قام كل من الدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية وسفير دولة إيطاليا في جمهورية مصر العربية السيد «كلاديو باكيفيكو» بافتتاح المعرض «الملهمة» المشترك بين كل من الفنان الإيطالي «عمر جالياني» والفنان المصري «عصام معروف» (بقاعة أفق 1). وعندما نتأمل أعمال معروف وجالياني نكتشف علي الفور العلاقة بين عنوان المعرض «الملهمة» ومضمونه الذي يعبر عنه الشكل دون انفصال عن المعني، وقد كانت المرأة علي مر العصور هي مصدر إلهام للشعراء والفنانين، وكنا نتعرف علي الفنانين منذ عصر النهضة إلي نهاية القرن التاسع عشر وحتي الآن من خلال رؤيتهم الذاتية للأنثي وقد تكون هذه الرؤية معيارا حقيقيا للمرحلة الزمنية التي انتجت فيها هذه الأعمال الفنية العظيمة، وبالرغم من استقلالية كل من «جالياني» و«معروف» في أسلوب التقنية الخاص بكل منهما نلاحظ توحد المضمون فنجد جالياني بخطوطه وتفاصيله الدقيقة الجرافيكية بالأبيض المغلق والأسود المعتم وملامح الصورة الفوتوغرافية التي تذكرك بكلاسيكية الماضي وأفلام السينما الإيطالية وتأثير الأبيض والأسود في الإيحاء بالبعد الدرامي للشخصية الرئيسية في معظم اللوحات وهي «الملهمة» والتباين الشديد بين الظل والنور إحدي خصائص المدرسة الرومانتيكية وبروز المعني الدرامي الذي يلعبه الضوء مع الشكل الذي نشاهده في أعمال الفنان الفرنسي «جورج ديلاتور» وهذه الحالة الرومانتيكية التي نفتقدها في هذا الزمن مما كان له أثر كبير من رد فعل المشاهدين للمعرض الذي أعادهم لاسترجاع لحظات الحب والإبداع، فالفنان يصور الشجن الأنيق المثقلة به ذاته من خلال هذه «الملهمة» وهي تبدو في بعض الأعمال في اشكال ازدواجية وأحيانا أخري في حالة من السبات العميق وتظهر في بعض اللوحات كما لو كانت في عالم آخر حين تبدو العيون مفتوحة بلا حياة، ورغم حالة الجسد الذي تبدو في وضعية ديناميكية إلا أن الروح تظل في حالة من السكون الذي يبعث عند المتلقي الفضول ومحاولة استقبال ذلك الغموض المثير الذي يلتقي بوجدانه ويستوقفه أمام كل عمل وهي نفس الحالة التي تمس ذلك الوجدان أيضا أمام لوحات الفنان عصام معروف الذي يستخدم ألوانه المفضلة والمناسبة لأسلوبه المعاصر وهي «الأكريلك» وتتفاوت مساحات الأعمال ما بين الحجم الكبير الذي تزيد فيه مساحة التكوين واستخدامه المساحات الأصغر عند تصوير الوجه الإنساني لملهمته التي تتخذ أوضاعا مشابهة لملهمة جالياني في حركة الرأس التي تدعو إلي الشفقة بصورة ملفتة للنظر فهذه الانحناءة هي محور الضعف والخضوع والقلق الداخلي مثل التي نجدها في صور القديسين وهم يصلون وهو تعبير يكتمل بالكشف المتطرف للجسد مع الشعر ونظرات العين ومساحات الفراغ التي تلعب دورا رئيسيا للتأكيد علي البعد السيكولوجي للشخصية التي تعبر عن المضمون من خلال أسلوب بسيط تلعب فيه الشفافية اللونية التي يختص بها «الأكريلك» دورا مهما من خلال استخدام الفنان وضع طبقات من اللون فوق بعضها ليصبغ ملامح الوجه بحالة تتجاوز الواقعية رغم تفاصيلها الحقيقية ليعبر عن شفافية الروح وومضة الحلم وهو يستخدم الشكل المزدوج والثلاثي لحركة الوجه الذي تتناسب مساحته مع مساحة الفراغ العميقة التي تبرز منها الشخصية ويختار عصام الألوان التي تعبر عن هذا السكون الهائل وهي الأزرق بدرجاته الهادئة أو المغلقة ويستخدم اللون الأصفر بديلا عن الضوء ليصنع حالة من الغيوم موازية للبعد السيكولوجي للون، ليصبح اللون هو المحدد للأبعاد الثلاثة للعمل الفني.