برلماني يتضامن مع "القومي للمرأة" ضد الشيخ صلاح التيجاني    المشاط تبحث مع سي آي كابيتال دفع جهود جذب الاستثمار وتمكين القطاع الخاص    وزير الخارجية يشارك في مائدة مستديرة مع المجلس الاطلنطي    الأهلي يهزم دلفي في افتتاح دوري كرة اليد للمحترفين    بعد حديث رئيس الوزراء عنهم| الصحة تكشف آخر التطورات الصحية لمصابي محافظة أسوان    أوقاف الفيوم تفتتح أربعة مساجد اليوم الجمعة بعد الإحلال والتجديد    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    "اعتذار عن اجتماع وغضب هؤلاء".. القصة الكاملة لانقسام مجلس الإسماعيلي بسبب طولان    انهيار مبنيين سكنيين بالمنطقة التي استهدفت بالغارة في الضاحية الجنوبية لبيروت    مصر للطيران تكشف حقيقة وجود حالات اختناق بين الركاب على رحلة القاهرة - نيوجيرسي    صدور العدد الجديد من جريدة مسرحنا الإلكترونية وملف خاص عن الفنانة عايدة علام    تشييع جثامين ثلاثة شهداء فلسطينيين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على قباطية بالضفة الغربية    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الكشف على 794 مريضا فى قافلة وتدريب 44 طبيبا بشمال سيناء ضمن مبادرة بداية    أرني سلوت يصدم نجم ليفربول    نجم ليفربول يرغب في شراء نادي نانت الفرنسي    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    وزير العمل: حريصون على سرعة إصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    بعد أن تسببت في القبض عليه.. ماذا قال التيجاني عن خديجة التي اتهمته بالتحرش؟    «المتحدة» تستجيب للفنان أحمد عزمي وتتعاقد معه على مسلسل في رمضان 2025    إطلاق الإعلان التشويقي الرسمي لفيلم بنسيون دلال    روسيا: تفجير أجهزة ال"بيجر" في لبنان نوع جديد من الهجمات الإرهابية    مصدر لبناني: البطاريات التي يستخدمها حزب الله مزجت بمادة شديدة الانفجار    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    وزير المالية: معدل الدين الداخلي للموازنة انخفض 4.7% بنهاية العام المالي الماضي    جامعة عين شمس تعلن إنشاء وحدة لحقوق الإنسان لتحقيق التنمية المستدامة    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    هذا ما يحدث للسكري والقلب والدماغ عند تناول القهوة    إعلام إسرائيلي: تضرر 50 منزلا فى مستوطنة المطلة إثر قصف صاروخي من لبنان    معرض «الناس ومكتبة الإسكندرية».. احتفاء بالتأثير الثقافي والاجتماعي لمكتبة الإسكندرية في أوسلو عاصمة النرويج    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    سهر الصايغ تشارك في مهرجان الإسكندرية بدورته ال 40 بفيلم "لعل الله يراني"    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد سير أعمال تعديل الحركة المرورية بميدان الزراعيين    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    رئيس جهاز العبور الجديدة يتفقد مشروعات المرافق والطرق والكهرباء بمنطقة ال2600 فدان بالمدينة    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    «الخارجية الروسية»: الغرب تحول بشكل علني لدعم هجمات كييف ضد المدنيين    نجم الزمالك السابق يتعجب من عدم وجود بديل ل أحمد فتوح في المنتخب    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مترو بوليس».. أول أفلام الخيال العلمي يعود إلي الحياة
نشر في القاهرة يوم 16 - 03 - 2010

ومعروف لنا جميعاً إنه، حتي دخول الصوت علي الصورة ما بين 1928 و1929، كانت الأفلام صامتة، وتحت الصور، أو علي شاشة جانبية، يكتب الحوار، وقد رأت إدارة المهرجان العمل بذلك التقليد، وعلي الشاشة، تتابعت المشاهد وفق تركيب بنية السيمفونية، فالمشاهد الافتتاحية تجيء بعد عنوان علي الشاشة «مطلع» Prelude، وعند منتصف الفيلم، نقرأ علي الشاشة: «انترميدو» أي المنتصف، وغالباً ما كانت فترة استراحة، ثم تجيء التقسيمات الدالة علي تصاعد الدراما، وذلك تحت عنوان «فوريوزو» Furioso وهي تسمية مستمدة من ملامح العصور الوسطي، عندما كان الغضب يستولي علي الفرسان إزاء مشاهد التعذيب أو الاغتصاب، فيندفعون بعنف لإعادة العدالة إلي مقاطعتهم.
