يعتقد البعض ان الافلام التي تطرح قضايا النساء لاتصلح لتقديمها الا المخرجات، والافلام التي تتناول قضايا الشباب لايكتبها الا من كانوا في العشرينيات من اعمارهم من بين كتَّاب السيناريو، ولو سرنا علي هذا النهج لعهدنا بكتابة وإخراج افلام الاطفال الي العيال !كانت الفرحة تقفز من عيني النجمة لبلبلة وهي تؤكد لي ان سيناريو فيلم "عائلة ميكي" كتبه شاب لايزيد عمره علي 19 سنة اسمه عمر جمال، وشاهدت الفيلم وكان عيبه الأكثر وضوحاً يبدأ من السيناريو، الذي انطلق من فكرة جيدة، مستوحاة من بعض الافلام المصرية القديمة ومنها «امبراطورية ميم»، ولكن كاتب السيناريو رغم كونه شاباً إلا أنه اختزل مشاكل الجيل في عدة قضايا مفتعلة وكلاشيهات لا تخلو منها الافلام التي تدعي معالجتها لقضايا الشباب! ويبدو أنه لم يكن يعرف أن ابناء هذا الجيل سوف يقومون بأكبر ثورة شهدها المجتمع المصري طوال تاريخه المعاصر الذي يمتد لاكثر من مائتي عاما! قضايا الجيل وانفصال السيناريست الشاب عمر جمال عن قضايا جيله الحقيقية دفعه لكتابه فيلمه الثاني "إي يو سي" E U C، وكما تقول الحكمة الافكار تجدها علي قارعة الطريق، ولكن تحويل تلك الافكار الي أفلام يحتاج مهارة وخبرة، وموهبة، وهي عناصر لم تكتمل بعد عند عمر جمال، ويبدو أن المخرج أكرم فريد يحتاج الي مزيد من المعرفة بعالم الشباب المعاصر، حتي يستطيع أن يقدم أفلاما عن عالمهم، فكرة الفيلم لا تخلو من طرافة، ولكنها غير مدعمة بالحرفة والقدرة علي التحليق بالخيال، فبدت مخنوقة وساذجة، وفقيرة لدرجة كبيرة، يطرح الفيلم حكاية ثلاثة شبان انتهوا من امتحانات الثانوية العامة، وحصلوا علي درجات ضعيفة لا تؤهلهم لدخول الجامعات المصرية، وخوفا من غضب أسرهم عند معرفة نتائجهم، يلجأون الي حيلة، غريبة حيث يقوم أحدهم "عمرو عابد" بعمل شهادات مضروبة باستخدام الكمبيوتر والفوتو شوب، فتقفز نتائجهم إلي نسبة مرتفعة عما حققوه، وتبقي المشكلة ان الجامعة لن تقبلهم، فيقوم نفس الزميل بعمل موقع علي الانترنت باسم جامعة خاصة وهمية، باسم إي يو سي، لإقناع والد احد الشباب بأن الجامعة لها وجود، فإذا دخل علي الموقع اطمأن لمستقبل ابنه الذي قرر الالتحاق بتلك الجامعة، ولكن الكذبة الصغيرة، تتضخم عندما يقرر الآباء زيارة موقع الجامعة، وهنا يقوم الشبان الثلاثة باستئجار فيللا، تملكها قريبة إحدي زميلاتهم، وبعد إضافة بعض الاثاث والديكورات، تتحول الفيللا الي جامعة. تعقيد الموقف ولكن الموقف يزداد تعقيدا عندما يتوافد علي الجامعة الوهمية مئات من الطلبة اصحاب المجاميع الضعيفة، الذين لم يجدوا لهم مكانا في الجامعات الرسمية او الخاصة، ويقبل الاصدقاء اوراق الطلبة ويحصلون علي المصاريف اللازمة، ويبدأ العام الدراسي ويكتشف الطلبة انهم لايفعلون شيئا غير الترفيه، والجلوس حول حمام السباحة وشرب المخدرات بأنواعها، وهنا يقوم احدهم بالاستعانة بجده "لطفي لبيب" لايجاد حل لهذه المشكلة، ويعلن