تألقت أعمال الفنان حسام أمين في معرضه بجاليري المعهد الثقافي الايطالي بالزمالك.. وقد تنوعت خلاله اللمسة بين التجريد والتشخيص..والتعبيرية والخيال الفنتازي.. مع النسجيات المرسمة الحافلة بدنيا الملامس وبهجة الألوان. وحسام أمين فنان يعمل في صمت ودأب مكتفيا بمتعة الابداع.. وبعد ذلك يأتي هذا التواصل بين المتذوق وعالمه الغنائي الذي يشدو بسحر التعبير ورصانة التشكيل. وفي هذا المعرض.. امتدت الأعمال من المسطح والمجسم..من الصغيرة أو متناهية الصغر والأعمال الصرحية. الفن الفقير لقد وصف الناقد باتريتسيا رافيدجي أعمال حسام أمين:" بانها تخلب الالباب والعقول ولها سحرها الخاص علي من يتتبع هذه الاشكال خلال مسيرته.. الامر الذي يعيد الي الاذهان فن البساطة او ما يطلق عليه فن " الارت بوفيرا " . وهو يقصد هنا الفن الفقير.. والذي يعد أحد فنون مابعد الحداثة.. ويستخدم خامات تجافي الخامات التقليدية مثل الاحجار الصلبة والمعادن في النحت..مستخدما خامات عضوية بسيطة مثل اوراق الشجر واوراق الصحف وخرق القماش والرمال.. وقد ظهر هذا الفن اول ما ظهر في ايطاليا ومن بين رموزه الكبار الفنان مايكل انجلو بوستيليتو.. ويعد عمله " فينوس الاسمال البالية " ايقونة هذا الفن وقد جسدها مرتين عامي 1967 و1974.. من الاقمشة البالية في كومة تحف فينوس وتطوقها.. وقد فاز انجلو في بينالي فينيسيا بجائزة الاسد الذهبي عن مجمل اعماله عام 2003 . حسام أمين يستخدم في أعماله دنيا عجيبة وغريبة من النفايات التي نطالعها في حياتنا اليومية من الورق المفضض والمذهب ومزقات القماش وحبات العقود والمسبحات والخيوط والورق المطبوع وقطع من اوراق الصحف مع العجائن واللدائن وخليط من الالوان الزيتية والاكليريك والاصباغ . . ويشكل منها عالما فنتازيا غارقا في البهجة يجمع بين الغنائية وجموح الخيال يذكرنا بكائنات الفنان الروسي مارك شاجال . هذا بالنسبة لاعماله التصويرية والحافلة بتنوع السطوح والمستويات والتي تحمل طابعا تكعيبيا من خلال الهندسيات وفي نفس الوقت تبدو مفعمة بعاطفية شديدة ...وهي تحمل قدرا كبيرا من التفاؤل والاشراق. في لوحة " طائر البوسنة ".. يحلق طائر يغني لمصر فوق الهرم تأكيدا علي تواصل الحضارات وحوار الشرق والغرب . لاشك أن لوحتي " الحرب والسلام" للفنان أمين يمثلان المعني الحقيقي لادانة الغشم والجهالة من فظائع الحرب ومحاولة الخروج الي فضاءات السلام الذي ينشده ضمير العالم.. حين نطالع تلك الكائنات المتوحشة وهذا الصاروخ الذي يخترق حمامة السلام مع مساحات شطرنجية من الابيض والاخضر تشير الي معني التنقل من حالة درامية الي أخري . . كل هذا في تزاحم تعبيري ما ان يهدأ حتي يتوهج باللون . يأخذنا حسام امين الي مرفأ حالم في لوحته "الزهور" والتي تتوهج بكثافة تعبيرية وايقاع من البهجة اللونية التي تتداخل وتتقارب وتتمازج في ثراء علي خلفية من الازرق الليلي الداكن . يؤكد الفن علي قدرته علي التنبؤ واستشراف المستقبل.. كما نري في لوحتة الرمزية " الوقفة الاحتجاجية" والتي صور فيها جموعاً من الطيور في صفوف أفقية بنظرة جانبية تتجاذب من اليمين الي اليسار والعكس..ورغم الصمت والسكون نطالع فيها التحفز والاحتجاج . اما اعمال الفنان ذات الطابع الفني المركب فتحتشد بالثراء اللوني مع التجسيم والتسطيح . لقد جاء تشكيله المجسم " مصر 2011 " والغارق في البني المشوب بالاحمر صورة لمعني الاصالة والحداثة.. وقد تجسد في تشكيل رمزي حافل بالمستويات : الصدر مسكون بدنيا من الدوائر الكهربية وعناصر من وسائط التكنولوجيا الحديثة والرقبة تزدان" بكوليه " بخرزة زرقاء.. اما الرأس فتبدو بهيئة بنايات وصروح معمارية . هناك من بين أعماله المركبة " سفينة القرن " هذا التشكيل الذي يشبه البارجة والذي يتصاعد رأسيا بالسطوح والزهور ومايشبه الطائر او الكائن الفضائي. يأخذ النحت اتجاها اخر في عالم حسام امين ولكن بنفس اللغة التعبيرية.. كما نري في منحوتته " تمساح النيل "الذي يمتد بشكل افقي وقد جسده برأسين، رأس باتجاه مصر واخر باتجاه افريقيا وكأنه يشكل تللك العلاقة التي نحتاجها الان علاقة الحوار خاصة مع الجوار والتاريخ مع دول حوض النيل وهو زاخر بالمستويات بالاسود الابنوسي الفاحم..ينظر في كل اتجاه اشبه بالموناليزا بتعبير الفنان . اما تشكيله انسان القرن من البوليستر فهو يمتد في استطالة تتنوع فيها المستويات والتفاصيل الهندسية الحادة. بروح الفن الفرعوني وفي بلاغة تشكيلية جاءت منحوتة حسام" الطائر" في مجسم غاية في الرصانة وهو يمتد باختزال شديد في التفاصيل بشكل رأسي.. فيه حكمة مالك الحزين . تظل اغنية المعرض التشكيلية في تمثاله التجريدي "ام كلثوم" والغني بالمستويات من السطوح والدوائر يتوثب في استطالة الرقبة نطالع فيه.. هلة وطلة كوكب الشرق . تحية الي الفنان حسام أمين بعمق ثراء التشكيل وتنوع الرؤي في التعبير .