إذا كنت تتابع ما يردده بعض الممثلين في لقاءاتهم الصحفية أو التليفزيونية فسوف تتأكد أن من نطلق عليهم نجوما، قد قبلوا علي انفسهم أن يكونوا مجرد "مشخصاتية "أو مهرجين، وسوف تتذكر حتما أن المحاكم في بدايات القرن العشرين كانت لاتأخذ بشهادة الممثل أو الأراجوز! وأن إنجازات قرن من زمن ارتفع فيه قدر الفنان في العالم كله حتي كاد يرتفع عن قامة رؤساء وملوك الدول والساسة، ولكن الممثل المصري للأسف يعود راضيا ويقنع بدور الأراجوز! والأراجوز يقدم تسلية بلا أي فكر أو منطق، انه يتشقلب ويضرب زميله بالشلوت حتي تفلت منك ضحكة، تدفعك أن تخرج من جيبك قرشا تمنحه إياه، هذا كان في الزمن الماضي، والغريب أن أراجوزات هذا الزمن يحصلون علي الملايين علي أعمال أقل ما توصف به أنها شديدة التفاهة وتشبه ضرب الشلوت أو القفا! المهنة ثوري في الأسبوع الماضي قرأت حوارا للممثلة مي عز الدين، في المصري اليوم، كانت تدافع فيه بحماس عن تامر حسني، وتؤكد انها لن تتخلي عنه، ولذلك قبلت أن تشاركه مسلسل آدم، وإلي هذا الحد هي حرة في رأيها، ولكنها في نفس الحوار تؤكد أنها لا تهتم بما يحدث في مصر من احداث وثورة لأنها علي حد قولها"مالهاش في السياسة"! وكأن إدراك الانسان لما يجري علي ارض بلاده يحتاج إلي خبرة في العمل السياسي؟ ما علينا، بعدها بيوم أو اثنين شاهدت علي قناة دريم، لقاء بين وفاء عامر ومذيعة برنامج يلا سينما، كان أهم مالفت اهتمامي في الحوار أن وفاء أكدت للمذيعة بثقة وادعاء للجرأة والموضوعية، إنها لم تنزل ميدان التحرير ولم تشارك في الثورة، لأنها ممثلة وكل انسان ميسر لما خلق له، فالدكتور دكتور والمحامي محامي والممثل ممثل، هذا نص كلامها ويبدو انها تصورت أن هناك شغلانة اسمها الثوري، أي ان من خرجوا بالملايين في الثورة بيشتغلوا ثوار! يبدو أيضا أنها لم تسمع ان نجمة بحجم شريهان كانت تنزل كل يوم إلي ميدان التحرير في عز ايام الفزع، وكذلك جيهان فاضل وبسمة وتيسير فهمي ونهي العمروسي، هذا غير الممثلين الشبان مثل خالد الصاوي وخالد ابو النجا، وخالد النبوي وعمرو واكد وغيرهم من المخرجين والشخصيات العامة وآلاف من المواطنين المصريين! رموز عصر مبارك المصيبة أن هؤلاء الذين نالوا مكاسب عظيمة وحققوا الشهرة والثراء ليس لديهم أدني رغبة في مشاركة الوطن همومه وآلامه، ولا أحلامه، هؤلاء يعيشون في غيبوبة متعمدة ويحرصون علي ان يكونوا علي الهامش دائما، تحت زعم انهم لا يفهمون بالسياسة، حتي انتخابات نقابتهم وهي اول انتخابات نقابية تجري بعد قيام الثورة، وقد شهدت سقوط واحد من أهم رموز عصر مبارك، لم تحرص النسبة الاعظم منهم علي المشاركة والحضور، وغاب اصحاب الأسماء اللامعة بينما حرص شباب الممثلين وأنصار التغيير علي الحضور لإسقاط اشرف زكي وانصاره، حتي لايكون لهم اي امتداد في مجلس