لا تجعلوا القانون كخيال المآته، يخيف الطيور الضعيفة، بل حافظوا عليه حتي يصبح عادة وليس سيفا مسلطا" هذه المقولة هي إحدي أقوال شكسبير في القرن 16م والتي نحن بأمس الحاجة إليها هذه الأيام، خاصة بعد أن أصبحت آثار مصر بعد اندلاع ثورة 25 يناير غنيمة للنهب والتعدي في غياب الأمن، فهناك العديد من السرقات والتعديات التي تعرضت لها المواقع الأثرية و تنقيب للسرقة، كما تعرضت مواقع وأراض أثرية للاستيلاء بالقوة وعمليات تعد علي الآثار بالهدم والتجاوزات في البناء، حتي بعد أن عاينت لجنة من اليونسكو تعديات علي مناطق أثرية خلال زيارتها لمصر، أكدوا أنها تشكل جريمة بشعة في حق تاريخ وآثار مصر، مشددين علي ضرورة التصدي لها، في حين ما يصرخ به كل من له ضمير ووعي بآثار وحضارة مصر من الشعب المصري، سواء كان أثريا أو مواطناً عاديا يطالب مستنجدا بتفعيل عقوبات صارمة علي كل معتد علي آثار هذا البلد وتكثيف الأمن في مناطق الآثار ، وقد بدأ بعض المواطنين بالفعل مساعدة المؤسسات العامة في دورها بنشر توعية المواطنين بأهمية وحماية الآثار، و في هذا التحقيق سنعرض بعضا من التعديات التي تعرضت لها آثارنا الإسلامية بالقاهرة، منها ما تمت السيطرة عليه ومنها مازال محل نزاع يسيطر عليه قانون البلطجة. التباطؤ في إعطاء الحقوق يذكر دكتور احمد أمين (مدرس الآثار الإسلامية والقبطية بكلية الآثار جامعة الفيوم) انه يوجد قطعتا ارض تقعان جنوب بيت الهراوي في منطقة الأزهر وقد تم إخلاؤهما بقرار من مجلس الوزراء عام 2005 باعتبارهما من أعمال المنفعة العامة ويؤول استخدامهما للمجلس الأعلي للآثار، واحداهما تمثل حرم بيت أثري والأخري تتعلق به أيضا وتحتاج لأعمال حفائر، وقد تم استلامهما من أصحابهما بمحضر تسليم عن طريق الشرطة وتبع ذلك الإجراءات القانونية لنزع الملكية تعويض أصحاب الأرض وانتهت بإصدار شيك بقيمة التعويض ثم لم يعرف سبب عدم صرف شيك التعويض لمستحقيه، وأثناء الثورة هاجموا قطعتي الأرض بعد أوقات العمل الرسمية في غياب الأمن، واستولوا عليها وتبع ذلك إجراءات بدأت بمناقشات ودية مع أصحاب الأرض واثبات حالة، وعمل محضر مخاطبة الجهات المعنية من رئيس قطاع الآثار الإسلامية وإدارة التعديات في وزارة الآثار والحي، وبعد تقديم بلاغ أكثر من مره من قبل الاثري إلي شرطة السياحة تعاملت مع الأمر فقاموا بعمل محضر وإرساله إلي قسم شرطة الدرب الأحمر التابع لها قطعتي الأرض. ويذكر دكتور احمد انه في خان الزراكشة بمنطقة الأزهر كان يوجد أهالي مقيمون بها وقد تم إخلاء المكان منهم لعمل مشروع ترميم قد تكلف كثيرا جدا، وحاليا استوطنوا الخان مرة أخري عنوة، وتسببوا في تشويه الترميمات بسبب توصيل الكهرباء، وقد استخدموا حجرات الخان كمخازن للبضاعة، ومعهم أسلحة بيضاء ومن الصعب التفاهم معهم ويرفضون التعامل مع اي شخص من جهة الآثار، وينتظرون هم أيضا صرف التعويضات. وبخصوص خان الزراكشة يذكر أ. جمال مصطفي (المشرف العام علي الإدارة العامة للقاهرة التاريخية) بشأن من احتل هذا المكان أن سبب المشكلة انه لم يلجأ للقانون واستخدم القوة ولم يقبل الحوار وتعدي بالإهانة والضرب علي الفنيين والأثريين الذين حاولوا مقابلته والتفاهم معه، وعليه ان يعرض شكواه علي الشئون القانونية وإذا كان له حق سيحصل عليه وسيكون الفيصل في هذا الأمر هو القانون طبقا لما معه من مستندات، وفي حالة تسببه بأي ضرر في المبني سيحاسب حتي وان كان له أي حقوق. تجاوزات تحتاج إلي ردع يذكر جمال مصطفي أن هناك تعديات علي سور مجري العيون فقد تحول المكان إلي تجمع كبير من القمامة ومخلفات المصابغ التي تلقي علي السور وأصبح لا يوجد من يقف بوجه سائقي الكارو هناك. ويضيف دكتور أمين أن منطقة القاهرة التاريخية قد تم بها العديد من التعديات من تجاوز الارتفاعات المعلومة والمسموح بها والبناء بالخرسانة، ويؤكد الدكتور لزوم رادع قوي وسريع لهذه الأمور، ويشير إلي ما حدث في منطقة برج كليبر في الدراسة الذي يستخدم حاليا كجزء من القهوة التي تقع بجانبه. يروي المشرف علي القاهرة التاريخية حادثة التعدي علي فرد الأمن بشارع المعز