ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد الوحدة الصاروخية لحزب الله في جنوب لبنان ونائبه    البيت الأبيض: بايدن وجه البنتاجون لتعديل وضع القوات الأمريكية في المنطقة    ثلاثي الزمالك الجديد أول مباراة يساوي لقب قاري    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي.. موعد ومكان الجنازة    «الأصيلة المحترمة».. مجدي الهواري يوجه رسالة رومانسية لزوجته دنيا عبدالمعبود    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    من الأطباء إلى أولياء الأمور.. «روشتة وقائية» لعام دراسي بلا أمراض    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    إعلام عبري: صفارات الإنذار تدوي في صفد ومحيطها    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    تراجع سعر الطماطم والخيار والخضار في الأسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.. رمز الاستقلال الوطني والكرامة العربية    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    ارتفاع أسعار النفط عقب ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    بمقدم 50 ألف جنيه.. بدء التقديم على 137 وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر غدا    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الأنبا بولا يلتقي مطران إيبارشية ناشفيل    عاجل - قصف إسرائيلي جديد على الضاحية الجنوبية في بيروت    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    عباس شراقي يُحذر: سد النهضة قد ينفجر في أي لحظة    «زي النهارده».. وفاة رئيس الفلبين فرديناند ماركوس 28 سبتمبر 1989    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الوزراء يروج للأفكار الشيوعية الهدامة تحت قبة البرلمان!
نشر في القاهرة يوم 17 - 07 - 2012

لم يجد «حزب الوفد» مفرا من أن يلجأ إلي مجلس الشيوخ لكي يتخذ من منبره، ساحة للدفاع عن نفسه ضد الاتهامات الخطيرة التي وجهتها له جريدة «أخبار اليوم» - لسان حال حكومات الأقليات في تلك المرحلة وبالذات زعمها بأن الدكتور «محمد مندور» يقوم بدور ضابط الاتصال بين «الوفد» وبين «الكومنترن»، أي المنظمة الشيوعية الدولية التي كانت تقوم بالتنسيق بين «الحزب الشيوعي السوفيتي» وبين الأحزاب الشيوعية في العالم، ودللت علي ذلك بأن «مندور» يتخذ من جريدة «الوفد المصري» التي يرأس تحريرها منبرا للتبشير بالأفكار الماركسية ولتنفيذ الخطة الشيوعية التي أسفرت من قبل عن تحول عدد من الدول إلي النظام الشيوعي بتحريض العمال علي تشكيل النقابات والقيام بالاضرابات واحتلال المصانع .. وإثارة القلاقل الاجتماعية. وعلي العكس من «مجلس النواب» الذي لم يكن للوفد سوي عدد قليل بين أعضائه بسبب مقاطعة الانتخابات عام 1945، التي أجرتها حكومة «أحمد ماهر» فقد كان له عدد ملحوظ من النواب في مجلس الشيوخ ، لذلك قرر أن يخوض المعركة ضد حكومة «صدقي» علي ساحته .. ولأن الأمر يتعلق بقضية كانت النيابة العامة تجري التحقيق فيها، مما يحول دون مناقشة وقائعها تحت قبة البرلمان التزاما بمبدأ الفصل بين السلطات فقد اختار محمد صبري أبوعلم - زعيم المعارضة الوفدية في مجلس الشيوخ أن يتخذ من القرار الذي أصدره مجلس الوزراء بتعطيل ثماني صحف موضوعا للمواجهة باعتباره قرارا يخالف المادة 15 من الدستور التي