مجلس النواب يوافق نهائياً على مشروع قانون «التأمين الموحد»    «السلع التموينية» تعلن عن ممارسة لتوريد 50 ألف طن سكر خام    كلية العلوم بجامعة أسيوط تعقد ورشة عمل حول "تقييم التنوع الحيوي"    المئات يحتشدون بطهران حدادا على مصرع الرئيس الإيراني في تحطم مروحيته (فيديو)    بسبب نهائي إفريقيا.. تعديل ملعب مباراة الزمالك ضد مودرن فيوتشر    «الأرصاد» تحذر من استمرار الموجة الحارة: ابعدوا عن الشمس واشربوا سوائل    بدأ العد التنازلي.. موعد غرة شهر ذي الحجة وعيد الأضحى 2024    إصابة 8 أشخاص في تصادم ميكروباص وربع نقل بأسوان    طارق الإبياري يكشف عن وصية سمير غانم له قبل رحيله: «أخرج لي آخر مسرحية»    الحياة على المريخ ورحلة إلى المركز الاستكشافي للعلوم.. فعاليات علمية في كل من مكتبتي المستقبل مصر الجديدة للطفل    إلهام شاهين تحيي ذكرى سمير غانم: «أجمل فنان اشتغلت معه»    إيرادات الأفلام تواصل التراجع.. 1.2 مليون جنيه في يوم واحد    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    صحة مطروح: تقديم خدمات طبية لأكثر من 370 مواطنا بالنجيلة من خلال قافلة طبية مجانية    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    ڤودافون مصر توقع اتفاقية تعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لدعم الأمن السيبراني    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    بعد طائرة الرئيس الإيراني.. هل تحققت جميع تنبؤات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف؟‬    حجز استئناف أحمد عز على إلزامه بدفع 23 ألف جنيه إسترليني لتوأم زينة    انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    6 نصائح لمواجهة الطقس الحار.. تعرف عليها    المؤشر الرئيسي للبورصة يتراجع مع نهاية تعاملات اليوم الاثنين    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    سوزوكي تسجل هذه القيمة.. أسعار السيارات الجديدة 2024 في مصر    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    وزير الري: 1695 كارثة طبيعية بأفريقيا نتج عنها وفاة 732 ألف إنسان    العثور على طفل حديث الولادة بالعاشر من رمضان    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    افتتاح دورة إعداد الدعاة والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية بمطروح    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    البنك الأهلي المصري يتلقى 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل الاستدامة    الليجا الإسبانية: مباريات الجولة الأخيرة لن تقام في توقيت واحد    استبدال إيدرسون في قائمة البرازيل لكوبا أمريكا 2024.. وإضافة 3 لاعبين    مدرب الزمالك يغادر إلى إنجلترا بعد التتويج بالكونفيدرالية    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    مصطفي محمد ينتظر عقوبة قوية من الاتحاد الفرنسي الفترة المقبلة| اعرف السبب    ليفربول ومانشستر يونايتد أبرزهم.. صراع إنجليزي للتعاقد مع مرموش    «صحة الشرقية» تناقش الإجراءات النهائية لاعتماد مستشفى الصدر ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    نائب جامعة أسيوط التكنولوجية يستعرض برامج الجامعة أمام تعليم النواب    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين فى قرغيزستان    شكرى: الاحتياجات ‬الإنسانية ‬للأشقاء ‬الفلسطينيين ‬فى غزة ‬على رأس أولويات مصر    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    في طلب إحاطة.. برلماني يحذر من تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    فيلم شقو يحصد 291 ألف جنيه إيرادات في ليلة أمس الأحد    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    مجلس الوزراء الإيراني يعقد جلسة طارئة في أعقاب تحطم طائرة الرئيس    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك الساحة السياسية في مصر.. سليمان.. إخوان.. ومعارك البرلمان
