"إسكان النواب": وقف تراخيص البناء أدى لتعطل 17 مهنة تعمل فى البناء    خبير: وجود أمريكا فى المنطقة سيمنع إيران من التدخل بالحرب إذا أرادت    القاهرة الإخبارية: أعداد النازحين إلى بيروت تتغير بين ساعة وأخرى    بعد محاولة اغتياله.. حزب الله يكشف مصير حسن نصر الله    السيارة تهشمت.. الإعلامية لمياء فهمي عبد الحميد تتعرض لحادث مروع    رئيس جامعة القاهرة يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من كلية العلوم    قرار استثنائي من قناة mbc مصر بخصوص نقل مباراة الأهلي والزمالك    تشكيل برشلونة المتوقع أمام أوساسونا في الدوري الإسباني    توتنام مهدد بالحرمان من سون أمام مانشستر يونايتد    سون مهدد بالغياب عن توتنهام في قمة مانشستر يونايتد    «أمطار وشبورة على عدة مناطق».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غدا السبت ودرجات الحرارة (تفاصيل)    حقيقة إضافة التربية الدينية للمجموع.. هل صدر قرار من وزارة التعليم؟    المشاط تشيد بالعلاقات المصرية الكندية وتبحث تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص    توقعات عبير فؤاد عن مباراة الأهلي والزمالك.. من يحسم الفوز بكأس السوبر؟    في يوم السياحة العالمي.. أسعار تذاكر المتاحف والمناطق الأثرية    أبرز لقطات حفل زفاف هاجر الشرنوبي على المنتج أحمد الجابري.. كاجول وطلبة وبحر    نائب وزير الصحة والسكان تتفقد وحدة أسرة سيدي بشر    كيف يمكن لأمراض القلب الخلقية غير المشخصة أن تسبب مشاكل لدى البالغين    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    محمد علي رزق:"يارب ياعالي انصر الأهلي الغالي"    زلزال جديد يضرب إثيوبيا.. وعباس شراقي يحذر: سد النهضة قنبلة مائية موقوتة    عودة لقانون 2008.. إجراءات جديدة لتسهيل استخراج رخص البناء بدءًا من الغد    «حياة كريمة» توزع 3 آلاف وجبة غذائية ضمن مبادرة «سبيل» بكفر الشيخ    نتنياهو: لا يوجد مكان في إيران لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه    مصرع 3 وإصابة 11 شخصًا.. روسيا تستهدف مدينة إزميل الأوكرانية    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    المنيا تحتفل غدا باليوم العالمي للسياحة على المسرح الروماني    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    اتهام بسرقة ماشية.. حبس المتهم بقتل شاب خلال مشاجرة في الوراق    رئيس جامعة الأزهر يعلن جاهزية الكليات للعام الدراسي الجديد، غدا    استشاري تغذية: الدهون الصحية تساعد الجسم على الاحتفاظ بدرجة حرارته في الشتاء    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    محافظ أسوان يؤدي صلاة الغائب على شهيد الواجب معاون مباحث كوم أمبو    آس: راموس لم يتلق أي عرض من الزمالك    انتصارات أكتوبر.. "الأوقاف": "وما النصر إلا من عند الله" موضوع خطبة الجمعة المقبلة    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    أيمن بهجت قمر: «تامر حسني بيحب يغير في كلمات الأغاني» (فيديو)    رئيس هيئة المحطات النووية يزور معرض إنجازات الصناعة الوطنية الروسية    بدء تطبيق المواعيد الشتوية لغلق المحلات.. الحد الأقصى العاشرة مساءً.. زيادة ساعة يومي الخميس والجمعة.. وهذه عقوبة المخالف    انطلاق فعاليات ماراثون الجري بالزقازيق    الكاف يستعرض مشوار الأهلي قبل انطلاق السوبر الإفريقي    النيابة تطلب التحريات حول فنى متهم