إن إلإنخفاض المستمر للمعدل السنوي للنمو الاقتصادي العالمي في الستينيات من 5 % بعد الأخذ في الحسبان بنسبة التضخم واستمرار هذا الانخفاض في السبعينيات إلي 3.6%، ثم تدني في الثمانينات إلي 2.8 %، واستمر ذلك التراجع . كما أن العالم في النصف الأول من التسعينات نجح بالكاد في تحقيقها معدل نمو قدرة 2 %، يعني ذلك أن الرأسمالية فقدت عل مدي عقدين 60% من قوتها الدافعة، فهل هناك مستقبل للرأسمالية؟ هل هي ملائمة للحياة في القرن الحادي والعشرين؟ واذا كان كذلك، فكيف ينبغي للرأسمالية ان تتغير كي تتلاءم مع متطلبات العالم المعاصر؟ أدرج منظمو المنتدي الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري هذه الاسئلة وغيرها من الاسئلة الصعبة علي جدول أعمال لقاء 2012 . ولكن هل رغب المشاركون في المنتدي - وهم 2600 من أثري وأقوي الشخصيات في العالم، الذين وفدوا علي هذا المنتجع الجبلي - الخوض في مواضيع كهذه؟ بالنسبة للبعض علي الاقل، تعتبر هذه هي الاسئلة بعينها التي ينبغي علي المنتدي مناقشتها. احد هؤلاء هو جون غريفيثس جونز، رئيس مجلس ادارة عمليات عملاق المحاسبة kpmg في بريطانيا واوروبا. هل مازالت تعمل؟ يقول جونز "هل ما زالت الرأسمالية تعمل؟ هل سنشهد نموا في المستقبل؟ هل النموذج الغربي مازال نموذجا يحتذي؟ انا جد مهتم لسماع الناس يطرحون مثل هذه المواضيع." يتحدث جونز عن الحاجة إلي ابتكار "مفهوم جديد للرأسمالية المسئولية"، وهو يخشي من انه حتي لو تمكن المشاركون في منتدي دافوس من الوصول إلي اتفاق حول هذه المواضيع الشائكة لن يكون هذا الاتفاق واضحا بالنسبة للسواد الاعظم من البشر في شتي ارجاء المعمورة. اما كارل شواب، مؤسس المنتدي ومحركه الرئيسي، فقد كان اكثر صراحة، إذ قال "الرأسمالية بشكلها الحالي غير ملائمة لعالمنا المعاصر". ويقول صندوق النقد الدولي إن الاقتصاد العالمي " دخل عميقا في مرحلة الخطر" بسبب المخاطر من منطقة اليورو. وخفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي هذا العام إلي نسبة 3.25 في المئة من تقديره السابق بنسبة نمو 4 في المئة. وتم تخفيض نسبة النمو المتوقعة للاقتصاد البريطاني إلي 0.6 في المئة من 1.6 في المئة سابقا. الا انه يتوقع ان تدخل منطقة اليورو في "ركود" في 2012 وان ينكمش الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 0.5 في المئة مقارنة مع تقدير سابق بالنمو بنسبة 1.1 في المئة. وخفض الصندوق توقعاته لنمو اقتصادات دول منطقة اليورو، خاصة المانيا التي يعد اقتصادها قوة الدفع الرئيسية للنمو في المنطقة. ويتوقع ان ينمو الاقتصاد الالماني بنسبة 0.3 في المئة في 2012 مقابل توقع سابق في الماضي بنمو بنسبة 1.3 في المئة. ويتوقع الا ينمو الاقتصاد الفرنسي باكثر من 0.2 في المئة مقابل توقعات سابقة بالنمو بنسبة 1.4 في المئة. وقال الصندوق في أحدث تقرير لتوقعاته الاقتصادية العالمية إن "التعافي الاقتصادي مهدد بالضغوط المتزايدة في منطقة اليورو وعوامل هشاشة في مناطق اخري". وأضاف: " التحدي الاكثر الحاحا للسياسات هو استعادة الثقة ووضع حد للازمة في منطقة اليورو عن طريق دعم النمو ومواصلة التكيف واحتواء خفض الاقتراض وتقديم مزيد من السيولة والتيسير النقدي" وأبقي صندوق