خريطة الأسعار: ارتفاع الأرز والسكر والبيض وقفزة الذهب    ڤودافون مصر توقع اتفاقية تعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لدعم الأمن السيبراني    بروتوكول تعاون بين جامعة الفيوم والاتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية    مفوض أوروبي يدافع عن المساعدة في البحث عن مروحية الرئيس الإيراني المنكوبة    الكاف يدين سلوك جماهير الزمالك في نهائي كأس الكونفدرالية.. ويلوح بالعقوبات    الإعدام لقاتل طفلين والتخلص منهما بمساعدة نجله في الشرقية    تفاصيل عيد الأضحى 2024 ومناسك الحج: الموعد والإجازات    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    حجز استئناف أحمد عز على إلزامه بدفع 23 ألف جنيه إسترليني لتوأم زينة    "إطلالة أنيقة".. هيفاء وهبي تخطف الأنظار بأحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    الوفد الروسي بجامعة أسيوط يزور معهد جنوب مصر للأورام لدعم أطفال السرطان    "النواب" يوافق على منحة لقومي حقوق الإنسان ب 1.2 مليون جنيه    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    افتتاح دورة إعداد الدعاة والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية بمطروح    الليجا الإسبانية: مباريات الجولة الأخيرة لن تقام في توقيت واحد    استبدال إيدرسون في قائمة البرازيل لكوبا أمريكا 2024.. وإضافة 3 لاعبين    مدرب الزمالك يغادر إلى إنجلترا بعد التتويج بالكونفيدرالية    مصطفي محمد ينتظر عقوبة قوية من الاتحاد الفرنسي الفترة المقبلة| اعرف السبب    وزير الري: 1695 كارثة طبيعية بأفريقيا نتج عنها وفاة 732 ألف إنسان    البنك الأهلي المصري يتلقى 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل الاستدامة    المؤشر الرئيسي للبورصة يتراجع مع نهاية تعاملات اليوم الاثنين    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأجيل محاكمة رجل أعمال لاتهامه بالشروع في قتل طليقته ونجله في التجمع الخامس    العثور على طفل حديث الولادة بالعاشر من رمضان    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    سوزوكي تسجل هذه القيمة.. أسعار السيارات الجديدة 2024 في مصر    الحياة على كوكب المريخ، ندوة علمية في مكتبة المستقبل غدا    ل برج الجوزاء والميزان والعقرب.. أكثرهم تعاسة وسوء حظ 2024 بحسب التوقعات الفلكية    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    «صحة الشرقية» تناقش الإجراءات النهائية لاعتماد مستشفى الصدر ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    الدايت أسهل في الصيف- إليك السبب    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    مسرح التجوال يقدم عرض «السمسمية» في العريش والوادي الجديد    نائب جامعة أسيوط التكنولوجية يستعرض برامج الجامعة أمام تعليم النواب    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    ورشة عمل عن مبادئ الإسعافات الأولية ب"طب الفيوم"    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    32 صورة فاتنة.. الطبيعة تقدم أضخم استعراض لأزياء الطيور    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    شكرى: الاحتياجات ‬الإنسانية ‬للأشقاء ‬الفلسطينيين ‬فى غزة ‬على رأس أولويات مصر    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين فى قرغيزستان    في طلب إحاطة.. برلماني يحذر من تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كساد أوروبي.. وقلق أمريكي.. وأزمات جديدة تقترب