النقابة. شرير للنهاية قد قام اشرف زكي بأكبر مناورة اعلامية وكأنه أبي أن يترك الساحة بدون اي يؤدي دور الشرير للنهاية، سبق ان ظهر النقيب السابق في برنامج العاشرة مساء ليؤكد انسحابه من الترشح أمام كل من اشرف عبد الغفور، وأحمد ماهر، وكانت حجته الحرص علي عدم شق وحدة نقابة الممثلين، رغم أن إصراره من البداية علي الترشح كان أمراً مثيراً للريبة، فهو يعلم تماماً أنه أصبح ورقة محروقة، وان دوره انتهي بعد سقوط نظام مبارك، وأنه لن يستطيع مهما كانت مهارته أن يقفز مرة أخري علي السطح، حتي لو سانده بعض الكومبارس، الذين كان يحركهم يمينا وشمالا ويحشدهم كلما دعت الحاجة، وقد فعل ذلك عن جدارة في مباراة مصر والجزائر، حيث جمع نفرا من الممثلين وطاروا إلي ام درمان وعادوا بأكبر فضحية اعلامية، كادت تحدث ازمة دبلوماسية بين مصر والجزائر. كما قام بحشد نفس المجموعة بناء علي طلب انس الفقي، ليهاجم الثوار ويسيء إلي سمعتهم، وكان منظر الممثلة زينة وهي مرفوعة علي كتف أحدهم وتقف أمام مبني التليفزيون وتصرخ بأعلي صوت مؤيدة مبارك ومتوعدة من يطالب بخلعه بسوء المصير، من أكثر المشاهد عبثية في تاريخ ثورة يناير، حاولت مني الشاذلي مذيعة العاشرة مساء أن تتأكد من نية اشرف زكي في الانسحاب من الانتخابات، وحذرته أن تراجعه أو تلاعبه سوف يسيء إلي سمعته، ولكنه اكد لها بشرفه وشرف أمه أنه قرر الانسحاب ويعلنها علي الهواء أمام الملايين ولاسبيل للتراجع! ولكن الذي حدث في اليوم التالي أن استضاف يسري فودة في برنامج آخر كلام، أشرف عبدالغفور وفتوح أحمد والكاتبة فتحية العسال، وتأكد في اللقاء أن اشرف زكي الذي رفض المشاركة في اللقاء، وأغلق تليفونه المحمول، لم ينسحب من الانتخابات!! وأن صوره الدعائية كانت لا تزال تملأ أروقة مسرح السلام، وفي هذا اللقاء فهمنا أن اشرف زكي لو كان جادا في حكاية الانسحاب لكان فعل ذلك في الوقت المحدد اي قبل إجراء الانتخابات بيومين، ويبدو انه أراد أن يثبت لنفسه ولمنافسيه انه لا يزال قادرا علي المنافسة وجمع الأصوات، حتي بعد أن اصبح شخصية مرفوضة من الجميع، فهو علي ثقة أن له ذيولا واتباعا، يعتقدون أن عجلة الزمن يمكن أن تعود للخلف! وهؤلاء منحوه اصواتهم وعددهم 333ممثلا ينتمون بوجدانهم لعصر مبارك! تهرب ضريبي الذين يتشدقون ليل نهار بكلام رنان ويدعون حرصهم علي المبادئ، هم الأكثر إساءة لهذا البلد، اعتقد أنك لن تندهش عندما تعلم أن النسبة الاعظم من نجوم السينما والتليفزيون الذين يحصلون علي أجور بالملايين، هم أول المتهربين من الضرائب، والخدعة التي تبعدهم عن طائلة القانون يشاركهم في اتقانها شركات الإنتاج، التي تحرر لهم عقودا تضم أجرا وهميا، أقل كثيرا مما يحصلون عليه فعليا، وبذلك تتم محاسبتهم علي هذا الأجر الوهمي، وتضيع علي الدولة قيمة الضرائب