تحظر «إنذار الصحف أو وقفها أو إلغاءها بالطريق الإداري» وقدم اقتراحا بمشروع قرار يصدر عن المجلس ببطلان هذا القرار. وأبلغ «د. محمد حسين هيكل باشا» رئيس مجلس الوزراء «إسماعيل صدقي» بنص الاقتراح ، وحدد جلسة الاثنين 16 شعبان سنة 1365 ه الموافق 15 يوليو 1946 لمناقشته، وأرسل رئيس الوزراء يستأذن المجلس في حضور «محمد حسن باشا» - رئيس لجنة قضايا الحكومة - جلسات المجلس عند مناقشة الاقتراح بمشروع قرار المقدم من زعيم المعارضة الوفدية. ومع أن «صبري أبوعلم» توقي في نص الاقتراح الذي تقدم به إلي المجلس الإشارة إلي المادة 15 من الدستور ، اكتفاء بالإشارة إلي أن قرار مجلس الوزراء بتعطيل بعض الصحف «مخالف لقوانين البلاد» إلا أن «صدقي» في رده علي الاقتراح سرعان ما نقل المناظرة ، إلي تفسيره الخاصة لذيل المادة 15 من الدستور قائلا :إن هذا الذيل يعطي الحكومة الحق في اتخاذ قرارات بإلغاء الصحف إذا كان ذلك ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي وهو ما طرح هذا الذيل لمناقشة جادة وعميقة لمدلول هذه الإضافة، ومناظرة قانونية وسياسية لمعني النظام الاجتماعي وما هي الأخطار التي قد تحيق به ، وهل تعطي هذه الأخطار الجهة الإدارية، الحق في تعطيل الصحف بقرار منها، أم أن المخاطب بنص المادة، هو المشرع الذي ينبغي عليه أن يصدر تشريعا خاصا يتضمن تعريفا بالنظام الاجتماعي وتحديدا للأخطار التي تحيق به، وتنظيما لسلطة الإدارة في اتخاذ قرارات وقف أو تعطيل الصحف. وفي دفاعه عن قرار تعطيل الصحف الثماني، الذي أصدره سرد «إسماعيل صدقي» في البيان الذي القاه أمام مجلس الشيوخ ، نماذج من الأخبار والتعليقات والمقالات التي نشرتها تلك الصحف، وهي نماذج بالغة الأهمية، ليس فقط لأنها تعكس في مجموعها مدي فهمه لمصطلحي «النظام الاجتماعي» و«الأخطار التي تحيق به»، ولكن كذلك لأنها نماذج نشرت في أعداد أو مجموعات من تلك الصحف لا تحتفظ بها دار الكتب المصرية ولهذه الأسباب رأيت أن أنشر النص الكامل للمناقشة التي جرت حول اقتراح «صبري أبوعلم» كما وردت في مضابط جلسات مجلس الشيوخ في 15و16و22و29يوليو 1946، علي أن أعلق علي ما ورد فيها في هوامش هذه الدراسة. وهذا هو نص مضبطة الجلسة الأولي (1) الرئيس د. محمد حسين هيكل باشا: تقدم من حضرة الشيخ المحترم «محمد صبري أبوعلم باشا» مشروع القرار الآتي نصه وقد أبلغته إلي رياسة مجلس الوزراء: «يقر المجلس أن القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في يوم الخميس 11 يوليه سنة 1946 بتعطيل بعض الصحف باطلة ومخالفة لقوانين البلاد ويقرر وجوب ترك الأمر للقضاء المختص وحده بالفصل في ذلك الآن» . وقد ورد كتاب من حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء بندب حضرة صاحب السعادة «محمود حسن باشا» رئيس «لجنة قضايا الحكومة» (2) لحضور جلسات المجلس عند نظر هذا الاقتراح، فهل توافقون حضراتكم علي ذلك؟ (موافقة) - حضر حضرة صاحب السعادة «محمود حسن باشا» الكلمة لحضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء. حضرة صاحب الدولة «إسماعيل صدقي باشا» (رئيس مجلس الوزراء): أود أن أعتذر للمجلس الموقر عن بيان ربما وجدتموه طويلا ولكن أهمية الموضوع ونواحيه المتعددة تدعوني قطعا إلي هذا. لقد عنيت الحكومة منذ وليت زمام الحكم بكفالة الحريات الواردة في أحكام الدستور من صون حقوق الملكية الفردية وحماية حق الأفراد في العمل، والحرص علي حرية الرأي والصحافة والاجتماع في حدود القانون، فما الحرية إلا إباحة كل فعل لا يضر بالمصلحة العامة ولا بحقوق الغير. وأود أن أخص بالذكر من هذه العناية ما أقدره للصحافة من مكانة عالي.. للصحافة التي تعمل للمصلحة الوطنية العليا للبلاد بوازع من الإخلاص للنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية ومبادئ الدسور الأساسية.. للصحافة التي تحترم الحريات وتحافظ علي سلامة البلاد في الداخل وفي الخارج وتصون حقوق الإنسان ولا تضيع وقتها ووقت البلاد فيما يضر ولا ينفع. فما أهون الحرية إذا خُلعت علي صحف أعمتها شهوة مصالحها عن المصلحة العامة فأساءت استعمال حقوق الصحافة ودأبت علي استهتارها بالقانون وأمعنت في مخالفة أحكامه - ولعل المظهر الأول من مظاهر اهتمام الحكومة بالصحافة هو العمل علي تطهيرها من أمثال تلك الصحف. وإنه علي قدر اهتمام الدستور بحرية الصحافة الواردة في صدر المادة 15 منه فإنه قد قيدها حين أجاز في عجز تلك المادة «إنذارها أو وقفها أو إلغاءها بالطريق الإداري إذا كان ذلك ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي». وقد ورد في المذكرة التفسيرية التي وضعتها وزارة الحقانية للدستور أن القصد من ذلك القيد المنافي للمبادئ المقررة به « تمكين الحكومات من اتخاذ تدابير لضمان حرية أهل البلاد المسالمين والموالين للقانون»، فكان هذا الإيضاح كاشفا عما قصده الدستور من عبارة النظام الاجتماعي. تؤكد هذا وتؤيده المذكرة الإيضاحية لمشروع المرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1931 الذي عدل المادة 151 القديمة وهي (المادة 174 من قانون العقوبات الجديد رقم 58 لسنة 1937) (3) إذ ورد فيها «فمن يحبذ مثلا نظريات شيوعية كما تطبق في روسيا ومعني هذه البلشفية أو من يقرظ مذهب لينين يقع تحت طائلة العقاب». وهذا النص ظاهر الدلالة علي أن الشارع لم يقصر وقاية النظام الاجتماعي في البلاد علي دفع خطر البلشفية أو الشيوعية فحسب لأنه أورد عبارتيها في المذكرة التفسيرية المشار إليها علي سبيل التمثيل لا علي سبيل الحصر».( تولي الرياسة حضرة الشيخ المحترم محمد شفيق باشا وكيل المجلس)وهذا ما قضت به «محكمة مصر الكلية» في حكمها الصادر بتاريخ 3 نوفمبر سنة 1935 في الدعوي رقم 451 كلي سنة 1934 المرفوعة من صاحب جريدة «البلاغ» (4) ضد وزارة الداخلية وكان من بين حيثيات ذلك الحكم:« إن تحبيذ سيرة الذين اشتركوا في المظاهرات السياسية والإشادة بذكرهم والدعوة إلي الخروج علي النظام والقيام في وجه المكلفين بالمحافظة عليه كل ذلك يعتبر من الأخطار المهددة للنظام الاجتماعي». وفي يقيني أنه ليس من بين حضراتكم من لا يتفق معي في أن الغاية من وجود الحكومة هو المحافظة علي مصالح الجماعة وسلامتها وأن مجلس الوزراء لا يمكنه أن يتخلي عن المسئولية إذا لا قدر الله واختل النظام أو سادت الفوضي في البلاد، ولا أن يلقي المسئولية علي عاتق السلطة القضائية باعتبار أنها قد أبلغت عن ذلك. إذا قدرتم هذا بثاقب نظركم فلا أقل من أن تمكنوا الحكومة من المبادرة إلي تدارك الأخطار قبل وقوعها بما لديها من وسائل لا أود أن أقول أنها غير متوفرة أمام أية سلطة من السلطات الأخري، وليس من العدالة في شيء افتراض سوء التقدير في السلطة التنفيذية أو اتهامها