نشر في القاهرة يوم 19 - 06 - 2012

جاءت مطالبة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقادة الأوروبيين بضرورة التحرك لتقوية النظام المصرفي الأوروبي، لتعكس " قلق " واشنطن المتصاعد إزاء الأنباء السيئة القادمة من منطقة اليورو بسبب تفاقم أزمة الديون، وانعكاساتها علي الاقتصاد الأمريكي، كما جاءت كلمات أوباما صريحة بتأكيده علي أن " الكساد " في أوروبا، سيؤثر علي وتيرة الانتعاش الأمريكي، وإشارته إلي أن واشنطن حريصة علي تجنب " توبيخ " أوروبا، أو أن تملي علي الزعماء الأوروبيين ما يجب أن يفعلوه إزاء أزمة الديون المتصاعدة. يأتي ذلك، في وقت أكد فيه الاتحاد الأوروبي أن الحكومة الإسبانية طلبت مساعدة مالية من منطقية اليورو التي تشارك في عضويتها، وجاء في بيان أوروبي صدر في بروكسل أن الاتحاد الأوروبي يؤيد الجهود التي تبذلها السلطات الإسبانية بحزم لمعالجة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، ورحب الجانب الأوروبي بعزم الحكومة الإسبانية علي التقدم بطلب رسمي للحصول علي مساعدة مالية في هذا الصدد. وفي واشنطن، أكد بن برنانكي رئيس البنك المركزي الأمريكي أنه مازال أمام قادة الاتحاد الأوروبي الكثير من العمل الذي يجب إنجازه لحل أزمة اليورو، وأولي هذه المهام هي العمل علي استقرار بنوك منطقة اليورو، وأضاف رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي الأمريكي أمام اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ أن البنوك الأمريكية قد حسنت وضعها المالي بنسبة كبيرة للغاية خلال السنوات الأخيرة، وبالرغم من ذلك، فإن الموقف في أوروبا يمثل مخاطرة كبيرة علي النظام المالي والاقتصاد الأمريكي، ويجب مراقبته عن كثب. ومع توالي أنباء أزمات جديدة تقترب لتطال الاقتصادات الكبري والاقتصاد العالمي، والتباطؤ في معدلات النمو، جاءت تقارير البنك الدولي لعام 2012 لتفيد بأن نحو مليار وربع المليار نسمة في العالم مازالوا يعيشون في فقر واضح. أنباء سيئة أكثر ما يلفت الانتباه هو انتشار حالة الذعر والقلق لدي الساسة والقادة الأوروبيين، فضلا عن حالة عدم اطمئنان تامة لدي المسئولين في الولايات المتحدة خشية تجدد الأزمة المالية العالمية بكل ما تنطوي عليه من آثار سلبية تطال الاقتصاد العالمي، في وقت تحاول فيه كل الأطراف الوقوف علي أرض صلبة، تجنبا لتجدد المزيد من المشاكل المالية التي لم يبرأوا منها بعد. فالرئيس أوباما يلح علي القادة الأوروبيين المسارعة بضخ رؤوس الأموال في المصارف التي تواجه الصعوبات، ويقترح عليهم وضع إطار ورؤية علي المدي الطويل من أجل جعل منطقة اليورو أكثر استقرارا وتعاونا في مجال سياسة الموازنة والسياسة المصرفية، ويحذر أوباما من أن خروج اليونان من منطقة اليورو تحت وطأة الأزمة التي تعصف بها، سيجعل الأمور أكثر سوءا. وفي هذا السياق، فإن الولايات المتحدة تسعي جاهدة لتجنب تداعيات الأخبار السيئة التي تنقلها رياح أزمة اليورو في أوروبا، في الوقت الذي تواجه فيه مشكلات الاقتصاد الأمريكي، لذلك يتوجه أوباما إلي أعضاء الكونجرس طالبا منهم