نشر في القاهرة يوم 17 - 04 - 2012

أصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في 10 إبريل حكمها ببطلان تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور المصري الجديد، وقررت المحكمة قبول القضية رقم 26657 لسنة 76 قضائية ضد رئيس مجلس الشعب شكلا، ووقف تنفيذ قرار اللجنة التأسيسية للدستور بأن يكون 50 % من أعضائها من داخل البرلمان، و50 % من خارجه، واستندت الدعاوي المقدمة علي بطلان اللجنة التأسيسية إلي أنها لا تعبر عن كل أطياف المجتمع المصري، ومخالفتها للقواعد والأعراف لوضع الدستور الصحيح، وتقرر إحالة القضية إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد التقرير . يأتي هذا، بينما الساحة السياسية الحالية في مصر، تختلط فيها معركة لجنة إعداد الدستور بمعركة انتخابات الرئاسة في ظل سياق عام من المواجهات الساخنة، والملاسنات الحادة، ما أحال المشهد السياسي المصري برمته إلي فصل جديد من فصول "الأزمة السياسية " بامتياز . وعلي الرغم من أن " المسرح " السياسي يحظي راهنا بعدد وافر من " اللاعبين السياسيين "، و يمارس كل منهم اللعبة السياسية علي طريقته، فقد بدا واضحا أن بطل العرض السياسي، وصاحب الدور الأكثر صخبا وضجيجا هو حزب الحرية والعدالة «الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين» وإن كان، بكل تأكيد، ليس هو الطرف الذي يمسك بكل الخيوط السياسية وزمام الموقف السياسي في يده . وفي خضم حالة سياسية مصرية خاصة، مترعة بأساليب التلاعب والمناورة التي تصل إلي حد التحايل، تشهد الساحة السياسية المصرية درجة غير مسبوقة من " الحراك السياسي"، وسخونة التفاعلات السياسية الفردية والجماعية والحزبية، ما جعل من موضوعات الشأن العام والقضايا السياسية والانتخابات الرئاسية ومواقف القوي السياسية بمثابة "الخبز اليومي " للغالبية العظمي من المواطنين، وقد عاد المصريون للسياسة، وعادت السياسة للمصريين . وبينما كان من الممكن، في حال خلصت النوايا، أن يكون هذا "الحراك السياسي " الذي جاء ثمرة يانعة من ثمار الأحداث الكبري لثورة 25 يناير 2011 التاريخية، مشهدا ديمقراطيا نوعيا بامتياز، ونقطة تحول تاريخية تسهم في بناء " مصر الجديدة " المحررة من الاستبداد ، فقد شاءت ظروف التجربة السياسية المصرية، بعد سقوط رأس الاستبداد السياسي، أن يعتلي المشهد " التيار الديني " بكل زخمه وحمولاته المُسيسة، ما أدي إلي تجسيد صورة حية للخطر الأكبر الذي يواجه مصر، حينما يختلط الدين بالسياسة بصورة سافرة ، وتتلون القوي السياسية وتغير مواقفها في كل لحظة علي حسب مصالحها الخفية، وحينما يسود منطق " المناورة " واستغلال الشارع، بلا وازع من التزامات أخلاقية أو سياسية، وصولا إن أمكن إلي " دهس " الالتزامات القانونية . 