علي غير أساس ب رغبتها في العدوان علي حقوق الغير. وطبيعي أنه ليس في مُكْنة الحكومة أن تقف مكتوفة الأيدي أمام أخبار تذيعها صحف بقصد اثارة الفتنة والاضطراب في البلاد بل إن واجبها الأول يقتضيها أن تلجأ إلي نص المادة 15 من الدستور لإلغاء تلك الصحف وليس في هذا أي شيء من التجاوز فإنها في ذلك إنما تدافع دفاعا شرعيا عن المجتمع علي غرار ما أباحه الشارع للفرد من حق الدفاع الشرعي عن نفسه وعن ماله. وما كان إلغاء الصحف أو مصادرتها بدعة فقد صادرت الوزارة النحاسية الرابعة (5) أعداد بعض جرائد المعارضة كجريدة «الثغر» (6) وكجريدة «البلاغ» في يوم 27 أكتوبر سنة 1937 وأكد رجال حزبها من أعضاء البرلمان في المناقشات البرلمانية أن تلك المصادرة كانت مشروعة وفي حدود القانون لأن تلك الصحف علي حد تعبيرها كانت ملوثة بأشنع القاذورات والأكاذيب وكان من الواجب علي كل مصلح في البلد وقف الحملات عند حدها لأنها كانت حملات تسمم الأفكار تسميما من أضر ما يمكن علي الجيل الحاضر والجيل المستقبل. وقد حكمت محكمة تنازع الاختصاص الفرنسية في حادث مصادرة جريدة ال«Action Fqancaise» صبيحة يوم 7 فبراير سنة 1934 عقب اضطرابات 6 فبراير سنة 1934 الدامية بأن المصادرة كان لابد منها (Indispensable) للمحافظة علي الأمن ولإعادته. وهناك من الأحكام ما تشدد رغبة منه في المحافظة علي أمن الدولة وسلامتها فقضي بوجوب اتخاذ الإجراءات الضرورية حتي ولو كانت مخالفة للقانون الأساسي للدولة (حكم محكمة الاتحاد السويسري في 14 ديسمبر سنة 1915 - بارتليمي سنة 1933، ص 243) وهو حكم صدر تطبيقا للمبدأ الروماني القديم (Sebus populi suprima lex) فوق القانون. مع أن مثل تلك الاجراءات لا تعتبر من باب التجاوز في التشريع المصري حيث نص عليها الشارع في المادة 15 من الدستور. والحكومة في استعمالها لتلك المادة إنما تستعمل حقا من حقوقها ألجأتها إليه ضرورة وقاية النظام الاجتماعي بعد أن انزلقت تلك الصحف إلي العمل علي تغيير النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بنشر مختلف الأخبار الكاذبة والتوجيهات الثورية بقصد إحداث الخلل والاضطراب في الحياة العامة وإثارة الفتنة والقلاقل في البلاد. وكم وددت لو كان أمر بعض موجهي سياسة تلك الصحف التي عطلت غير معلق أمام السلطات القضائية حتي كنت أفصح لحضراتكم عن مدي نشاط يقوم به جماعة لا لحساب وطنهم بل لحساب ناحية أجنبية ويعملون جاهدين في التقابل والتشاور واصطناع الحركات الهدامة بين الطلبة وبين العمال وبين مختلف الطوائف علي هدي ما قام في بعض الدول التي غيرت نظمها الاجتماعية. وغني عن البيان أنه فضلا عن رغبة الشارع في كفاح الحركات التي قد تمس حرية أهل البلاد المسالمين والموالين للقانون فإن من بين الحركات التي ينص الشارع علي منع نشاطها، الاشتراكية - التي نادي بها كارل ماركس - والشيوعية، والبلشفية الروسية، التي تنطوي علي استيلاء العمال مباشرة وبالقوة علي مقاليد الأحكام في الدولة ، والنقابية الثورية، التي ترمي إلي تحرير الطبقة العاملة علي يد زعماء من العمال أنفسهم وتذهب إلي أن المطالب الخاصة بزيادة الأجور أو تخفيض ساعات العمل أو غير ذلك لا تُطلب اختيارا ولكنها تؤخذ قوة واقتدارا وتوصي بالالتجاء إلي الإضراب في كل مناسبة لإرهاب الرأسمالية ولتمرين العمال علي الثورة. ولئن كان الشارع المصري