ويتفق مؤرخو السينما ونقادها علي أن فيلم: «متروبوليس» يشكل مرحلة مهمة في تطور البناء السينمائي، فقبل هذا الفيلم كانت الأحداث كلها تدور في ديكورات داخل الاستديو، مما أدي إلي ازدواجية في التشكيل، لأن للديكورات وحدتها البلاستيكية «التشكيلية»، وبالتالي فهي تحدد زوايا التصوير، كما تحتم الإضاءة وفق ما هو لامع وما هو خابي اللون، واستتبع ذلك أسلوب يقوم علي التباين الصارخ بين الألوان والإضاءة، ولأن اللون لم يكن قد دخل بعد في التصوير السينمائي، فالحدة «كونتراست» تعني استطالة الظلال، وتعميق مناطق الفراغ، بالإضافة إلي درجات العوارض: سلالم، ممرات ضيقة لا نهاية لها، إلخ.
ومن أهم مراحل هذه الفترة من تطور: «التعبيرية الألمانية» «EXPRESSIONISME» فيلم عيادة الدكتور كاليجاري، الذي أخرجه راند هذا الاتجاه روبرت فينه عام 1919.
أما المرحلة الثانية، فهي الخروج من الاستديو في المشاهد الخارجية، لتجسيم البيئة الطبيعية- الإنسانية المعمارية التي تحدد سلوك شخصيات الفيلم، وهي مرحلة تبدأ بفيلم «متروبوليس».
النسخة المفقودة
وحتي عام 2002، كان الاعتقاد السائد لدي المسئولين عن أرشيفات الفيلم في شتي أنحاء العالم، أن النسخة الأصلية قد فقدت تماماً، فإذا بورثة موزع بيوينوايرس، عاصمة الأرجنتين، يعلنون عن وجود النسخة الأصلية لديهم، وخلال 8 سنوات، عكف فنيو تكنولوجيا الصورة بمتحف وأرشيف السينما ببرلين، علي إعادة بناء الفيلم حسب ما تركه لانج من مسودات وملاحظات، وما نميزه من ديكوباج اللقطات، ومضاحتها بالجدار الرائق، وهي عملية صعبة للغاية، لأن شركات توزيع الأفلام في عام انتاج الفيلم 1926، لا تقبل فيلما يزيد علي ساعتين علي الأكثر، بينما النسخة الأولي من «متروبوليس» يتجاوز 160 دقيقة، وذلك بعد مونتاج صارم نهائي.
وعلي مستوي تطور الفكر السينمائي يعتبر فيلم «متربوليس» أول فيلم يحقق وظيفة الفنان الحق، ألا وهي «التنبؤ» ففي مراحل التغيير الاجتماعي الكبري كالانتقال من استثمار الأرض والعقار إلي مجتمع الصناعة والتكنولوجيا العليا، تحدث هزات نفسية اجتماعية فمن اعتاد علي سكون الريف لا يمكنه أن يتأقلم مع ضوضاء المدن ولا يستطيع تنفس دخان مصانعها، ومن مارس العمل اليدوي يجد صعوبة في العمل خلف آلة ضخمة.
والتنبؤ يتولد لدي الفنان عندما يشرع في بلورة جزئيات واقع في تغيير مستمر، كي يجيب عما يدور في طوايا نفوسنا إلي أين؟.
سوق الاحتكار
وعنوان الفيلم جريء جدًا، إننا نسير نحو مركز واحد لاحتكار الصناعة والسيطرة علي أسواق العالم، إن الحضارة الإنسانية في طريقها إلي أن تصبح في حجم ما يحدده أصحاب القرار في عاصمة واحدة للعالم: «المتروبول».
ومتروبوليس كلمة يونانية قديمة تتكون من مقطعين «مترو» أي السيد ثم بوليس أي «المدينة- الأم» لأن اليونان القديمة، كأغلب بلاد أوروبا في العصور الوسطي، كانت مقسمة إلي إمارات أو إقطاعيات، لكل منها حاكمها المطلق، ولكل منها جيوشها، ولتوحيد هذه الإمارات قامت حروب ضارية، ولنذكر نزعة التوسع لدي مينيلادس حاكم اسبرطة الذي أراد ألا يكتفي بتوحيد الإمارات الإغريقية، بل يضم إليها طروادة، ثم بعدها ومابعدها وهو نفس مافعله الإسكندر الأكبر وهو نفس ما كان يحلم به هتلر النازي، وهو الآن واقع من يملك التكنولوجيا العليا، ومن سيطر علي صناعة الأسلحة السوفيستيكية الاستراتيجية.
ولنر سويا، كيف عالج مرتيس لانج هذه الرؤية المستقبلية تقع الأحداث عام 2026، أي بعد مرور مائة عام علي انتاج الفيلم، وهذه هي أولي شارات التنبؤ، ومتروبوليس مدينة مقسمة إلي قسمين تقسيما حاداً وصارماً في أعلي ناطحات سحاب وحدائق تحاكي ما تحكيه الأساطير عن جنات عدن، والمعمار قوطي gothique، خليط من معمارناطحات السحاب في الولايات المتحدة، وقد ألهم ذلك المعمار مرتيس لانج، أثناء قيامه برحلة إلي نيويورك عام 1925، وهذا القسم العلوي يضم «الصفوة» «lelite» أنهم من يقومون بالتخطيط واجراء التجارب المعملية، وهم في النهاية بذور فئات التكنوقراط الحالية التي تتحكم في صنع كل ما ينتمي إلي الثورتين الإلكترونية والفوتونية حالياً.