1- أمام الرأي العام المصري، وجميع الدوائر في الداخل والخارج، أصبح واضحا كل الوضوح اتجاه التيار الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وجماعة السلفيين، إلي الاستحواذ علي مواقع السلطة والمؤسسات الرئيسية، تنفيذية وتشريعية، وصولا إلي محاولة إعادة هيكلة القضاء المصري، وتطبيق قاعدة السيطرة الشاملة، وفرض الهيمنة العامة، وإعادة تعريف الهوية المصرية، بما يقتضيه ذلك كله من استبعاد وإقصاء لجميع الأطراف الأخري بدون تمييز . وقد مثل هذا المنهج صورة معاكسة تماما لما كان عليه التيار الإسلامي قبيل وبعد انتخابات مجلس الشعب مباشرة، حيث كانت رموز الإسلاميين تسعي لطمأنة المصريين، والعالم الخارجي، ومحاولة إقناع الجميع بأنهم يسعون للمشاركة، وليس للمغالبة وفرض السيطرة، لذلك كانوا يتحالفون مع التيارات الأخري، ويعقدون العلاقات والاتفاقات الودية، ويتقربون من رموز المجتمع، كما توافقوا مع المجلس العسكري، وجاملوا المؤسسات الدينية«الأزهر والكنيسة»، وأعلنوا أنهم لا يريدون الأغلبية في مجلس الشعب أو مجلس الشوري، ولن يرشحوا رئيسا من جانبهم لانتخابات رئاسة الجمهورية . ولكن ما حدث فعلا بعد " تمكن " التيار الإسلامي والحصول علي الأغلبية في المؤسسة التشريعية، هو عكس كل الوعود التي سبق أن وعدوا بها والتزموا بتنفيذها، وذلك تحت ذريعة أنهم حصلوا علي " تفويض شعبي عام " من المصريين، وأنهم يتصرفون بناء علي ذلك . أما فيما يتعلق بالتهمة التي توجهها الأحزاب الأخري للتيار الإسلامي بأنه يريد " الاستحواذ " علي مواقع السلطة والمؤسسات واستبعاد الآخرين، فإن الرد يأتي من جانب " جماعة الإخوان المسلمين " بأنهم يستحوذون فقط علي 44 % من مجلس الشعب، وأغلبية بسيطة في مجلس الشوري 58 % وهي مجالس تشريعية ورقابية، ولكن ليس للإخوان حتي الآن أي تمثيل في السلطة التنفيذية صاحبة التأثير المباشر علي مصالح المواطنين، وليس لهم وزير واحد، وليس لهم عضو واحد في المجالس المحلية، ثم يوجه بيان جماعة الإخوان المسلمين النظر إلي «النموذج التركي» وكأنه يقول : أليس هذا هو النموذج الذي " يأسر عقول وقلوب الكثيرين ؟ ثم يستشهد البيان بأنه في تركيا نجد رئيس الدولة ورئيس الحكومة فضلا عن أغلبية البرلمان، كلهم من حزب العدالة والتنمية، ويؤكد البيان أنهم كأخوان مسلمين لاينظرون للأمور بهذا المنطق، وإنما منطقهم الحقيقي هو أن يكونوا في موقع يمكنهم من خدمة بلدهم ومواطنيهم بشكل حقيقي وفاعل . 2 - «قد يكون واجبا بصورة ما، بناء علي المنطق السياسي الديمقراطي المجرد التسليم بحق التيار الديني «بناء علي ماجاءت به صناديق الانتخابات» أن تكون لهم رئاسة بعض المؤسسات، سواء الحكومية أو الرئاسية، ويمكن أيضا أن نقدر بوجه عام " اندفاعة الإسلاميين " نفسيا وسياسيا للتوغل في مفاصل السلطة التي حرموا منها طويلا ، وعذبوا في سبيلها لعشرات السنين، وذاقوا الأمرّين وهم يحلمون بمجرد الاقتراب منها، فإذا بثورة 25 يناير « الشعبية / الشبابية» تفتح لهم أبواب السلطة علي مصراعيها، فيندفعون بكل طاقتهم نحوها مستثمرين في ذلك حاجة الشعب المصري إلي التغيير، وحسن النية الدينية لدي المصريين، كل ذلك يمكن تقديره في لحظة مصرية سياسية واجتماعية " استثنائية وتاريخية " بكل المقاييس . ولكن هنا، يجب طرح عدة ملاحظات : (1) - أنه باعتبار أن ما فجر الموقف والاتهامات ضد الإخوان هو الاتجاه إلي فرض السيطرة والهيمنة علي طريقة تشكيل لجنة إعداد الدستور «والإصرار علي غلبة التيار الديني فيها، بل ورئاستها» وكذلك قيام جماعة الإخوان المسلمين بالدفع بمرشحهم خيرت الشاطر للرئاسة، ما تسبب في قلب جميع التوازنات السياسية، ثم بعد ذلك بالدفع برئيس الحزب محمد مرسي للترشح ، وفتح الباب أمام الصفقات والمناورات الحقيقية والمتخيلة، فإنه لابد هنا من التذكير بأن مسألتي الدستور والرئاسة يتعين تكييفهما بناء علي قاعدة مختلفة تماما هي قاعدة " التوافق المجتمعي العام "، وليس فقط بناء علي قاعدة " الأغلبية " لتيار سياسي معين، ذلك أن مسألتي الدستور ورئاسة الدولة هي مسائل أكبر من كل جماعة، وأوسع من أي تيار، وتتصل بمصير الجماعة الوطنية المصرية في مجملها، حاضرا ومستقبلا . وإذا كان بيان الإخوان المسلمين استشهد بالحالة التركية، فيجب التذكير بأن عملية " تعديل " الدستور في تركيا، تجري علي قاعدة تمثيل جميع الأطراف، بغض النظر عن مسألة الأغلبية، حتي يمكن ضمان تمثيل الجميع سياسيا وفكريا . «2» - أن الإخوان المسلمين، طرحوا مرشحهم للرئاسة «الشاطر أو مرسي أو غيرهما» بناء علي مبررات تذرعوا بها بصورة محددة وهي أن لمرشح الإخوان رؤية ومرجعية تمتد جذورها لأكثر من 80 عاما، ويرون بناء علي وجهة نظرهم أن المشروع الإخواني الوطني لنهضة مصر «دونا عن أي مشروعات أخري» هو الأكثر شمولا، وهو الأكثر اعتدالا، وهو ثمرة لفكر وعقول العشرات بل وربما الآلاف من المخلصين لهذا الوطن، وبما يؤكد أنهم «الأوْلي» من الآخرين، وليس في ذلك أية مراعاة أو احترام لمبدأ " التواضع السياسي " وسماع رأي الأطراف الأخري في الساحة السياسية . «3» - قد يكون من المناسب أن يطرح الإخوان المسلمون وحزب الحرية والعدالة علي أنفسهم السؤال التالي : أما كان يمكن ضبط السلوك السياسي الإخواني عموما، طالما أنهم دخلوا في غمار المعترك السياسي المباشر ، بصورة تحفظ لهم المصداقية أمام الشعب المصري ؟ وهل يسوغ لهم، دون غيرهم ، الرجوع عن جميع الوعود التي أعلنوها وقطعوها علي أنفسهم أمام الجميع علي الملأ ؟ وهل من المتصور أن الحزب والجماعة «بما صدر عنهم من مواقف» يضعون في اعتبارهم الرأي العام الشعبي الحالي تجاه التيار الديني، وأحزابه السياسية بالمعني الذي ينبئ بإدراك الإخوان لمعني انتقالهم من صفوف المعارضة إلي صفوف السلطة ؟ هنا، لابد من ملاحظة أن ثورة 25 يناير التي احتشدت فيها جموع المصريين، وفي الواجهة منها شباب مصر كانت بالأساس " ثورة مثالية " بمضمون أخلاقي ثوري نقي واضح ، ويرفع راية مطالب إنسانية عظيمة تدور حول الحرية والكرامة وإنهاء عصر الزيف والرياء والفساد والتملق والانتهازية وسرقة جميع الحقوق . 3 - من الملاحظ أن البيانات التي صدرت حتي الآن لتوضيح أو تفسير أو تبرير مواقف وسلوك الإخوان المسلمين تصدر من الجماعة وليس من حزب الحرية والعدالة، فهل يعني ذلك أن الساحة السياسية، والرأي العام المصري،وجميع الأطراف مرغمة علي تقبل الوجود الإسلامي الإخواني في صورتيه، كجماعة وكحزب سياسي في المرحلة الحالية ؟ وهل يسوغ ذلك قانونا خاصة أن كليهما يتعامل بطريقة موسعة مع السياسة " ؟ إن أحد البيانات التي صدرت عن جماعة الإخوان المسلمين جاء تحت عنوان " بيان من جماعة الإخوان المسلمين حول معوقات تسليم السلطة لممثلي الشعب من المدنيين " !، وبعد ذلك دخل البيان مباشرة في انتقادات سياسية حادة للموقف الداخلي مبينا : 1- تقديم بيان هزيل لمجلس الشعب، 2 - كارثة استاد بور سعيد، 3 - سفر المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي، 4 - السعي لتبديد الأموال الموجودة بالصناديق الخاصة، 5 - التقاعس عن استرداد الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، 6- افتعال أزمات يومية في ضرورات الحياة «البوتاجاز والبنزين والسولار ورغيف الخبز»، 7 - الإعلان عن تآكل رصيدنا من العملة الصعبة، وانعدام الشفافية في قضية الحسابات الخاصة بالرئيس المخلوع، 8- التباطؤ في حل مشكلة سائقي النقل العام، وهي كلها قضايا سياسية واقتصادية، يتعين أن تكون من شأن البرلمان، والأحزاب، وليس جماعة الإخوان المسلمين، بصورتها الراهنة . العشوائية السياسية 1 - مبدئيا، يجب الاعتراف بأن توجيه النقد للإخوان المسلمين، في صورتيهما الراهنة كجماعة وكحزب سياسي، لا يعني رفض التسليم بوجودهما كعناصر فاعلة في الساحة السياسية، وكفصيل ضمن أطراف سياسية أخري تتفاعل «تلتزم بشروط اللعبة