يعتبر النجم الايطالي اندريا بيرلو احد اكبر أساطير خط وسط منتخب الاتزوري وصيف بطل أوروبا بكرة القدم. بيرلو الملقب بالمايسترو أو المهندس أو الموسيقار، يراه البعض أعظم موهبة جاد بها الزمان على الملاعب الايطالية خلال العقد الأخير. بعد خطواته الأولى بنادي فليرو انتقل إلى نادي بريشيا وبعدها إلى نادي انتر ميلان ولكنه لم يستطع إثبات نفسه لتتم إعارته لنادي ريجينا ثم بعد ذلك لناديه السابق بريشيا ليلعب تحت إدارة المدرب ماتزوني. هناك لعب بيرلو بجانب أسطورة ايطالية أخرى ومعشوق اندريا في صباه النجم روبرتو باجيو. المدرب ماتزوني رأى في بيرلو ما لم يره في غيره، فأعاد توظيفه في مركز صانع الألعاب المتأخر لتبزغ موهبة المايسترو في سماء ايطاليا وينتقل بعدها 2001 إلى ميلان الذي كان محطته الأبرز ويمتد مشواره مع الروسونيري لعقد من الزمن. وتحت قيادة المدرب كارلو انشيلوتي تحوّل بيرلو من لاعب وسط مهاجم إلى لاعب وسط مدافع بدون الكثير من الأدوار الدفاعية، لكن بأدوار أكثر في وسط الملعب، فلعب المايسترو تحديداً خلف البرتغالي روي كوستا وأمام صحبته الجديدة أمبورزيني وسيدورف وجاتوزو وهذا الأخير صنع ثنائياً مع بيرلو لا يقهر. خلال هذه الحقبة تطور أداء ميلان كثيرا و ليصبح احد أقوى فرق العالم، وكان الفضل في ذلك بالطبع لوجود بيرلو وكوكبة من المع نجوم ميلان بداية بالقائد التاريخي للروسونيري باولو مالديني مرورا بتشيفشينكو وانتهاء بكاكا مع ميلان بلقب السكوديتي الإيطالي مواسم 2004 و 2011 وكاس ايطاليا موسم 2003 وبلقب دوري أبطال أوروبا مواسم 2003 و 2007 مع الوصول لنهائي اسطنبول الشهير العام 2005 وخسارته أمام ليفربول، ومن ثم كاس السوبر الأوروبي العامين 2003 و 2007 وكاس العالم للأندية العام 2007 و كاس السوبر الايطالي العامين 2004 و 2011. خطأ ميلان الذي لا يغتفر كان بالتفريط السهل بصانع ألعابه الموهوب اعتمادا على تقدمه في السن لينتهي هذا المشوار المرصع بالألقاب العام 2011 و ينتقل بيرلو مجانا إلى فريق السيدة العجوز يوفنتوس. يوفنتوس.. ترسيخ الأسطورة بيرلو اللاعب المخضرم الذي جعل من كرة القدم أسلوب حياته وعبر عن ذلك من خلال نشر سيرته الذاتية "أنا أفكر إذا أنا العب". الكبير بيرلو الذي استطاع أن ينسلخ عن جلده اكثر من مرة و نجح في إعادة لملمة أوراقه واكتشاف نفسه من جديد في وقت ظن الجميع أن مسيرته انتهت وقت انتقاله مجانا من قلعة الروسونيري متوجها نحو قلعة السيدة العجوز والتي أبى إلا أن يستعيد شبابه معها ويتوج نفسه شيخ شبابها بلا منازع وليصبح أهم ركائز الفريق ومفاتيح لعب البيانكونيري.
خلال 4 سنوات قضاها الموسيقار هناك توج خلالها بلقب بطل الدوري المحلي أربع مرات، والكأس مرة، وكأس السوبر الايطالي مرتين العامين 2012 و 2013 ووصافة دوري أبطال أوروبا في العاصمة الألمانية برلين في حزيران- يونيو الماضي، وقد أحرز 19 هدفا خلال 164 مباراة، وصنع 36 هدفا. أما على صعيد المنتخبات فقد فاز المايسترو ببطولة أوروبا تحت 21 عاما التي أقيمت في سلوفاكيا العام 2000 حيث توج بيرلو فيها بلقب هداف البطولة ثم حصل على الميدالية البرونزية في اولمبياد أثينا العام 2004 ليرفع أغلى الألقاب العالمية ويتوج بكاس العالم في ألمانيا العام 2006 والتي ابهر فيها أنظار العالم بأدائه الراقي ونظرته الرائعة للملعب وتمريراته الحاسمة وضرباته الحرة المميزة. تم اختيار بيرلو كثالث أفضل لاعب خلال هذه الكأس ومن ثم أفضل ممرر في المسابقة بأربع تمريرات حاسمة. بيرلو الذي كان بالفعل الجندي الخفي والقائد الصامت في صفوف منتخب الازوري كما يشهد على ذلك مارتشيلو ليبي مدربه يمونديال ألمانيا، قائلا: "يرلو قائدنا الصامت لكنه يترك قدميه تتحدثان عنه ولو كان الأمر عائدا لي لقدمت الكرة الذهبية لبيرلو". صحيح انه لم يتوج بها و احتل المركز الخامس في ترتيبها في العام 2007 بعد فوزه بدوري أبطال اوروبا للمرة الثانية في مسيرته مع الميلان والتي توج بها آنذاك زميله في الفريق البرازيلي ريكاردو كاكا فانه استطاع أن يحصد احتراما وإعجابا قل نظيرهما من خصومه قبل مناصريه اعترافا من الجميع بموهبته وسحره الكروي. وختم بيرلو مسيرته الناجحة مع ايطاليا بالحصول على الوصافة بنهائي كاس أوروبا العام 2012 والذي خسره أمام منتخب لاروخا الاسباني. من يحمل المشعل؟ عملاق ايطاليا هو مفتاح نجاح أي فريق لعب بألوانه.. بيرلو الذي يجيد اللعب على طريقة السهل الممتنع، ليس باللاعب السريع أو الذي يجيد الدفاع أو الالتحامات القوية ولكنه يعوض كل هذا بقدرته المميزة على ضبط إيقاع اللعب فهو يعرف تماما متى يرفع من وتيرة اللعب ويرسل كرات طويلة لمهاجمي الفريق. كما يعرف بيرلو كيف يمرر للخلف فيكسر إيقاع هجمات الفريق الخصم. ومع انتقال العجوز الشاب إلى الدور الأمريكي ليلعب في صفوف فريق نيويورك سيتي ولينضم لكل من أسطورة البلوز فرانك لامبارد ونجم البلاوغرانا السابق دافيد فيا. وستفقد الملاعب الايطالية المايسترو وقائد اوركسترا يوفنتوس واللاعب صاحب اللمسة السحرية حتما، وقد أنهى مشواره الكروي الأسطوري على ملاعب الكالتشيو بأفضل طريقة ممكنة وذلك بالتتويج بالثنائية المحلية وبتحقيق الوصافة بدوري أبطال أوروبا. صحيح أن بيرلو غادر أراضي الكالتشيو وأعلن اعتزاله الدولي بعد مونديال البرازيل ولكن لا نريد أن يكون الحال كما قال ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم: "انه جزء من آخر المبدعين عندما يذهب بيرلو كل شيء سيذهب". وان كان بيرلو لاعب ذو كاريزما صامتة ومتميزة ونجم فوق العادة و يصعب تكراره، إلا أن ارض الاتزوري قادرة على إنجاب بيرلو آخر، والآن كل الآمال معقودة على النجم الباريسي ماركو فيراتي ليحمل مشعل المايسترو ويسير نحو فتح أفاق جديدة وزاهية للكرة الايطالية التي وان غابت شمسها فإنها لن تختفي أبدا. فهل يفعلها فيراتي و يسير على خطى سلفه وملهمه، ويصبح خير خلف لخير سلف.