ما بين صراخ المواطنين من نقص الوقود، وما بين نفي المسؤولين، يعيش المصريون حالة من تكدس السيارات أمام محطات الوقود لساعات طويلة، خوفًا من ارتفاع محتمل في الأسعار، مما أدى إلى تجدد أزمة الوقود، أرجعها مسؤولون إلى زيادة المسحوبات من البنزين والسولار نتيجة "الشائعات"، وعزاها مواطنون إلى نقص الوقود. مخاوف محتملة تطبيق منظومة الكروت الذكية في 15 يونيو، وفق قرار رسمي من مجلس الوزراء، وتوقعات برفع أسعار الوقود مع اقتراب شهر يوليو، نتيجة تطبيق الشريحة الثانية من رفع الدعم.. كانت أبرز المخاوف التي أدت إلى اشتعال أزمة الوقود من جديد، بيد أن الحكومة نفت تلك المخاوف مبررة إياها ب"الشائعات"، حيث إن وزارة البترول أكدت أن هذه الشائعات من شأنها إفشال منظومة الكروت الذكية وظهور السوق السوداء، كما أكدت أن كميات بنزين 80 التي يتم ضخها بالأسواق يبلغ متوسطها خلال الوقت الراهن، 9.7 ألف طن بزيادة 105% عن المخطط. "المواطنين والسائقين متخوفون من نية الحكومة رفع أسعار الوقود الشهر المقبل".. وفق ما قاله حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية في الاتحاد العام للغرف التجارية، مؤكدًا في تصريحات خاصة، أن العديد من المحافظات تشهد أزمة في البنزين "80 أوكتان"، الأكثر استهلاكاً في البلاد، حيث تصل نسبة العجز إلى 30% في محافظات الدلتا (شمال مصر) والصعيد (جنوب)، بينما تقل النسبة إلى نحو 10% في القاهرة والجيزة والقليوبية. تصريحات المسؤولون بعد المخاوف، عادت ظاهرة التخزين بشكل كبير في عدة محافظات، خوفًا من نقص السولار والبنزين، كما لجأ أصحاب السيارات إلى ملء تنك سياراتهم، حيث قال الدكتور شريف سوسة وكيل أول وزارة البترول، إنه تلاحظ خلال الأيام الماضية زيادة فى مسحوبات الوقود من البنزين والسولار من محطات تموين السيارات بسبب شائعات انتشرت مع قرب بدء تطبيق منظومة الكارت الذكى وقيام بعض مستهلكى الوقود بإستمرار ملء تنك السيارة أولاً بأول مما يؤدى إلى الضغط على المحطات ونفاد الكميات فى وقت أقصر عما هو معتاد وذلك يمثل عبئاً على موارد الدولة تتمثل فى الكميات الإضافية التى يتم ضخها لمواجهة الزيادة غير المبررة فى الاستهلاك. ونوه إلى زيادة متوسط ضخ البنزين أمس إلى 20 ألف طن يومياً بزيادة نسبتها 21% عن المخطط وتم زيادة الضخ للسولار ليصل إلى 39.5 ألف طن يومياً بزيادة نسبتها 7%. كما أكد الكيميائي محمد عثمان عجيزة رئيس الإدارة المركزية للنقل والتسويق بوزارة البترول، توافر إمدادات الوقود من البنزين والسولار في مختلف محافظات مصر، محذرًا من انتشار شائعات بوجود أزمات في بعض المحافظات مع قرب تطبيق منظومة الكارت الذكي للوقود في منتصف الشهر الحالي. ونفى عثمان، الشائعات التي تتحدث عن تخفيض إمدادات بنزين 80 للأسواق؛ تمهيدًا لإلغائه، مؤكدًا أنه لايوجد أي نيه لإلغاء البنزين 80 واستبداله ببنزين 85 كما يشاع . وأكد أن كميات بنزين 80 التى يتم ضخها بالأسواق يبلغ متوسطها خلال الوقت الراهن، 9.7 ألف طن بزيادة نسبتها 105% عن المخطط. أول اختبار أمام الكارت الذكي "قد نضطر الوقوف في طوابير الانتظار أمام محطات الوقود ما بين 7 و10 ساعات".. هذا هو حال السائقين قبيل ساعات من تطبيق منظومة الكروت الذكية، مؤكدين أن "وردية" العمل تضيع في الحصول على كميات الوقود المطلوبة، أضافوا أن بنزين 80 غير متوافر في محطات الوقود، ونبحث في جميع المحطات عنه، إلا أن المحطة ليس لديها سوى رد واحد "لا يوجد". فكرة منظومة الكارت الذكي للبنزين، جاءت دون تحديد لنوعية السيارات، وكميات دون حد أقصى، ولا تغيير في الأسعار.. لكن هل تستمر هكذا؟