إبراهيم عبد المجيد من مواليد الإسكندرية صنفه النقاد كروائي من جيل السبعينات ذلك الجيل الذي عايش في شبابه فحول المفكرين والادباء بالإضافة إلي أحلام القومية العربية وانكسار النكسة. تخرج إبراهيم عبد المجيد من قسم الفلسفة ثم ترك بلدته متجهاً إلي القاهرة للعمل الأدبي إشتغل بوزارة الثقافة تولي فيها العديد من المناصب ، حصد العديد من الجوائز منها جائزة نجيب محفوظ عن رواية «البلدة الاخري» وجائزة المعرض الدولي للكتاب عن رواية «لا أحد ينام في الاسكندرية» ثم جائزة الدولة للتفوق في الأدب وجائزة الدولة التقديرية , أصدر العديد من الروايات ومنها «الصيف السابع والستين» و«صياد اليمام» و«بيت الياسمين» وآخر إصداراته «في كل اسبوع يوم جمعة». التقيناه ودار هذا الحوار: لكل مبدع ظروف شكلت أفكاره واتجاهاته فما هي الظروف التي شكلت فكر إبراهيم عبد المجيد؟ اولا:كان للمدرسة دور كبير في تشكيل فكري فلم تكن أعداد طلابها كثيرة مثل اليوم فكنا في حدود 16 تلميذاً في الفصل الواحد أما عن أنشطتها فكانت المدرسة متعددة الانشطة كما كان من بين حصصها حصة للمطالعة بمعني ان يقوم كل تلميذ بقراة قصة ثم يبدأ بعرضها هو بطريقته وأتذكر أنه كانت هناك رواية لم أتذكر اسمها الآن ولكني ما زلت أجدها إلي الآن علي أرصفة بيع الكتب القديمة وكانت تحكي أن هناك صياداً تاه في الصحراء ولم يستطع العودة مرة أخري من حيث أتي فتأثرت جدا إلي درجة البكاء حتي جاء أستاذ الحصة وأخذ يقنعني أنها قصة خيالية وليست بحقيقة ومن هنا بدأ ينمو عالمي الخيالي. ثانيا:السينما ذلك العالم الآخر الذي كنت أحيا فيه فكانت هناك رحلات أسبوعية إلي السينما تقوم بها المدرسة بالإضافة إلي زياراتي الخاصة إليها حيث كانت رخيصة. ثالثا:مرحلة التعليم الجامعي حيث دراستي للفلسفة فكنت من محبيها حتي أنني حصلت علي الدرجات التي تؤهلني إلي إكمال دراساتي في الجامعة لكي أسلك مسلك التدريس الأكاديمي ولكني رفضت رغبة في التفرغ للرواية. رابعا:إنضمامي للماركسيين علي الرغم من حبي الشديد للفلسفة الوجودية ، كما كانت لفترة اعتقالي علي الرغم من قصرها جدا أهمية كبيرة لأنها شبعتني بالكثير من الخبرات والأفكار الجديدة وكان السبب في ذلك الاعتقال هو انضمامي لتنظيم سري. كل تلك الأفكار كان لها الأثر في تشكيل فكري وكتاباتي الروائية. ما هو أثر الفلسفة الماركسية والوجودية علي فكرك؟ إن الفكرة الاساسية لدي الفلسفتين هي الإنسان ومدي شعوره بالاغتراب وقد قمت بعمل العديد من الروايات وكان محورها إغتراب الإنسان وعدم توافقه مع المكان والزمان والأشياء التي تحيط به وفي روايتي البلدة الاخري والتي قامت علي فكرة الهجرة إلي بلدان الخليج وعرضت فيها كيف كان الخليج ينظر إلي مصر وأبنائها ومدي الغربة التي يستشعرها الفرد في تلك البلاد. ما هو أثر فترة السبعينات علي فكرك الروائي؟ نعم كثيرا ما قلت إن جيلي عاش علي أحلام كبيرة ولكنها انتهت بالنكسة وهذا ما دفعني إلي كتابة أول رواياتي وكانت بعنوان صيف 1967 التي حاولت فيها قراءة ما أتت به النكسة والخديعة التي كنا نحيا فيها، بالإضافة أننا في تلك الفترة عاصرنا العديد من المفكرين والأدباء وذوات الفكر الخصب. يقال عن إبراهيم عبد المجيد أنه انتصر للأسكندرية فكيف ذلك؟ نعم انتصرت للإسكندرية لأن معظم الكتابات كانت عن الأجانب الموجودين في الإسكندرية وعن الأماكن التي يسكنوها بينما كانت كتاباتي حول أصحاب البلاد الفقراء الطيبين وأماكن الإسكندرية وشواطئها ومحلاتها ، أي انني لمست الطابع البسيط فيها. هل لك طقوس كتابية عند كتابة الرواية؟ لا توجد طقوس كتابية عندي ولكن الأشياء التقليدية التي أقوم بها عند الكتابة فمثلا لاأكتب إلا في مكتبي حيث مكتبتي التي أستطيع إخراج منها ما أريد من المعلومات والإضاءة النيون البيضاء وكذلك الأباجورة البيضاء علي مكتبي وأستمع للموسيقي من محطة الراديو وأبدأ في القراءة بداية من منتصف الليل حتي الثانية صباحا ومن الثانية حتي طلوع الشمس استغرق في الكتابة. رأيك في أحوال الرواية الآن؟ المشهد الروائي جيد ومتنوع ومعبر عن متطلبات وأحوال الافراد. أي من الروايات الموجودة جذبت انتباه إبراهيم عبد المجيد؟ الكل جذب انتباهي وقرأته بعناية وحرص ولا توجد رواية أفضلها بعينها عن الأخري. لماذا توجه إبراهيم عبد المجيد لكتابة الدراما التليفزيونية؟ استشعرت بقدرتي علي كتابة سيناريوهات لرواياتي لذلك توجهت إلي الدراما، كما انني لم أفكر ولو للحظة في هجر كتابة الرواية التي أحبها كما أن سرعة الدراما كوسيلة اتصال بالأفراد كانت سبباً في ذلك المنحي الذي نحوته نحو الدراما. هل هناك أعمال جديدة لك؟ نعم أفكر في عمل جديد خاص بالإسكندرية ولكن عن الإسكندرية المتشددة الموجودة الآن فأكتب كيف تغيرت مدن الإسكندرية وكيف تغيرت معالمها وكيف تغيرت ثقافتها إلي ثقافة الفكر الجامد نتيجة شيوع الأفكار الدينية المتطرفة.