قد ذكر الدعوة البلشفية علي سبيل التمثيل في مذكرة وزارة الحقانية التفسيرية للدستور، كما ذكر النظريات الشيوعية والبلشفية علي سبيل التمثيل في المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 97 سنة 1931 فإنه دون أدني شك قد قصد إلي اعتبار الوسائل التي قامت علي أساسها تلك المذاهب من الأمور المحرمة في المملكة المصرية. وقد بدأت حركات التطور إلي تلك النظم الهدامة في بعض دول العالم: أولا: بقيام حركات بين العمال تدعو إلي تحريرهم وإلي تحسين أحوالهم ومحو الفوارق الاجتماعية. ثانيا: وبتشكيل جمعية لتحرير العمال مهمتها الاتصال بهم وتعليمهم سياسيا، كانت نواة لتأليف حزب ديمقراطي. ثالثا: والاستعانة بالصحف علي توجيه العمال نحو الخروج علي
أحكام القانون والثورة. رابعا: وبدء قيام الثورة بمظاهرات واعتصامات ومصادمات مع البوليس. تلك هي الخطة التي دلَّ التاريخ علي أنها الخطة المطلوبة لقلب نظام الحكم في دولة من الدول ولتغيير النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية فيها، وأنها لخطة نهجت علي نبراسها تماما تلك الصحف التي عُطِّلت بقرار من مجلس الوزراء. وعلي هدي هذا كونت «لجنة العمال للتحرير القومي» في عام 1945 وكان من بين أعضائها صنيعة من صنائع داعية شيوعي معروف متهم في قضية الشيوعية الحالية ( 7). كذلك أُلّفت «لجنة الطلبة التنفيذية»(9) في تلك السنة وقد جمعت بين اعضائها بعض من يعتنقون المبادئ الهدامة ويدعون لها ممن كانوا يجتمعون في دار جريدة «الوفد المصري» ويدبرون حركات الإضراب ثم ينفذونها في «جامعة فؤاد» متخذين من جريدة «الوفد المصري» لسانا لحالهم ولإذاعاتهم. وبعد ذلك كونت «اللجنة الوطنية للطلبة والعمال» بقصد ظاهر هو الكفاح الوطني وهدف مستتر هو الترويج للشيوعية.. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا.. ألم يقل دولة «صدقي باشا» أن هذه المسائل رهن التحقيق؟.. إذا سلمنا بهذا فليس لدولة الرئيس أن يتناول في بيانه مسائل أصبحت محل تحقيق. حضرة صاحب الدولة «إسماعيل صدقي باشا» (رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية): إنني أتكلم عن تعطيل الصحف بقرار من مجلس الوزراء، وقرار مجلس الوزراء في استطاعتكم مناقشته (9).. وكان من بين أعضائها صنيعة لداعية شيوعي منهم في قضية الشيوعية الحالية وأخيرا ألف «مؤتمر نقابات عمال القطر المصري» وكان ذلك الصنيعة من بين أعضائه، وقد أرسل برقية يستنجد فيها بدولة أجنبية للتدخل في شئون مصر الداخلية. وقد أخذت تلك الهيئات الثورية في العمل علي إثارة القلاقل والفتن وزعزعة الطمأنينة وتكدير السلم العام في البلاد عن طريق صحيفة «الوفد المصري» (10) التي احتضنت تلك الجماعات وروجت لقراراتها المنصرفة إلي تحبيذ الحركات التي تقع في برامج النقابية الثورية ونشر كل ما يحرض علي الاعتصامات العامة المعتبرة من أولي المسائل التي تتحقق بها الثورات عادة، مما قد حرمه المرسوم بقانون رقم 102 لسنة 1945 الذي يحظر التوقف عن العمل في مصانع النسيج المعد للبس والمرسوم بقانون رقم 101 لسنة 1945 الخاص بحفظ النظام في معاهد التعليم. من ذلك ما نشرته جريدة «الوفد المصري» بتاريخ 25 نوفمبر سنة 1945 بعنوان «الحكومة والعمال» بقلم شيوعي متهم في القضية الحالية (11) «إننا لا نقبل فصل التشريع العمالي في مصر عن التشريع الدولي ونطالب