بالنصب على مصطفى كامل    مصرع تلميذة سقطت من أعلى مرجيحة أثناء لهوها بقنا    إطلاق حملة ترويجية دولية لمصر احتفالاً بيوم السياحة العالمي    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    محافظ بني سويف يتابع الإجراءات والحلول المنفذة بشأن شكاوى ومطالب المواطنين    وزير السياحة: اهتمام حكومي غير مسبوق بتعزيز مكانة مصر في الأسواق السياحية    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    باكستان تؤكد رغبتها في تعزيز التعاون الثنائي مع نيبال    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    إطلاق صواريخ من لبنان على حيفا    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان حمدي عبد الله.. لوحاته.. صورة من" مغارة" العقل
نشر في القاهرة يوم 15 - 05 - 2012


في مركز الجزيرة للفنون معرض للفنان حمدي عبد الله بعنوان "أساطير معاصرة" وقد عرفه الفنان في ورقة المعرض بأنه يدور حول "وضع الإنسان في كل زمان ومكان".. وهذا يتناسب للغاية وتقديمه لأعماله من حيث هي حدث خاص حيث لوحات المعرض جميعها رسمها طوال عام كامل من الثورة تعكس وضعاً انسانياً عاماً من منظور فلسفي لرؤية تكرارية الأحداث الدنيوية في عالمنا كأننا كبشر في اي زمان ومكان لا نخرج عن أحداث دائرة مغلقة علينا في تكرارية ابدية.. وهذه سمة اعمال الفنان الكبير حمدي عبد الله صاحب الرؤية المتأملة في كثير من مراحله الفنية ومعارضه حول وضع الإنسان ووجوديته في الكون التي ليست بوضع سعيد قدر ما كله معاناة.. وهذه هي رؤية الفنان التي عبر عنها في كلمته ولوحاته في العرض.. إلا ان عنونة الفنان الكبير مصطفي الرزاز للوحات التي ألحقها بكلمته في كتالوج معرض حمدي عبد الله جاءت لتحد الرؤية الإنسانية الواسعة التي أرادها الفنان حمدي لرسالته الفنية حتي انه عرض لوحاته دون اية عناوين إلا ان العناوين التي وضعها الرزاز لأعمال عبد الله أخذت من الأعمال عمقها وأعطتها المباشرة لتجعلها كأنها رسومات ملحقة بنص ادبي خاصة والعناوين جاءت في عبارات ادبية تفسيرية وصفية بسطت من عمق العمل الرمزي في محاولة مضاهاة النص بالصورة فأوقفت المشاهد عند الكلمات وسرقت من اللوحة عمق الرمزية والدلالة الكونية التي ارادها الفنان.. ومن عناوين الرزاز للوحات عبد الله : " النظام المتشبث بالأرض بين الثوار والفلول".. " معركة الجمل وتحدي الحاضر".. "آلة قتل الثوار - القناصة المجهولين ".. "طائر شيطاني يحط علي رأس المومياء - الحنين للنظام المخلوع ".. " صندوق الانتخابات مستقبل ارث التوريث الفرعوني للتابوت العلوي بحماية ودعم طير الظلام".. "موكب الفلول".. "المحاكمة الوهمية".. "المحاكمة التي لا تنتهي والناس تنتظر".. "خطف الثورة".. " التوريث مرة أخري الملك العليل ينظر الي ابنه الوريث وهالة الحكم محلقة تقترب من رأسه".. "الطرف الثالث".. "الإعلام يراوغ".. "حرق الوثائق".. "السباق الي السلطة".. "رموز النظام في طره يحمل كل منهم خرطوشاً ملكياً قديماً".. "آسفين يا...." . هذه بعض من 95 عنواناً بنفس الطريقة لتوحي بأن المعرض عمل ساخر أو يكرر نفسه رغم انه لا يكرر نفسه بل ويتميز بالثراء الشديد لولا العناوين التي خنقت المضمون في زاوية واحدة وتحول العنوان الي موضوع صرف المشاهد قارئ الكتالوج عن البحث والاكتشاف وكان يمكن ان تحمل اللوحات ارقاماً للتمييز ولا ضرورة للعرض اللغوي الموازي فلا احد يسأل مثلاً عن موضوع قطعة موسيقية أو موضوع بناء