لا احد يعلم سر كل هذه المدة التي اخذها المتحف لتطويره، ولا لماذا تم نسيانها واهمالها بهذا الشكل المسيئ !!! اعمالا لفنانين رواد مثل (الحسين فوزي، محمد حسن، محمد صدقي الجباخنجي، حامد عويس، كامل مصطفي، مفيد جيد، نجيب فانوس، المورالي، مصطفي ابراهيم حسنين، عبدالعزيز فهمي، احمد عثمان، ادوارد زكي خليل، محمد عزت مصطفي، انطوان خليل، احمد محمد داود، ايزاك فانوس، وابراهيم قطري) يعثر عليها فريق من المرممين العاملين بقطاع الفنون التشكيلية، ذلك الكنز العظيم أثناء عملهم بمشروع متحف الجزيرة الجديد بموقع متحف الحضارة بأرض الجزيرة ، حيث عثروا علي خبيئة فنية نادرة عندما فوجئوا بمدخل لسرداب سري بعمق يزيد علي خمسة امتار خلف الديورامات (المشاهد المجسمة) المعروضة والخاصة بتاريخ مصر وقرر القطاع علي الفور التوثيق لهذا الكشف بواسطة لجنة متخصصة برئاسة الدكتور صبحي الشاروني الناقد الفني والخبير الموسوعي في تاريخ الفن المصري المعاصر . اما من أمر بإقامة هذا المعرض الفني لتلك الاعمال بقصر الفنون والذي افتتح الاسبوع الماضي هوالدكتور عماد ابوغازي وزير الثقافة، بعدما اشاد بأهمية هذا الكشف القيم . بمجرد ان تطأ قدماك قصر الفنون بدار الأوبرا المصرية وتري هذه الاعمال، تشعر باحساس عجيب يأخذك الي زمن هذا الفن العظيم، ولا تكاد تصدق ما تراه عندما تنظر لكل هذه الاسماء العملاقة من جيل رواد الفن التشكيلي المصري، تشعر بهيبة هذه الاعمال وبمدي القيمة الفنية والتاريخية لتلك الاعمال النادرة، التي يمثل كل واحد منها جزءا مؤثرا وهاما من تاريخ مصر، اعمال منفذة بابداع وتقنية فنية عالية فنانو مصر وروادها وحسرة تنتابك لإخفاء كل ذلك التاريخ والقيمة الفنية لتلك الاعمال سنوات عديدة لقرابة الستين عاما عن اجيال واجيال واهمالها كل هذه الاعوام، كذلك تنتابك الدهشة والفرحة معا للعثور علي هذه الاعمال في هذا الوقت بالتحديد بعد ثورة 25 يناير، لتشعر معه وكانت ثورة الشعب قد قامت لتزيل كل الفساد وتكشف عن كل الامجاد . تصميمات، تسجيل تاريخي للعديد من المواقف التاريخية والسياسية في مصر .. حكم محمد علي .. الملك فاروق .. ومحمد نجيب، اعمال يتضح بها الاساليب الفنية التي استخدمها هؤلاء الفنانون، لوحات تصويرية يتضح بها الأسلوب التأثيري تأثيرية، قوة في الاداء، قدرة محكمة علي الرسم والتعبير عن النسب والظل والنور وقوانين الضوء والمنظور في قدرة فائقة في التعبير والتكوين المحبك . عرضت تلك الاعمال بقصر الفنون تحت عنوان " خبيئة الحضارة " لاظهار 222 عملا فنيا، منها 18 لوحة زيتية كبيرة من أعمال الرواد، 85 اسكتشا فنيا ملونا بالألوان المائية لتجهيزات العرض المتحفي الذي تم افتتاحه العام 1949، و65 من الرسومات الهندسية والمعمارية الخاصة بمتحف الحضارة المصرية، الذي صممه وأشرف علي تنفيذه مصطفي بك فهمي 1936 بتكليف من ملك مصر والسودان فاروق الأول، و19 خريطة قديمة للقطر المصري وتخطيط مدينة الإسكندرية، و32 رسما توضيحيا، بالاضافة الي 3 صور فوتوغرافية . بين اعمال المعرض يجذبك عمل الفنان محمد حسن الذي اطلق عليه الفنان الذي لون التاريخ ويحمل عنوان (اجتماع ملوك ورؤساء البلاد العربية بمؤتمر انشاص)، يتضح بالعمل اسلوب الفنان في اظهار الظل والنور بالإضافة لاسلوبه في رسم العمل بتقسيم سطح اللوحة الي عدة مربعات متساوية للرسم عليها كالاسلوب المتبع في تنفيذ الاعمال في الفن المصري القديم . كما عبر الفنان حامد عويس باسلوبه السهل الممتنع المتميز الذي لا تخطئه العين، عن انجازات الملك فاروق بلغته التشكيلية الخاصة ذات العلاقات اللونية الخطية المميزة . كما عبر الفنان كامل مصطفي والفنان الحسين فوزي عن اعمال تظهر بها اسلوب تقتني وفني ذوقدرة وموهبة بالغة توضح انجازات للملك فاروق وبمساحات تبلغ تتعدي المترين، تفيد في اثراء الحركة التشكيلية بعظمتها وابداعاتها. وبرزت اعمال كل من نجيب فانوس واحمد عثمان بمقاساتها الصغيرة الحجم التي لا يتعدي مقاسها 40 x 50 ذات الالوان المائية علي الورق وذات التصميمات الخلاقة المميزة، فمنها تصميم لديوراما خزان اسوان ، مشروع ابتدائي لديوراما خزان جبل الأولياء في استقبال محمد علي باشا بالخرطوم، ومشروع ابتدائي لديوراما بحيرة فكتوريا وابتداء منابع النيل، وقد اتضح بهذه الاعمال الدقة في التصميم والرسومات الدقيقة . كما عبر المورالي بالالوان الزيتية وباسلوب مميز ذوالالوان القاتمة التي لاتخلو من تأثيرات الظل والنور في اعماله سفينة حربية وغواصة في البحر، ودبابات تخرج من سفينة حربية . وتعددت بالمعرض الاعمال التي تشير للعديد من تحركات وانجازات الملك فاروق وهوما دفع الناقد الكبير صبحي الشاروني ان يصرح بتصوره ان سبب اخفاء تلك الاعمال العظيمة يرجع الي أن الحكم الذي جاء بعد سنة 1952 كان يخشي من عودة الملكية، فالكتالوج الذي يضم صورة الملك فاروق تم تخزينه في هذا المكان ووضعت معه صناديق اللوحات التي تصور المواقف المختلفة للأسرة العلوية كلها، فأساس المجموعات التي عثر عليها هي اللوحات التي يزور فيها الملك فاروق المحلة الكبري، والإجراءات والجوانب الإيجابية، كذلك عثر بين اللوحات علي لوحة تصور الرئيس الراحل محمد نجيب، مؤكدا ان إخفاء تاريخ محمد نجيب كان جزءا من العملية، لذلك تم وضع هذه الأعمال داخل السرداب، كما تصور أن غلق هذا السرداب تم بعد إزاحة محمد نجيب من السلطة بعد 1954 . المعرض في مجمله تحفة فنية لمجموعة من الاعمال المكتشفة والتي تقدم رصدا لفكرة تطور اللوحة من مرحلة الدراسات الاولية حتي العمل النهائي، كما انها تضيف لنا رؤية جديدة لرواد من الفنانين المصريين والتي قد تدفع لاعادة كتابة تطور الحركة التشكيلية ككل، بالاضافة الي انه وثيقة هامة للتعرف علي حقبة هامة من تاريخ الشعب المصري .