إعادة النظر في " خطة التوظيف " التي سبق أن عرضها في سبتمبر الماضي، بهدف مواجهة النتائج التي خلفتها مشكلات الاقتصادات الأوروبية علي الاقتصاد الأمريكي، وهي الخطة التي يهدف منها الرئيس إلي إعادة المزيد من الأمريكيين إلي العمل، هذا، مع تأكيد الرئيس بأن الاقتصاد والنظام المالي الأمريكي يرتكز علي أساس صلب، مما يمكنه من استيعاب الصدمات القادمة من أوروبا، " والتداعيات التي تأتي من الجانب الآخر من الأطلسي ". وهنا نذكر أن تقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أشار إلي نتائج " أقل سوداوية " بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، وأن فرص إيجاد الوظائف " تخطي التوقعات "، وأن نفقات الاستهلاك، أبرز محرك للنمو الأمريكي، تحسنت بشكل ملموس، ويتوقع تقرير الأمم المتحدة بالنسبة للولايات المتحدة نموا من 2.1 % في 2012، إلي 2.3 % في 2013، ومع ذلك فإن الأزمة المالية علي مدي ثلاث سنوات تسببت في خسارة الأمريكيين لحوالي 40 % من ثرواتهم، وعموما، يخيم التشاؤم علي الاقتصادات الكبري خشية تجدد عدوي الأزمات الاقتصادية العاصفة. يأتي هذا، بينما أبقت وكالة ستاندر آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيف الولايات المتحدة عند درجة ( إيه إيه + ) ولكنها أرفقت قرارها بتوقعات سلبية محذرة من أنها قد تعمد إلي خفض التصنيف مجددا بحلول 2014. وكانت الوكالة قد أحدثت زلزالا في أغسطس 2011 بإعلانها خفض التصنيف الائتماني لواشنطن من الدرجة الممتازة ( إيه إيه إيه ) درجة واحدة، وهي تستمر في تحذيرها حاليا للولايات المتحدة من أن " اتجاه سياسة الموازنة الأمريكية يساهم في إضعاف تصنيفها الائتماني "، وأنها أبقت علي توقعاتها السلبية لمستقبل الاقتصاد الأمريكي، وهي توقعات كانت قد أرفقتها في العام الماضي بقرارها خفض التصنيف. وفي تفصيل مدي خطورة هذه التوقعات السلبية تقول الوكالة إن خطر الاقتراض علي الدين العام للولايات المتحدة، يمكن أن يتعاظم إلي حد الدفع في طريق المزيد من تخفيض التصنيف، وعلامة ( إيه إيه + ) الممنوحة للديون طويلة الأمد حاليا. وعلي الجانب الآخر من الأطلسي، تستمر أيضا الأنباء السيئة، فقد قامت وكالة " فيتش " الأمريكية للتصنيف الائتماني باتخاذ قرارها في الإسبوع الماضي، بخفض تصنيف إسبانيا بمقدار ثلاث درجات من ( إيه ) إلي ( بي بي بي ) وأكدت أن مؤسسات الإقراض الإسبانية ستكون في حاجة إلي 60 مليار يورو علي الأقل ( 76 مليار دولار ) أي ضعف ما كان متوقعا من قبل،ومن المعروف أن منطقة اليورو أعدت حزمة من الإجراءات التي يمكن استخدامها في مثل هذه الحالة، ومن بينها صندوق الإنقاذ المؤقت، والصندوق الدائم لضمان استقرار منطقة اليورو وتعزيز قدراتها التنافسية. وبالنسبة لإسبانيا، فقد أكد متعاملون أنها تمكنت من جمع سيولة نقدية وصلت إلي 07. 2 مليار يورو ( 6. 