معماري.. خاصة واعمال حمدي عبد الله تقوم علي تحول الحواس من عمل لآخر لأنه - علي ما أعتقد - يضع نفسه علي عدة مستويات من الحدث الواحد ويتنقل من مستوي لآخر حتي يبلغ عمق الحدث بتسجيله لتتاليات من تيار اللاوعي فقد بدأ من الوعي حتي بلغ مناطق اللاوعي بينما حين يتعامل المشاهد ولوحاته نجده من خلال رؤيته يقوم بعملية عكسية تتعامل واللاوعي حتي يبلغ الي الوعي اي تبلغه رسالة الفنان.. ومن جانب آخر ربما خاص برؤيتي أجد أعمال حمدي عبد الله هي صورة " مغارة" العقل حيث كل شيء صغير وكبير ومهم وغير مهم لكنه داخل مغارة مظلمة لا يمكننا رؤية محتواها الا بالصبر وتعويد العين علي التحديق في الظلام حتي يلقي لنا العقل او اللوحة ببعض ما عندها من رموز وطلاسم نحاول تفهمها بهدوء وتأمل عميق.. وأيضاً هي صورة للمغارة داخلنا.. مغارة الروح حيث موقع السحر.. وهذه الأخيرة هي رمز البصيرة وعينها المبصرة في أحلك الظلمات. ولوحات الفنان الكبير أجدها عالم اقرب لميتافيزيقية روحية عنها كلوحات سيريالية دون أسطورية الدلالة كما أسمي الفنان لوحاته جميعها بأنها" أساطير معاصرة " لأن ما عبر عنه في لوحاته من حدث "الثورة" قدمه من خلال رؤيته للإنسان ووجوديته المعقدة كعالم صادم مأساوي شديد الواقعية وكحدث واقعي وليس حدثا أسطوريا لتزدحم لوحاته بالتوابيت والسلالم والقضبان والديدان والثعابين والغربان والمشانق واشباه التماسيح والفئران والكلاب والاسماك المهجنة.. وربما قصد الفنان بلفظ " أسطوري " استدعاء مالا يتوقع أو ما هو قديم لا ندركه كأننا كمن ينظر الي الماضي حتي ولو كان المعني رمزياً تماماً مثلما ننظر الي ضوء النجم نراه ساقطا الينا بينما النجم نفسه ربما اندثر من ملايين السنين وما زال الضوء مجرد الضوء هو الباقي والدال علي وجوده يوماً ما.. كذلك ربما اراد الفنان ان عيشنا الواقع واهمين لم ندركه وهماً إلا بعد بعد فوات الأوان . والفنان بعالمه الخاص أضفي علي الحدث الواقعي اكثر من عمق برؤية كابوسية رغم انه لا يزال فناناً حالماً برغم وطأة الحدث وقد لجأ الي حفظ نقاء شخوصه - فيما اعتقد - داخل شرائط ولفائف مومياوات حافظا لها لتبعث علي ارضها بروح وجسد نقي جديد وجعل الكثير من شرائطها تأخذ في الانفكاك علامة البعث الجديد الشاب.. أو جعل أنقياء شخوصه علي هيئة شرنقية توحي بأنها في طريقها لتتكون كفراشة أو كروح شهيد.. وعبر الفنان عن كل من اساء لشخوصه بهيئات بشرية ممسوخة او علي هيئة حيوانات مشوهة خرافية التكوين والسلوك تشبه البشر او هم يشبهونها أو علي هيئة ديدان اميبية "البرامسيوم" المتسلقة والتي من طبيعة تركيبها انها بلا جهاز عصبي ولا اعضاء للحس بالمعني المفهوم للحيوانات الراقية وفي هذا اسقاط مباشر علي الساقطين من وعي الشعوب بلا حس او ضمير. وكأن الفنان حمدي عبد الله وضع في لوحاته خططاً وراثية لأشكال متحولة لمخلوقات صغيرة طفيلية ديدانية تخترق الجسد الأكبر تنهشه وتمزقه وتفجره من الداخل محولة اياه الي رماد سهل التطاير.. وفي لوحاته لم يقصد الفنان الي الخطوط الحادة او الهندسية لتوحي بالقسوة بل اكتفي بالخطوط الديدانية الموحية بالزحف والشد المؤلم للجسد المنهوش.. ثم جعل من الخط الانسيابي في لوحاته استمرارية ايجابية لها قوة حية نابضة ومتأججة في عملها الدؤوب حتي جاوزت محيطها وواقعها الواهم الي الخروج المندفع من الكابوس.. كابوس الواقع وكابوس أسطورة الواقع.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.