بهيئة واحدة وتشريع واحد ومؤتمر واحد لعمال جميع البلاد التي تتمتع بعضوية هذه الهيئة ونطالب بالاعتراف بحق العمال في الإضراب». تقول الجريدة هذا في الوقت الذي يرفض فيه «حزب العمال» في انجلترا إدخال الحزب الشيوعي إلي حظيرته لأنه إنما يعمل لحساب جهة أجنبية وتهدف الجريدة بما تنشره إلي اشتراكه في تقنيننا. وبتاريخ 20 فبراير سنة 1946 نشرت الجريدة مقالا يقول فيه كاتبه «بأن البلاد في ثورة وأن الثورة لم تخمد بعد»!! وبتاريخ 25 منه نشرت مقالا تنطوي علي تحريض الجند إلي عدم الانقياد للقوانين واللوائح. وبتاريخ 10 مايو و7يونية نشرت بيانات للجنة الوطنية للطلبة والعمال تحرض فيها علي الإضراب. وبتاريخ أول يونية نشرت عبارات تحسن جريمة الإضراب وتعتبرها طريقة سليمة من طرق تحقيق مطالب العمال. وبتاريخ 7 يونية نشرت الجريدة بيانا من «مؤتمر نقابات عمال القطر المصري» -وهو هيئة شيوعية معروفة- بأن المهلة التي حددها العمال للحكومة لإجابة مطالبهم قد انتهت في اليوم السابق وأن اللجنة التنفيذية للمؤتمر قررت - إزاء إهمال الحكومة لمطالب العمال واتخاذها اجراءات بالغة درجة الإرهاب والتعسف مع عمال شبرا - أن يكون يوم 10 يونية سنة 1946 يوم اضراب عام للعمال المصريين في جميع أنحاء القطر. والواقع أن العمال ما كانوا بحاجة إلي مثل هذه التوجيهات لأن الحكومة جد معينة بأمرهم وهي تحرص غاية الحرص علي العناية بشئونهم والعطف عليهم والتوفيق بين مطالبهم ومصالح أصحاب الأعمال في حدود العدالة المطلقة. كذلك هدفت إلي إحداث الوقيعة بين العمال وبين الحكومة والبوليس وإظهارهم بمظهر التعسف والتعنت وذلك بما نشرته. بتاريخ 24 مايو 1946 من أن الحكومة تحبس الجائعين من العمال - وهذا غير صحيح. وبتاريخ 25 مايو من إن الحكومة تتحدي إرادة الشعب وتفصل كثيرين من معاهدهم وتغلق المصانع في وجه العمال - وهذا أيضا غير صحيح. وبتاريخ 2 يونية من إن واجب الحكومة العدول عن اجراءتها التعسفية من عمال شبرا الخيمة وعن أخذ التعهدات المطلوب منهم توقيعها لأنها تشترط تنازلهم عن حقوقهم المختلف عليها.. وكان ذلك من الجريدة ادعاء كاذبا. وبتاريخ 7 يونية 1946 من إن الحكومة تكمم أفواه العمال ولا تفكر في الانتصاف لهم من أصحاب الأعمال الرأسماليين. وبتاريخ 8 منه من إن عمال شبرا الخيمة يعانون أزمة قاسية والحكومة تتبع الإجراءات التعسفية. وبتاريخ 25 يونية من ان مصانع شبرا الخيمة مغلقة وعمالها مضربون عن الطعام والحكومة مستمرة في القبض عليهم. وبتاريخ 26 يونية من أن الحكومة قامت بالقبض علي أعضاء «اللجنة التنفيذية لمؤتمر نقابات العمال» - تلك الهيئة التي قلت لحضراتكم عنها إنها بؤرة شيوعية - عندما قرروا الإضراب لرفع أجورهم وأن البوليس عاملهم بقسوة فأضربوا عن الطعام احتجاجا علي ذلك. وبتاريخ 29 يونية من أن عمال شبرا الخيمة يعانون حياة قاسية والحكومة تلقي بهم في السجن وأصحاب الأعمال يريدون أخذ تعهد علي العمال يحرمهم من حقوقهم التي يكفلها الدستور والقوانين. مع أن هذا الخبر كاذب من أساسه لأن التعهدات ما كانت تتضمن غير الإقرار بإطاعة القوانين واللوائح. ثم إنها عملت علي التحريض علي بعض الطوائف بما من شأنه تكدير السلم العام (12) فنشرت: بتاريخ 26 مايو سنة 1946 بأن الحكومة تزيد الأغنياء غني والفقراء فقرا وتطارد العمال. وهذا هو بيت القصيد لأن تأليب الطوائف