شارحا وضع شارع المعز كمتحف مفتوح، حيث يمنع دخول السيارات ماعدا عربيات السوزوكي الخاصة بنقل البضاعة لتجار داخل الشارع وهم معرفون ومحدودون ولا يسمح للغرباء أن يدخلوا الشارع للتنقل بسياراتهم، وهناك خط سير متفق مع التجار عليه يسمح للعربة أن تحمل وتخرج بعيدا عن الشارع، أما السائق الذي قام بالتعدي علي فرد الأمن فهو غريب عن المنطقة وقد حاول الدخول من عند باب الفتوح وأصر علي الدخول وحين منعه رجل الأمن قام السائق بدهسه بالسيارة، وهرب ثم عاد ومعه مجموعة من البلطجية ومعهم أسلحة بيضاء وطبنجات أيضا وأطلقوا الرصاص في الهواء لإثارة الذعر بين الناس ولتكاتف اهالي المنطقة مع بعضهم تصدوا لهم مع باقي أفراد الأمن الموجودين في الشارع واستطاعوا مقاومتهم ولكن للأسف فروا هاربين ولم يتم القبض علي احد منهم، وذلك يرجع لمشكلة عدم تواجد الشرطة بكثافة هناك خاصة ان منطقة شارع المعز من المناطق الشعبية، لكن الجدير بالذكر انه بعد تلك الواقعة كانت الاستجابة سريعة حيث وصلت سيارتان شرطة عسكرية وأفراد امن من قسم الجمالية لحماية المكان من تعد آخر، ويوجه الشكر لاهالي المنطقة وسرعة تواجد الشرطة العسكرية الذين لولاهم لزادت المشكلة. وقد حدثت هذه الواقعة في الخامس من ابريل و قد تم في اليوم التالي انعقاد اجتماع في القيادة المركزية للجيش، واجتمع الدكتور صبري عبد العزيز رئيس قطاع الآثار المصرية وفرج فضة رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية السابق واللواء عبد الحافظ المشرف العام علي التعديات والحراسات ومجموعة من مديري المناطق، وتم إعطاء القوات المسلحة البيانات اللازمة لتامين المناطق الأثرية بوجه عام، وقد مثلت منطقة القاهرة التاريخية وقمت بعرض الموقف كله، وقد تم الاتفاق علي إجراء ترتيبات سيتم تنفيذها خلال الأيام القادمة بخصوص هذه المنطقة. وتم التنسيق بين الجيش والشرطة وشرطة السياحة وامن الآثار لعمل معاينة علي الطبيعة لوضع الأولويات لتنسيق العمل، مع ضرورة تواجد الجيش لمواجهة هذه النوعيات من البلطجية المسلحين. تضامن الأهالي مع الأمن والأثريين يذكر دكتور احمد أمين عن قطعة الأرض التابعة لوكالة الغوري، أنه قد تم الاستيلاء عليها ولكن تم إخلاؤها سريعا من قبل الأثريين. كذلك الحال في منزل الغوري. كما يروي جمال مصطفي انه قد تم الاعتداء عليه من قبل البلطجية واستطاعوا إخلاء المكان منهم. كذلك يذكر ما حدث في مقعد ماماي السيفي الذي يقع في الجمالية ببيت القاضي فقد حاول بعض من السلفيين استغلاله كمسجد وأقاموا فيه الصلاة ظنا منهم انه كان مسجدا في الماضي، لولا أن الاهالي منعوهم بمساعدة الأمن وأخرجوهم لأنه يوجد بهذه المنطقة العديد من المساجد، فعلي بعد خطوات منه يوجد 4 مساجد وعن يمينه في بيت القاضي أكثر من مسجد. الوعي والأمن يري د. احمد أمين أنه في مشكلة التعديات والبناء ووضع اليد لابد من حل رادع وسريع، أما في حالات من هم أصحاب حق في التعويضات فيري انه في حال صرف التعويضات لهم وحصولهم علي حقوقهم سيستجيبون لإخلاء الاماكن التي احتلوها، ولكن البطء في صرف التعويضات سبب أساسي لمثل تلك المشاكل، ويؤكد انه علي كل من الحي والشرطة التعامل مع هذه المشاكل وحلها، وعمل محكمة عسكرية سريعة ولا تُقبل أي مصالحة أو يكون هناك اي نوع من التسامح في الأمر، وعدم انتهاء الأمور كالسابق لكن يتم حبسهم مع دفع غرامة وإزالة التعديات. ويتضامن معه في الرأي جمال مصطفي في ضرورة أن تكون العقوبات رادعة وفي غاية القوة، لان هذا الجرم هو سطو علي حضارة مصر كلها، كما أن هذا المعتدي يستحق أن يحاسب من قبل كل فرد من أبناء هذا الوطن، ويشير إلي ضرورة نشر التوعية بين المواطنين بقيمة الآثار كما هو دور العديد من المؤسسات، حتي يعي الاهالي أنهم أصحاب المكان لما فيه من قيمة تراثية وحضارية ودور اساسي عليهم أن يقوموا بحمايته وتأمينه، وفي هذا الأمر يضيف دكتور احمد انه لابد قبل أن يتم البدء في تنفيذ قرار تنمية منطقة أثرية أو إعادة تأهيلها أن يتم توعية الاهالي وإقناعهم بأنهم مشاركون بالمشروع وسيعود عليهم بنفع فعلي من استفادتهم بالتعويضات.