نشرت هذا الأسبوع دراسة تؤكد أن المشكلات التي تواجهها النساء في العراق تظل هي الأكثر خطورة في البلاد علي الرغم من التراجع الشديد في العنف بوجه عام حيث تفتقر غالبيتهن إلي الخدمات الأساسية والأمن. وقالت مجموعة أوكسفام الدولية للمعونة التي قامت بإجراء الدراسة: "والآن بعد أن بدأ الموقف الأمني الإجمالي يستقر علي الرغم من هشاشته...تظل أمهات وزوجات وأرامل وفتيات لاحصر لهن في العراق في قبضة حاجة ملحة صامتة". وقد استندت الدراسة إلي مسح شمل 1700 امرأة من خمس من محافظات العراق الثمانية عشرة خلال النصف الأول من عام 2011 إلي جانب مقابلات أُجريت في فترة لاحقة. وتركز الدراسة علي تأثير سنوات الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003 وتوصلت إلي أن ثلث النساء اللائي شملهن المسح فقدن فردا من الأسرة في العنف. وبينما تراجعت الهجمات إلي حد كبير خلال العام الماضي قتل عشرات الآلآف من العراقيين في العنف الطائفي وهجمات المسلحين منذ عام 2003 كما فر ملايين آخرون من ديارهم إلي مناطق أُخري في العراق أو غادروا العراق إلي دول أخري. ومن النتائج المهمة التي أظهرتها الدراسة أن 55% ممن شملهن المسح نزحن من ديارهن منذ عام 2003 بسبب العنف أو للبحث عن عمل. وسمح تراجع العنف في غالبية أجزاء العراق بتوجيه الاهتمام إلي الحالة السيئة للخدمات الاساسية مثل الكهرباء والرعاية الصحية والتعليم، حيث إنه من غير المتاح لربع النساء اللائي شملتهن دراسة اوكسفام الوصول إلي مياه شرب علي أساس يومي وقال ثلثا النساء تقريبا إنهن يحصلن علي أقل من ست ساعات من الكهرباء يوميا. كما لاتحصل ثلاثة أرباع الأرامل علي معاش من الحكومة. و45% من الأمهات لايرسلن أولادهن إلي المدارس. وتجاهد حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي للإسراع بخطي الاستثمار في إعادة الإعمار والخدمات ولكن النتائج تظهر ببطء. وقالت اوكسفام: "النساء في العراق اليوم وفي عام 2010 بعد سبعة أعوام من الاحتلال اكثر قلقا بشأن الحفاظ علي معاشهن، بسبب انخفاض أسعار النفط الذي يخشين أن يؤثر علي قدراتهن علي كسب دخل وشراء طعام ودفع قيمة السكن والرعاية الصحية". ومن المُرجح أن يصبح الإنفاق علي شبكة الأمان الاجتماعي في العراق أكثر صعوبة اذا ستمر انخفاض أسعار النفط الذي يشكل أكثر من 95 في المائة عائدات الحكومة العراقية.ودعت أوكسفام الحكومة العراقية والمانحين الدوليين إلي دعم المعونة التي تستهدف العراقيات. قاتل للإيجار وكانت صحيفة "الجارديان" قد نشرت تحقيقا عن ارتفاع ملحوظ في عدد جرائم قتل النساء في ثاني اكبر المدن العراقية خلال العام الجاري وعجز أو تواطؤ الشرطة فيما يسمي بجرائم الشرف في مدينة البصرة. حيث تقول الصحيفة إن 81 امرأة قتلت العام الماضي مقارنة ب 47 خلال العام 2009 بينما بلغ عدد من تمت ادانتهم عن هذه الجرائم 5 فقط هذا العام و3 العام الماضي! وتضيف الصحيفة أن قتل امرأة في البصرة عملية سهلة وغير مكلفة اذ يمكن استئجار قاتل مقابل 100 دولار فقط. وتنقل الصحيفة عن محام في مدينة البصرة أن العثور علي قاتل