السياسية الديمقراطية» وتسعي لاقتسام السلطة السياسية، أي التيارات الناصرية والليبرالية واليسارية.. الخ، ولا نقصد هنا بحال من الأحوال استخدام خطاب سياسي مشبع بلغة أيديولوجية عنيفة تجاه الإسلاميين، ولكن قد تكون الجماعة قد اختارت لنفسها أن تمارس السياسة كجماعة وكحزب، لتوسيع نطاق الممارسة في كل الاتجاهات، ولكن حتي علي هذا المستوي يصعب الادعاء بأن الإخوانيين لديهم رؤية سياسية محددة، أو استراتيجية سياسية واضحة المعالم، أو حتي خطوط عريضة مقبولة لتسيير الأمور العامة وحل مشكلات مصر سياسيا واقتصاديا في حالة وصولهم إلي قمة السلطة حكوميا، ورئاسيا . إن سلوكيات ومواقف وحتي تصريحات الإخوان المسلمين، حتي اللحظة الراهنة لا تنبئ أبدا بأن لديهم «برنامجا» للتسيير المجتمعي في حال صعودهم لأعلي المناصب، وكل ما يصدر عنهم يدخل في سياق " العشوائية السياسية " وممارسة التجربة والخطأ، وإبداء المواقف ثم العدول عنها بدون دراسة وافية وإعمال كامل للنظر وترتيب كاف لتحقيق الأهداف . صحيح أن " العشوائية السياسية " تكاد تكون سمة عامة في الساحة السياسية في مصر منذ 11 فبراير 2011 حتي اليوم، ولكن وفقا لما هو معروف، وما تقول الجماعة به أنها ترتكز علي تحضير وتكوين وتاريخ يعود إلي 80 عاما من الممار والتنظيم، وكأهم تنظيم سياسي في مصر حاليا، فقد كان من المنتظر والمتوقع أن تكون للإخوان، كفصيل سياسي اندفع إلي واجهة الساحة السياسية، رؤية سياسية أكثر وضوحا وتنظيما واستعدادا، فإذا كانت هناك مؤشرات علي حالة انقسام في صفوف الإخوان، وخلافات بين القادة، وتشوش يصل إلي حد الارتباك، فكيف يتصور طريقة
تدبيرهم للشأن العام، في مناصب قيادية رئيسية، ونحن نتكلم عن «سياسة دولة كبري مثل مصر» حاضرها ومستقبلها . 2 - ليس أخطر علي مستقبل مصر، في اللحظة الراهنة، من الممارسة السياسية العشوائية، من جانب جميع أطراف العملية السياسية المتعثرة، بعد أكثر من سنة وشهرين من عمر ثورة 25 يناير . ولقد أعلن اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري أن المجلس سيسلم السلطة إلي رئيس مدني منتخب، سواء تم الانتهاء من الدستور أم لم يتم الانتهاء منه، وأكد شاهين في كلمته أمام " الجمعية التأسيسية " عدم تدخل المجلس في المسألة الدستورية أو الخلافات بشأنها، وأنه «المجلس» لن يمارس أية وصاية علي الدستور، وأنه يؤكد حمايته ودعمه للجمعية التأسيسية لأنها «المولود الثالث بعد مجلس الشعب ومجلس الشوري» . وإذا كان المجلس العسكري يسعي أو يحاول أن يظهر أنه علي مسافة متساوية من جميع الفاعلين السياسيين، غير أن حقيقة التفاعلات والصراعات الجارية علي أرض الواقع تؤكد أن " الخلافات " قائمة، منها العلني ومنها الخلافات المكتومة، فالإخوان في البرلمان هاجموا بيان حكومة كمال الجنزوري، وطالبوا بسحب الثقة من الحكومة، وتشكيل حكومة ائتلافية بزعامة حزب / أو أحزاب الأغلبية، ولكن المجلس العسكري وقف دون ذلك، ودعم حكومة الجنزوري، وأصدر بيانا صريحا يهدد الإخوان بتكرار أحداث 1954، وأن شرعية مجلس الشعب نفسها علي المحك، وقد تصدر المحكمة الدستورية العليا حكما ببطلان المجلس، مما جعل الإخوان يشعرون أنهم علي وشك خسارة كل ما تحقق، مما دفعهم إلي النزول بخيرت الشاطر في ساحة انتخابات الرئاسة، وعلي حسب ما تصور الرأي العام، جاء نزول عمر سليمان مرشحا مدعوما لانتخابات الرئاسة لتنقلب جميع الحسابات، وتسود حالة من الغضب علي اعتبار أن سليمان من رجال الحكم البائد، فتقدم حزب الوسط بمشروع قانون وافق عليه البرلمان بهدف حظر العمل السياسي والمناصب القيادية أو الترشح للرئاسة علي كل من عمل في نظام مبارك آخر عشر سنوات من حكمه . وتجري جميع هذه الصراعات والخلافات وفقا للحسابات السياسية، والمصلحة الخاصة، وتوازنات القوي لكل طرف، وبعيدا عن أي رغبة في إعمال قاعدة " التوافق العام " الضرورية لإعلاء المصلحة الوطنية العامة للبلاد، في ظل لحظة تاريخية حرجة بكل تأكيد ، تمر بها مصر وهي تعيد بناء مؤسساتها وأجهزة إداراتها السياسية الرئيسية، والتي تتصل مباشرة بكيان مصر " الدولة" . 