أصدرت محكمة التمييز، أعلي هيئة قضائية في فرنسا، حكما لصالح مراسل القناة الفرنسية الثانية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية "شارل اندرلان" بشأن صحة تحقيق صحفي مثير للجدل كان قد أجراه المراسل قبل اثني عشر عاما حول ظروف مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة في غزة. التحقيق الصحفي المصور حول ظروف مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة في غزة، تناقلته وسائل الإعلام ليصبح في فترة قصيرة من الزمن رمزا لأهمية الصورة أمام عيون الملايين من العرب والأجانب حيث قتل الطفل محمد الدرة البالغ من العمر اثني عشر عاما بين ذراعي والده جمال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد إصابته في تبادل لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وناشطين فلسطينيين، أمام عدسات الكاميرا. هذه اللقطات التاريخية، وبعد أكثر من عقد من الزمن، وبعد سنوات علي انتهاء الانتفاضة، بقيت محفورة في أذهان الملايين، كما يبقي هذا الريبورتاج عنصرا رئيسيا في الحرب الإعلامية بين إسرائيل والفلسطينيين. فهل هذه اللقطات المصورة التي عاشها جمال الدرة والد محمد الدرة واقعية ؟ يجيب جمال الدرة عن هذا السؤال قائلا " الادعاء الإسرائيلي يقول إن الشريط مفبرك. الشريط غير مفبرك وهو رسمي. أنا أطالب بتكوين لجنة دولية لفحص هذا الشريط. أنا أحترم الصحفي الفرنسي "شارل اندرلان" لأنه يدافع عن الصحافة الحرة وليس عن الصحافة المزورة. إسرائيل تزور الحقائق وتتلاعب بكل القضايا. أنا أطالب من كل شرفاء العالم الوقوف إلي جانبي ومساعدتي لإحقاق الحق". هذا يعني أن المحكمة ألغت إعلان براءة مدير وكالة التصنيف الإعلامية فيليب كارسينتي الذي ستعاد محاكمته في الاستئناف لأنه أكد أن هذا التحقيق الصحفي كان "مفبركا"، وهب المدافعون عن إسرائيل إلي حد القول إن الطفل لم يمت وإن الفلسطينيين قاموا بتركيب كل المشهد. وقد أثارت المشاهد التي عرضت في جميع أنحاء العالم جدلا حول مصدر إطلاق النار الذي سبّب مقتله وحول احتمال فبركتها، وسبب ذلك تعاطف العالم مع الطفل الفلسطيني. وفي العالم العربي، أصبح "الطفل محمد" بسرعة شعارا لإدانة الاحتلال الإسرائيلي. ومنذ ذلك التاريخ، يتبادل الإسرائيليون والفلسطينيون الاتهامات حول هذا الريبورتاج وكان بمثابة حرب إعلامية بين الطرفين. عيران زنكر، الإعلامي الإسرائيلي، اعتبر أن هذا التحقيق أثر علي صورة إسرائيل في الخارج ويري أنه منذ "اندلاع الانتفاضة الثانية، توجد بين إسرائيل والجانب الفلسطيني حرب إعلامية علي الساحة العالمية". ويضيف قائلا بأن موضوع محمد الدرة و"خلفية قتله كان بمثابة سلاح بأيدي الجانب الفلسطيني", وأن "إسرائيل تدفع الثمن حتي الآن، في محاولات لإقناع العالم بأن الصورة الحقيقية لإسرائيل ليست الصورة التي يحاول الجانب الفلسطيني أن يقنع العالم بها". حرب قضائية من الدرجة الأولي أثارتها تلك اللقطات انتقلت من إسرائيل وغزة إلي فرنسا، حيث أطلق الجدل مدير مؤسسة "ميديا" ريتيجز فيليب كارسينتي الذي تحدث عن "موت كاذب للطفل" ، الذي ستعاد محاكمته في الاستئناف لأنه أكد أن هذا التحقيق الصحفي كان "مفبركا"... فأين الحقيقة؟ وأين الحقوق؟