في لحظات تأمل حيري - لا أعرف كيف جال بخاطري هاجس سبب لي كثيرًا من القلق .. صاحبه تساؤل مثير للأسي !! .. هل لبلادي محطة لوقوف قطار المعرفة ؟؟ .... الذي يبرق في القرن الحادي والعشرين متجاوزا سرعة الصوت - وحتما سيبرق بسرعة الضوء .. ومحطتنا لا تحمل أي اشارات توحي بثقافة المعرفة . وللغرابة كانت هناك يافطة متربة ومهملة منذ عهد محمد علي باشا .. بالكاد نستطيع قراءتها لحكيم تقول " ان تقدم اي شعب من الشعوب تقاس بمدي تفهمه للتطور " وعلي الرصيف المقابل اشارة علي صنافور أهمل منذ زمن تقول " المعرفة هي القوة " أهكذا كان محمد علي يعلم !! .. فأصابني الوهن والقطار يترك محطتنا بسرعته الصاروخية . وانطويت علي نفسي .. متسائلا عن اسباب هروب عناصر التقدم من بلادنا وانا اعرف مقدما ان ما سأبحر فيه من عرض أفكار قابل للنقاش والنقد وحتي الاختلاف لتتحرك تلك المياه الراكدة الآسنة في العقول البليدة علنا نستطيع تغيير رائحة العفن .. رغم ان المرض عضال لنتحمل مدي قبح وجه الحقيقة !!! .... لنعاود قراءة التاريخ . منذ ما يزيد علي 2300 عام " ثلاثة وعشرون قرنا من الزمان "ومصر مستعمرة منذ نهاية القرن السادس قبل الميلاد حين سقطت في يد قمبيز واصبحت ولاية فارسية - ثم دخلها الاسكندر المقدوني لتصبح مستعمرة يونانية .... ثم انتزعها الرومان من اليونان .... ثم آلت الي البيزنطيين .... ثم استولي عليها العرب المسلمون ليرثها الامويون ثم العباسيون ثم الاكراد حتي المماليك ثم الاتراك العثمانيين لتصبح مصر سلة غلال افريقيا مطمعا لكل الغزاة .. نهيبة أو غنيمة هكذا كنا !! اكتشافنا لعناصر التقدم هذا لايمنع ان اكتشافنا لعناصر التقدم التي تنعم بها الدول المتقدمة بدأ منذ عام 1805 م حين حكم مصر محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة. حينها عرفنا انه بالعلم وبالعلم وحده تتقدم الامم عندما احدث ثورة في نظام عفا عليه الزمن وقتها تحديدا كنا خارجين من سطوة الاستعمار العربي الاسلامي باسم الدين لما يزيد عن 11 قرنا من الزمان منذ غزو او فتح عمرو بن العاص لمصر عام 642 م وسأركز علي هذه الحقبة بالذات لتكون المواجهة مع الذين يريدون معاودة حكمنا باسم الدين وما جنته مصر وشعب مصر من هذا الغازي او الفاتح الذي فرض علينا لغته وارسي في نفوسنا القيم المتخلفة وذلك عندما اصبح المواطنون رعايا مجردين من الوعي مسلوبي الارادة لقرون لتصبح قيم الاستبداد في الحكم باسم الدين لحكام وامراء وفقهاء النفاق ادعوا انهم يستمدون ارادتهم من السماء ولم يكتفوا بالحكم والنهب باسم الفيء ( الغنيمة ) "الخراج علي الارض والجزية علي الرعية او اهل الذمة " وانما الكارثة تأتي عندما يحضرني موضوع حرق مكتبة الاسكندرية ( كتب الحكمة الوثنية للكفار ) لانه مرتبط بقطع صلتنا بالعلم لقد كثر الجدل حول حرق مكتبة الاسكندرية وهل حرقها عمرو بن العاص ام لا وما يهمنا في هذا الشأن قراءة رد او فتوي الخليفة عمر بن الخطاب بكتابه لعمرو بن العاص حيث قال ( واما ماذكرت من امر الكتب فاذا كان ماجاء بها يوافق ما جاء في كتاب الله فلا حاجة لنا به واذا خالفه فلا