المستحقة، وقد كنت اسمع هذا الكلام كثيرا ولا أصدقه، حتي تابعته بنفسي مع ممثلة كنت أظنها نموذجا فريدا ومختلفا، فقد حدث منذ ثلاثة أعوام أن كنا بصدد تنفيذ مسلسل ساعة عصاري لحساب قطاع الإنتاج، واقترح المخرج محمد حلمي أن نعرض دور البطولة علي آثار الحكيم، وكانت رغبة مؤلف القصة عمرو عبدالسميع، تتفق مع وجهة نظر المخرج، فأرسل لها سيناريو الحلقات فأبدت موافقتها وطلبت لقاءنا أنا ومحمد حلمي، وتصورنا أنها سوف تتحدث في تفاصيل المسلسل أو تطلب بعض التوضيح والشرح فيما يخص دورها، ولكننا فوجئنا بإصرارها علي أن تحول إنتاج المسلسل إلي شركة خاصة، ولما شرحت لها أنا والمخرج أن المسلسل اصبح ملكا لقطاع الإنتاج، بعد أن قام بشراء القصة من المؤلف ودفع قيمة السيناريو كاملا، مما يصعب معه سحب العمل، ولكنها أصرت وأكدت أنها لا يمكن أن تقدم عملا «إنتاج مباشر» مع قطاع الإنتاج، وعندما سألتها ببراءة لماذا ترفضين قطاع الإنتاج، إذا كان سوف يقدم للمسلسل كل الإمكانيات التي يحتاجها، وسوف يوفر كل العناصر الفنية التي نطلبها، فأجابت ببساطة: مستحيل أن أكتب أجري الحقيقي في مستند رسمي، إن شركة الإنتاج يمكن أن تضمن لي عقدا اضع فيه نصف الأجر أو أقل من النصف، ولكن مع قطاع الإنتاج سأجد نفسي مطالبة بدفع ضرائب علي الاجر الحقيقي! طبعا فشلت كل محاولات اقناعها بالعدول عن رأيها، وقامت بدور البطولة جومانة مراد مع رانيا يوسف وأحمد وفيق ودنيا وأحمد خليل وآخرين، ورغم موقف آثار الحكيم الذي اصابني بغصة إلا أني سمعتها في اكثر من حوار تتحدث عن حق الفقراء في حياة افضل! علي قناة ال«بي بي سي» العربية تابعت تقريرا مصورا عن رحلة النجمة الامريكية الشهيرة إنجيلينا جولي، إلي المنطقة الواقعة علي الحدود السورية - التركية لزيارة ودعم اللاجئين السوريين الهاربين من جحيم جيش الاسد، وقضت النجمة الأمريكية عدة ساعات مع أطفال المخيمات ووزعت عليهم الهدايا وقدمت المساعدات الطبية، والمادية، والتقت بعض المسئولين الأتراك لتأمين حياة هؤلاء اللاجئين! انجيلينا جولي ليست الحالة الوحيدة بين نجوم السينما العالمية التي تسارع إلي مساندة الفقراء والمحتاجين وضحايا الكوارث الطبيعية والبيئية، والسياسية، عشرات منهم، بل مئات يدركون أن العالم قرية صغيرة، وأن شهرة النجم ربما تساعده أن يلعب دورا في الحياة اكبر مما يقدمه علي الشاشة، وأن وعيه السياسي والإنساني بما يحدث علي الكرة الأرضية أمر حتمي وليس مجرد رفاهية أو كلمات تستخدم لتجميل السمعة، للاسف نجوم مصر يتصرفون مثل جرذان السفن، فهم يلتهمون الثروات ويحققون المكاسب، فإذا تعرض الوطن للمخاطر أو قل الخير، كانوا أول من يقفز من السفينة طلبا للنجاة، وقد أعلنت إلهام شاهين أنها سوف تسافر للعمل إلي لبنان أو الخليج لو وصل التيار الديني إلي حكم مصر!