غنائية الإيقاع
يبدأ الفيلم من أعلي، أمام نافورة وسط حدائق غنائية الإيقاع والتكوين، حيث نري فريدر، الابن الوحيد لسيد مترو بوليس، وأمامه غادة حسناء تداعبه، وتقطع لحظة «الانسجام» هذه فتاة ملائكية التكوين، سنعرفها باسم ماريا، وهو اسم له دلالة كاثوليكية كما ستوضحه الأحداث.
«ماريا» تشد انتباه فريدر، فيترك غادته، ويقتفي أثر ماريا، وإذا بها تهبط إلي أسفل، ومعني ذلك أنها تنتمي إلي طبقة العمال أيمكن أن يكون لعامل ابنة كلها براءة ونقاء كهذه؟.
سؤال يدفع فريدر إلي أن يهبط الدرجات المؤدية إلي «مدينة- تحت الأرض» وأول ما يراه عاملاً متقدمًا في السن يحاول ضبط تروس آلة ضخمة، فإذا بها تشده وتكاد تفرمه، فيهرع فريدر إليه، ويعيد الآلة إلي ما كانت عليه، ثم تتكرر التجربة، لكن في هذه المرة، يرتدي فريدر زي العمال ليوهم الجميع بأنه واحد منهم.
ثم تتكشف له شخصية ماريا عندما يحتشد العمال في ساحة المقابر، علي درجات سلم كاتدرائية عتيقة، ويجدها تقوم بوظيفة المبشر، تعاليمه أشبه بتعاليم غاندي، فهي تحث العمال علي أن يتزرعوا بالصبر حتي يجيء ما تسميه بالموحد، و«الموحد» هنا هو ما سوف يوحد الأيدي بالقلب، ويتحكم العقل في وحدتها ينضم فريدر إلي هذه الحركة الدينية- الثورية.
وتتتابع الأحداث تستشعر ماريا بأن النبوءة ستتحقق مع وجود فريدر فهو المخلص أو الموحد وتقع في حبه، وكذلك يقع فريدر في حبها.
يتابع العالم «روتوانج» تجربته، وهي صنع روبوت له سحنة وملامح «هيل» زوجة فريدر زين المتوفاة، ووالدة فريدر، إلا أنه يكتشف، أثناء رصده لما يحدث في أسفل يكتشف الدور الذي تلعبه ماريا، وكذلك علاقتها بفريدر، ويخبر سيد مترو بوليس، بما رآه، فيطالبه الأخير بأن يترك مشروع الروبوت هيل، ويخطف ماريا، ويصنع من وجهها قالباً يصب في آله بشرية جديدة، علي شريطة أن يكون لها سلوك العاهرات.
ويحاصر روتوانج ماريا، مستخدماً الشحنات الضوئية، ويجذبها إلي معمله، ويشرع في استنساخ ماريا الأخري، والأخيرة تبرمج بحيث تجذب العمال إليها بحثهم علي الثورة، والبدء بتحطيم الآله- الأم.
رغبة قاتلة
بالطبع لم تكن تلك رغبة سيد مترو بوليس، لكن روتوانج ينزع إلي تحطيم فريدر زين، فهو يحقد عليه، خاصة وأنه كان قد وقع في حب هيل، فإذا بسيد مترو بوليس ينتزعها ويتزوجها.
هذا هو الخط العام للفيلم
وقد أراد لانج أن يكون فيلمه سينما خالصة لكنه فيلم تجاري أيضاً، ومن هنا «الساسبنس» علي الطريقة الأمريكية ، وانتظار المخلص، وذلك حسب قاعدة جريفيث: الانقاذ في آخر لحظة.
وما إن يكتشف سيد مترو بوليس أن مشروعه لم يجن سوي حق العالم وثورة العمال، حتي يؤمن برسالة ماريا التي تبشر بالموحد: انه يضع يده في يد العمال، ويلتزم بقضية ربط القلب باليد، وتحكم العقل في هذه «العروة الوثقي».
وحالياً، عندما تشاهد أفلام الخيال العلمي، سواد لكوبرك أو لوكاس أو ريدلي سكوت أو شبيلد جر، نجدها كلها أطفال مترو بولس.
وإذا كانت مترو بوليس لانج قد تنبأت بصعود النازية، فبأي غد تبشر به أفلام الخيال العلمي حالياً؟.
لاشيء سوي الذعر، سوي غزو مخلوقات عدوانية، بدائية في نظر صناع تلك الأفلام- آتية من الفضاء، بينما الحقيقة، الحقيقة، الحقيقة، أن من يصل إلي أعلي درجات العلم تموت فيه نزعات البدائية العدوانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.