2 مليار دولار ) في ثلاثة مزادات لبيع السندات، وهو ما يتجاوز الحد الأقصي المتوقع مع زيادة الطلب علي السندات العشرية القياسية للبلاد بأكثر من ثلاثة أمثال المعروض منها، ولكن مدريد كان يتعين عليها أن تدفع أسعار فائدة بأكثر من 6 % للسندات العشرية، وكان سعر الفائدة علي السندات التي تم طرحها في أبريل الماضي 743 .5 %، ووفقا للخبراء، فإن ارتفاع تكاليف الإقراض فوق مستوي 6 % أمر يفوق الاحتمال، وتبلغ فائدة الإقراض لألمانيا نحو 1 %. وبعد أن طلبت الحكومة الإسبانية مساعدة مالية من منطقة اليورو، قال بيان الاتحاد الأوروبي إن المساعدة ستصرف من آلية الاستقرار المالي الأوروبي والمخصص لرسملة المؤسسات المالية، وأن القرض سيتم توسيعه لتوفير مساعدة فعالة لتغطية جميع متطلبات رأس المال، وأشارت التقديرات إلي أن إجمالي المبلغ المطلوب هو 100 مليار يورو، وسوف تقوم المفوضية الأوروبية بتقييم الموقف بالتعاون مع البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي حول مدي توافر الشروط اللازمة للقطاع المالي للحصول علي المساعدة، وأشاد البيان الأوروبي بالخطوات التي قامت بها الحكومة الإسبانية بهدف إصلاح حالتها المالية وسوق العمل، وبذلك، تكون إسبانيا رابع دولة تطلب العون منذ تفجر أزمة الديون الأوروبية (اليونان وأيرلندا والبرتغال)، ووفقا للخبراء، فإن الموقف في اسبانيا لا يمكن مقارنته بالموقف المالي لليونان، فإسبانيا لديها مشكلة مصارف، أما اليونان فلديها مشكلات أكبر من ذلك بكثير، ومع ذلك فإن هناك ضرورة لاستمرار اليونان في عضوية منطقة اليورو في كل الأحوال، وتخضع الاقتصادات التي تعرضت للأزمة لرقابة صارمة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ولكن يبدو أن الأنباء السيئة لا توفر أحدا، حيث تؤكد مصادر إيطالية اقترابها من حدود الأزمة، ويقول الكاتب فيدريكو فوبيني إنه إذا لم يحدث استقرار في تكاليف الاقتراض في أسواق الدين في إيطاليا، وإذا لم يتم التوصل إلي اتفاق أوروبي حول النظام المصرفي، فإن حالة عدم الاستقرار سترتفع بشكل كبير، كما أن الرقابة علي إيطاليا ستزداد، خاصة أن تكاليف الاقتراض في إيطاليا تتحرك بنفس طريقتها في إسبانيا. وفي السياق، يؤكد جان كلود يونكر رئيس مجموعة اليورو أنه من الضروري فرض ضريبة علي التعاملات المالية ومشاركة القطاع المالي في تحمل جزء من تكاليف الأزمة الراهنة، بل يطالب يونكر بتطبيق الضريبة علي المعاملات المالية علي أوسع نطاق ممكن ( مشيرا إلي أنه لا يفضل أن تستفيد بعض المراكز مثل لندن من هذه الضريبة علي حساب مراكز أخري ). محاولات حثيثة كان قادة أوروبا ومعهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد تعهدوا خلال قمة عقدت في مايو الماضي بالعمل معا لوضع برنامج يحقق التوازن بين النمو وخفض الديون وذلك في الوقت الذي يحاول فيه الجميع منع أزمة منطقة اليورو المتفاقمة من زعزعة الاقتصاد العالمي مجددا، وإبان ذلك، أبدي زعماء الاتحاد الأوروبي تشددا واضحا لحماية البنوك الأوروبية بعد الأنباء التي ترددت عن تنامي " القروض الرديئة " ما أثار المخاوف من أن إنقاذ بنوك إسبانيا قد يؤدي لانهيار رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، وبينما اقترح الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند استخدام صناديق أوروبية لضخ رؤوس الأموال في البنوك الإسبانية، فقد انحاز أوباما لموقف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي لزيادة التركيز علي النمو، وطالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالتقشف المالي كأداة رئيسية لخفض مستويات الديون الضخمة التي تثقل كاهل الاقتصادات الأوروبية، وتتبع بريطانيا خطا مستقلا معارضا، وتعرب عن مخاوفها من استمرار أزمة اليورو وتأثيرها المدمر علي الاقتصاد البريطاني، وتحذر لندن زعماء أوروبا بأنهم يواجهون " لحظة الحقيقة " والتي يمكن أن تؤثر علي مصير قارة أوروبا لعقد من الزمن. هل تنجح أوروبا ؟ تعلقت أنظار العالم بالموقف الذي ستتخذه دول الاتحاد الأوروبي إزاء تصاعد أزمة إسبانيا من جراء انهيار القطاع العقاري بها، وتنفس الجميع الصعداء عندما وافق الاتحاد الأوروبي علي الاستجابة لطلب مدريد للمساعدة في إنقاذ اقتصادها المتأزم، ووصف ماريانو راخوي رئيس وزراء إسبانيا الخطوة الجارية بأنها تؤكد " نجاح أوروبا " وضمان مستقبل اليورو ومصداقية القارة الأوروبية، وأضاف راخوي أنه " من دون قروض فلن تكون هناك استثمارات، ومن دون استثمارات فلن تكون هناك فرص عمل ". غير أن الحقيقة التي يتعين ملاحظتها هي أن المساعدات الأوروبية لإسبانيا هي أساسا جزء من خطة شاملة لإصلاح الاقتصاد الإسباني، ولن تكون لهذه المساعدات تأثيرات علي عجز الميزانية، إذ أنها عبارة عن قروض للمصارف تلتزم بها، ولن يعني ذلك بعد أن مشكلات الاقتصاد الإسباني قد تم حلها. والهدف من خطة الإنقاذ هو تنقية البنوك الإسبانية التي اختنقت بسبب تعرضها لأزمة القطاع العقاري حيث بلغ حجم قروضها التي تثير مشكلات بخصوص القروض التي قد لا تسترجع 184 مليار يورو بنهاية عام 2011. وما يهمنا في هذا السياق هو متابعة الآثار التي ستترتب عموما علي أزمة منطقة اليورو والتي تنتقل من دولة إلي أخري، وتهدد بخروج اليونان وآخرين من المنطقة، ( يدفع فوز اليسار في انتخابات اليونان في 17 يونية إلي الخروج من منطقة اليورو ) الأمر الذي يراه كثيرون علامة منذرة بتفكك المنطقة التي تضم 17 دولة أوروبية ( ولم تنضم إليها حتي الآن بريطانيا والدنمارك ) ويؤكد ريتشارد ويتمان من مركز تشاتام هاوس للدراسات في لندن أن خروج اليونان من منطقة اليورو لن يمنع تكرار ذلك، وخروج آخرين، مما يعد ضربة قاسمة للمشروع الأوروبي بمجمله، ويقول مسئول مركز كارنيجي للأبحاث في أوروبا أن هذا من شأنه القضاء علي فكرة التضامن الأوروبي، مما سيترتب عليه عواقب سياسية، وسيفكر هؤلاء الذين يسعون إلي الانضمام للاتحاد الأوروبي في عدم جدوي الفكرة التي قام عليها البناء الأوروبي أصلا. علي الجانب الآخر يري فريق مقابل أن المسألة المتعلقة بالخروج المحتمل لليونان من منطقة اليورو قد تدفع في اتجاه تشديد " التماسك " بين دول المنطقة، وإعادة تركيز اليورو علي أسس أكثر صلابة، واتخاذ دول المنطقة قرارها بالمشاركة في مسئولية القروض من خلال السندات باليورو، والتي ترفضها برلين حاليا بشكل قاطع، كذلك إلي الاتجاه لإقامة خزانة أوروبية. الصين / الخليج في إطار تطورات عالمية فارقة تزيد المخاوف، أعلنت الصين
( ثاني أكبر اقتصاد عالمي ) عن خفض بنحو 5 % في أسعار تجزئة البنزين والديزل، وسط مخاوف من تباطؤ النمو في الاقتصاد الصيني، وقالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إن الخفض سيؤدي إلي تخفيض أسعار التجزئة القياسية للبنزين والديزل بمقدار 0.39 يوان ( 6 سنتات أمريكية ) و 0.44 يوان للتر الواحد علي التوالي، اعتبارا من 9 يونية، ويأتي هذا التخفيض بينما تحاول الحكومة الصينية تنشيط الاقتصاد في محاولة للحد من تأثير التباطؤ في النمو، كما أن الخفض جاء كرد فعل علي تراجع أسعار خام النفط في الأسواق العالمية، وبما يتفق ولوائح تسعير الوقود