ذراع إسرائيلية للتواصل مع الشباب العربى يتخذ من مواقع التواصل الاجتماعى "فخًا" لفرض "تطبيع ناعم" رافضين لوجوده: غادر صفحته فورا طورت "المخابرات الإسرائيلية" عملها على شبكات التواصل الاجتماعى، للتواصل مع الشباب العربى والمصرى، خلال الفترة الأخيرة، من خلال أفيخاى أدرعى، المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي للإعلام العربي، بنشر يومياته وجولاته فى المدن الفلسطينية، وحديثه مع العرب المسلمين فى الأسواق، بالإضافة إلى تهنئته الدائمة بأعياد المسلمين والعرب، لإيصال العديد من الرسائل. يرى محللون سياسيون، أن إسرائيل تهدف من تلك العمليات، وهمنا بأنها تعيش في أمان بعكس الساحات العربية الأخرى التي تحولت إلى دمار بفعل الإرهاب، وكذلك إظهار العلاقات "المصرية- الإسرائيلية"، وكأنها علاقات جيدة، بالتركيز على الجانب التجاري من خلال عبوات عصير مصرية، في معبر كرم أبو سالم، والحقيقي أن هذه العبوات في طريقها إلى قطاع غزة وليس إلى إسرائيل. وتؤكد التقارير أن حديث أدرعى، عن "عصير فيفا" وجنديته "المصرية" دينا عوفاديا ثم حديثه عن رغبته في شرب العصير أثناء زيارة له إلى مصر، في "بوست" واحد على ال"فيس بوك"، فيه رسالة مركزة لكل متابعيه من الشباب المصري والعربي مفادها أن مصر حليف لإسرائيل، وذلك للتحريض على القاهرة، وأيضًا لإيصال رسالة تؤكد على ما يتم ترويجه حاليًا بأن عدو العرب هو إيران لا إسرائيل. كما يريد أفيخاى إظهار عبوات العصير والشاحنات في معبر كرم أبو سالم لإرسال رسالة مفادها أنه لا يوجد حصار إسرائيلي على القطاع، وأن الفلسطينيون هم من يعوقون نقل البضائع إلى القطاع، ويشير إلى الجنود الإسرائيليين قائلًا: إنهم "يخدمون ويضحون من أجل سلامة وأمن سكان الدولة جميعهم"، مدعيًا أنهم ليسوا كالجيوش العربية. وتبدو شخصية افيخاى محشوة بالكثير من التفاهة والرعونة، وسهلة للاستخفاف والاستهزاء بها كما يظن الشباب العربي، ولكنه في الحقيقة رجل خبيث يؤدي مهنته باحتراف بالغ وخطوات مدروسة، وساعدت أصوله السورية فى أن يكون واحدًا من أنجح الشخصيات الإسرائيلية، تواصلا مع العرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يملأ صفحته بالأدعية والآيات القرآنية والأمثلة الشعبية العربية، ولم يشجع منتخب الجزائر أو يسمع فيروز عبثا، فالحقيقة التي ينساها المتابعون أصحاب الفضول أن أدرعي، ما هو إلا جزء من منظومة أمنية وعسكرية صهيونية تهدف إلى محق الفلسطينيين والعرب وذلك عبر وسيلة لتحقيق "التطبيع الناعم"، من خلال التواصل مع الشباب العربي. وتحليل مضمون رسائل أفيخاي حول "الدولة" و"الجيش" و"المقاتل" في دولة الاحتلال الإسرائيلي يكشف لمدى بعيد، كيف يجتهد الاحتلال في تسريب صورة ذهنية مثالية وبراقة للمتابعين العرب عن دولة الاستيطان، التي تفوق دولهم جمالا وتنظيما، ويفوق جيشها جيوش بلدانهم انضباطا وتطورا"، هذا ما يؤكده الكاتب المصري أحمد الدريني في مقاله "العارف بالله أفيخاي بن أدرعي"، حيث يشير إلى أن هذه حالة من التطبيع الناعم طويل المدى، والذي يراهن على الرسائل التي تتسرب إلى اللاوعي المتابع. ويستمر الكاتب بالتأكيد على أن المتابع لأفيخاي سيتعامل – مع الوقت – مع إسرائيل كما لو كانت "وطنا" و"دولة" بالفعل، كما سيتعامل مع جيشها بوصفه الجيش النشيط الذي تؤدي فرقه الخاصة تدريباتها في فصل الربيع للحفاظ على لياقتها. وسيتعامل مع أفيخاي، الضابط بالجيش الإسرائيلي، بوصفه شخصا لطيفا، يهادي زوجته في عيد ميلادها هدايا باهظة الثمن، ويستمتع بالموسيقى، ويتحدث عن "وطنه" بكل حب وفخر. ويقول الدريني أن كل هذا يندرج تحت التطبيع بتغير الصورة الذهنية عن جنود الاحتلال بوصفهم بشرا عاديين مثلنا، لهم وطنهم وأحلامهم، وليسوا "الآخرين" أو "الأعداء" الذين نزكي كراهيتنا لهم على ضفاف المجهولية التي يفرضها إعلامنا عليهم كما يقول الكاتب. وأدرك نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي الخطر الذي يزيد جراء تواصل الآلاف من الشباب العربي مع أدرعي، فأطلقوا عبر موقع فيس بوك حملة تهدف إلى إلغاء الإعجاب بصفحته والتوقّف نهائيا عن التفاعل مع منشوراته أو الرد عليه حتى لو على سبيل المزاح والسباب، ونشر النشطاء رسالة مقتضبة جاء فيها "أفيخاي أدرعي يريد إقناعك أنه بشر مثلك، وأنه ليس عدوا، هو يظهر جانبا إنسانيا بينما يدرسك بجدية من أجل الإيقاع بك أمنيا، غادر صفحته فورا، فليس هناك مبرر لهذه العملية التطبيعية الغبية". انطلقت الحملة من خلال برنامج إذاعي متخصص في شؤون الإنترنت والإعلام الاجتماعي، يقول الناشط محمد مشارقة "أحد القائمين على الحملة": "لقد وجدنا الحاجز النفسي يكسر بين الناس وبين عدوهم باستخدام السخرية، فاستخدام السخرية كان خاطئا في التعامل مع العدو كونه ناطق باسم جيش العدو الإسرائيلي، والتواصل الشعبي بشكل عام بشكل مباشر مع جهاز عدو متخصص هو شيء غير سليم". ويوضح مشارقة إنهم يأخذون بالاعتبار أن صفحة أدرعي لا يوجد فيها فلسطينيون فقط، بل عرب أيضا، وقال "وجدنا أن أكثر تفاعل كان من المصريين، فلذلك نحن نناشد المصريين وتواصلنا مع صفحات مصرية لنشر دعوة لمقاطعة صفحة أفيخاي وإلغاء الإعجاب بها".