3 - وفي خضم حالة العشوائية السياسية التي تغرق التجربة السياسية المصرية الجديدة، فإن الإطار القانوني والتشريعي يزيد من حالة التخبط، حيث يجري اختيار أو انتخاب اللجنة التأسيسية المنوط بها إعداد الدستور وفقا للمادة «60» من الإعلان الدستوري، ونص المادة كالتالي «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري في اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسة من مائة عضو، تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع خلال خمسة عشر يوما من إعداده علي الشعب للاستفتاء في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء» . وفي المادة «61» من الإعلان الدستوري «يستمر المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مباشرة الاختصاصات المحددة في هذا الإعلان وذلك لحين تولي كل من مجلسي الشعب والشوري لاختصاصاتهما، وحتي انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرة مهام منصبه، كل في حينه» . ويؤكد خبراء القانون الدستوري أن المادة «60» من الإعلان الدستوري لا تتفق مع الأعراف الدستورية التي تقضي بأن البرلمانات لا تخلق الدساتير، لأن كتابة الدستور تتطلب طابعا خاصا في الصياغة، ودراية بالدساتير السابقة، وكذلك دساتير الدول الأخري، وبالتالي فالمادة (60) يشوبها الغموض والإبهام ، مما يزيد من عشوائية المشهد السياسي . 4 - أما فيما يتعلق بسوق انتخابات الرئاسة، فحدث ولا حرج، فالمرشحون ينزلون المعركة الانتخابية، ويتسابقون علي المنصب الأعلي في مصر، بدون أي معرفة بشأن سلطات الرئيس القادم، حيث لم يتم وضع الدستور بعد، وليس معروفا علي وجه الدقة أي ملامح عن مؤسسة الرئاسة القادمة، وسمات فريق الإدارة التي تعاون الرئيس في مباشرة مهامه الرئاسية، كما أن أحدا حتي الآن لم يسأل عن «ما هو برنامج الرئيس / المرشح الذي سيتم انتخابه وفقا له وما هي خطته لحل مشكلات مصر وفي مقدمتها مشاكل الفقر والبطالة وإقالة الاقتصاد المصري من عثرته ؟» . 4 - كان ملفتا إلي حد كبير، في عز أزمات الساحة السياسية في مصر، أن يتوجه وفد إخواني إلي الولايات المتحدة، ويلتقي بعدد من المسؤلين الأمريكيين وأعضاء الكونجرس الأمريكي، وحسب المصادر المطلعة، فقد سعي الوفد الإخواني لطمأنة الأمريكيين بأنهم يلتزمون بالديمقراطية وسيادة القانون، واحترام حقوق الأقليات والمرأة، والالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وإقامة علاقات جيدة مع " الحليف الأمريكي "، وقال ويليام وان في «الواشنطن بوست» إن الإخوانيين الزائرين للولايات المتحدة أكدوا أنهم حركة معتدلة، ويسعون للسلطة، فقط، لأنهم يعرفون مصلحة المصريين كلهم . حقائق تأسيسية 1 - من المسلم به علي مستوي ثورات الربيع العربي عموما، وثورة 25 يناير المصرية علي وجه الخصوص، أنها ثورات سياسية في المقام الأول، وتعكس المطلب الشعبي العام للديمقراطية، وإذا كان مطلب العدالة الاجتماعية يحتل مكانة رئيسية في قائمة المطالب الشعبية، غير أن الكثير من المحللين السياسيين والاستراتيجيين في الدوائر العربية والعالمية يرون بإجماع ظاهر في الثورات العربية دليلا قاطعا علي " الطلب الشعبي العربي " الراهن علي الديمقراطية، كسبيل لاستعادة الشعوب