الوطنية في البلاد، وكان بنك الشعب الصيني المركزي قد أعلن كذلك مؤخرا أول خفض لأسعار الفائدة في 3 أعوام ونصف العام ليخفض أسعار فائدة الإقراض والإيداع بمقدار ربع نقطة مئوية. ولكن الترحيب العالمي بقرار الصين بخفض أسعار الفائدة لم يستمر حيث غلب عليه قلق المستثمرين والاقتصاديين من أن تكون هذه الخطوة " إشارة " علي اقتراب الإعلان عن أنباء اقتصادية قاتمة. وقد شهد الاقتصاد الصيني في عام 2012 تراجعا ملحوظا في نموه، واتجهت الحكومة لوضع خطة للدعم الاقتصادي وتخفيض مستوي التضخم. وكانت الصين واليابان وهما ثاني وثالث أكبر اقتصادات العالم قد اتبعا نظاما لتبادل عمليتهما بما لا يعتمد الدولار الأمريكي كأساس لسعر الصرف في محاولة لتنشيط التبادل التجاري بينهما. وقد توقع البنك الدولي أن يسجل الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 8.2% في 2012، بانخفاض عن نسبة 9.3 % في 2011، و 10.4% في 2010. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن تباطؤ أو تأثر نمو الاقتصاد الصيني يؤدي إلي تأثيرات مباشرة علي اقتصادات آسيا والمحيط الهادي، ولكن تبدو المنطقة عموما في " مأمن " حتي الآن علي الأقل في مواجهة تداعيات أزمة الديون الأوروبية. وبالنسبة لمنطقة الخليج، يؤكد الخبراء أن تاثيرات أزمة منطقة اليورو " محدودة " علي المنطقة حتي الآن وإن كانت الدول تختلف في طريقة تصديها لمعالجة تداعياتها، مع التأكيد بأنه ليس في مقدور أية دولة أن تعيش " آمنة " بنسبة 100 % إزاء هذه التقلبات الاقتصادية. وفي هذا الصدد يؤكد الخبراء أن دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط، والتي لديها قدرات مالية كبيرة، وكثافة سكانية منخفضة، تعتبر في وضع أفضل يمكنها من امتصاص الصدمات الاقتصادية، وتأثيرات التراجع العالمي، وإن كان انخفاض أسعار النفط بشكل مطرد سوف يجبر هذه الدول علي السحب من الاحتياطي النقدي المتوفر لديها، والحد من الاستثمارات. وفي حالة الدول الخليجية التي لديها كثافة سكانية أعلي، ونفقات اجتماعية يصعب تخفيضها، فيمكن أن تواجه تحديات مالية، تحاول الحكومات حاليا معالجتها حثيثا. توقعات حذرة في سياق عام يتسم بالحذر والترقب يؤكد خبراء الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن اجراءات التقشف المالية التي اتخذتها الدول لمحاولة التخفيف من زيادة الديون العامة لا تضعف النمو الاقتصادي فحسب، ولكنها تؤدي أيضا إلي زيادة تعقيد الجهود المبذولة لتقليص الديون. يأتي هذا، بينما تشير تقارير الأمم المتحدة في توقعاتها الجديدة إلي تراجع نمو الاقتصاد العالمي، في حين كانت تتوقع زيادته بنسبة 5. 2 % كحد أقصي في 2012، و 1. 3 % في 2013، مقابل 7. 2 % في 2011. وأشارت التوقعات الجديدة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية إلي تراجع طفيف في التقديرات التي كان قد نشرها في يناير الماضي والتي كانت تقدر النمو بمعدل 6. 2 % في 2012، 3.2% في 2013 بحسب الصيغة المحدثة لتقرير المؤتمر الذي حمل عنوان " وضع وآفاق الاقتصاد العالمي في 2012 ". أيضا ضمن هذه التوقعات الحذرة زيادة تباطؤ نمو التجارة العالمية في العام 2012 ليبلغ 1. 