأكاديمية شديد السواد"، ما جعله يغادر مصر لفترة قصيرة للتدريس بجامعة دنفر، وهو ما يشعر أكاديميين كثر أنه الخيار الوحيد المتاح أمامهم، حتى لا يجدوا أنفسهم يخرجون أشخاصا موالين للنظام، وأكاديميين بيروقراطيين منغلقين. – د. زويل أكد مؤخرا أن "الطابور الخامس" هم الذين يعملون على "تطفيش العلماء والناجحين من مصر"، إلا أن عديدا من طلاب الجامعات التقيتهم فى جولة فى الصعيد أجمعوا على حالة إحباط ويأس هائل تسيطر عليهم بعد هيمنة الأمن على الجامعة، ومنع العمل السياسى والثقافى فيها واعتقال زملائهم وتعذيبهم. وقال أحدهم: "لما نتخرج هنغور من المخروبة دى"، وحين سألته ومن لن يستطيع الهجرة؟، رد "هيستمر عايش فى قهر ويأس، أو .. ربما ينضم لداعش"، وحين سألته تقصد الطلاب الإسلاميين؟، رد: “لاااا .. اليائسين وعايزين ينتقموا من كل اللى بيحصل”. المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية