أعاد تفجير مسجد الامام الصادق في الكويت للأذهان عمليات محاولات وتهديدات الجماعات المتشددة والتكفيرية تفجير المزارات الدينية في الدول الاسلامية والعربية، بما فيها الصوفية والشيعية وحتى المسيحية فبالأمس شهدت الكويت تفجيراً استهدف مسجد الامام الصادق بمنطقة الصوابر بمدينة الكويت، وهذا المسجد يتردد عليه الشيعة وقد أعلنت الجماعات الارهابية داعش مسؤوليتها الكاملة عن هذا الحادث الارهابى، والذي وقع فى ثانى جمعة بشهر رمضان الكريم. ويعتبر الحادث واحداً من أبشع العمليات الارهابية التي أودت بحياة 27 شخصاً من خلال تفجير انتحاري نفسه بالمسجد، وفي حادث مماثل في مدينة القطيف السعودية في مايو الماضي ضد الشيعة أسفر عن 30 ضحية بين قتيل وجريح. وفي السعودية استهدف إرهابيون أحد المساجد الشيعية بالمملكة تحديداً ببلدة القديح بمدينة القطيف ، فقد قام إحدى الإرهابيون بتفجير نفسه أثناء أداء المصلون لصلاة الجمعة بالمسجد ، وتبين أن هذه العملية يرجع سببها لقيام ارهابى بتفجير نفسه نظراً إلى أن جثته انقسمت نصفين وتم إيجادها وانتشالها من موقع الإنفجار. وأسفر عن هذا الحدث الأليم العديد من الضحايا الذين بلغ عددهم 30 ضحية ، منهم 20 حالة وفاة بالإضافة إلى عشرات المصابين، وكان المسجد ممتلئ للغاية بالمصلين ويحتوى على أكثر من 150 مصل، وفجر الإرهابى أثناء الصلاة مرتديا حزاماً ناسفاً. وجاء كل ذلك في تطور لافت للعمليات الارهابية ضد الشيعة، لتنتقل من إستهداف المزارات والموقع التراثية إلى الأفراد أنفسهم، ففي رصد أعدته دراسة لمعهد العربية للدراسات- قناة العربية، أفادت أن بوجود حملات ممنهجة من قبل التنظيمات والتيارات الجهادية في الأعتداء علي الأثار والتراث الإنساني وتدميره في المناطق التي خضعت لسيطرتهم في الفترة الأخيرة، لتمد من " تمبكتو " في مالي الإفريقية إلى الموصل العراقية، وهو ما ينذر بخطر كبير على هذا التراث الإنساني المهم، ويعكس تفسيراً إقصائياً وعدائياً للتاريخ والتراث وتفسيراً مشوها للشريعة الإسلامية. ورصدت الدراسة عدداً من الممارسات الشاذة في استهداف الآثار التاريخية والدينية والفنية، ففي 19 يونيو، قامت داعش في العراق بتحطيم ثلاثة تماثيل في مدينة الموصل، ويعود أحد التماثيل إلى عثمان الموصلي، وهو عازف وملحن عراقي مشهور، ويعود تمثال آخر إلى شاعر العصر العباسي العراقي المشهور أبو تمام، كما قام التنظيم بازالة مرقد دينيً سنيً، غربي مدينة الموصل يعود للشيخ فتحي بن سعيد، كما نسفوا تمثالاً أشورياً عمره ثلاثة ألاف سنة الشهر الماضي في محافظة الرقة السورية. وتشير الدراسة في فبراير 2006 إلى التفجيرات التي استهدفت ضريحي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء في العراق الذي له قدسية لدى الطائفة الشيعية، فردت بعض الميليشيات الشيعية الفعل بإحراق مساجد سنية وهدمها وحدثت أعمال قتل عشوائي و أعلن الوقف السني أن ما يقرب 168 مسجداً سنياً تعرض للهجوم وتم قتل 10 أئمة في المساجد وخطف 15 آخرين في بغداد وحدها. في تونس وليبيا حرق تم استهداف عشرات المراقد والأضرحة التاريخية، وبلغت الحصيلة في تونس 150 ضريحا بين سنتي 2012 و2013، فحرق مقام "سيدي بوسعيد الباجي"، العالم المتصوف الذي منح اسمه للقرية التي تطل على خليج تونس بالضاحية الشمالية للعاصمة، وفي ليبيا، أغسطس 2012 قامت عناصر جهادية بهدم مسجد "سيدي الشعاب الدهماني"، القريب من وسط العاصمة طرابلس، والذي يزوره الناس للتبرك به، وقاموا بانتهاك حرمة القبر، وقبل ذلك قامت مجموعة سلفية جهادية بتفجير ضريح للعالم الصوفي الشيخ عبد السلام الأسمر، الذي عاش في القرن التاسع عشر، وأضرمت النار في مكتبة مسجد في مدينة زليتن. وتم استهداف الكنائس المسيحية في سوريا، الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الإسلاميين وتعرضت للتخريب والاحتلال، وبالتالي مُنعت إقامة الشعائر الدينية فيها، كما تم تدمير عدد من الكنائس بشكل كامل بعد أن تمركزت العناصر الإسلامية المتطرفة فيها، ومنها كنيسة حي الجديدة في حلب، وكنيسة السيدة في بستان الديوان، وكنيسة سيدة السلام وكنيسة أم الزنار والكنيسة الإنجيلية في حمص. في دير الزور رصد هدم كنيسة السريان وكنيسة اللاتين ودير الرهبان الفرنسيسكان الكبوشيين، والكثير من كنائس وأديرة سوريا تعود إلى القرون المسيحية الأولى، وأهمها كاتدرائية مار سمعان العامودي الواقعة على بعد حوالي 40 كيلومترا من حلب والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع ميلادي، وهي من أجمل وأكبر الكنائس في العالم حيث تبلغ مساحتها 5000 متر مربع. و في الموصل العراقية أقدمت عناصر الدولة الإسلامية في العراق و الشام "داعش" على تدمير و حرق 11 كنيسة ودير من أصل 35 موجودة في عموم المدينة التاريخية، ودمروا قبر نبي الله يونس ثم مقام نبي الله شيت وهم من الأنبياء المذكورين لدى المسلمين والمسيحيين على حد سواء. وفي تمبكتو - المصنفة ضمن التراث العالمي للبشرية من قبل منظمة اليونسكو- لم تسلم الآثار التاريخية والدينية معاول الجهاديين، الذين تمكنوا من احتلال شمال مالي المتكون من مدن جاو تومبكتو وكيدال في يناير 2012، ففي يونيو 2012 قامت حركة أنصار الدين الجهادية بتدمير سبعة أضرحة ودور عبادة إسلامية في المدينة التاريخية ،كما قاموا باضرام النار في مكتبة مخطوطات قديمة في المدينة أثناء فرارهم منها قبل دخول القوات الفرنسية والمالية، ويوجد في تمبوكتو حوالي 300 ألف مخطوط محفوظا البعض منها يعود إلى مابين القرنين 13 و16 للميلاد ألفها علماء من المدينة ومن مدن أخري، وقد ساعدت اليونسكو علي انشاء مركز البحث احمد بابا حيث وضعت 40 ألف مخطوط منها 10 آلاف مخطوط مرقمن. ويبرر الجهاديين تصرفاتهم إنطلاقاً من فكرة واحدة وهي "محاربة الشرك و عبادة الأصنام"، ونذكر دعوة القيادي بالدعوة السلفية الجهادية في مصر، مرجان سالم الجوهري، إلى تحطيم تمثال أبوالهول والأهرامات وكل التماثيل في مصر، والذي قال:يجب تحطيم الأصنام والتماثيل التي تمتلئ بها مصر، والمسلمون مكلفون بتطبيق تعاليم الشرع الحكيم، ومنها إزالة تلك الأصنام كما فعلنا بأفغانستان وحطمنا تماثيل بوذا"، مضيفا: "نحن مكلفون بتحطيم الأصنام وسنحطم تمثال أبوالهول والأهرامات لأنها أصنام وأوثان تعبد من دون الله".