4 % مقابل 3.1 % في 2010 و 6.6 % في 2011، ومما أشار إليه التقرير إلي أن غالبية الدول المتقدمة لاتزال تواجه صعوبات في تجاوز المشكلات الاقتصادية التي نجمت عن الأزمة المالية في 2008 2009، وهنا يذكر أن معدل البطالة في كل منطقة اليورو بلغ في مارس 2012 مستوي قياسيا يصل إلي 10.9%، وأن عدد الأشخاص الفاعلين في سوق العمل نسبة إلي عدد السكان الإجمالي يبقي في كل الاقتصاديات الكبري أدني من مستواه في 2007 باستثناء البرازيل والصين وألمانيا. ويبدو أن كل هذه الظروف لها نتائجها المباشرة علي سوق النفط العالمي، فوفقا لمصرف " ميريل لينش " في تقريره النفطي، فقد خفض توقعاته لسعر النفط بالنظر إلي عدة عوامل أهمها ضعف الطلب في أوروبا وأمريكا علي النفط بسبب أزمة اليورو وتأثيراتها علي النمو العالمي. وفي التفسير أكدت تقارير المصرف أن ضعف النمو الاقتصادي في منظومة دول التنمية والتعاون الاقتصادي أدي إلي نمو حجم المخزون التجاري النفطي في هذه الدول إلي 2730 مليون برميل في الربع الأخير من العام الحالي، وهو ما يعني تغطية الطلب في هذه الدول لمدة 60 يوما. وكانت السعودية قد عملت في العام الماضي أثناء اضطرابات ليبيا وأزمة إيران النووية علي إحداث توازن في السوق النفطية بزيادة انتاجها من نحو 9 ملايين برميل إلي ما فوق 10 ملايين برميل يوميا خلال الشهور الأخيرة. عالم الفقراء علي الرغم من انشغال الجميع بتطورات الأزمة المالية في أوروبا، وتطورات الاقتصاد العالمي الذي يواجه ظروفا صعبة تنذر بمزيد من المشكلات المزمنة، فإن الدوائر العالمية تحذر من نبوءة سيئة لا يسهل نسيانها أو إغفالها والتي تتمثل في زيادة الفجوة بين الدول الغنية والدول النامية، واتساع نطاق مشكلة الفقر في العالم، وتفاقم مشكلات الفقراء ليس فقط في الدول النامية، ولكن أيضا في الدول المتقدمة. وفي 29 فبراير 2012 صدر تقرير البنك الدولي عن الفقر في العالم وجاء فيه أن الفقر المدقع في جميع الأنحاء قد تراجع، ولكن، لايزال هناك الكثير من العمل حيث تشير التقديرات إلي أن 29. 1 مليار نسمة يعيشون علي أقل من 25. 1 دولار للفرد يوميا ( 2008 )، وهو ما يعادل 22 % من سكان العالم النامي، في الوقت نفسه، أشارت دراسة حديثة إلي أن السبب الرئيسي لاندلاع ثورات " الربيع العربي " في الدول العربية هو " تململ السكان من مشكلة الفقر " ومثالا علي ذلك، أن معدل دخل المواطن المصري يمثل 12 % من معدل دخل المواطن الأمريكي، وأن نسبة السكان الذين يعيشون في فقر مدقع في مصر وصلت إلي 20 %. وتجمع دوائر عديدة وكثير من المراكز البحثية علي أنه ليس ثمة إجراءات مجدية لمعالجة مشكلة الفقر في العالم، لا علي المستوي العام، ولا علي مستوي الحكومات، فمثلا لا يؤدي تخفيض أسعار المواد الغذائية إلي تخفيف مشكلة الفقراء في هذا الصدد، كذلك، فإن القروض الصغيرة التي تمنحها بعض الحكومات بأسعار فائدة معقولة للفقراء فإنها لم تشكل بارقة أمل، بالعكس فإنها فاقمت من مشكلات الفقراء لأنها وضعتهم أمام تحديات لا قبل لهم بها، مما أدي إلي تعثر المقترضين الصغار، ويري الكاتبان أبهيجيت بانيرجي وإستر دوفلو في دراسة بعنوان " اقتصادات الفقر : إعادة نظر جذرية في كيفية مكافحة الفقر في العالم " أن هناك علاقة بين مشكلة الفقر وتدهور الصحة العامة وانخفاض مستوي التعليم "، وأنه علي الرغم من سعي صانعي السياسات في مختلف الدول إلي جعل السياسات السكانية جزءا أساسيا من أي برنامج إنمائي، فإن هذه السياسات وآليات تنفيذها لم تكن مجدية في تخفيض عدد الفقراء والتحسين من أحوالهم. أما الكاتبان دارون أسيمو جلو وجيمس روبنسون في دراسة جديدة بعنوان " لماذا تفشل الأمم ؟ جذور السلطة والرفاهية والفقر " فيؤكدان علي أن نوعية الإدارة السياسية تمثل عنصرا رئيسيا في معالجة المشكلة الاقتصادية، مما يعني أن مشكلة الفقر ترتبط في المقام الأول بالجانب المؤسسي في الدولة، وهو ما يقصد به : طريقة إعمال حكم القانون، وتقييد قوة الحكومة، وهو ما يمثل العنصر الرئيسي في إطلاق وإحداث التنمية الاقتصادية، كما ركز الكاتبان علي أن جزءا كبيرا من مشكلات الفقر في دول كثيرة تأتي بسبب " القلة " من الأثرياء المتحكمين الذين يستأثرون بالثروات لأنفسهم علي حساب الفقراء. الأطفال والفقر من أكثر الفئات الاجتماعية التي تدفع أكبر ثمن لانتشار الفقر هم الأطفال، وفي تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية حذرت من وصول عدد الأطفال الذين يعملون لمجرد البقاء علي قيد الحياة إلي 215 مليون طفل، وأن نصفهم، أي حوالي 50 % يتعرضون لأساليب استغلال بشعة، بما في ذلك استغلالهم في الأعمال العسكرية. وأوضحت منظمة العمل الدولية أنه علي الرغم من تراجع العدد الإجمالي للأطفال المنخرطين في المهن التي تعتبر مهنا خطيرة خلال الفترة الممتدة من 2004 2008، فإن عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 15 سنة إلي 17 سنة ممن انخرطوا في مثل هذا النوع من العمل قد تزايد بنسبة 20% في الفترة نفسها. يأتي هذا بالرغم من تأكيد منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ( الفاو ) بأنه من الأهداف الكبري المتفق عليها علي مستوي العالم هو التخلص من أسوأ أشكال عمالة الأطفال بحدود علم 2016، ولكن يبدو أن تحقيق هذا الهدف لن يكون ممكنا ما لم تزد بلدان العالم جهود تصديها لظاهرة عمالة الأطفال في القطاع الزراعي. وتشير ( الفاو ) إلي أن جهود مكافحة عمالة الأطفال تنصب في أغلب الأحيان علي سلاسل القيمة والأسواق الدولية للتصدير مثل سلعة الكاكاو وصناعة القطن، ولكن أغلبية عمالة الأحداث في الزراعة تتركز في الأنشطة الصغري والزراعة الأسرية، بما في ذلك إنتاج محاصيل الغذاء وصيد السمك وتربية الماشية والأنشطة الحرجية في الغابات. ومن الإحصاءات الخطيرة في موضوع عمالة الأطفال وجود 5 ملايين طفل في دوامة " العمل الجبري " بما في ذلك الاستغلال الجنسي لأغراض تجارية والارتهام لدين، ووفقا لمنظمة العمل الدولية، فإن عدد القضايا التي تقدم للمحاكم الوطنية بخصوص عمل الأطفال هو عدد قليل جدا، كما أن العقوبات الخاصة بالمخالفات والانتهاكات لحقوق الأطفال هي عقوبات خفيفة وضعيفة، ولا تمثل بحال من الأحوال أي ردع حقيقي يؤدي للتراجع عن استغلال الأطفال. ومن المفارقات أنه عندما كان العالم يحتفل في 12 يونيو باليوم الذي أطلق عليه (اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال) فإن 115 طفلا يعملون بالفعل في مهن خطيرة، وهو ما يمثل حوالي نصف عدد الأطفال في العالم، وكانت الأسرة الدولية قد اعتمدت في عام 2010 خريطة طريق دولية لإزالة أسوأ أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2016، حيث تم التأكيد علي أن عمل الأطفال يشكل عائقا لحق الطفل، وحاجزا أمام التنمية بكل المقاييس.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.