علي بعضها والعمل علي هدم الملكية الفردية هو أظهر هدف في الدعاية الشيوعية. وبتاريخ 3 يونية بعنوان «الباشوات الرأسماليون». «إن جانبا ضخما هائلا من ثروة مصر تحتكرها أقلية من الناس لا تبقي لغالبية الشعب غير الفقر والجهل والمرض». وبتاريخ 11و12و15 يونية بعنوان «باشوات رأسماليين» ، «إن الباشوات الرأسماليين يشتركون في مجالس إدارات عدة شركات بلغ استغلالها للشعب حدا كبيرا ولا هدف لها غير توفير الأرباح الفاحشة لحفنة من كبار الرأسماليين. وقد عمدت الجريدة إلي نشر مقال يوم 12 منه إلي جوار أخبار عنوانها 25000 عامل في المحلة يطالبون بحقوقهم. وقد أذاعت جريدة «الوفد المصري» أخبارا من شأنها التحريض علي استعمال القوة والقيام بأعمال العنف (13) حيث نشرت: بتاريخ 12 يونية 1946 تحت خبر يتضمن القيام بالقبض علي عدد كبير من أعضاء مؤتمر نقابات عمال القطر المصري، بأن الفين من العمال المتعطلين في طهران تظاهروا وحطموا نوافذ البلدية والبريد والتلغراف قبل أن يتمكن البوليس من تفريقهم، ومعني ذلك افعلوا مثل ما فعلوا. وأخيرا أفصحت جريدة «الوفد المصري» عن اتجاهها بما نشرته في يوم 3 يوليه 1946 بعنوان «اليمين واليسار». «إن في مصر اتجاهات قاسية إلي اليمين واليسار، ومصر بلاد لا ينكر أحد تفاوت الثراء فيها تفاوتا مريعا، وقد أبي جنود الحكومات الرجعية ووقوفها أمام كل تطور اجتماعي عادل إلا أن يولد في البلاد موجة نحو أقصي اليسار. وليس من شك في أن تولي الحكم الآن حكومات يشكو الشعب من أنها لا تمثله ولا يسلم لها بادئ الرأي بأنها تحتضن مصالحه مما يخشي أن يرتد هذا الأندفاع نحو التطرف اليساري. وإن مغزي الفقرة التي انشأنا المقال من أجلها هو محاولة التهوين من الخطر الذي تتعرض له البلاد باستمرار تولي الحكم فيها وزارات لا يطمئن إليها الشعب لأنها لا تمثله ولا تنطق بآلامه بل وتنتهج في حكمها كل يوم سياسة ترعي المنتج أكثر من المستهلك ومؤسس الشركة أكثر من الشاب الكفء الفقير - وتري في كل اتجاه نحو اليسار جرما يجب أن يحارب أن تقضي علي آثاره. تلك أمثلة مما كانت جريدة «الوفد المصري» تقوم بنشره من جرائم حظرها قانون العقوبات، وأنه ليستبين منها ومما تقدم بيانه أن تلك الجريدة كانت وكرا لحركات تدبر وتذاع فيها وتنفذ وكان من بعض أثار دعايتها أحداث يؤسف لها ب«جامعة فؤاد» من اضراب وتظاهر وإتلاف للشعلة (14) - وهذه مسألة لا أريد التعرض لها لأنها محل تحقيق - وأخري مفزة ب«جامعة فاروق» تسلح الطلبة فيها بأعمدة أسوار الجامعة الحديدية وبالطوب وبغصون الأشجار ومحاولتهم الاتصال بالعمال وتصادمهم مع البوليس وذلك في شهر فبراير سنة 1946 وما كان يقع في شبرا الخيمة من إضراب واحتلال للمصانع واعتداء علي حق العمال الراغبين في العمل بالأعتداء عليهم تارة بالطوب وأخري بماء النار أو بمحاولة إتلاف السيارات التي تقلهم. حقا إنه لنشاط من الجريدة يهدم أحكام القانون والنظم الاجتماعية ولا يتصل من قريب ولا من بعيد بالمصلحة الوطنية بالبلاد بما يخرج الجريدة حتما من حماية المادة 14 من الدستور ويبيح لمجلس الوزراء تعطيلها طبقا للمادة 15 من الدستور وقاية للنظم الاجتماعي. وأنني لا أتكلم هنا عن الوفد ولكن يؤسفني أن تكون هذه الجريدة لسان حال للوفد وأن يكون المدافعون عنها هنا من رجال الوفد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.