الجد الذي يدخل اللعبة بكل اصرار ويؤكد للطلبة ان هذه الجامعة لا تلتزم بالمناهج التقليدية التي تملأ عقول الدارسين بمعلومات لايستفيدون منها بعد تخرجهم، وأن جامعة " الإي يو سي"، تمنح الطلبة حقا في دراسة مايحبونه، وما يتفق مع مواهب وإمكانيات كل منهم، ويستقدم مجموعة من الاساتذة الهواة لتعليم الطلبة فنون الرسم والموسيقي وبعض الحرف، والخبرات الحياتية، ويحقق الطلبة تقدما في دراستهم ويقبلون علي الدراسة التي لاعلاقة لها بمناهج بقية الكليات العملية او النظرية، ولكن بالطبع الامور لاتستقر علي هذا الحال، حيث يفاجأ الجميع بالشرطة تهبط عليهم ويتم تقديم الشبان الثلاثة ومعهم الجد الي النيابة التي تتهم بالنصب والاحتيال، وتتحول القضية إلي المحكمة، ليقف الطلبة أنفسهم مدافعين عن مشروع الجامعة الوهمية مؤكدين انهم استفادوا من الدراسة التي ترضي مواهبهم ورغباتهم، ويقرر القاضي الحكم علي كل من الشباب الثلاثة ومعهم الجد بسنة سجن مع ايقاف التنفيذ، مع الالتزام بتقديم بالحصول علي موافقة وزارة التعليم العالي وفرض المناهج التقليدية، علي ان يقوم بالتدريس اساتذة محترفون واستبعاد الهواة، وهو الامر الذي يحول الجامعة الي نموذج من بقية الجامعات المصرية التي تعاني سوء مناهج التعليم ويقع الطلبة تحت براثن الدكاترة الذين يفرضون عليهم مذكراتهم وكتبهم الخاصة، لضمان النجاح آخر السنة! تهريج واستخفاف يعيب الفيلم اللجوء المستمر إلي التهريج والاستخفاف في محاولة سمجة لخلق أجواء من الكوميديا، واستخدام الطفلة منة عرفة في دور بلا معني وكأنها تؤدي أحد إعلاناتها عن البطاطس المقرمشة، مما يدل علي فقر واضح في الخيال وكان أطفال مصر عدموا ولم يعد من بينهم من يصلح للظهور في السينما إلا منة عرفة التي تخطو نحو سن المراهقة وقد تغيرت تضاريسها ولم تعد تمتلك نفس الوجه الذي احببناه في فيلم «مطب صناعي» الذي قدمته مع أحمد حلمي منذ أربع سنوات أو مسلسل الست كوم الشهير" راجل وست ستات"، كما يعيب السيناريو تجاهل العنصر النسائي بحيث بدا ظهور" ملك قورة" وكأنها الشيء لزوم الشيء لم نعرف لها ملامح للشخصية، ولا ضرورة غير انها صديقة احد الشبان الثلاثة. "كريم قاسم "كان يبشر بظهور نجم شاب جديد بعد نجاحه ففيلم بالالوان الطبيعية، ومن قبله «أوقات فراغ»، و«الماجيك» حتي دوره القصير في مسلسل الجماعة كان أفضل مائة مرة من دوره الذي بدا بلا قيمة أو معني في ال"إي يو سي" ونفس الكلام ينطبق علي عمرو عابد الذي بدا وكأنه يتحرك للخلف وليس للامام رغم ان كل منهما يملك موهبة تستحق العناية وفرص افضل من هذه التي لا تقدم ولكنها تؤخر. في برنامج بلدنا بالمصري استضافت ريم ماجد مخرج وابطال الفيلم وقال أكرم فريد إنه كان يقدم في البداية افلاما لأكل العيش فقط، ثم اكتشف ضرورة أن يقدم افلاما لها قيمة، وإذا كان يقصد بذلك أن فيلمه «إي يو سي» له قيمة فهو خاطئ تماماً، لأن هذا الفيلم يدخل بجدارة تحت بند أكل العيش!