العربية حقها في المشاركة السياسية، والوجود الفاعل في دوائر صناعة القرار، وعدم ترك الساحة السياسية مجددا لقلة تستحوذ علي المقدرات السياسية بكاملها، وتتولي منفردة تقرير المصير لملايين المواطنين ممن تم استبعادهم وتهميشهم عن جميع مواقع السلطة . وبناء علي ذلك، وبالرغم من حالة الفوضي العارمة واختلاط المواقف والتناقضات التي تزخر بها الساحة السياسية في مصر حاليا، فإن ذلك لا يعني تلاشي أو طمس الطلب الشعبي الراسخ والشامل للمصريين علي الديمقراطية وهي حقيقة لابد من الاعتراف بها . 2 - هناك مقولتان يرددهما " البعض " لوسم الشعب المصري بسمات معينة، المقولة الأولي هي «إن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية، وفي رواية أخري غير جاهز للديمقراطية» و المقولة الثانية هي «إن الشعب المصري شعب متدين بطبعه» وهذه المقولة الأخيرة حقيقية، ولكن من يطلقها يضمر، في الغالب، معان سلبية تتراوح بين القابلية للخضوع، والقابلية للسير في ركاب الرموز والأحزاب الدينية، بدون وعي . 3 - غير أن شواهد الواقع الجديد في مصر حاليا تنبئ بأن المصريين، مثلهم مثل كل شعوب الدنيا، خرجوا بالملايين، وثاروا في 25 يناير، ويواصلون التظاهرات وظواهر التحدي والغضب، حتي اليوم، لأنهم يريدون حاكما عادلا «يتعاقدون» معه علي حقوق وواجبات محددة، يبقي حاكما عليهم إذا احترمها، ويملك الشعب حق تغييره في حال أخل بهذا التعاقد، كما يريد الشعب المصري صيغة سياسية جديدة تمكنهم من حرياتهم وحقوق التعبير عن أفكارهم وآرائهم، وحق المعارضة والكلام، وحق الرفض، كما يتطلع الشعب المصري إلي نظام حكم يثقون في أنه يستند إلي القانون، ويحافظ ويحترم حقوق الإنسان، وأن تسود قواعد العدالة والمساواة، وأن تكون لديهم حكومة فاعلة تساهم في حل المشكلات الحياتية الملحة بكفاءة وأمانة ،وتتولي تطبيق قواعد القانون بشفافية، كما يطالب المصريون بنخبة حاكمة أمينة علي حياتهم وثرواتهم وموارد بلادهم ، ولا تسرق وتنهب هذه الثروات والموارد، وتترك الشعب يعاني شظف العيش . هذه هي مطالب الشعب المصري والتي تجسد طريقة المصريين في فهم الديمقراطية، وإذا راجعنا أعظم وأهم منظري الديمقراطية في العالم، فلن نجد تعريفا يخرج عن هذا المعني للديمقراطية، فكرا وممارسة . 4 - ويبقي، أن تدرك النخب السياسية والأحزاب الدينية منها والمدنية، والرموز التي تدلي بدلوها حاليا في الساحة السياسية والإعلامية، وكل الدوائر التي تقوم بتدبير الشأن المصري عسكرية كانت أو مدنية، أن القاعدة الرئيسية لممارسة الحكم لبناء مصر الديمقراطية يجب أن تستند إلي هدف رئيسي وهو " الحفاظ علي الحياة الاجتماعية المشتركة للمصريين " علي قاعدة الحرية والديمقراطية، ووفقا لترتيبات تؤسس لحماية كافل الحقوق اللازمة لهذا العيش المشترك، بحيث تكون السلطة الوحيدة المقبولة والضامنة والمسئولة هي سلطة " الإجماع الحر لجموع الشعب المصري " وبما يعبر عن توافق إرادة المواطنين المصريين . 5 - وفي هذا السياق، من غير المتصور أن يكون كل أمل المصريين من ثورتهم «الديمقراطية» أن يتم إجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية، مهما كانت نتائجها، أو أن يكون لديهم حكومة دينية، تسعي لفرض توجهات بلون سياسي واحد، أو برلمان تسيطر عليه تيارات دينية تستحوذ علي كل مواقع السلطة، وتقيم دولة دينية، فينتقل من حكم الطغاة، إلي حكم الدعاة، ونجزم هنا أن من يتصور " تدين " المصريين علي أنه أقرب إلي الجمود العقلي والتسليم بلا قيد أو شرط، أنه فهم خاطئ ومغلوط، فالتدين المصري هو من نوع وسطي وعقلاني ومعتدل، وبوعي لا يتناقض مع مطالب الحياة الحرة والكريمة، ومن قبيل