النقد توقعاته لنمو الاقتصاد الامريكي في 2012 مستقرة عند 1.8 في المئة لكنه خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الياباني إلي 1.7 في المئة من 2.3 في المئة. وقال ان النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة سينمو 1.5 في المئة في المتوسط في 2012 و2013 وهو معدل ابطأ من ان يحدث تأثيرا كبيرا في نسب البطالة المرتفعة. وذكر الصندوق ان من المرجح الا تسلم الولاياتالمتحدة والاقتصادات المتقدمة من التداعيات اذا تفاقمت أزمة اوروبا. وقال الصندوق: " الولاياتالمتحدة والاقتصادات المتقدمة الاخري معرضة لتداعيات تفاقم محتمل لازمة منطقة اليورو ولديها تحديات داخلية منها التغلب علي العوائق السياسية". وتوقع الصندوق تباطؤا حادا في وتيرة النمو في الاقتصادات الناشئة والنامية وحثها علي أن تركز سياساتها علي تحفيز الاقتصاد. وخفض توقعاته لنمو الاقتصادات الناشئة في 2012 إلي 5.4 في المئة من 6.1 في المئة. كما خفض توقعاته للنمو في الصين إلي 8.2 في المئة من تسعة في المئة في توقعاته السابقة. وقال صندوق النقد ان التباطؤ سيكون اشد وطأة علي منطقة وسط وشرق اوروبا التي لها علاقات تجارية قوية مع اقتصادات منطقة اليورو . وارتفع معدل البطالة بصورة مطردة خلال 2011 بسبب تعثر النمو وكساد يلوح في الافق أظهرت البيانات أن معدل البطالة في منطقة اليورو بلغ أعلي مستوياته منذ طرح العملة الموحدة وذلك بعد يوم من تعهد قادة الاتحاد الاوروبي بالتركيز علي توفير ملايين الوظائف الجديدة في مسعي لإنعاش الاقتصاد الاوروبي الذي يعاني الكساد. وقال مكتب احصاءات الاتحاد الاوروبي (يوروستات) إن البطالة المعدلة لاخذ عوامل موسمية في الحسبان بين الدول السبع عشرة الاعضاء في منطقة اليورو ارتفعت إلي 10.4 بالمئة. وأضاف المكتب أن هذا هو أعلي معدل للبطالة منذ يونية 1998 قبل تدشين اليورو في 1999 . وأظهرت البيانات أن 20 ألف شحض آخرين فقدوا وظائفهم، مما رفع أعداد العاطلين إلي 16.5 مليون في أنحاء منطقة اليورو. وارتفع المعدل بصورة مطردة خلال 2011 بسبب تعثر النمو . رأسمالية البقاء للأصلح ويعلمنا التاريخ أن أنماط رأسمالية البقاء للأصلح لا تنجح، فلقد انهارت اقتصاديات السوق الحرة التي كانت سائدة في العشرينات من القرن الماضي، خلال فترة الركود الكبري، وكان لابد من تدخل الحكومة لإعادة بنائها. وربما أمكن بشكل أو بآخر إنجاح رأسمالية البقاء للأصلح، ولكن ذلك لم يحدث حتي الآن . ومن الحري أن نتذكر كذلك أن الذين وضعوا نظام التأمينات الاجتماعية لم يكونوا يساريين، وإنما كانوا في معظم الأحيان أرستقراطيين محافظين مستنيرين "بسمارك وتشرشل وروزفلت" طبقوا سياسات التأمينات الاجتماعية لإنقاذ الرأسمالية لا لتدميرها، عن طريق حماية الطبقة المتوسطة إلا أن الحلول التقنية لن يكون من شأنها حل القضية الرئيسية المتمثلة في اتساع الفجوة بين الإيمان الديمقراطي بالمساواة، واتجاه السوق المتنامي إلي خلق تفاوتات كبيرة في القدرة الاقتصادية. إن الحل المنشود يكمن في مجموعة من الأهداف المشتركة التي تكتسي من الأهمية ما يحفز الناس علي التضحية، و علي تنحية مصالحهم الشخصية الضيقة، من أجل إعادة بناء الاقتصاد . لكن ما هذه الرؤي و ما هذا البرنامج ؟! .