ارب لنا فيه واحرقها ) فوزعت علي حمامات الاسكندرية لتوقد بها فما زالوا يوقدون بها ستة اشهر . للمزيد راجع كتاب مكتبة الاسرة فتح العرب لمصر ص 349 . ونظرا لاننا نميل الي صدق هذه الرواية من منطق وضوح المعني في رد الخليفة عمر بن الخطاب فلم يعد هناك حاجة للعلوم طالما انهم اتوا الينا بعلوم تصلح لكل الازمنة ليتآلف المصريين مع التخلف لقرون ليكون النتاج شعب لخص نابليون انطباعه عند غزوه لمصر في نهاية القرن الثامن عشر " من الصعب ان يجد الانسان بلدا اكثر غني وثروة وشعبا اشد بؤسا وجهلا " لاحظ اشد بؤسا وجهلا ولا عزاء للمصريين . ( لا تنسي في هذا السياق سجود المصريين امام بارود مدافع الحملة بدعائهم لله ياخفي الالطاف نجنا مما نخاف) أجيبونا يا اصحاب العمائم والفتاوي وحتي يا أصحاب القبعات من الجماعة المحظورة وغير المحظورة عن اي ذنب اقترفناه حتي تعلوا فوق رؤوس المصريين السيوف لنشر ثقافة البؤس والجهل والاستغلال افتونا لماذا كان هذا حالنا نتاج الحكم باسم الدين كل تلك القرون ؟؟؟ !!! . فك أسر عزلة تخلف المصريين لنعود الي محمد علي باشا حيث تمكن هذا الالباني المغامر من فك اسر عزلة تخلف المصريين بإقامة دولة مدنية صناعية تستنير بالعلم الحديث وكان أول من فتح المدارس لتعليم المصريين العلوم المدنية الهندسية والطبية والحربية ( المدفعية وانشاء السفن ..... الخ ) الي جانب اهتمامه بحركة الترجمة لتلقين العقل المصري بمفردات العلوم الحديثة و قام بارسال النابغين من المصريين الي اوروبا ليتعلموا العلوم العصرية ومناهج البحث والتحليل والتفكير العلمي المنظم حتي انه ربط تاريخه بتاريخ مصرعندما سئل عن بداياته الاولي اجاب " ان تاريخي الحقيقي يبدأ عندما فككت قيودي وأخذت اوقظ هذه الامة من ثبات الدهور " سيدي القائد رجل القلعة العظيم .. دعني أشكو منك واليك .. !! لتبدد حيرتي ففيروس الجهل والتخلف الخبيث عاد لينتشر بيننا الآن ويدخل بيوتنا مرئيا ومسموعا وحتي يتغلغل في شهقات انفاسنا بعد ما يزيد عن مائتي عام لبنائك دولة مصر المدنية الحديثة تخيل ياسيدي نجد الآن من يدعون للحكم باسم الدين رافعين شعار " الاسلام هو الحل " في حين لم يكن الاسلام يوما حلا للتقدم في عصرنا وأنت سيد من يعلم لأنك شاهد عيان كيف كان حالنا والاشد عجبا يا سيدي عندما تري من يدافع من الضحايا عن اساليب الجلاد في القهر لتصبح البلادة والاستسلام للجهل هما عنوان زماننا . تاريخ الصلاحية وهنا أتساءل سيدي هل انتهي تاريخ الصلاحية لمصل الاستنارة فأوصد باب المعرفة الذي افتتحته وتخرج منة رفاعة الطهطاوي و محمد عبده وقاسم امين وطه حسين ... الخ؟؟؟ !!! لتنعق الغربان في زماننا فوق جثث ضحايا العقل والمنطق أم تحور الفيروس الخبيث واكتسب المناعة من بلاد البدو حيث رائحة البترو دولار تغيب العقول وتطيل اللحية وترتدي الجلباب والنقاب في شوارعنا وحوارينا وحتي في قرانا بعد أن أيقظتنا ياسيدي من ثبات الدهور وآه ياسيدي لقد غزت بلادنا ثقافة الجهل الصحراوية تدعمها عناصر رجعية متطرفة أرجعت وعينا الثقافي قرونا للوراء عذرا يا سيدي هذه مصيبتنا فإليك عني هما .