مأجور امر سهل للغاية اذ انهم يتواجدون في اي من مقاهي المدينة ويمكن مساومتهم علي ما يتقاضونه مقابل قتل انسان كما لو انك تفاوضهم علي شراء قطعة لحم. وتورد الصحيفة قصة الفتاة العراقية رند عبد القادر (17 عاما)، التي تعرضت للخنق علي يد والدها العام الماضي بسبب صداقتها لجندي بريطاني في الثانية والعشرين من العمر. وتشير الصحيفة إلي أن الاب خرج من السجن بعد فترة قصيرة دون توجيه الاتهام له وحتي والدة رند، ليلي حسين التي اقدمت علي الطلاق من زوجها بسبب قتله رند، تعرضت للقتل لاحقا علي يد مسلحين مجهولين رغم انها توارت عن الانظار بعد طلاقها. وتنقل الصحيفة عن "الوالد القاتل" قوله إن عناصر الشرطة قدموا له التهنئة علي قتله ابنته رند. وحتي المنظمات النسائية المدافعة عن حقوق النساء في المدينة لم تسلم من التهديد واجبر عدد منها علي اغلاق مكاتبها بعد تلقي العاملات فيها لتهديدات بالقتل كما تعرضت بعض العاملات في هذه المنظمات لاعتداءات مثل اثنتين من الناشطات في احدي المنظمات التطوعية التي قدمت المساعدة لوالدة رند وامنت لها مكانا سريا للاختباء فيه هربا من الزوج السابق. النساء المعيلات وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في هذا الشأن إن الصراعات التي دامت عقودا طويلة في العراق خلفت مايقارب مليون إلي ثلاثة ملايين اسرة تعيلها النساء وتشتت آلاف الاسر بسبب مقتل الاب أو الزوج أو سجنه أو فقدانه حسب تقرير. وأوضحت اللجنة في تقرير لها أن "اوضاع النساء بعد صراعات طويلة استمرت لعقود تفاقمت نتيجة القاء مسئولية اعالة الاسرة ورعايتها علي عاتق النساء دون أن ننسي شبح الحوادث المؤلمة الشنيعة التي أودت بحياة ازواجهن وذلك فان الصراعات خلفت مايقارب المليون إلي ثلاثة ملايين اسرة تعيلها النساء". وأظهر التقرير أن "المرأة هي اكثر من عاني في هذا الصراع كونها الزوجة والام والابنة، مقرون بأن المجتمع العراقي بنظامه الابوي لايسهل حياة امراة دون رجل، ودون احد اقربائها تفتقر المرأة إلي الحماية والدعم الاقتصادي والمادي والاجتماعي". وأضاف أن "آلاف العراقيين اصبحوا في عداد المفقودين خلال العقود الماضية وتبقي الزوجات والاطفال يعانون من عواقب تلك المحنة يغشاهم الذهول ويجهلون ما اذا كان الازواج والاباء قد قضوا نحبهم وهم محرومون من حقهم حتي في الحداد". وأشار التقرير إلي أن "مئات النساء في العراق استهدفن بسبب مهنهن أو دورهن العام في البلاد واذا ما نظرنا إلي مهنة الطب وحدها نري أن العديد من الاطباء هربوا أو هجروا اعمالهم مما تسبب في ندرة المتخصصين في العراق واحدث شللا في نظامه الصحي". ونقل التقرير عن "خوان بيدرو شيرير" رئيس بعثة اللجنة الدولية في العراق قوله: "علي مر العقود الثلاثة الماضية كانت المرأة في العراق ضحية النزاعات المسلحة ودفعت ثمنها غاليا ومنذ 2003 ارتفعت معدلات تعرض النساء لاطلاق النار أو القتل أو الجرح في عمليات التفجير".ووفقا للتقرير، "اثر هذه الاوضاع يمكن أن تلعب المرأة دورا في الاعمال العدائية سواء كان ذلك طوعا أو كرها ونتيجة لذلك يتم توقيفها واحتجازها".