الربط التعسفي القول بأن فيضان التأييد الشعبي للتيار الديني في صناديق الانتخابات جاء بسبب «تدين المصريين»، فالأقرب للصحة في تفسير ذلك، هو معني التدين الذي قال به عالم الاجتماع الكندي جان غي فيلانكور بإنه في ظل أوضاعنا المعاصرة يتجه الناس بمشاعرهم للدين باعتباره «صرخة ضد الظلم والقهر، حيث يجد الناس أملهم في الدين والتدين أملا في العدالة والحرية والقيم السامية» . من هنا، لابد أن نواجه الحقيقة التي لا مفر منها، وقد آن الأوان لطرحها مجددا والاعتراف بها بدون مواربة، مهما كانت النتائج . 6 - ليس ثمة " ديمقراطية " حقيقية، أو حكم رشيد في مصر إلا بتحرير الفضاء أوالمجال السياسي من أدوات وآليات السيطرة الدينية، أو السيطرة باسم الدين، أي أنه يجب تحييد الدين، دون التقليل من قيمته السامية أو دوره، وذلك لحماية الدين من السياسة، وحماية السياسة من الدين، والمعني الذي أقصده هنا هو الفصل بين السياسة والمعتقدات ، وإعمال مبدأ " التسامح الديني " بمنظور سياسي . وكأنني هنا، أستعين استجابة لمنطق الضرورة، بمقولة قوية وصريحة نقلها الفيلسوف رورتي Richard Rorty عن توماس جيفرسون تعبيرا عن حالة «التحرر من التزمت» بقوله «أن أعترف بوجود عشرين إله، أو لا أقر بإله علي الإطلاق، بدون أن يكون لذلك " أي ضرر " علي جار لي» - وهذه المقدمة تمهد الطريق لحقائق نستعد بها لمواجهة القادم، حينما يتم إعداد الدستور المصري الجديد «في ظل المناخ السياسي السائد» ، فعلي الرغم من أن الإخوان المسلمين كجماعة محافظة في الجوهر يؤكدون علنا أنهم يحترمون سيادة الشعب، بما يعني الإيمان بأن الشعب المصري هو مصدر السلطات، فإن المقدمات والتصريحات الصادرة عنهم تنحو في اتجاه إعلاء مبدأ " تطبيق الشريعة الإسلامية " و " إقامة الدولة الإسلامية في مصر "، ما يعني إضفاء الطابع الديني علي الحكم والتشريع عامة، وفي هذه الحالة، ليس ثمة ادعاء بأن ذلك سيجعل من مصر دولة ديمقراطية حقيقية، أو أننا بذلك " نوفق " بين الإسلام والديمقراطية، لأن " الوصاية الدينية " ستفرض نفسها علي كل شيء، ولن يكون ممكنا توفير وترسيخ وحماية وممارسة الحقوق والحريات للأفراد بالمعني الشامل الذي يوافق المبدأ الديمقراطي الصحيح، وستكون السيادة والوصاية للرموز الدينية أو السلطة الدينية، وبالقطع، لن يتسني بأي حال من الأحوال إعمال مبدأ أن يكون " الشعب هو مصدر السلطات " . 7 - إن المبدأ الديمقراطي الذي يقضي بجعل " الشعب هو مصدر السلطات " ، يمكن هو بذاته أن يمثل آلية التوفيق المنشودة بين كون النظام السياسي والاجتماعي يسير وفقا للمبدأ الديمقراطي مع عدم التعارض ولا التناقض مع الشريعة الإسلامية، فالتشريعات، والقوانين، ومواد الدستور، وقواعد الممارسة السياسية والمدنية والاجتماعية، والاختيارات السياسية الانتخابية، وصولا
إلي مضمون الحياة اليومية للمواطنين، كلها يمكن أو هي عموما، تجري " ضمنيا "بما لا يتناقض عمليا مع الشريعة الإسلامية، شريطة أن يكون المرجع الرئيسي في جميع الممارسات يجري وفقا للاختيارات الشعبية الحرة، وفقا وإعمالا للمبدأ الرئيس وهو " أن الشعب مصدر السلطات " . وهذا النهج " الضمني " يجد له مؤيدين مستنيرين يثقون في أنفسهم، وأيضا يثقون في قوة ورسوخ الشريعة، فقد أعلن الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس أن الدستور التونسي لن يتضمن الإشارة إلي مرجعية الشريعة للقوانين التي تصدر، وذلك حرصا علي الوفاق الوطني . وأخيرا - لا يسعني سوي أن أردد مع الفيلسوف الأمريكي جون ديوي «يتمثل علاج أسقام الديمقراطية في المزيد من الديمقراطية» .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.