، الإجابة جاءت بالإثبات من قبل مسؤولي الحكومة، وجاءت بالنفي من قبل مراقبون، حيث رأى وزير البترول الأسبق، الدكتور أسامة كمال، أن المنظومة الجديدة، تستغرق المرحلة الأولى منها عام تقريبًا، لتوفر 50 مليار جنيه، فيما تتضمن الخطوة الثانية تحديد الكميات لأصحاب السيارات الخاصة غير شاملة النقل والميكروباص وماكينات الري، وتوفر نحو 30 مليار إضافية، يتسع خلالها مظلة الضمان الاجتماعي والتعليم والنقل والصحة، بينما تشهد الخطوة الثالثة تحريك الأسعار خارج الكارت، وهو ما يقلل الدعم 30 مليار جنيه أخرى، وتشمل الخطوة الرابعة رفع الدعم خارج الكارت وتستغرق هذه المراحل نحو 5 سنوات. بيد أن تلك التوقعات جاء عكسها تمامًا عبر مؤتمر صحفي عقدته وزارتي البترول، والمالية، والشركة المنفذة للمشروع، عقد الشهر الماضي، مؤكدين أنه لا تحديد للأسعار أو الكميات.. أيهما سيتحقق؟، ربما صدقوا في ذلك لو كان الحديث عن الفترة الحالية، لكن كل المؤشرات تسير نحو تحقيق ما كشف عنه وزير البترول الأسبق، وإلا ما جدوى تطبيق نظام الكارت الذكى، في الوقت الذى لازال فيه الباب مفتوح على مصرعيه لرجال السوق السوداء والمنتفعين؟. غياب الرقابة الأزمة لا تكمن في ارتفاع أسعار الوقود فقط، أو قل تطبيق المرحلة الثانية من تقليص الدعم، لكنها حقًا تكمن في غياب الرقابة أو قل انعدامها، ففي ظل الضبابية التي نعاني منها خلال الفترة الراهنة حول "الزيادة"، سترتفع أسعار وسائل النقل والمواصلات يعقبها زيادة في أسعار السلع والخضروات بشكل عام، مثلما حدث في العام الماضي مع إقرار المرحلة الأولى من تخفيض الدعم من استغلال وزيادة غير مبررة في الأسعار. تضارب التصريحات هاني قدري دميان وزير المالية، أكد في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، البريطانية يناير الماضي، أن مصر ستمضي قدمًا في خطة الإلغاء التدريجي لدعم الوقود، موضحًا أن دعم الوقود سيتم خفضه مجددًا خلال السنة المالية، التي تبدأ في يوليو 2015 على أقصى تقدير. بينما قال المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية، في مؤتمر صحفي عقد في منتصف مارس الماضي، إنه لا مجال لتحريك الأسعار في الوقت الحالي، موضحًا أن خطة الدولة تعتمد على تقليل الدعم على مدار 5 سنوات، لافتا إلى أن خفض سعر الخام العالمى أسهم في تقليل العبء على فاتورة الدعم هذا العام. لكن الحكومة تؤكد أن رفع الدعم عن الوقود إجراء أساسي لتقليص عجز متفاقم للموازنة، بلغ خلال الشهور العشرة الأولى من العام المالي الحالي 2014/ 2015، نحو 231 مليار جنيه (30.4 مليار دولار). وبحسب البيانات الرسمية، فإن مخصصات دعم المواد البترولية تصل إلى 100 مليار جنيه (13.3 مليار دولار) خلال العام المالي الجاري، مقابل 126 مليار جنيه (16.7 مليار دولار) العام المالي الماضي. أسعار الوقود الجديدة رغم تضارب تصريحات المسؤولين حول إقرار زيادة جديدة في أسعار البنزين والسولار، خلال المرحلة المقبلة، إلا أن عدة تقارير صحفية، تداولت الأسعار الجديدة المرجح طرحها، حيث سيزيد سعر لتر بنزين "80 أوكتان" من 1.60 جنيه إلى 2.10 جنيه، وبنزين "92 أوكتان" سيرتفع من 2.7 جنيه إلى قرابة 3.25 جنيهات، و"بنزين 95" سيرتفع من 6.25 جنيهات إلى حوالى 7.5 جنيهات، والسولار من 1.8 جنيه إلى 2.10 جنيه. وكانت الحكومة، رفعت أسعار الوقود في يوليو من العام الماضي، ليصل سعر البنزين "92 أوكتان" إلى 2.60 جنيه للتر، بدلاً من 1.85 جنيه بزيادة 40%، كما ارتفع سعر البنزين "80 أوكتان" إلى 1.60 جنيه للتر، مقابل 0.90 جنيه، بزيادة 78%، وزاد سعر السولار إلى 1.80 جنيه للتر، مقابل 1.10 جنيه، بارتفاع نسبته 63%.، بينما تم رفع أسعار الوقود المستهلك في السيارات الفارهة بنسب متدنية، حيث وصل سعر البنزين "95 أوكتان" إلى 6.25 جنيهات للتر، مقال 5.85 جنيهات، بارتفاع نسبته 7%.